هل تتعافى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى هذا العام من هبوطها التاريخي العام الماضي؟

هل تتعافى أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى هذا العام من هبوطها التاريخي العام الماضي؟
استمع إلى المقال

في عام 2022، انخفض نمو الاقتصاد العالمي إلى حد بعيد، مع ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة التي أثّرت على سوق الأسهم، ومن ثم، عانت بعض الشركات الأكثر نجاحا في العالم من آثار الأسواق الراكدة حيث تكبدت خسارات فادحة.

وفقا لبعض الإحصاءات، تشكل صناعة التكنولوجيا 35 بالمئة من إجمالي السوق العالمي، وكان معدل النمو 5.3 بالمئة لعام 2022 على أساس سنوي، وهناك أكثر من 500 ألف شركة تكنولوجيا في الولايات المتحدة وحدها، وأكثر من 6600 من هذه الشركات تقطن وادي السيليكون تحديدا.

 أغلب الشركات الصناعية بغض النظر عن اختصاصها، لا بد أن تعتمد في جزئية ما على شركات التكنولوجيا، سواء بتوفير خدمات سحابية أو تطبيقات أو تقنيات مساعدة أو حلول الأمن السيبراني، وهذا ما ساعد بتقدّم شركات التكنولوجيا على الشركات المنافسة في المجالات الأخرى.

لكن ما مقدار قوة هذه الشركات وقدرتها على نمو أسهمها خلال انتقالها من عام 2022 إلى عام 2023.

قد يهمك: أي مستقبل ينتظر السيارات الكهربائية؟

 الشركات المهيمنة

 التكنولوجيا أحد أكثر الصناعات الحيوية التي تدعم ملايين التوجهات للكثير من القطاعات حول العالم، فيما يستمر التقدم التكنولوجي في تسريع رقمنة الحياة الحديثة، يهيمن عدد قليل فقط من اللاعبين على المستقبل الرقمي للعالم.

شركات التكنولوجيا كثيرة، ولكن هناك أربع شركات يتباهون بقواعد المستخدمين بالمليارات وقيمة سوقية مجتمعة تقارب 6 تريليون دولار أميركي، مما يجعلهم من أكبر شركات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم.

 “أبل”

من أشهر منتجات شركة “أبل” هاتف “آيفون” و “آيباد” و “ساعة أبل” و “سماعات “أبل” (AirPods) وكمبيوترات “MacBook”، حتى الربع الأخير من العام الماضي بلغ عدد موظفي الشركة 164 ألف موظف، وفي عام 2021، بلغت الإيرادات السنوية لشركة 365.817 مليار دولار.

خلال عام 2022 وحتى تاريخ بداية عام 2023، تراجعت أسهم شركة “أبل” بمقدار 24.72 دولارا. ففي 10 كانون الثاني/يناير من العام الماضي بلغت قيمة سهم الشركة 172.19 دولارا أميركيا، فيما بلغ قيمة السهم في تاريخ 6 كانون الثاني/يناير لعام 2023، 129.62 دولارا أميركيا، وهذا ما منح صانع أجهزة “آيفون” قيمة سوقية 2.06 تريليون دولار أميركي.

 شركة “أبل” لأول مرة حققت تقييما بقيمة 2 تريليون دولار كان في شهر آب/أغسطس 2020، حيث ساعد الوباء تعزيز مبيعاتها من أجهزة الكمبيوتر والهواتف للعمل عن بُعد، وبلغت القيمة السوقية لمدة وجيزة أكثر من 3 تريليون دولار خلال التداول في كانون الأول/يناير 2022.

 شركة “أبل” عانت من شحنات “آيفون 14 برو” خلال موسم العطلات؛ بسبب القيود المفروضة من قبل الحكومة الصينية على مصنعها الرئيسي في الصين بسبب وباء “كوفيد-19”.

 بحسب تقرير صادر عن محلل سلسلة التوريد “Trendforce”، أن الشركة قد خفّضت شحنات جهاز “آيفون” بنسبة 22 بالمئة في الربع الأخير من العام المنصرم، كما طلبت شركة “أبل” من الموردين إنتاج عدد أقل من المنتجات الأخرى مثل السماعات والساعات الذكية الخاصة بالشركة.

“مايكروسوفت”

 في نهاية الأسبوع الماضي، أغلقت أسهم “مايكروسوفت” عند أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني/نوفمبر، ومما زاد القلق هو تدهور نمو أعمال الحوسبة السحابية للشركة (Azure)، والتي كانت لسنوات محرك رئيسي لإيرادات الشركة. 

مصرف “UBS” بحسب وكالة “رويترز” أوضح، أن خدمة الشركة للحوسبة السحابية (Azure) التي وصفتها بأنها محرك نمو الشركة، تدخل تباطؤا حادا للنمو يمكن أن يكون أسوأ في السنة المالية 2023 وحتى السنة المالية 2024، وفي أحدث نتائج ربع سنوية لشركة “مايكروسوفت”، والتي تم إصدارها في تشرين الأول/أكتوبر، أعطت الشركة توقعات باهتة لنمو مبيعات خدمة “Azure”، وعمل المحللين على تقليص التوقعات للعام الحالي.

سهم الشركة هبط بنسبة 4.4 بالمئة يوم الأربعاء الفائت، وهو أكبر انخفاض بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ تشرين الأول /أكتوبر، يأتي هذا التراجع في أعقاب انخفاض بنسبة 28.43 بالمئة في عام 2022، وهو أكبر تراجع سنوي لعملاق البرمجيات منذ عام 2008، حيث بلغ سعر سهم الشركة في تاريخ 10 كانون الثاني/يناير عام 2022، 314.27 دولارا أميركيا، فيما بلغ سعر السهم في 6 كانون الثاني من العام الحالي 2023، 223.93 دولارا أميركيا.

بالرغم من هذا التراجع لقيمة شركة “مايكروسوفت” والتي يبلغ عدد موظفيها حول العالم 221 ألف موظف، بلغت القيمة السوقية للشركة حتى ساعة إعداد هذا التقرير 1.68 تريليون دولار أميركي، وهو مبلغ ضخم جدا بالنسبة للكثير من الشركات المعروفة عالمية.

 “ألفابت”

 شركة “ألفابت” وهي الشركة الأم لـ “جوجل” و “أندرويد” و “يوتيوب”، يبلغ عدد موظفيها حول العالم 186،779 موظفا، وبلغت إيراداتها السنوية 257.637 مليار دولار لعام 2021.

الشركة تقوم في الاستثمار أيضا في العديد من الشركات الناشئة والشركات ذات الأحجام المختلفة في صناعة التكنولوجيا مثل، مشاريع المنزل الذكي، والسيارات ذاتية القيادة، وأنظمة الألعاب السحابية، والمزيد.

شركة “ألفابت” للتكنولوجيا حققت انخفاض عام 2022 قدره 37.02 بالمئة، ففي تاريخ 10 كانون الثاني/يناير بلغ قيمة سعر سهم الشركة 138.67 دولارا أميركيا، وبعد عام كامل بلغ سعر السهم 87.37 دولارا أميركيا، وبلغت ذروة سعر السهم في شهر شباط/فبراير، إذ تجاوز 148 دولارا أميركيا، وتقدر قيمة الشركة حتى اللحظة 1.13 تريليون دولار أميركي.

العلامات التجارية “ألفابت” خفضت ميزانيتها الإعلانية مع تباطؤ إنفاق المستهلكين استجابة للتضخم الحاد، وبسبب أسعار الصرف غير المواتية التي يقودها ارتفاع الدولار الأميركي، ازدادت الضغوطات على الشركة.

شركة “ألفابت” أبلغت عن نتائج مالية مخيبة للآمال خلال العام الماضي، إذ زادت الإيرادات بنسبة 18 بالمئة فقط، وانخفض التدفق النقدي الحر بنسبة 5 بالمئة، ويُعد هذا الأداء تدهورا كبيرا لدى مقارنته بالعام السابق عندما ارتفعت الإيرادات بنسبة 39 بالمئة، وارتفع التدفق النقدي الحر بنسبة 93 بالمئة.

“أمازون”

 شركة “أمازون” تُعتبر من كبرى شركات التكنولوجيا حول العالم، إذ يبلغ عدد موظفيها حول العالم أكثر من مليون و600 ألف موظف، وتقدم الكثير من الخدمات مثل، “متجر أمازون” و ” Amazon Prime” وخدمة “Amazon Web Services” السحابية وغيرهم الكثير

 بالإضافة إلى تصنيفها كسادس أكبر شركة في العالم في قائمة “فوربس“، فقد تم إدراجها ضمن أفضل 25 شركة في مجال التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات.

كما لاحظنا، كان عام 2022 عاما صعبا على أغلب شركات التكنولوجيا، ولكنه كان قاسيا على نحو خاص على “أمازون”، فخلال عام 2022، هوى سهم الشركة بنسبة 47 بالمئة تقريبا، مسجلا أكبر انخفاض له منذ عام 2000، عندما انخفض بنسبة 80 بالمئة وقتئذ.

القيمة السوقية لشركة “أمازون” تقلصت إلى 878.16 مليار دولار من 1.7 تريليون دولار في بداية العام، وخرجت الشركة من نادي الشركات التي تبلغ قيمتها تريليون دولار الشهر الماضي.

في بداية عام 2022، وتحديدا بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير، بلغ سعر سهم الشركة 161.49 دولارا أميركيا، وحتى 6 كانون الثاني/يناير من العام الحالي 2023، أي قبل ثلاثة أيام، بلغ سعر سهم الشركة 86.08 دولارا أميركيا، أي وسجل انخفاض بنسبة 46.70 بالمئة.

 الكثير من مشاكل “أمازون” ترتبط  بالاقتصاد والبيئة الكلية للشركة، ودفع التضخم المتصاعد وأسعار الفائدة المرتفعة المستثمرين بعيدا عن النمو والتوجه إلى شركات ذات هوامش ربح عالية وتدفق نقدي ثابت وعوائد أرباح عالية.

 شركة “أمازون” تكافح الآن مع تباطؤ المبيعات، حيث لم تتحقق التوقعات بحدوث ازدهار مستمر في التجارة الإلكترونية كما حدث في فترة جائحة “كوفيد-19″، حيث أصبح المستهلكون يعتمدون على تجار التجزئة عبر الإنترنت مثل “أمازون” للحصول على سلع مختلفة، مما دفع ذلك سهم “أمازون” حينها إلى تحقيق مستويات قياسية مع ارتفاع المبيعات.

 مع إعادة فتح الاقتصاد والانفتاح بعد الجائحة، عاد المستهلكون تدريجيا إلى التسوق في المتاجر والإنفاق على أشياء مثل السفر والمطاعم، مما تسبب في تلاشي نمو إيرادات “أمازون” المذهل.

 آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة “أمازون”، الذي خلف المؤسس جيف بيزوس في المنصب في تموز/يوليو 2021، اعترف بأن الشركة وظفت عددا كبيرا من العمال، و أفرطت في بناء شبكة مستودعاتها في الوقت الذي كانت تتسابق فيه لمواكبة الطلب في عصر الوباء، ومنذ ذلك الحين، تم إيقاف الخطط مؤقتا لفتح بعض المرافق الجديدة، وبدأت “أمازون” في إجراء ما يتوقع أن يكون أكبر تخفيضات في وظائف الشركات في تاريخها، بهدف تسريح ما يصل إلى 10 آلاف موظف.

 مارك ماهاني، المحلل في “Evercore ISI” وهي شركة الاستشارات المصرفية، قام في مذكرة بتاريخ 18 /كانون الأول/ديسمبر، بتخفيض تقديراته لعام 2023 لشركة “أمازون”، وتوقع نمو إجمالي مبيعات التجزئة للعام بنسبة 6 بالمئة فقط، بانخفاض عن 10 بالمئة، وخفض توقعاته لنمو إيرادات قطاع الحوسبة السحابية في “أمازون”، إلى 20 بالمئة من 26 بالمئة.

 

قد يهمك: صناعة الألعاب في 2022.. ازدهار أم تراجع؟

توقعات مستقبلية

 الشركات العالمية بشكل عام، وليست شركات التكنولوجيا فقط تواجه جملة من التحديات؛ من أبرزها تشديد البنوك المركزية للسياسة النقدية والاتجاه نحو رفع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، واضطراب سلاسل التوريد، وهذا ما أثّر على أرباح الشركات وخصوصا خلال العام الماضي، وهذا ما أدى بالتالي إلى هبوط حاد في سعر سهم الشركات.

 بعض المحللين يحذر من الاستثمار في أسهم شركات التكنولوجيا، بسبب السياسة النقدية وارتفاع سعر الفائدة الأميركي المتوقع، في المقابل، يعتقد آخرون أن الهبوط الحاصل لأسهم الشركات ليس إلا أمرا مؤقتاً، ويعود سببه إلى الأداء المالي السيء لبعض شركات التكنولوجيا في العام الماضي.

من باب التفاؤل يذكر بعض المحللين، أن سعر سهم “أبل” ارتفع خلال 5 سنوات من نحو 192.79 بالمئة في بدايات عام 2018، حيث كان يبلغ سعر السهم الواحد 44.27 دولارا أميركيا حتى وصل سعر السهم الآن 129.62 دولارا أميركيا، وينطبق هذا الأمر أيضا على أغلب أسهم شركات التكنولوجيا الأخرى.

تجدر الإشارة إلى أن أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى حققت نموا قويا بالتزامن مع بداية جائحة “كوفيد-19″، حيث لعبت دورا رئيسيا في الحياة اليومية للمستهلكين في ظل تطبيق الحظر الكلي في أغلب الدول، وهذا ما ساهم في ضخ المستثمرين رؤوس أموال في هذه الشركات، لكن مع عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي، تتضاءل فرص نمو بعض شركات التكنولوجيا على الأمد القصير، ولكن مع تقديم مزيد من الخدمات المتطورة والمتنوعة من قبل هذه الشركات، ووجود المنافسة الدائمة، ستستطيع تلك الشركات عكس عملية التقهقر لأسعار الأسهم، وسيكون عام 2023، عاما مليئا بالمفاجآت التي سنشهدها جميعا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.