الشرق الأوسط نقطة جذب عالمية للألعاب الإلكترونية؟

الشرق الأوسط نقطة جذب عالمية للألعاب الإلكترونية؟
استمع إلى المقال

في السنوات الأخيرة، كانت هناك زيادة ملحوظة في القاعدة الجماهيرية للألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط، لكن هل تستطيع المنطقة التحول إلى مركز رئيسي لهذه النوعية من الصناعة من خلال زيادة أعداد المشاركين والاستثمارات الحكومية.

الألعاب الإلكترونية تمثل شكلا من أشكال المنافسة باستخدام ألعاب الفيديو، وغالبا ما تأخذ شكل مسابقات ألعاب فيديو منظمة ومتعددة اللاعبين، خاصة بين اللاعبين المحترفين، بشكل فردي أو كفرق.

المسابقات المتعددة اللاعبين كانت لفترة طويلة جزءا من ثقافة ألعاب الفيديو، لكنها كانت إلى حد كبير بين الهواة حتى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما أتاح ظهور منصات البث عبر الإنترنت، وخاصة “يوتيوب” و”تويتش”، زيادة مشاركة اللاعبين والمتفرجين المحترفين. 

بحلول عام 2010، كانت الألعاب الإلكترونية جزءا رئيسيا من صناعة ألعاب الفيديو، حيث صمم ومول العديد من مطوري الألعاب البطولات والأحداث الأخرى.

الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط

التقارير الحديثة تسلط الضوء على أن أكثر من 60 بالمئة من السكان في الشرق الأوسط هم من عشاق الألعاب الإلكترونية، مما أدى إلى واحدة من أعلى نسبة تنزيلات تطبيقات الألعاب عبر الأجهزة المحمولة (50 بالمئة مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 40 بالمئة).

هذه الأرقام تفسر سبب إظهار المنطقة التزاما طويل الأمد بقطاع الألعاب، حيث أعلنت السعودية عن استراتيجيتها للألعاب الإلكترونية، وأنشأت الإمارات مركزين للألعاب لجذب الشركات العالمية.

علاوة على ذلك، فإن النمو القوي لعمليات البث بنسبة 24.5 بالمئة من معدل النمو السنوي المركب يمثل مؤشرا قويا على أن سكان الشرق الأوسط يتجهون نحو الألعاب الإلكترونية.

نتيجة لذلك، فإن النمو في المنطقة يعتبر أسرع بـ 3 مرات مقارنة بالصين، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 24.5 بالمئة مقابل 7.6 بالمئة.

إلى جانب ذلك، فإن سوق الألعاب في الشرق الأوسط يتسم بالتنوع، حيث يساهم كل من اللاعبين العاديين والأساسيين في نموه. 

كما أن تركيز المنطقة على ألعاب الهاتف المحمول والشعبية المستمرة لمنصات الألعاب وألعاب الحاسب يوضح قدرتها على التكيف وإمكانية التوسع بشكل أكبر.

المنطقة بالأرقام

منطقة الشرق الأوسط تشهد انتشارا متزايدا لألعاب الفيديو التنافسية المنظمة، أو ما يعرف باسم الألعاب الإلكترونية. 

نظرا لارتفاع معدلات انتشار مستخدمي الإنترنت عبر الهاتف المحمول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ووجود عدد هائل من الشباب، والاهتمام الشديد بالتقنيات الرقمية، فإن صناعة الألعاب الإلكترونية في المنطقة تتوسع بمعدل غير مسبوق.

نتيجة لذلك، فإن إيرادات الألعاب الإلكترونية في المنطقة تقدر بنحو 1.8 مليار دولار في عام 2022، وترتفع إلى 2.8 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب لمدة 5 سنوات يقارب 10 بالمئة.

وفقا لقمة الشرق الأوسط للألعاب الإلكترونية 2023، تشكل منطقة آسيا والشرق الأوسط أكثر من 56 بالمئة من سوق الألعاب الإلكترونية العالمية التي تبلغ قيمتها مليار دولار، حيث يوجد أكثر من 377 مليون لاعب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحده.

في المنطقة، 76 بالمئة من اللاعبين تقل أعمارهم عن 35 عاما. في ظل وجود نسبة أعلى بكثير من اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما في مصر مقارنة بالسعودية والإمارات، فإن مصر تتمتع بأكبر عدد من اللاعبين في المنطقة، حيث احتلت الصدارة في عام 2021، 

بدورها، تمتلك السعودية أكبر إيرادات من الألعاب، بينما تتمتع الإمارات بأعلى إيرادات لكل مستخدم.

نتيجة لذلك، تصدرت الإمارات سوق الألعاب الإلكترونية في عام 2021 في منطقة الشرق الأوسط، وحققت إيرادات بلغت نحو 6.44 مليون دولار.

بالنظر إلى مستويات الدخل المرتفعة، ومشاريع الاستثمار العام، والجهود المبذولة لتنويع الاقتصادات، فإن الإمارات والسعودية تتمتعان بأعلى إيرادات متوقعة للألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط.

فرق الألعاب الإلكترونية

فرق الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط بدأت بالتطور بوتيرة سريعة، وأصبحت أكثر تنظيما، وتتوسع بسرعة، حيث تمثل (YaLLa eSports) واحدة من أكثر مؤسسات الألعاب الإلكترونية شهرة في الشرق الأوسط، ومقرها في الإمارات، وترعاها “إنتل” و”برغر كينغ” و”آسوس”.

في حين تعتبر (Team Falcons)، ومقرها السعودية، مثالا آخر على واحدة من أقوى المنظمات في الشرق الأوسط، حيث حققت نجاحا دوليا كبيرا في ألعاب مثل (Rocket League) بعد أن احتلت المركز رقم 3 في (Gamers8 eSports Festival 2022). 

من ناحية أخرى، يمتلك الأردن أفضل لاعب في المنطقة بمكاسب تصل إلى 4.8 مليون دولار، يليه اللاعب اللبناني الأكثر ربحا مارون مرهج (GH). 

عشاق الألعاب الإلكترونية

بسبب الدعم الحكومي والاستثمارات والمجموعة الديموغرافية الشابة، تعد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر الأسواق الواعدة للألعاب الإلكترونية.

بحلول عام 2025، من المتوقع أن يصل عدد عشاق الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط إلى 318 مليونا، مما يجعل المنطقة واحدة من الأسواق السريعة الصعود للألعاب الإلكترونية على مستوى العالم.

القوة الدافعة الرئيسية للنمو القوي المتوقع للقطاع في المنطقة تعود إلى زيادة الدعم الحكومي عبر الألعاب الإلكترونية، إلى جانب الزيادة في عدد اللاعبين الجدد الذين يدخلون السوق.

كما أن إنشاء البنية التحتية المتخصصة للألعاب الإلكترونية، مثل الساحات والأندية ومراكز التدريب، يزيد من تسريع وتيرة النمو، مما يؤثر بشكل كبير بنمو الصناعة والمشاركة المجتمعية.

النمو السريع في عدد عشاق الألعاب الإلكترونية وإجمالي الجمهور من المتوقع أن يدفع إجمالي الإيرادات في الإمارات والسعودية ومصر.

مع ذلك، فإن نمو السوق يمكن أن يكون أعلى من ذلك، وفقا لاتجاه الإنفاق الأعلى لكل مستخدم، والدعم الحكومي الإضافي عبر الألعاب الإلكترونية، والمزيد من اللاعبين الذين يدخلون السوق.

400 مليون لاعب

منطقة الشرق الأوسط تضم أكثر من 400 مليون لاعب، مع قوة شرائية أعلى من المتوسط، ولغة موحدة، وواحد من أكثر مجتمعات الألعاب نشاطا على مستوى العالم.

هذه الميزات جعلت منها منطقة مستهدفة لزيادة الإيرادات للناشرين والمؤسسات الأخرى في هذا المجال، حيث يحاول الناشرون دخول السوق من خلال البحث عن طرق لزيادة التواجد وتعريب المحتوى والمكاسب السريعة الأخرى التي تجلب لهم المزيد من المبيعات.

استثمارات بمليارات الدولارات

في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2022، أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية، وهي خطة استثمارية شاملة مدتها 10 سنوات تشمل عدة أهداف، وهي:

  • جعل السعودية موطنا لأكثر من 250 شركة ألعاب بحلول عام 2030.
  • امتلاك 30 لعبة مطورة محليا ضمن أفضل 300 لعبة على مستوى العالم.
  • جعل السعودية من بين البلدان الـ 3 الأولى على مستوى العالم في عدد الرياضيين الإلكترونيين لكل فرد.
  • جعل السعودية مكانا لأكبر حدث للألعاب الإلكترونية على مستوى العالم من حيث إجمالي عدد المشاهدين. 

نتيجة لذلك، استثمرت السعودية في العام نفسه أكثر من 3 مليارات دولار في الصناعة، حيث جاء هذا الاستثمار كجزء من التزام أكبر بكثير بقيمة 38 مليار دولار من قبل صندوق الاستثمارات العامة في السعودية لتستخدمه شركته “ساڤي”.

كما اشترى الصندوق حصصا في بعض أكبر شركات الألعاب في العالم، مثل “أكتيفيجن بليزارد” و”إلكترونيك آرتس” و”نينتندو”، واستحوذ على بعض أكبر منظمي بطولات الألعاب الإلكترونية في العالم، “ESL” و”FACEIT” و”VSPO”.

إلى جانب ذلك، أسست السعودية “الاتحاد السعودي للألعاب الإلكترونية”، الذي أنشأ تقويما للبطولات والدورات المنتظمة التي من شأنها أن تساعد في التطور الطبيعي للمشهد.

من أجل مشاركة اللاعبين ببطولات منافسة على مدار العام، أنشأ الاتحاد السعودي للألعاب الإلكترونية بطولات أسبوعية وشهرية لألعاب (Dota 2) و(Rainbow Six Siege) والعديد من الألعاب الأخرى، مما يرفع المستوى التنافسي في المشهد ويجذب المزيد من الاستثمارات.

أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت السعودية إلى استثمار المليارات في ألعاب الفيديو وصناعة الألعاب الإلكترونية، هو حقيقة أن البلاد لديها مجتمع ألعاب كبير، يحب ممارسة ومشاهدة الألعاب الإلكترونية والبث المباشر. 

وفقا لتقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية، فإن السعودية تضم 23.5 مليون لاعب، أي 67٪ من سكان البلاد.

معدلات الاهتمام والمشاركة المرتفعة في السعودية في الألعاب الإلكترونية دعمت النمو السريع لهذه الصناعة، حيث جرى تنظيم بطولات متعددة بملايين الدولارات في السعودية، مثل (Dota 2 Riyadh Masters 2022) و(Gamers8 Fortnite) و(Gamers8 Rocket League) و(Gamers8 Rainbow Six Siege).

هذه البطولات كانت جزءا من مهرجان الألعاب الإلكترونية (Gamers8)، وهو الأكبر من نوعه في العالم من حيث الحجم والمدة، والذي حصل على مجموع جوائز بقيمة 15 مليون دولار، جرى توزيعها على العديد من بطولات الألعاب الإلكترونية. 

المهرجان جرى رعايته من قبل بعض أكبر العلامات التجارية على مستوى العالم، مثل “ماستركارد” و”سبوتيفاي” و”إل جي” وغيرها، الأمر الذي يعزز قطاع السياحة، ويقدم فرصة فريدة لتسويق هذه التجارب لجمهور عالمي.

مبادرات حكومية

شهد الشرق الأوسط ظهور الإمارات كوجهة بارزة للألعاب الإلكترونية. بالاستفادة من بنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة ومجتمع الألعاب المزدهر، استضافت البلاد بنجاح بطولات كبرى وجذبت لاعبين دوليين. 

من خلال الاستثمار بشكل كبير في تطوير ساحات الألعاب المخصصة والمرافق الحديثة، توفر الإمارات للاعبين إمكانية الوصول إلى معدات رائدة ونظام ألعاب نابض بالحياة. 

علاوة على ذلك، لعبت السياسات والمبادرات الداعمة لحكومة الإمارات دورا محوريا في رعاية نمو الألعاب الإلكترونية، مما جعل الدولة مركزا للاعبين المحترفين والمتحمسين على حد سواء.

أحد الأمثلة البارزة على التزام الإمارات بتعزيز صناعة الألعاب هو مركز ألعاب (DMCC)، الذي يوفر منصة لمحترفي صناعة الألعاب للتواصل والتعاون واستكشاف فرص جديدة. 

مع وجود أكثر من 50 شركة ألعاب موجودة في مركز دبي للسلع المتعددة، فإن توفر عملية إعداد رقمية بالكامل وبنية تحتية لدعم الشركات التي تتطلع إلى التوسع عالميا والتفاعل مع جماهير متنوعة.

علاوة على ذلك، عقدت مبادرة “أبو ظبي للألعاب” شراكة مع شركة نشر الألعاب الإلكترونية “سوا” المتخصصة بتوطين ألعاب الفيديو العالمية، وذلك بهدف جعل مكتبة ألعابها الضخمة في متناول الناطقين باللغة العربية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

بشكل عام، من خلال الاستثمارات الحكومية غير المسبوقة، تتقدم منطقة الشرق الأوسط بسرعة لتشكيل مستقبل الألعاب الإلكترونية. كما أن الالتزام الحكومي الكبير، مثل استثمارات وحوافز السعودية والإمارات، يسلط الضوء على التزام المنطقة بتعزيز صناعة الألعاب المزدهرة.

ختاما، يستمر مشهد الألعاب الإلكترونية في الشرق الأوسط بالنمو بوتيرة ثابتة، وترغب المزيد من الشركات بالاستثمار فيه، ولدى اللاعبين العديد من المسابقات للمشاركة فيها. مع استمرار الشرق الأوسط في الظهور كقوة ألعاب قوية، فإن التزام المنطقة بالابتكار والاستثمار ومشاركة الجمهور يلعب دورا مهما في تشكيل مستقبل صناعة الألعاب العالمية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات