قانون السلامة الإلكترونية.. هل تغير بريطانيا وجه الإنترنت؟

قانون السلامة الإلكترونية.. هل تغير بريطانيا وجه الإنترنت؟
استمع إلى المقال

مشروع قانون السلامة الإلكترونية في بريطانيا حصل على الموافقة الملكية وأصبح قانونا، لكن هل تستطيع المملكة المتحدة تغيير وجه الإنترنت من خلاله.

التشريع الواسع النطاق يهدف إلى جعل بريطانيا المكان الأكثر أمانا في العالم للاتصال بالإنترنت، واستغرق إعداد مشروع القانون سنوات عديدة، وهو يحاول تقديم التزامات جديدة بشأن كيفية تصميم شركات التكنولوجيا لمنصاتها وتشغيلها والإشراف عليها.

الهدف من قانون بريطانيا

الغرض من القانون هو التأكد من أن شركات التكنولوجيا لديها أنظمة وعمليات إشراف صحيحة للتعامل مع المواد الضارة، إذ تشمل الأضرار المحددة التي يهدف القانون إلى معالجتها وصول الأطفال دون السن القانونية إلى المواد الإباحية عبر الإنترنت، والمتصيدون المجهولون، والإعلانات الاحتيالية، والمشاركة غير الرضائية للمواد المزيفة الإباحية، وانتشار مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال والمحتوى المتعلق بالإرهاب.

بالرغم من أنه أصبح قانونا الآن، إلا أن المنصات عبر الإنترنت لن تحتاج إلى الامتثال الفوري لجميع واجباتها بموجب القانون.

هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة تخطط لنشر قواعد الممارسة على 3 مراحل، يغطي الأول كيفية استجابة المنصات للمحتوى غير القانوني، مثل الإرهاب ومواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، ومن المقرر نشر التشاور مع المقترحات حول كيفية التعامل مع هذه الواجبات في شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

في الوقت نفسه، تغطي المرحلتان الثانية والثالثة التزامات المنصات بشأن سلامة الأطفال ومنع وصول القاصرين إلى المواد الإباحية بالإضافة إلى إنتاج تقارير الشفافية، ومنع الإعلانات الاحتيالية، وتقديم أدوات التمكين لمنح المستخدمين مزيدا من التحكم في المحتوى الذي يعرضونه.

من المقرر إجراء مشاورة أولية تغطي المواقع الإباحية في شهر كانون الأول/ديسمبر، في حين تتبعها مشاورات إضافية حول الواجبات الأخرى المتعلقة بسلامة الأطفال في الربيع المقبل.

المدى القانوني

الشركة تقع ضمن نطاق القانون إذا كانت توزع المواد التي أنشأها المستخدمون على مستخدمين آخرين أو كانت محرك بحث، لذلك يغطي مجموعة من المنصات، من “X” إلى “فيسبوك” و”إنستغرام” و”يوتيوب” و”تيك توك” بالإضافة إلى “جوجل”.

للامتثال لواجبات الأطفال والمحتوى غير القانوني، يتعين على الشركات إجراء تقييمات المخاطر بشأن ما إذا كان هذا المحتوى يظهر في خدمتهم.

كل هذا يتم تحت إشراف هيئة تنظيم الاتصالات التي تصدر إرشادات حول المحتوى الذي يجب التركيز على منعه والأنظمة اللازمة للتعامل معه.

يمكن للشركات الالتزام بقواعد ممارسات هيئة تنظيم الاتصالات للتعامل مع هذا المحتوى أو التوصل إلى أساليب خاصة بها للتعامل مع هذه المواد.

لكن القانون يوضح أنه إذا اتبعوا قواعد الممارسة، فلن يكونوا في خطر انتهاك الأقسام ذات الصلة من القانون. وفقا للقانون، يتم معاملتهم على أنهم ممتثلون لواجب ذي صلة إذا اتخذ مقدم الخدمة أو استخدم التدابير الموضحة في قواعد الممارسة.

عدم الامتثال لقواعد القانون قد يؤدي إلى فرض غرامات على الشركات تصل إلى 18 مليون جنيه استرليني (نحو 22 مليون دولار)، أو 10 بالمئة من مبيعاتها السنوية العالمية (أيهما أعلى)، في الحالات القصوى، يمكن لهيئة تنظيم الاتصالات أيضا حظر مواقع الويب أو التطبيقات.

المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا يواجهون التهديد بالسجن لمدة عامين إذا تجاهلوا باستمرار إشعارات هيئة تنظيم الاتصالات التي تخبرهم بأنهم انتهكوا واجبهم في رعاية الأطفال. كما يمكن أيضا سجن كبار الموظفين إذا أعاقوا تحقيق هيئة تنظيم الاتصالات أو طلبا للحصول على معلومات.

بريطانيا تثير الجدل

مشروع قانون السلامة الإلكترونية كان بمثابة تشريع مثير للجدل، مع معارضين يتراوحون بين تطبيقات المراسلة المشفرة إلى مؤسسة “ويكيميديا”.

تطبيقات المراسلة، مثل “واتساب” و”سيجنال”، اعترضت على بند في مشروع القانون يسمح لهيئة تنظيم الاتصالات في بريطانيا بمطالبة شركات التكنولوجيا بتحديد محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال سواء تم إرساله بشكل علني أو خاص، وهو ما تقول الشركات إنه يقوض بشكل قاتل قدرتها على توفير التشفير من طرف إلى طرف.

نشطاء الخصوصية وشركات التكنولوجيا حذروا من أن هذا البند يشكل تهديدا أساسيا للرسائل المشفرة من طرف إلى طرف، حيث يمكن للمرسل والمتلقي فقط قراءة الرسالة، لأنه قد يتطلب فحص الرسائل الخاصة. مقدمو هذه الخدمات اقترحوا أنهم يفضلون مغادرة المملكة المتحدة بدلا من الالتزام بهذه القواعد.

لمحاولة تجنب النزوح الجماعي، قالت الحكومة إن هيئة تنظيم الاتصالات لن تكون قادرة على التدخل إلا إذا كان فحص المحتوى ممكنا من الناحية التقنية وإذا استوفت العملية الحد الأدنى من معايير الخصوصية والدقة.

في الوقت نفسه، قالت مؤسسة “ويكيميديا” إن الالتزامات الصارمة لمشروع القانون لحماية الأطفال من المحتوى غير المناسب يمكن أن تخلق مشكلات لخدمة مثل “ويكيبيديا”، التي تختار جمع الحد الأدنى من البيانات عن مستخدميها، بما في ذلك أعمارهم.

لكن هيئة تنظيم الاتصالات عارضت فكرة أن القانون يجعلها رقيبا، موضحة أن صلاحياتها الجديدة لا تتعلق بإزالة المحتوى، ومهمتها هي معالجة الأسباب الجذرية للضرر عبر وضع معايير جديدة عبر الإنترنت، مع التأكد من أن المواقع والتطبيقات أكثر أمانا حسب التصميم، والأخذ في الاعتبار حقوق الأشخاص في الخصوصية وحرية التعبير.

حماية الأطفال

ركزت رسائل حكومة بريطانيا حول التشريع على حماية الأطفال. هناك فئتان من المحتوى الضار بالأطفال يجب على شركات التكنولوجيا التعامل معهما.

الأول هو المحتوى ذو الأولوية القصوى، مثل المواد الإباحية والترويج للانتحار واضطرابات الأكل. إذا كانت المواقع تسمح بمثل هذا المحتوى، فيجب منع الأطفال من مواجهته ويتوقع القانون استخدام إجراءات التحقق من العمر لهذا.

النوع الثاني هو المحتوى ذو الأولوية، مثل التنمر والمشاركات التي تشجع الأطفال على المشاركة في الأعمال المثيرة أو التحديات الخطيرة، ويجب حماية الأطفال في الفئات العمرية التي يعتقد أنهم متضررون من مثل هذا المحتوى من مواجهة هذا النوع من المواد.

المحتوى غير القانوني

القانون يسرد عددا من الجرائم الجنائية التي تشكل محتوى غير قانوني ذو أولوية، مما يعني أن الشركات الواقعة ضمن نطاق القانون تحتاج إلى أنظمة وعمليات معمول بها لمنع المستخدمين من مواجهة مثل هذه المواد.

هذه الجرائم ذات الأولوية تشمل ما يلي: مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، والمحتوى الإرهابي، والانتقام أو المواد الإباحية المتطرفة، والتهديدات بالقتل. القانون يريد أن يتم استهداف هذا النوع من المحتوى بشكل استباقي من خلال أنظمة وعمليات الإشراف عبر المنصات.

هناك جرائم جنائية جديدة في القانون، إذ يواجه الأشخاص الذين يستخدمون منشورات وسائل التواصل الاجتماعي للتشجيع على إيذاء النفس الملاحقة الجنائية بموجب جريمة جديدة أدخلها القانون الذي يغطي بريطانيا. كما يجرم القانون أيضا مشاركة المواد المزيفة الإباحية.

حماية البالغين من المحتوى الضار

هذا الأمر ينطبق على المنصات التي تتمتع بأكبر قدر من الوصول والتأثير على الخطاب العام، إذ يتعين على المنصات منح المستخدمين البالغين القدرة على تجنب أنواع معينة من المحتوى إذا كانوا يرغبون في القيام بذلك.

نوعية المحتوى تشمل المواد المتعلقة بالانتحار وإيذاء النفس والإساءة التي تستهدف الخصائص المحمية بموجب قانون المساواة، مثل العمر والعرق والجنس، حيث تحتاج المنصات إلى تقييم مقدار هذا المحتوى الموجود عبر منصاتها ووضع طريقة لحماية المستخدمين من هذا المحتوى.

لذلك تحتاج المنصات إلى تقديم ميزات تسمح للمستخدمين، على سبيل المثال، بتجنب إساءة الاستخدام، وقد يكون هذا خيارا للموافقة على قيام شخص ما بمتابعتك، أو ظهور شاشة تحذير لمحتوى معين أو كتم كلمات معينة. الواجبات الإضافية للمنصات تشمل حماية المحتوى الصحفي والمحتوى ذي الأهمية الديمقراطية.

الحكومة البريطانية تعتبر القانون بمثابة التشريع الذي يغير قواعد اللعبة، لكنه أثار انتقادات من جميع الجبهات خلال رحلته القانونية التي استمرت 6 سنوات.

من خدمات “VPN” ومنصات المراسلة إلى السياسيين والمجتمعات المدنية وخبراء الصناعة والأكاديميين، يخشى الجميع أن تؤدي أحكام القانون إلى زيادة نطاق المراقبة والرقابة الحكومية مع الحد من خصوصية الأشخاص.

ختاما، يعد مشروع القانون المكون من 300 صفحة بجعل بريطانيا المكان الأكثر أمانا للاتصال بالإنترنت، خاصة للأطفال، من خلال إجبار شركات التكنولوجيا على تحمل المزيد من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون عبر المنصات. مع ذلك، تدعي شركات التكنولوجيا أنه يهدد الإنترنت كما نعرفها. نظرا لأن مشروع قانون السلامة الإلكترونية أصبح قانونا دون ضمانات قانونية مهمة للتشفير من طرف إلى طرف، فإن شبكة الإنترنت كما نعرفها تواجه تهديدا حقيقيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات