استمع إلى المقال

في شهر آذار/مارس الماضي، كان تيم كوك من بين الدفعة الأولى من المديرين التنفيذيين الأجانب الذين وصلوا إلى بكين بعد رفع القيود المفروضة في عصر الوباء، حيث أشاد رئيس شركة “أبل” بكيفية نمو الشركة والصين معا في علاقة تكافلية.

بعد مرور 6 أشهر، أصبحت هذه العلاقة تحت الضغط، حيث تواجه شركة “أبل” ضغوطا تنافسية جديدة في البلد الذي يعد مركزها الأكبر للتصنيع وأكبر سوق دولية لها، حيث كان مسؤولا عن ما يقرب من 20 بالمئة من المبيعات في الربع الأخير.

علاقة مربحة لكلا الطرفين

حتى الآن، احتفظت الشركة بمكانة مرموقة في الصين، وتجنبت مصير عمالقة التكنولوجيا الأميركيين الآخرين، بما في ذلك “جوجل”، و”ميتا”، و”تويتر”، و”ميكرون”، التي شهدت تقييد منتجاتها أو حظرها تماما.

تمت الإشادة بكوك، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي منذ عام 2011، باعتباره مهندس تحول إنتاج شركة “أبل” إلى الصين بعد أن عينه ستيف جوبز في عام 1998 لإدارة العمليات في جميع أنحاء العالم. 

تحت قيادة كوك، سمحت سنوات من الاستثمار والتسويق والدبلوماسية المؤسسية الدقيقة لشركة “أبل” بتنظيم قوة تصنيعية مع تحقيق أرباح في الصين أكثر من أي شركة أخرى، غربية أو صينية.

العلاقة بين “أبل” والصين مربحة لكلا الطرفين، حيث حدثت “أبل” معايير وعمليات الإنتاج الخاصة بالمصنعين الصينيين مع حماية ملكيتها الفكرية من خلال تنويع سلسلة التوريد الخاصة بها لضمان عدم تمكن أي مورد من تكرار منتجاتها.

الشركة استثمرت الكثير في علاقاتها مع كل من الحكومة المركزية والبلدية، وخاصة في مدينة تشنغتشو، حيث دخلت في شراكة مع “فوكسكون” وخلقت مئات الآلاف من فرص العمل، وكانت “أبل” حريصة للغاية على الالتزام باللوائح المحلية، وإزالة التطبيقات الحساسة سياسيا.

مع ذلك، يدير كوك عملية توازن دقيقة لتنويع المزيد من الإنتاج خارج الصين مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع بكين، حيث يعمل لدى شركة “أبل” 14 ألف موظف مباشر في الصين، ويقدر الخبراء أنها تدعم أكثر من 1.5 مليون وظيفة في البلاد. 

تحت ضغط التوترات بين الولايات المتحدة والصين، بدأت شركة “أبل” بنقل أجزاء من إنتاجها إلى فيتنام والهند، حيث تستحوذ الشركة على 80 بالمئة من سوق الهواتف التي يزيد سعرها عن 800 دولار.

الصين لا تريد خسارة “أبل”

بعد إطلاق تشكيلة “آيفون 15” الجديدة، انخفضت أسهم شركة “أبل” أكثر، لكن خبراء الصناعة أوضحوا أن انخفاضات الأسهم الأخيرة بسبب الأحداث في الصين كانت مبالغ فيها.

هذا الشهر، أدت عمليات بيع الأسهم إلى محو ما يقرب من 200 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة “أبل” بعد أنباء عن فرض وكالات حكومية مختلفة حظرا على استخدام منتجاتها في الإدارات الحكومية والشركات المملوكة للدولة.

بدورها، نفت وزارة الخارجية الصينية أي حظر رسمي، لكنها أشارت إلى حوادث أمنية متعلقة بهاتف “آيفون”، وطلبت من صانعي الهواتف الذكية الالتزام بالقانون، ورد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بأن الولايات المتحدة تراقب بقلق، مضيفا أن تصرفات الصين تبدو وكأنها تتماشى مع الانتقام ضد شركات أميركية أخرى مع تزايد التوترات بين القوتين العظميين.

إلى جانب المخاوف بشأن القيود المحتملة على منتجات “أبل”، ظهر تهديد تنافسي جديد مع الإطلاق غير المتوقع لهاتف “هواوي” الذكي الجديد في الصين في نهاية شهر آب/أغسطس، حيث تم بيع جهاز “Mate 60 Pro” على الفور وسط موجة من الحماس الوطني، لكنه لا يزال متخلفا عن “آيفون” في الجوانب التقنية.

بحسب الخبراء، فإن أسوأ الحالات هي أن الحظر داخل الحكومة قد يخفض المبيعات العالمية لأجهزة “آيفون” بنسبة 2 بالمئة والإيرادات الإجمالية بنسبة 1 بالمئة في عام 2024.

سابقا، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن القيود المفروضة على الموظفين الحكوميين الذين يستخدمون أجهزة “أبل” موجودة منذ عدة سنوات.

لكن قد تتردد بكين للغاية في اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها إضعاف مكانة شركة “أبل” في الصين، لأن ذلك قد يكون له تأثير سلبي للغاية في مناخ الأعمال.

افتقار الصين إلى أي توجيه عام ضد شركة “أبل” يتناقض أيضا مع موقفها الصريح عندما حظرت شركة “ميكرون” الأميركية لرقائق الذاكرة من البنية التحتية الرئيسية في شهر أيار/مايو، موضحة أنها تشكل مخاطر خطيرة لأمن الشبكة.

في الختام، من غير المرجح أن تشعر الشركة بالقلق لأن بكين تنفذ بعض الإجراءات المتبادلة لمواجهة سياسات الولايات المتحدة المتشددة المناهضة للصين، وليس لاستهداف “أبل” على وجه الخصوص، ولا تريد الصين المغامرة بخسارة “أبل” في الوقت الحالي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات