استمع إلى المقال

السيارات الكهربائية هي المفتاح لتخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل البري، الذي يمثل 16 بالمئة من الانبعاثات العالمية؛ ففي السنوات الأخيرة، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية نموا هائلا مع تحسن وقت البطارية وتوافر موديلات أوسع وزيادة الأداء.

السيارات الكهربائية باتت تحظى بشعبية متزايدة، حيث من المقدر أن 13 بالمئة من مبيعات السيارات الجديدة في عام 2023 ستكون كهربائية؛ وإذا استمر النمو الذي شهدته في السنتين الماضيتين، يمكن وضع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات على مسار يتوافق مع سيناريو صفر انبعاث بحلول عام 2050.

مع ذلك، لم تصبح السيارات الكهربائية ظاهرة عالمية بعد، فقد كانت المبيعات في البلدان النامية والناشئة بطيئة؛ بسبب ارتفاع تكاليف الشراء ونقص توافر بنية التحتية للشحن.

وفقا لأحدث التقارير، بلغ حجم سوق السيارات الكهربائية عالميا 384.65 مليار دولار أميركي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو هذا السوق من 500.48 مليار دولار أميركي في عام 2023 إلى 1579.10 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 17.8 بالمئة خلال فترة التوقع، وقد سجلت مبيعات السيارات الكهربائية رقما قياسيا عالميا في عام 2021، رغم تأثير جائحة “كوفيد-“19 والصعوبات في سلاسل التوريد، فقد ازداد عدد وحدات المبيعات إلى 6.6 مليون (زادت بنسبة 100 بالمئة عن عام 2020)، مما رفع إجمالي عدد السيارات الكهربائية على الطرق إلى 16.5 مليون.

تسارع نمو سوق السيارات الكهربائية يدفع الشركات المصنعة للابتكار والتطوير في هذا القطاع وزيادة المنافسة فيه، فالشركات تسعى لتحسين جودة وأداء وكفاءة بطاريات السيارات الكهربائية، وتقليل تكاليفها وأوقات شحنها، وزيادة مداها ومتانتها، كما تحاول الشركات توسيع مجموعة الموديلات المتاحة للمستهلكين، وتلبية احتياجاتهم المختلفة من حيث الحجم والشكل والأسلوب.

من بين هذه الشركات، تبرز شركة “تويوتا” الرائدة، التي أعلنت مؤخرا عن اختراق تكنولوجي في بطاريات حالة صلبة، التي قد تغير مستقبل السيارات الكهربائية، فما هو هذا الاختراق، وما هي فوائده، وما هو تأثيره في سوق السيارات الكهربائية، سنتعرف على التفاصيل في التقرير التالي.

تويوتا العملاق الياباني

شركة “تويوتا”، ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، أعلنت أنها حققت اختراقا تكنولوجيا يسمح لها بتقليل وزن وحجم وتكلفة بطاريات السيارات الكهربائية إلى النصف، فيما قد يشكل تقدما كبيرا للمركبات الكهربائية.

الشركة اليابانية كانت تسعى بالفعل إلى طرح سيارات تعمل ببطاريات حالة صلبة متطورة، والتي توفر ميزات بالمقارنة بالبطاريات المستندة إلى السائل، بحلول عام 2025.

الشركة قالت يوم الثلاثاء الماضي، إنها تمكنت من تبسيط عملية إنتاج المادة المستخدمة في صنعها، مشيدة بالاكتشاف على أنه قفزة كبيرة إلى الأمام يمكن أن تخفض بشكل كبير أوقات الشحن، وتزيد من مدى القيادة.

كيجي كايتا، رئيس مركز أبحاث وتطوير “تويوتا” للحياد الكربوني، قال”بالنسبة لكل من بطارياتنا السائلة والصلبة، نهدف إلى تغيير جذري للحالة التي تعاني فيها البطاريات الحالية من كبر حجمها وثقل وزنها وغلاء ثمنها؛ وسنهدف إلى تقليل كل هذه العوامل إلى النصف”.

تويوتا

كايتا أردف قائلا، إن الشركة طورت طرقا لجعل البطاريات أكثر متانة، وأنها تؤمن الآن بأنها يمكنها صنع بطارية حالة صلبة تتيح مدى قيادة يصل إلى 1200 كيلومتر (745 ميلا) ويمكن شحنها في 10 دقائق أو أقل.

ديفيد بايلي، أستاذ اقتصاد الأعمال في “جامعة برمنغهام” البريطانية، أوضح أنه إذا كانت مزاعم “تويوتا” صحيحة، فإن ذلك قد يشكل لحظة فارقة لمستقبل السيارات الكهربائية، مضيفا، “غالبا ما تحدث اختراقات في مرحلة النموذج الأولي ولكن بعد ذلك يصعب التصنيع على نطاق واسع، إذا كان اختراقا حقيقيا، فإنه قد يغير المعادلة”.

الشركة تتوقع أن تتمكن من تصنيع بطاريات صلبة لاستخدامها في السيارات الكهربائية بحلول عام 2027 على أقرب تقدير، وفقا لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، التي نشرت أولا عن ادعاء “تويوتا” بالاختراق.

العديد من الخبراء، اعتبروا صناعة بطاريات صلبة على نطاق واسع، يأتي كتغيير محتمل لقواعد اللعبة بالنسبة للسيارات الكهربائية، حيث تعد بتقليل أوقات الشحن وزيادة السعة وتقليل خطر اشتعال النيران المرتبط ببطاريات “أيون الليثيوم”.

مع ذلك، كانت بطاريات الحالة الصلبة عادة أصعب وأكثر تكلفة في التصنيع، مما يحد من تطبيقها التجاري، وفي هذا الصدد، قالت “تويوتا” إنها تعتقد أنها يمكنها تبسيط عملية الإنتاج، مما قد يجعل من الأسهل إنتاج بطاريات صلبة من بطاريات “أيون الليثيوم”.

مستقبل واعد وتحديات كبيرة

في هذا التقرير، تعرفنا على اختراق “تويوتا” التكنولوجي في بطاريات الحالة الصلبة، والذي قد يمكنها من تقليل وزن وحجم وتكلفة بطاريات السيارات الكهربائية إلى النصف، وزيادة مدى القيادة وتقليل أوقات الشحن، كما استعرضنا الفوائد والتحديات التي تواجه هذه التقنية، والتي تعتبر من أكثر التقنيات وعدًا لحل مشاكل البطاريات الحالية.

لا شك في أن سوق السيارات الكهربائية يشهد نموا مستمرا ومتسارعا في جميع أنحاء العالم، مدفوعا بالطلب المتزايد على المركبات المنخفضة ذات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والدعم الحكومي والتشريعي للانتقال إلى الطاقة النظيفة، والتحسن في توافر بنية التحتية للشحن.

مع ذلك، فإن هذا السوق يواجه أيضا تحديات كبيرة، مثل ارتفاع تكاليف الشراء والصيانة، وانخفاض كفاءة استخدام المواد وإعادة التدوير، وانعدام التوحيد في معايير الشحن؛ لذلك، فإن الابتكار والتطوير في مجال بطاريات السيارات الكهربائية هو أمر ضروري لزيادة جاذبية هذه المركبات للمستهلكين، وتحسين أدائها وأمانها، وتقليل تأثيرها في البيئة.

إن اختراق “تويوتا” المزعوم في بطاريات ابحالة الصلبة هو خطوة مهمة في هذا المجال، لكنه ليس الوحيد، فهناك شركات أخرى تعمل على تطوير بطاريات جديدة تستخدم مواد مختلفة أو تصاميم مبتكرة، كما هناك جهود لزيادة التعاون بين الشركات المصنعة ومزودي خدمات الشحن لضمان توافقية أفضل.

هذه المبادرات تظهر حجم الفرص والتحديات التي توجد في سوق السيارات الكهربائية، والتزام الشركات بالابتكار والتطور في هذا المجال، لذا فإن السيارات الكهربائية تمثل مستقبلا واعدا للنقل البري، لكنها تحتاج إلى تحديات كبيرة لتصبح الخيار الأول للمستهلكين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات