استمع إلى المقال

وفقا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة، تشهد أسواق السيارات الكهربائية نموا هائلا حيث تجاوزت المبيعات 10 ملايين سيارة في عام 2022، وقد ارتفعت النسبة المئوية للسيارات الكهربائية كجزء من إجمالي المبيعات الجديدة إلى 14 بالمئة في عام 2022، مقارنة بحوالي 9 بالمئة في عام 2021 وأقل من 5 بالمئة في عام 2020.

هناك ثلاثة أسواق رئيسية تسيطر على المبيعات العالمية، حيث تمثل الصين حوالي 60 بالمئة من مبيعات السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي، تجاوزت الصين بالفعل هدفها لعام 2025 لمبيعات سيارات الطاقة الجديدة، وأكثر من نصف السيارات الكهربائية الموجودة على الطرق في جميع أنحاء العالم تتواجد في الصين.

في أوروبا، زادت مبيعات السيارات الكهربائية بأكثر من 15 بالمئة في عام 2022، مما يعني أن كل سيارة واحدة من بين كل 5 سيارات مباعة كانت كهربائية، وفي الولايات المتحدة، ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 55 بالمئة في عام 2022، وبلغت حصتها في المبيعات 8 بالمئة.

الوكالة الدولية للطاقة تتوقع أن تستمر مبيعات السيارات الكهربائية بقوة في عام 2023، حيث تم بيع أكثر من 2.3 مليون سيارة كهربائية في الربع الأول من هذا العام، بزيادة تقدر بحوالي 25 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

التوقعات حاليا تشير، إلى أن المبيعات قد تصل إلى 14 مليون سيارة بحلول نهاية عام 2023، مما يعني زيادة بنسبة 35 بالمئة على أساس سنوي، مع تسارع عمليات الشراء الجديدة في النصف الثاني من هذا العام؛ وبالتالي قد تمثل السيارات الكهربائية حوالي 18 بالمئة من إجمالي مبيعات السيارات خلال السنة التقويمية الكاملة، ومن المتوقع أن تساهم السياسات والدعم الحكومي في تعزيز المبيعات.

“فورد” وزيادة الإنتاج

بسبب زيادة الطلب لجأت الكثير من الشركات إلى زيادة الإنتاج من السيارات الكهربائية، فشركة “فورد” على سبيل المثال، أعلنت عن زيادة إنتاج شاحنات “F-150” الكهربائية من أجل تقليل فترة الانتظار بين الطلب والتسليم، ومن أجل تحقيق هذا الهدف بشكل أسرع، قررت الشركة زيادة هدفها السابق من بناء 130 ألف شاحنة كهربائية سنويا إلى 150 ألف شاحنة أي بزيادة 20 ألف شاحنة سنويا.

“فورد” تركز بشكل خاص على زيادة إنتاج نسختها الرئيسية “Lightning XLT”، والتي سيتم تسليمها في وقت مبكر في أيلول/سبتمبر المقبل في حال تم طلبها اليوم، وهذا يعود بسبب ملاحظة الشركة أن الطلب على هذا الطراز ما زال مرتفعا.

بعض العملاء اضطروا إلى الانتظار لفترة طويلة لإكمال طلباتهم المسبقة، وتم إغلاق الحجوزات لمعظم عام 2022 بالكامل؛ لأن “فورد” انتظرت بتصنيع أكثر من 200 ألف طلب مسبق، وكما توقفت الشركة عن الإنتاج لمدة شهر في وقت سابق من هذا العام للتحقيق في حالات اشتعال البطاريات، ونظرا لأن طراز “Lightning XLT” هو الأكثر طلبا، قررت الشركة زيادة الإنتاج ورفع أهداف التسليم.

معضلة الأسعار

ربما قد يكون تراجع الطلب على شاحنة “F-150 Lightning” نتيجة زيادة أسعار بعض طرازات “فورد” التي تصبح أكثر تكلفة مالية مقارنة بالعام الماضي، حيث ارتفع سعر طراز “Pro” بشكل كبير، وزاد من سعر الإطلاق في عام 2021 البالغ 39.974 دولارا إلى 59.974 دولارا في وقت سابق من هذا العام.

مع ذلك، لا تزال النماذج الفاخرة مثل “Lariat” و”Platinum” متاحة من “فورد”، ولكن لا يوجد مؤشر على زيادة الإنتاج لهذه الطرز، حيث يبدأ طراز “Lightning XLT” بسعر 64,474 دولارا مع بطارية قياسية تصل إلى 240 ميلا، أما الإصدار ذو المدى الأطول بمسافة تصل إلى 320 ميلا، فيبدأ من 78,874 دولارا، وتقول “فورد” إن جميع سيارات “Lightning XLT” ذات المدى القياسي مؤهلة للحصول على حافز ضريبي اتحادي بقيمة 7,500 دولار، بالإضافة إلى معظم التكوينات ذات المدى الطويل.

على الرغم من ارتفاع الأسعار، قد يتوقع فورد استقبال عملاء جدد متحمسين لصفقة الشاحنة الكهربائية الجديدة لديها، وذلك للمنافسة مع “تسلا” وغيرها من الشركات، فقد أعلنت “فورد” أنها ستعتمد معيار شحن المركبات الكهربائية الخاص بشركة “تسلا”؛ المعروف الآن باسم “ناكس”، لتمكين عملائها من استخدام شبكة الشحن الفائقة الموثوقة التابعة للشركة للرحلات الطويلة.

توقعات متفائلة

اتجاهات السوق والجهود السياسية في أسواق السيارات الرئيسية تشير إلى تعزيز التوقعات المشرقة لمبيعات السيارات الكهربائية، فوفقا لسيناريو السياسات المعلن عنه من قبل الوكالة الدولية للطاقة، فإن التوقعات العالمية لحصة مبيعات السيارات الكهربائية استنادا إلى السياسات القائمة وأهداف الشركات قد ارتفعت إلى 35 بالمئة في عام 2030، مقارنة بأقل من 25 بالمئة في التوقعات السابقة.

حسب هذه التوقعات، تحتفظ الصين بموقعها كأكبر سوق للسيارات الكهربائية، حيث تصل حصتها إلى 40 بالمئة من إجمالي المبيعات بحلول عام 2030 في السيناريو المعلن عنه، بينما تضاعف الولايات المتحدة حصتها في السوق إلى 20 بالمئة بحلول نهاية العقد الحالي بفضل الإعلانات السياسية الأخيرة التي تعزز الطلب، في حين تحافظ أوروبا على حصتها الحالية التي تبلغ 25 بالمئة.

من المرجح أيضا أن يكون الطلب المتوقع على السيارات الكهربائية في أسواق السيارات الرئيسية له تأثيرات عميقة على أسواق الطاقة وأهداف المناخ في البيئة السياسية الحالية، فاستنادا إلى السياسات القائمة، من المتوقع أن يصل الطلب على النفط في قطاع النقل البري إلى ذروته حوالي عام 2025 في السيناريو المعلن عنه، مع تجاوز حجم النفط الذي يتم استبداله بواسطة المركبات الكهربائية 5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030؛ وفي السيناريو المعلن عنه، يتم تجنب انبعاثات ما يقرب من 700 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون بفضل استخدام السيارات الكهربائية بحلول عام 2030.

مستقبل واعد

بناء على المعلومات المذكورة أعلاه، يظهر أن صناعة السيارات الكهربائية تشهد تطورات مثيرة وزيادة في الإنتاج، ومع توجه الأسواق الكبرى والجهود السياسية نحو تعزيز استخدام السيارات الكهربائية، يتوقع أن تشهد مبيعات هذا القطاع نموا ملحوظا في المستقبل القريب.

كل التوقعات تشير إلى أن حصة مبيعات السيارات الكهربائية في السوق العالمية تزداد على نحو ظاهر، والأرقام التي تم ذكرها تفوق التوقعات السابقة بكثير، ومن المهم أن نلاحظ أن هذه التوجهات لزيادة استخدام السيارات الكهربائية لها آثار هامة على أسواق الطاقة وأهداف المناخ، وهذا أمور في غاية الأهمية.

مع تبني الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتشريعات تتوافق مع تطلعاتهما للتحول الكهربائي، يتوقع أن يكون لهذه السياسات تأثير كبير على نصيب السوق للسيارات الكهربائية، ومن المهم أيضا أن نشير إلى أن تنفيذ المعايير الجديدة للانبعاثات التي تم اقتراحها من قبل الكثير من وكالات حماية البيئة حول العالم سيزيد من حصة السيارات الكهربائية بشكل أكبر.

بشكل عام، تشهد صناعة السيارات الكهربائية تطورات مشجعة وتوجها نحو النمو المستدام، ومع التزايد المستمر في الطلب والتوجهات السياسية الملائمة، يبدو أن مستقبل السيارات الكهربائية مشرق وواعدا لتحقيق أهدافنا في مجال الطاقة والمناخ.