أسطورة جراند ثيفت أوتو 5.. كيف تحولت إلى ظاهرة لن تتكرر؟

أسطورة جراند ثيفت أوتو 5.. كيف تحولت إلى ظاهرة لن تتكرر؟
استمع إلى المقال

كان عام 2013 أحد أفضل الأعوام لمحبي الألعاب من مختلف الفئات، إذ طرحت “سوني” وقتها جهاز “بلاي ستيشن 4” للمرة الأولى، وكان معجزة تقنية في وقتها، خصوصا وأنها تقدم مستوى رسوميا مبهرا مع مكتبة واسعة من الألعاب، وإلى جانبه أطلقت “روك ستار” لعبة ستصبح إحدى أهم الألعاب في القرن العشرين، وربما الأهم في تاريخ الألعاب على الإطلاق، وهي لعبة “جراند ثيفت أوتو 5” أو كما تعرف اختصارا “GTA V”. 

لعبة واحدة صدرت على ثلاثة أجيال مختلفة من منصات الألعاب، بداية من جيل “بلاي ستيشن 3” وحتى “بلاي ستيشن 5” في مدة تناهز 10 أعوام، تمكنت خلالها من تحقيق مبيعات تجاوزت 170 مليون نسخة حتى آب/أغسطس 2022 مع أرباح تجاوزت 8 مليار دولار، ولكن كيف تمكنت من القيام بكل هذا، ولماذا ترفض هذه اللعبة أن تندثر. 

ولادة عن طريق الخطأ 

سلسلة ألعاب “Grand Theft Auto” هي إحدى أشهر سلاسل الألعاب التي تطلقها شركة “روك ستار”، ورغم شهرة الأخيرة وامتلاكها لمئات العناوين المميزة، إلا أن هذه اللعبة تحديدا، كانت سببا في وصول الشركة لما نعرفه عنها اليوم. 

خطأ برمجي كان سببا في ولادة هذه السلسلة الناجحة للغاية، إذ كانت اللعبة في البداية تدور حول شرطيّ يطارد السيارات المسرعة في المدينة، ولكن نتيجة خطأ برمجي في نسخة اختبارية للعبة الأولية، وجد المطور أن اللصوص أصبحوا يطاردون سيارات الشرطة ويتسببون في أضرار للمدينة، وهنا ولدت الفكرة، لماذا لا نجعل الأشرار واللصوص هم الأبطال، وذلك بحسب ما قاله مايك دايلي مبتكر اللعبة في مقابلة أجراها مع صحيفة “The Guardian” عام 2015

مقاطع من اللعبة لأحد اليوتيوبر

دايلي كان له حلم أكبر من مجرد تطوير لعبة قيادة سيارات، رغم أن بداية اللعبة كانت كذلك، إلا أن حلمه كان تطوير محرك ألعاب يسمح للاعب بالقيام بكل ما يرغب به دون أي قيود، لذلك سعى برفقة المبرمجين الذين عملوا معه من أجل بناء هذا الحلم وتحقيقه. 

مايك دايلي مبتكر اللعبة

النسخة الأولى من اللعبة كانت كارثية بحسب وصف دايلي لها. جزيئات التصادم لم تكن تعمل بشكل جيد ولم يكن اللاعب قادرا على ترك سيارته، ولكن عندما رأى دايلي النسخة الأولى من اللعبة شعر بالإثارة، أخيرا سيتمكن من تحقيق حلمه الذي طال انتظاره، ورغم أن وجود لعبة تتيح لك تدمير محيطك بشكل كامل الآن أمر معتاد، إلا أنه في عام 1995 عندما بدأ تطوير “جراند ثيفت أوتو” كان ثوريًا وغير مسبوق. 

إرث من النجاحات 

منذ اللحظة التي صدر فيها الجزء الأول من سلسلة “جراند ثيفت أوتو” وحتى يومنا هذا، ظلّت اللعبة في قائمة أفضل الألعاب مبيعا عبر جميع المنصات، الجزء الأول من السلسلة الذي صدر عام 1995 ولم يكن من الرائج وقتها شراء الألعاب، تمكن من بيع 3 مليون نسخة

النجاح الثوري الذي حققته السلسلة كان مع “جراند ثيفت أوتو 3” في عام 2011، إذ استطاع وقتها كسر حاجز 14.5 مليون نسخة مباعة، ومنذ ذلك الوقت، لم تنخفض مبيعات الأجزاء الرئيسية من السلسلة على الإطلاق، إذ استمرت في التضاعف حتى وصلت 170 مليون نسخة مع “GTA 5”. 

لا يمكن حصر نجاح اللعبة في عدد النسخ المباعة منها فقط، في الحقيقة، لعبة “GTA V” تعد مزيج من عدة نجاحات أسطورية من الصعب أن تجتمع مجددًا في لعبة واحدة حتى وإن كانت من تطوير “روك ستار”. 

سجل حافل من النجاحات

29 تشريحا و17 فوزا، هو ملخص الجوائز النقدية التي تمكنت لعبة “GTA V” من تحقيقها منذ طرحها، ضم هذا السجل ترشيحات لجوائز في حفل “بافتا” و”The Game Award” و”Golden Joystick”، وهي كلها محافل هامة وتمتلك معايير مرتفعة حتى يتم ترشيح اللعبة لها والفوز بها، كما أن جزءا كبيرا من هذه الجوائز كان من نصيب الممثلين الصوتيين في اللعبة. 

فريق اللعبة مع جوائز “بافتا”

بالطبع، النجاح لا يأتي رخيصا، إذ كلفت صناعة اللعبة أكثر من 260 مليون دولار، وهي تعد من أغلى الألعاب تكلفةً في العالم، وفي مقابل ذلك، حصلنا على عالم مفتوح بالكامل، يمكنك أن تقوم بأي شيء فيه دون أي عوائق أو قيود، وهو سر نجاح اللعبة الحقيقي. 

عالم بدون قيود 

هناك جزء بشري يرغب في كسر القوانين دون الخوف من العواقب، ربما لهذا نجحت “GTA V”، لأنها أتاحت لنا ذلك، وربما لأنها تمكنت من تقديم تجربة عالم مفتوح حقيقية من النادر رؤيتها في عالم الألعاب. 

اللعبة تتيح لك أن تصبح مجرما وتقدم لك قصة منطقية لذلك، وتطلب منك مجموعة من التحديات التي يمكنك إتمامها كما ترغب عبر استخدام أي نوع من الأسلحة والمركبات يمكنك الوصول إليه، ولكن متعة اللعبة الحقيقية تبدأ بعد إتمام القصة، عندما يصبح العالم مفتوحا. 

مئات الأسرار والألغاز المنثورة في العالم والتي يمكنك اكتشافها كما ترغب دون أن تشير لك اللعبة لمكان وجودها، إلى جانب حرية القيام بكل ما ترغب به داخل اللعبة وتجربة لعب جماعي حقيقية توفر حرية لا تقل عن تلك الموجودة في القصة الرئيسية، هذه الأسباب كانت وراء نجاح اللعبة الأسطوري. 

مجتمع اللاعبين المحيط باللعبة من أقوى المجتمعات حاليا، ويعمل على تعديلها وإطلاق تحديثات وتعديلات يدوية يعملون عليها بأنفسهم دون الحاجة لدعم الشركة أو حتى طلب المساعدة منها، ثم يأتي طور اللعب الجماعي الذي يوفر تجربة واسعة من التحديات المختلفة التي يمكن إتمامها في كل لحظة. 

نجاح من الصعب تكراره

“روك ستار” تأخرت في الإعلان عن الجزء الجديد من السلسلة “GTA 6″، ولا يبدو أنها ستعلن عنه قريبا، وذلك لأنها لن تستطيع التفوق على ما جاء في  “GTA V” بسبب نجاحها الكبير، ورغم أن الشركة حاولت جاهدا تكرار النجاح مع لعبة “Red Dead Redemption 2” إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل. 

الشركة حاولت تقديم عالم مفتوح وتقديم قصة قوية وأسلوب لعب مبتكر وطور لعب جماعي مميز بحق، ولكن في النهاية لم تتمكن “Red dead Redemption 2” من تكرار سيناريو “GTA V”، وربما لهذا تنتظر “روك ستار” ولم تعلن عن الجزء الجديد من السلسلة. 

تكاتف عدة عوامل معا أدت إلى نجاح الأسطورة وولادتها، لذلك يظل السؤال الحقيقي، هل تتكاتف هذه العوامل مجددا عند إطلاق “GTA 6”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
2.3 3 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات