استمع إلى المقال

لا شك في أن “جوجل” لا تزال مسيطرة على الحصة الأضخم فيما يتعلق بسوق محركات البحث، لكن هل بدأ نجمها بالأفول، وهل طريقة البحث التقليدية تتغير لصالح طرق جديدة أكثر حداثة.

في عالم محركات البحث، تتمتع “جوجل” بتفوق واضح على الجميع، حيث تستحوذ على 90 بالمئة من سوق محركات البحث، لكن المستخدمين، وخاصة الجيل “زد”، يشتكون بشكل متزايد، وأصبحت علامات التراجع كثيرة.

خلال عام 2021، تخلت “جوجل” لفترة وجيزة عن مكانتها بصفتها صاحبة النطاق الأكثر شهرة في العالم لصالح تطبيق “تيك توك”، حيث يفضل المستخدمون الأصغر سنا اكتشاف المعلومات عبر منصات أخرى غير “جوجل”.

من المتوقع أن تنخفض حصة الشركة من عائدات الإعلانات عبر شبكة البحث في الولايات المتحدة إلى 54 بالمئة هذا العام، انخفاضا من 67 بالمئة في عام 2016.

أرقام “جوجل” الصادمة

المستخدمون أصبحوا أكثر انتقادا لانخفاض فائدة محرك البحث عندما يتعلق الأمر بالتغريدات والفيديوهات القصيرة والمعلومات التجارية حول طرق أكثر موثوقية للبحث عن المعلومات.

تهديد التطبيقات الاجتماعية الشهيرة، بما في ذلك “تيك توك”، بالنسبة لشركة “جوجل” لا يقتصر على “يوتيوب” فقط، بل تتأثر أيضا الخدمات الأساسية، بما في ذلك البحث، بالتفضيل المتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي باعتبارها المحطة الأولى على طريق اكتشاف المستخدمين الأصغر سنا.

بالنسبة للجيل الأكبر سنا من مستخدمي الإنترنت الذين يبحثون عن إجابات، كانت “جوجل” هي المحطة الأولى، حيث ارتبطت بالبحث لدرجة أن اسمها أصبح مرادفا لعملية البحث عن المعلومات عبر الإنترنت.

لكن هناك علامات على أن هذا يتغير، حيث لم تعد “جوجل” تعتبر السلطة المركزية في البحث. لأغراض الاكتشاف، غالبا ما يتجه المستخدمون الأصغر سنا إلى تطبيقات مثل “تيك توك” بدلا من بحث “جوجل”.

مستخدمو الإنترنت الجدد ليس لديهم التوقعات والعقلية التي اعتاد عليها المستخدمون الأقدم، حيث أن الاستفسارات التي يطرحونها مختلفة تماما، ولا يمل هؤلاء المستخدمين إلى كتابة الكلمات الرئيسية، بل يبحثون عن المحتوى بطرق جديدة وأكثر شمولا.

وفقا لبحث داخلي لشركة “جوجل” شمل مسحا لمستخدمي الولايات المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، فإن نحو 40 بالمئة من الشباب لا يذهبون إلى بحث “جوجل” عندما يبحثون عن مكان لتناول الغداء، بل يتجهون إلى “تيك توك” و”إنستغرام”.

في حين أن مستخدمي الإنترنت الأكبر سنا قد لا يتجهون إلى تطبيق اجتماعي للعثور على ما يبحثون عنه، لكن هذا الاتجاه قد يهدد بمرور الوقت النشاط التجاري لشركة “جوجل” في مجال البحث، ناهيك عن الإعلانات المباعة مقابل هذه الأنواع من طلبات البحث.

هذه البيانات تشير إلى أن المستخدمين الأصغر سنا لا يبدأون رحلة الإنترنت عبر “جوجل”، الأمر الذي يعني أن كل جهود “جوجل” على مر السنين للتنظيم والرعاية والتوصية بشركات مختلفة قد تضيع على مستخدمي الإنترنت الأصغر سنا.

بشكل عام، المستخدمون الأصغر سنا مهتمون بأشكال غنية بصريا عندما يتعلق الأمر بالبحث، والمنتجات الحالية لا تلبي التوقعات، ومن الخطأ توفير هذه التجربة لهم.

أسس تكنولوجية جديدة

في ظل هذا الوضع، فإن عملاقة البحث بحاجة إلى استحضار توقعات جديدة، وهذا يتطلب أسس تكنولوجية جديدة. 

على سبيل المثال، تدمج خرائط “جوجل” الآن الواقع المعزز لمساعدة المستخدمين على وضع أنفسهم في بيئتهم، بدلا من إجبار المستخدمين على اكتشاف الطريق الذي يجب اتباعه بناء على وميض نقطة زرقاء عبر الشاشة.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الشركة عن تحسينات أخرى للخرائط، حيث عرضت أوضاعا ثلاثية الأبعاد جديدة ومناظر غامرة، من بين أشياء أخرى، تجعل الخرائط أقل شبها بالشكل الرقمي للخريطة الورقية.

كما أن طلب الشباب على المحتوى المرئي قد يؤدي إلى تغيير بحث “جوجل”. في السابق، كان مستخدمو الويب يكتبون بضع كلمات رئيسية أساسية في محرك البحث للحصول على قائمة بالروابط الزرقاء في المقابل.

في وقت لاحق، أصبحت محركات البحث قادرة على فهم اللغة الطبيعية، ومن ثم أضافت قدرات للتعامل مع الاستعلامات الصوتية.

في بعض البلدان، تعتبر الاستعلامات الصوتية مسؤولة عن 30 بالمئة من جميع عمليات البحث، حيث لا يحتاج مستخدمو الإنترنت الجدد للكتابة.

كما تتطلع “جوجل” الآن إلى الجمع بين الصور والنصوص، وذلك لأنها تتخيل مستقبلا يمكن للمستخدمين فيه حمل الهواتف أو ارتداء نظارات الواقع المعزز لبدء البحث بناء على ما يرونه.

في غضون ذلك، يتعين على “جوجل” أن تتعامل مع عدم كونها المحطة الأولى لبعض المستخدمين عندما يتطلعون إلى اكتشاف أماكن أو معلومات جديدة.

مرحلة جديدة

“جوجل” نفسها تدرك هذه المشكلة، وأعلنت في مؤتمرها السنوي عن عدد كبير من التحديثات للخدمة، بما في ذلك نتائج البحث الجديدة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

هذا الاتجاه أصبح واضحا للغاية لدرجة أن عملاقة البحث أكدت سابقا أنها تعمل على صفقات تسمح لها بفهرسة مقاطع فيديو “تيك توك” و”إنستغرام” في البحث.

إلى جانب ذلك، بدأت “جوجل” أيضا بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحليل مقاطع الفيديو على الويب وتوجيه المستخدمين إلى نتائج بحث أكثر ثراء.

على سبيل المثال، إذا كنت تبحث عن كيفية تغيير إطار عبر “جوجل”، فإن محرك البحث يعرض لك الآن نتائج الفيديو. 

كما أصبح بإمكان الشركة الآن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أجزاء الفيديو، بحيث يمكن للمستخدمين الانتقال إلى الموقع حيث يشرح كيفية فك الصواميل أو رفع المقبس.

علاوة على ذلك، تعمل الشركة على جعل تحليلها وفهمها للفيديو على قدم المساواة مع الوثائق، لكن الحصول على هذا المستوى من الفهم الأعمق هو رحلة ما زالت في بداية طريقها.

من أجل ضمان مكانتها، تواصل “جوجل” تطبيق تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتمكين طرق جديدة للأشخاص للبحث وفهم ما هو موجود.

عندما يبحث مستخدم عبر “جوجل” عن شيء ما، قد يتلقى إجابة مكتوبة بوضوح بلغة طبيعية مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

مشاكل “جوجل” المزمنة

لكن هذه التغييرات قد لا تعالج القضايا الأساسية وراء تراجع “جوجل”، إذ مع تكثيف الشركة لخياراتها الإعلانية، تم تخفيض نتائج البحث المفيدة إلى أسفل الصفحة لصالح الإعلانات. 

إلى جانب ذلك، عانت الشركة أيضا من المحتوى غير المرغوب فيها لتحسين محركات البحث، الذي يزاحم نتائج البحث ذات الصلة، والذي غالبا ما يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي أو يكون متضمنا معلومات رديئة جودة، لكن جرى تصميمها لتحتل مرتبة عالية في خوارزمية “جوجل”.

هذا المزيج من المشكلات أدى إلى إضعاف نظام تصنيف “جوجل” إلى الحد الذي يرتبط فيه وجود الرابط بين أفضل نتائج البحث بالاحتيال وليس الملاءمة.

في الوقت الحالي، يقارن مستخدمو “جوجل” محرك البحث بتجربة البحث عن إبرة في كومة قش، حيث أن محتوى البحث يعكس ما تريدك الشركة أن تجه، وليس نتيجة البحث الصحيحة.

حلول بديلة

نتيجة لما حدث، طور المستخدمون مجموعة متنوعة من آليات المواجهة للتعامل مع أوجه القصور في المنتج، حيث بدأت التحولات بشكل ملحوظ منذ نحو 5 سنوات.

في الوقت الحالي، يجب على المستخدمين إجراء عمليات بحث أشمل مما كان في السابق للحصول على النتيجة المطلوبة.

كما يجب التأكد من استخدام كلمات رئيسية معينة في عمليات البحث، وتخطي أهم النتائج، التي غالبا ما تكون غير مرغوب فيها. 

بينما يبحث مستخدمون آخرون عن المحتوى عبر منصات أخرى، مثل “ريديت”، أو يضيفون كلمة “ريديت” في نهاية استعلام البحث ضمن “جوجل”.

هذا الأمر يحصل لأن مشاركة عبر أحد منتديات المنصة العديدة قد يكون لها إجابة أكثر فائدة مما يمكن لـ “جوجل” البحث عنه بمفردها.

كما أصبحت “ويكيبيديا”، الموسوعة التي تتضمن صفحتها الرئيسية الافتراضية شريطا للبحث، أداة بحث شائعة بشكل متزايد.

ويكيبيديا تفي بالكثير من الوظائف التي وعدت بها “جوجل” في البداية، حيث يجري تحديثها باستمرار، وهناك معايير للمصادر. 

نتيجة لذلك، من النادر جدا أن يتم الاستشهاد بمواقع الويب ذات الجودة المنخفضة المتضمنة محتوى تحسين محركات البحث.

في النهاية، تكافح شركة “جوجل” للعثور على مكانها في بيئة الإنترنت المجزأة بشكل متزايد. قبل 15 عاما، كان البحث هو نقطة الوصول الأساسية لشبكة الويب الأوسع، لكن الوضع قد تغير الآن. في الوقت الحالي، يكتشف المزيد من المستخدمين المحتوى عبر المنصات الاجتماعية مثل “تيك توك”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات