استمع إلى المقال

تعد الروبوتات المقاتلة واحدة من أبرز التطورات في مجال التكنولوجيا العسكرية في العقود الأخيرة، حيث تمثل هذه التقنية نقلة نوعية في مفهوم الحروب والأمن الوطني، ويتجاوز تأثيرها حدود القوات البشرية والاستراتيجية التقليدية، وينتشر استخدام الروبوتات المقاتلة بسرعة متزايدة في ساحة المعارك الحديثة، حيث تُعتبر هذه التقنية الجديدة ذات أهمية بالغة في تغيير مسار النزاعات العسكرية وتحقيق الأمن الوطني.

مع تزايد التباحث حول فوائد وتحديات هذه التكنولوجيا، يبدو أنه من الضروري فهم الآثار الكاملة لاستخدام الروبوتات المقاتلة على الإنسانية والأمن العالمي.

هناك أمور كثيرة يجب تحليلها بعمق في هذا السياق، ولن يتسع هذا التقرير لتغطية كل التفاصيل. ومع ذلك، سنحاول في الأقسام التالية تسليط الضوء على بعض الجوانب الرئيسية لهذه المسألة المعقدة، بما في ذلك فرص زيادة الأمان، والمخاطر المحتملة، والتحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بالروبوتات المقاتلة.

الروبوتات العسكرية

مع تسارع وتيرة الابتكار في مجالات الحوسبة والذكاء الاصطناعي والهندسة الميكانيكية والإلكترونية، أصبح بإمكان الإنسان صناعة روبوتات تستطيع أن تقوم بمهام متنوعة بشكل ذاتي أو عن طريق التحكم عن بُعد، دون الحاجة إلى مراقبة أو توجيه مستمر من البشر، وقد لاحظ القطاع العسكري هذه الفرصة، وبدأ في استخدام هذه الروبوتات لأغراض عسكرية، سواء كان ذلك للنقل أو البحث والإنقاذ أو الهجوم.

الروبوتات العسكرية هي روبوتات خاصة بالأغراض العسكرية، وتختلف في شكلها وحجمها وقدراتها، حسب الدور الذي تلعبه، هناك روبوتات تعمل بشكل مستقل، بحيث تستطيع اتخاذ قراراتها بناء على خوارزميات وبرامج مبرمجة مسبقا، وهناك روبوتات تعمل بشكل تحكم عن بُعد، بحيث يستطيع شخص ما التحكم فيها عبر جهاز تحكم أو شبكة اتصال.

من أمثلة الروبوتات العسكرية التي تستخدم حاليا، أو تجري تجارب عليها في مختلف دول العالم.

روبوت MAARS

MAARS هو اختصار لـ (Modular Advanced Armed Robotic System)، وهو روبوت صغير يمكن تجهيزه بمجموعة متنوعة من الأسلحة، بدءا من الليزر غير المميت (المصمم لإعماء الأعداء) إلى قنابل المسيل للدموع وحتى قاذفة قنابل، يتم التحكم في “MAARS” عن بُعد بواسطة جهاز تحكم يشبه لعبة الفيديو، ويمكنه إرسال معلومات مرئية وسمعية إلى المشغل، يستخدم “MAARS” للدفاع عن القواعد والدوريات والهجوم على الأهداف المحددة.

الروبوتات المقاتلة .. روبوت MAARS

روبوت “DOGO”

“DOGO” هو روبوت صغير يستخدم للاستطلاع عن بُعد، ويحتوي أيضا على مسدس 9 ملم، يتم التحكم به بواسطة جهاز لوحي، ويمكنه التحرك في الأماكن الضيقة والصعبة، يستخدم “DOGO” للتفاوض مع المشتبه بهم أو التصدي للخطر، يمكن أيضا تجهيز الروبوت بأجهزة استشعار أخرى، مثل كاميرات حرارية أو كاميرات 360 درجة.

“نوفا”

طائرة بدون طيار مصممة من قبل شركة “شيلد.أي.إي” للتنقل الذاتي في الأماكن المغلقة، تستخدم “نوفا” تقنية الرؤية الحاسوبية والتعلم العميق لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد للبيئات المجهولة والمعقدة، دون الحاجة إلى إشارات “GPS” أو اتصال بالإنترنت، وتستطيع أيضا التعرف على الأهداف والتهديدات المحتملة وإرسال المعلومات إلى المشغلين في الوقت الحقيقي، يمكن استخدام “نوفا” لإجراء مهام استطلاع وتفتيش وإخلاء في المباني والكهوف والأنفاق.

“رافين”

سلسلة من طائرات بدون طيار صغيرة الحجم تصنعها شركة “أيروفايرمنت”، تستخدم “رافين” لإجراء مهام استطلاع ومراقبة وتحديد المواقع في المناطق التي يصعب الوصول إليها أو الخطرة، تزن رافين حوالي 2 كيلوغرام، وتستطيع الطيران لمسافة 10 كيلومترات ولمدة 90 دقيقة، تحتوي “رافين” على كاميرات مزودة بالذكاء الاصطناعي تستطيع التقاط صور وفيديو بجودة عالية وإرسالها إلى محطة أرضية. تستطيع رافين أيضا التحكم بنفسها بشكل جزئي أو كامل، باستخدام خوارزميات التحكم الذكية والتجنب التلقائي للعقبات.

“ديرت هوك III”

طائرة بدون طيار متوسطة الحجم تصنعها شركة “لوكهيد مارتن”، تستخدم “ديرت هوك III” لإجراء مهام استطلاع واستخبارات واستهداف في المناطق الحضرية والريفية، تزن حوالي 7 كيلوغرامات، وتستطيع الطيران لمسافة 15 كيلومترا ولمدة ساعتين، وتحتوي على كاميرات مزودة بالذكاء الاصطناعي تستطيع التعرف على الأهداف والأصدقاء والأعداء، وإرسال المعلومات إلى المشغلين في الوقت الحقيقي، تستطيع “ديرت هوك III” أيضا التحكم بنفسها بشكل جزئي أو كامل، باستخدام خوارزميات التحكم الذكية والتجانس مع طائرات أخرى.

“نيورالا برين”

برنامج ذكاء اصطناعي يصنعه شركة “نيورالا”، يستخدم “نيورالا برين” لإعطاء طائرات بدون طيار قدرات تعلم عميق وتكيف مستمر، يستطيع البرنامج تحليل البيانات الواردة من الكاميرات والحساسات والرادارات، واتخاذ قرارات ذكية وسريعة، كما يتمتع نيورالا برين بالقدرة على التعلم من التجارب السابقة وتحسين أدائه على نحو متواصل، ويمكن استخدامه لإجراء مهام استطلاع ودورية وتتبع وتصنيف في مختلف البيئات.

مشروع القانون ماساتشوستس

قبل بضعة أيام ناقش أعضاء الكونجرس في ولاية ماساتشوستس مشروع قانون جديد، حول تنظيم استخدام التكنولوجيا الروبوتية والطائرات بدون طيار المجهزة بالأسلحة، تقدم هذا المشروع القانوني من قبل النائبة في مجلس الولاية ليندسي سابادوسا والسيناتور مايكل مور يهدف جعل من غير القانوني صناعة أو تعديل، بيع، نقل، أو تشغيل جهاز روبوتي أو طائرة بدون طيار غير مأهولة مجهزة أو مثبتة بسلاح.

إذا تمت الموافقة على هذا المشروع، سيكون هو أول قانون من نوعه في البلاد، وهذا يعكس التفرد والريادة في وضع التشريعات التي تنظم استخدام التكنولوجيا المتقدمة.

إضافة إلى ذلك، يُمنع في إطار هذا المشروع استخدام الروبوتات أو الطائرات بدون طيار لتهديد أو ترويع أو قمع جنائي للأشخاص، ويعتبر هذا الجزء من المشروع تحسينا للأمان العام وحماية الحقوق الفردية.

هذه المبادرة تشمل أيضا متطلبات للأجهزة الأمنية للحصول على إذن قضائي قبل استخدام الروبوتات لدخول الممتلكات الخاصة أو إجراء عمليات مراقبة، هذا يضمن استخداما مسؤول وشفافا للتكنولوجيا في مجال إنفاذ القانون.

في حالة عدم الامتثال لهذا المشروع، ستفرض عقوبات تتراوح بين 5 آلاف دولار و25 ألف دولار على المخالفين.

مع ذلك، كان هناك بعض الاستثناءات في المشروع، لن ينطبق القانون الجديد على وزارة الدفاع ومقاوليها، أو على أجهزة إنفاذ القانون عند التخلص من المتفجرات، كما سيسمح المشروع بالاستثناء للشركات الخاصة التي تختبر تقنيات مكافحة التسليح باستثناءات على أساس الحالة وبموافقة من النائب العام.

هذا المشروع يأتي في ظل مخاوف متزايدة بشأن الأخطار المحتملة وسوء استخدام التكنولوجيا الروبوتية والذكاء الاصطناعي، ويهدف إلى وضع حد لاستخدام الروبوتات في التحرش بالجمهور ومنع التسليح غير المسؤول لهذه التكنولوجيا بدون إشراف صارم، بالإضافة إلى إقامة قواعد لإجراءات إنفاذ القانون تعزز من الثقة العامة.

مزايا الروبوتات في الحرب

زيادة الفعالية والدقة

تتمتع الروبوتات بقدرة على تنفيذ المهام بدقة عالية وبدون خطأ إنساني، مما يزيد فعالية العمليات العسكرية.

تقليل المخاطر على الجنود

باستخدام الروبوتات في المهام الخطرة، يمكن تقليل التعرض للخطر والحفاظ على سلامة الجنود البشريين.

زيادة التحكم والإشراف

يمكن للعسكريين البشريين التحكم والإشراف على الروبوتات من مكان آمن، مما يزيد مرونة العمليات العسكرية.

عيوب استخدام الروبوتات في الحرب

تهديد للأمان السيبراني

يمكن اختراق الروبوتات في هجمات سيبرانية مستقبلية، مما يعرض الأمن القومي للخطر.

فقدان القدرة على التفاعل الإنساني

قد يتسبب استخدام الروبوتات في فقدان اللمسة الإنسانية في عمليات الحرب، مما يؤدي إلى تقليل الفهم والتعاطف مع التداعيات الإنسانية للنزاع.

التحديات والمخاطر

تصاعد سباق التسلح

قد يؤدي استخدام الروبوتات في الحروب إلى تصاعد سباق التسلح بين الدول.

ضرورة تطوير قوانين دولية

هناك حاجة ملحة لتطوير قوانين دولية تنظم استخدام الروبوتات في النزاعات لضمان الامتثال لمعايير الأخلاق وحقوق الإنسان.

تأثير في القوى الاقتصادية

قد يتسبب استخدام الروبوتات في تغيير طبيعة القوى الاقتصادية وفقا للتكنولوجيا والقدرة العسكرية.

تنظيم العمل

في نهاية هذا التقرير حول دور الروبوتات في الحروب، تتجلى بوضوح بعض التساؤلات الحاسمة حول مستقبل هذه التكنولوجيا المبتكرة والتحديات التي نواجهها كجماعة دولية.

هل ستستمر التكنولوجيا في التطور بسرعة، وكيف ستتطور الروبوتات المقاتلة في المستقبل، وهل ستحظى الروبوتات بتقبل أو رفض شعوب العالم، وكيف ستؤثر في القيم والأخلاق في الحروب.

بالنظر إلى هذه التحديات والتساؤلات، يجب أن تعاون لوضع إطار تنظيمي دولي قوي وفعال يحقق التوازن بين التقدم التكنولوجي والأمن الإنساني، ويجب أن نضمن استخدام الروبوتات في الحروب بشكل يحافظ على الأمن والسلام العالميين، ويحترم قيمنا وأخلاقياتنا.

مع مرور الزمن، ستظل هذه المسألة موضوعا للنقاش والبحث المستمر، إن توجيه الجهود نحو تطوير تكنولوجيا الروبوتات المقاتلة على نحو آمن ومسؤول يعد تحديا مهما لمستقبل الأمن العالمي والإنسانية، والالتزام بالقوانين الدولية والقيم الإنسانية يجب أن يكون في صميم هذا التقدم التكنولوجي، مما يضمن استفادتنا من فوائد هذه الروبوتات دون المساس بكرامة الإنسان والسلام العالمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات