بالقانون.. بريطانيا تحد من قوة شركات التكنولوجيا؟

بالقانون.. بريطانيا تحد من قوة شركات التكنولوجيا؟
استمع إلى المقال

من خلال تشريع مقترح جديد للتعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن المملكة المتحدة ماضية في طريق الإصلاح المسبق للمنافسة في الأسواق الرقمية.

من أجل جعل التسوق عبر الإنترنت أسهل لمستخدمي الويب والتخلص من العقود غير المرغوب فيها، فإن التشريع المقترح يهدف إلى تعزيز حقوق المستهلك عبر استهداف المراجعات الوهمية ومصائد الاشتراك.

من الواضح أن الحكومة الحالية، برئاسة رئيس الوزراء ريشي سوناك، تتطلع إلى اقتناص الفرصة التي فوتها رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون عندما تهرّب قبل أكثر من عام بقليل من المضي قدما في الإصلاح المسبق للمنافسة في الأسواق الرقمية المتوقع منذ فترة طويلة.

التشريع المقترح المسمى “الأسواق الرقمية والمنافسة والمستهلكين” يركز على 3 مجالات:

  • حماية المستهلك، يجب أن يكون الناس قادرين على التسوق دون خوف من التعرض للسرقة ويجب أن تكون الأعمال التجارية العادلة قادرة على المنافسة دون أن يلحق بها الضرر من قبل أولئك الذين يخالفون القواعد.
  • الأسواق الرقمية، الأفراد والشركات يستفيدون من الأسواق الرقمية النابضة بالحياة والتنافسية التي تقدم أحدث المنتجات والخدمات، ويؤسس مشروع القانون نظاما جديدا مستهدفا يسمح لجميع الشركات المبتكرة من المنافسة العادلة.
  • المنافسة، صلاحيات التحقيق والتطبيق المعززة تعني إجراء تحقيقات المنافسة بشكل أسرع وأكثر مرونة، والتي تحدد السلوك غير القانوني المانح للمنافسة وتوقفه بسرعة أكبر.

قد يهمك: أسباب حظر الولايات المتحدة وبريطانيا لكاميرات المراقبة الصينية

صلاحيات قانونية جديدة للتعامل مع شركات التكنولوجيا

الوزراء في وزارة الأعمال والتجارة المعاد تصميمها ووزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا أعلنوا عن تقديم مشروع قانون جديد للسماح لوحدة الأسواق الرقمية (DMU) بالإشراف على المنصات التي يُنظر إليها على أنها تتمتع بالوضع السوقي الاستراتيجي (SMS).

وزير الأعمال والتجارة كيفين هولينريك علّق في بيان قائلا، يستحق المستهلكون أفضل مما هو موجود، بما في ذلك إساءة استخدام السلطة بواسطة عمالقة التكنولوجيا والمراجعات المزيفة والخداع وعمليات السرقة مثل الوقوع في مصائد الاشتراك. 

كيفين هولينريك، أضاف أن مشروع القانون الجديد يتيح لهيئة المنافسة والأسواق صلاحية تطبيق قانون المستهلك بشكل مباشر، وتعزيز المنافسة في الأسواق الرقمية، وضمان احتفاظ الناس في جميع أنحاء البلاد بأموالهم.

لأكثر من عامين، ظلت وحدة الأسواق الرقمية (DMU) تعمل عبر صلاحيات هيئة المنافسة والأسواق (CMA)، حيث انتظرت حصولها على الصلاحيات القانونية الضرورية التي كان المشرعون في أماكن أخرى في أوروبا يمضون قدما في تحديثها.

بالقانون.. بريطانيا تحد من قوة شركات التكنولوجيا؟

على سبيل المثال، حدّثت ألمانيا نظامها المحلي في بداية عام 2021، ولديها العديد من التحقيقات الجارية في هذه المرحلة ضد شركات التكنولوجيا، بما في ذلك “أمازون” و”أبل” و”جوجل” و”ميتا”، مع بعض المكاسب التي يمكن أن تشير إليها.

في العام الماضي، توصل المشرعون في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن قانون الأسواق الرقمية. من المقرر أن يبدأ نظام الرقابة الاستباقي في التعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى في وقت لاحق من هذا العام.

نتيجة لذلك، فإن المملكة المتحدة تحاول اللحاق بأقرانها في المنطقة، حيث أدى التأخير إلى حدوث بعض التعقيدات لهيئة المنافسة والأسواق، التي بدت وكأنها توقعت تمكين وحدة الأسواق الرقمية في وقت أقرب. 

من هنا جاء القرار الأولي بعدم التصرف وفقا لعدد من المخاوف التي أُثيرت في دراسة السوق الأولية لاحتكار “أبل” و”جوجل” لسوق الهاتف المحمول. 

لكن هيئة المنافسة والأسواق اتخذت في ذلك الوقت إجراءات تنفيذية فيما يتعلق بفواتير متجر “جوجل بلاي”، مما أدى إلى عرض “جوجل” لتسوية، التي تتشاور هيئة المنافسة والأسواق بشأنها الآن.

في وقت لاحق، سعت هيئة المنافسة والأسواق إلى التراجع عن قرارها بانتظار صلاحيات جديدة عندما فتحت تحقيقا بشأن متصفح الويب للأجهزة المحمولة وخدمة الألعاب السحابية من “أبل”.

مع ذلك، في وقت سابق من هذا الشهر، استأنفت شركة “أبل” بنجاح التأخير في فتح تحقيق باعتباره انتهاكا للبروتوكول التشريعي المعياري.

قد يهمك: بريطانيا تفرض غرامات ضخمة وحظر على استخدام كلمات المرور السهلة

الإصلاح المسبق للمنافسة في الأسواق الرقمية

هناك سبب رئيسي مُلح للإصلاح المسبق للمنافسة في الأسواق الرقمية يتمثل في أن سلطات المنافسة التقليدية يُنظر إليها على أنها بطيئة للغاية بحيث لا تستجيب بفعالية لقوة السوق في المجال الرقمي.

في حين يستفيد هذا السوق من التغييرات المستمرة مثل تأثيرات الشبكة، مما يعرض المستهلكين والشركات الناشئة لمخاطر الشروط والأحكام غير العادلة.

التشريع المقترح يهدف إلى تقليص الوقت الذي يستغرقه التدخل في المنافسة من خلال جعل هيئة المنافسة والأسواق (CMA) قادرة على تطبيق قانون المستهلك بشكل مباشر، بدلا من الاضطرار إلى المرور بإجراءات قضائية مطولة.

إلى جانب ذلك، يتم تشديد العقوبات على انتهاكات قانون المستهلك، مع عقوبات يمكن أن تصل إلى 10 بالمئة من حجم المبيعات العالمي.

مشروع القانون يشمل الشركات التي يزيد حجم مبيعاتها العالمية عن 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار)، أو مبيعات المملكة المتحدة التي تزيد عن مليار جنيه إسترليني (1.245 مليار دولار).

بالقانون.. بريطانيا تحد من قوة شركات التكنولوجيا؟

نهج المملكة المتحدة المخطط للإصلاح المسبق للمنافسة في الأسواق الرقمية يختلف عن نهج الاتحاد الأوروبي. 

نتيجة لذلك، فإن مشروع القانون يؤسس نظاما جديدا مستهدفا تم إنشاؤه للعصر الرقمي، مع استخدام نهجا متناسبا لمساءلة الشركات الرقمية عن أفعالها والسماح لجميع الشركات المبتكرة من المنافسة بشكل عادل.

بدلا من القائمة التوجيهية المنصوص عليها في القانون الأوروبي الذي ينطبق على جميع المنصات، فإن بريطانيا تعتزم السماح لوحدة الأسواق الرقمية (DMU) بتصميم شروط مخصصة لكل شركة تقنية عملاقة معنية، مما يضمن أن تكون الرقابة متناسبة ولا يوجد خطر الإفراط في التنظيم.

إلى جانب ذلك، يضع مشروع القانون القواعد التي تمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استخدام حجمها وقوتها للحد من الابتكار الرقمي أو الوصول إلى الأسواق.

هذا الأمر يضمن بقاء المملكة المتحدة مكانا جذابا للغاية للاستثمار والقيام بالأعمال التجارية للجميع.

قد يهمك: هل تتعافى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى هذا العام من هبوطها التاريخي العام الماضي؟

رد الفعل على التشريع المقترح

الرئيسة التنفيذية لهيئة المنافسة والأسواق، سارة كاردل، رحّبت بالتشريع المقترح الذي يمنح الهيئة صلاحيات جديدة لحماية الأفراد والشركات ودعم الاقتصاد. 

في تعليق لها على مشروع القانون قالت، هذه لحظة فاصلة في طريقة حمايتنا للمستهلكين في المملكة المتحدة وفي طريقة ضمان عمل الأسواق الرقمية لصالح اقتصاد المملكة المتحدة ودعم النمو الاقتصادي والاستثمار والابتكار.

في ظل اعتماد الناس على الأسواق الحرة والعادلة للحصول على أفضل العروض ممكنة، فإنهم يتوقعون أيضا وجود قواعد للحماية عندما تنتهك الشركات قانون المستهلك.

بالقانون.. بريطانيا تحد من قوة شركات التكنولوجيا؟

هذا الأمر ضروري للمساعدة في ردع الشركات عن الاستفادة من الأشخاص عبر عمليات الاحتيال والصفقات المخفية.

من المعروف أن الأسواق الرقمية تقدم مزايا ضخمة، لكن ذلك يحدث في حال أتاحت المنافسة للشركات من جميع الأشكال والأحجام فرصة النجاح.

كما رحّب بيان داعم من “Coadec” (مجموعة مناصرة الشركات الناشئة) بالتشريع المقترح، حيث قال المدير التنفيذي دوم هالاس، وحدة الأسواق الرقمية قد تصبح أداة قوية لمساعدة الشركات المبتكرة على الانطلاق.

قد يهمك: جائحة تسريح عمال شركات التكنولوجيا حول العالم.. تعثرات أم طوق نجاة؟ – إكسڤار | ExVar

المراجعات المزيفة والاشتراكات

فيما يتعلق بالمراجعات المزيفة، فإن مشروع القانون يحظر ممارسة تسهيل المراجعات الزائفة أو الإعلان عن آراء المستهلكين دون اتخاذ خطوات معقولة للتحقق من صحتها.

بينما تضمن القواعد المقترحة لمستخدمي الإنترنت القدرة على إنهاء الاشتراكات المخادعة بطريقة مباشرة وفعالة من حيث التكلفة وفي الوقت المناسب، بما في ذلك مطالبة الشركات بإرسال تذكير عندما يقترب الإصدار التجريبي المجاني أو العرض التمهيدي من نهايته.

هذا الأمر يساعد بتحقيق إحدى الأولويات الخمس للحكومة لتنمية الاقتصاد من خلال زيادة اختيار المستهلك وثقته في المنتجات التي يشترونها والخدمات التي يستخدمونها.

لا يوجد بعد جدول زمني محدد لموعد سريان التشريع المقترح الجديد، لكن من المرجح إقراره بأسرع وقت بسبب محدودية الوقت المتبقي قبل إجراء انتخابات عامة جديدة في شهر كانون الثاني/يناير 2025 على أبعد تقدير.

في تصريحات عامة إضافية، قالت الحكومة إن الإجراءات الجديدة تدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن بعد موافقة “البرلمان”. 

بالرغم من ذلك، يشير الوزراء أيضا إلى أن السلطات الجديدة قد تخضع لتشريعات ثانوية. نتيجة لذلك، قد يكون هناك وقت طويل قبل أن نضطر شركات التكنولوجيا إلى تعديل طريقة مزاولة الأعمال التجارية في المملكة المتحدة.

ختاما، مشروع القانون هذا يمثل إطارا قانونيا ملائما للعصر الرقمي، ويؤسس نهجا مخصصا وقائما على الأدلة ومتناسبا لتنظيم أكبر وأقوى الشركات الرقمية لضمان المنافسة الفعالة التي تعود بالفائدة على الجميع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات