استمع إلى المقال

عالمنا المعاصر مرتبط بشكل لا يمكن تجاهله بالإنترنت والتكنولوجيا، حيث أصبح التصفح عبر شبكة الإنترنت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. يعد الإنترنت مصدرا غنيا بالمعرفة والتواصل؛ ولكن مع ذلك، تتجمع التهديدات الرقمية حولنا كالعواصف في سماء هذا العالم الافتراضي، وتأتي هذه التهديدات من البرامج الضارة، وعمليات الاختراق، ومحاولات التجسس والتصيد، مما يجعل من الضروري اتخاذ عادات وممارسات تحمينا وتحافظ على سلامتنا في هذه البيئة الرقمية المعقدة.

مع تزايد التطور التكنولوجي، يصبح من السهل على المهاجمين استغلال الثغرات والضعف في أجهزتنا وسلوكياتنا للاختراق والوصول إلى معلوماتنا الحساسة، ولكن باتباعنا للإرشادات والإجراءات الأمنية، يمكننا بناء جدار منيع يقينا من هذه التهديدات الرقمية.

في هذا التقرير، سنتعرف على العادات الأساسية التي يجب أن يتبناها كل مستخدم للإنترنت لضمان تصفح آمن، وذلك من خلال الحفاظ على أمان معلوماتنا الشخصية، والحماية من الهجمات السيبرانية، والحفاظ على خصوصيتنا، وسنستكشف كيف يمكننا التصدي للبرامج الضارة التي تحاول الدخول إلى أجهزتنا، وكيفية التقليل من خطر الاختراقات والتجسس على أنشطتنا الرقمية، دعونا نستمر في هذه الرحلة لاكتشاف عالم التصفح الآمن وكيفية حماية أنفسنا من الأخطار التي تتربص بنا في ديار الإنترنت.

التهديدات والمخاطر

تتنوع التهديدات والمخاطر التي يمكن أن يواجهها المستخدمين أثناء التصفح غير الآمن بشكل كبير، وتشمل مجموعة واسعة من الأخطار التي يجب مواجهتها بحذر ووعي، من أبرز هذه التهديدات.

1. البرامج الضارة (Malware)

البرامج الضارة تشمل الفيروسات، وأحصنة طروادة، وبرمجيات التجسس، والديدان، وغيرها، وتستهدف أجهزتنا وملفاتنا بهدف التلف أو السرقة. تعمل هذه البرامج على الدخول إلى أنظمتنا على نحو سري، وتسبب أضرارا جسيمة للبيانات والخصوصية.

2. التصيد (Phishing)

عمليات التصيد تستهدف الحصول على معلومات حساسة مثل كلمات المرور وبيانات الدخول، عن طريق الاعتماد على مواقع ورسائل مزيفة تبدو وكأنها من مصادر موثوقة، ويهدف المهاجمون إلى إغراء المستخدمين بتقديم معلوماتهم الشخصية، دون أن يشعروا بذلك.

3. عمليات الاختراق (Hacking)

هذه العمليات تستهدف الدخول غير المصرح به إلى أجهزة الضحايا من أجل الوصول إلى معلوماتهم الحساسة أو تعطيل خدماتهم، قد تكون عمليات الاختراق مباشرة من خلال الاستغلال المباشر للثغرات أو عن طريق الاحتيال والاستدراج.

4. سرقة الهوية (Identity Theft)

هذه المخاطر تتضمن سرقة معلومات الهوية الشخصية مثل الاسم، وتاريخ الميلاد، ورقم الضمان الاجتماعي، وغيرها، المهاجمون يمكنهم استخدام هذه المعلومات لارتكاب جرائم مالية واختراق حسابات مالية والتلاعب بسجلات الشخص المستهدف.

5. التجسس (Spyware)

برامج التجسس تعمل على مراقبة أنشطة المستخدمين دون علمهم أو موافقتهم، ويمكن للتجسس أن يؤدي إلى انتهاك الخصوصية والتعرض للمعلومات الشخصية والحساسة.

6. الهندسة الاجتماعية (Social Engineering)

إلى جانب التهديدات التقنية المذكورة أعلاه، تعتبر الهندسة الاجتماعية واحدة من أخطر وأكثر الطرق ابتكارا لاختراق الأنظمة وسرقة المعلومات، وتتضمن هذه الطريقة استغلال الجوانب النفسية والاجتماعية للأفراد للوصول إلى معلومات سرية، إذ يقوم المهاجمون بابتكار حيل وقصص مصطنعة لإقناع الضحايا بالكشف عن معلوماتهم الحساسة أو تنفيذ إجراءات غير آمنة.

لمواجهة هذه التهديدات والمخاطر بشكل عام، ويجب على المستخدمين اتخاذ تدابير واحتياطات أمنية، منها تحديث أنظمتهم وبرامجهم بانتظام، واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، وتجنب فتح روابط ومرفقات غير معروفة، والاعتماد على برامج مكافحة البرمجيات الضارة والحماية الإضافية على المتصفحات. بالتزامن مع تبني هذه الإجراءات، يمكن للمستخدمين الحفاظ على تجربة تصفح آمنة ومأمونة في عالم الإنترنت.

الإعدادات والأدوات لتصفح آمن

لزيادة مستوى الأمان والحفاظ على خصوصيتك أثناء التصفح عبر الإنترنت، يمكنك اتخاذ عدة إجراءات وتهيئات في إعدادات متصفحك وأجهزتك، إليك بعض الخطوات الهامة التي يمكن أن تساهم في تعزيز الأمان والخصوصية.

ضبط إعدادات المتصفح

يمكنك تغيير بعض الخيارات في متصفح الويب الذي تستخدمه لجعله أكثر أمانا وخصوصية؛ مثلا، يمكنك تفعيل خاصية “التصفح المحسن” في “كروم” أو “التصفح الآمن” في متصفح “إيدج”، والتي تساعد على حظر المواقع والإعلانات الضارة والمحتوى المزعج.

كما يمكنك تعطيل ملفات تعريف الارتباط (cookies) أو حذفها بانتظام، والتي تستخدم لتتبع تفضيلاتك وسلوكك على الإنترنت؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام وضع التصفح الخفي (incognito) أو الخاص (private)، والذي يمنع حفظ سجل التصفح أو الملفات المؤقتة أو ملفات تعريف الارتباط على جهازك.

ضبط إعدادات الأجهزة

يمكنك أيضا تغيير بعض الإعدادات في جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذي تستخدمه لزيادة مستوى الأمان والخصوصية؛ مثلا، يمكنك تشفير بيانات جهازك باستخدام خاصية “BitLocker” في “ويندو”ز أو “FileVault” في”ماك”، والتي تحمي بياناتك من السرقة أو الفقدان، كما يمكنك تحديث نظام التشغيل والبرامج المثبتة على جهازك بانتظام، والتي تصلح الثغرات الأمنية، وتحسن من أداء جهازك؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام كلمة مرور قوية ومختلفة لكل حساب على الإنترنت، والتي تصعب اختراق حساباتك أو سرقة هويتك.

الأدوات والبرامج

هناك بعض الأدوات والبرامج التي يمكنك تثبيتها على جهازك أو استخدامها عبر الإنترنت لزيادة مستوى الأمان والخصوصية؛ مثلا، يمكنك استخدام “VPN”

 (Virtual Private Network)، والذي يسمح لك بالاتصال بشبكة خاصة افتراضية تحمي هويتك وبياناتك من التجسس أو الرقابة، كما يمكنك استخدام مضاد للفيروسات وجدار ناري (firewall)، والتي تحمي جهازك من البرامج الضارة والهجمات الأمنية.

إضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام مدير كلمات المرور (password manager)، والذي يساعدك على تخزين وإنشاء كلمات مرور آمنة لحساباتك على الإنترنت.

العادات والسلوكيات الآمنة

الإنترنت هو مورد رائع للتعلم والترفيه والتواصل، لكنه يحمل أيضا بعض المخاطر التي يجب أن نكون على دراية بها ونحمي أنفسنا منها؛ لذلك، من المهم أن نتبع بعض العادات والسلوكيات الآمنة عند تصفح الإنترنت، مثل

استخدام كلمات مرور قوية وفريدة

كلمة المرور هي المفتاح لحماية حساباتك الشخصية على الإنترنت، لذلك يجب أن تختار كلمة مرور صعبة التخمين، ولا تستخدمها في أكثر من حساب، يفضل أن تحتوي كلمة المرور على أحرف كبيرة وصغيرة وأرقام ورموز خاصة، وألا تكون اسم شخص أو تاريخ مهم أو رقم هاتفك، يمكنك استخدام “مولد كلمات المرور” لإنشاء كلمات مرور قوية على نحو عشوائي، أو استخدام “إدارة كلمات المرور” لحفظ كلمات المرور الخاصة بك بأمان.

تجنب النقر على الروابط المشبوهة

قد تتلقى رسائل بريد إلكتروني أو رسائل نصية عبر تطبيقات مثل “الواتساب” و”تليجرام” أو رسائل فورية تحتوي على روابط تزعم أنها من جهات موثوقة، مثل البنوك أو الشركات أو الأصدقاء، لكنها في الحقيقة محاولات للاحتيال عليك أو سرقة معلوماتك الشخصية أو تثبيت برامج خبيثة على جهازك؛ لذلك، يجب عليك التحقق دائما من عنوان المرسل والأخطاء الإملائية والطابع العام للرسالة قبل النقر على أي رابط، إذا كان هناك شك في صحة الرابط، يمكنك استخدام “أداة فحص الروابط” لفحصه قبل فتحه، على سبيل المثال.

  • Kaspersky” هو موقع فحص روابط تابع لشركة أمنية روسية، حيث تستطيع فحص أي رابط بشكل عميق لمعرفة جميع تفاصيله.
  • Norton” هو موقع فحص الروابط التابع لشركة الأمن الرقمي الأميركية الشهيرة نورتون.
  • Google Transparency” هي منصة خاصة تابعة لشركة “جوجل” الأميركية الشهيرة، حيث تقوم المنصة بفحص الروابط.

تحديث البرامج والتطبيقات بانتظام

تأكد من تحديث جميع برامجك وتطبيقاتك بانتظام، غالبا ما تشمل التحديثات تصحيحات للثغرات الأمنية التي يمكن أن تستغلها الهجمات.

حذف البرامج غير المستخدمة

قم بحذف أي برامج أو تطبيقات غير مستخدمة على أجهزتك، حيث يمكن أن تكون هذه البرامج نقطة ضعف تُستغل من قبل الهجمات.

تفعيل التحقق الثنائي (Two-Factor Authentication)

في حال توفر هذه الخاصية، قم بتفعيلها في حساباتك الرقمية، هذا يضيف طبقة إضافية من الأمان عند تسجيل الدخول.

التحلي بالحذر في الشبكات العامة

تجنب تسجيل الدخول إلى حساباتك الشخصية أو إجراء عمليات مالية مهمة عبر شبكات الإنترنت العامة، يمكن أن تكون هذه الشبكات غير آمنة، وتتيح للهجمات اعتراض بياناتك.

التعليم والتوعية

ابقَ على اطلاع دائم بأحدث التهديدات الرقمية والطرق الجديدة التي يمكن أن تُستخدم في الهجمات، التعلم المستمر يمكنك من اتخاذ تدابير أمنية أكثر فعالية.

التحقق من مصداقية المواقع الإلكترونية

عند زيارة موقع إلكتروني، يجب عليك التأكد من أنه موقع موثوق وآمن، خاصة إذا كنت ترغب في إجراء عملية شراء أو تقديم معلومات شخصية، يمكنك البحث عن بعض العلامات التي تدل على مصداقية الموقع، مثلا.

  • وجود https في بداية عنوان الموقع، وهو اختصار لـ Hypertext Transfer Protocol Secure، وهو بروتوكول يضمن أن الاتصال بين المستخدم والموقع مشفر وآمن.
  • وجود قفل أخضر أو شهادة رقمية في شريط العنوان، وهي وثيقة تثبت هوية الموقع، وتحمي خصوصية المستخدم.
  • وجود سياسة خصوصية وشروط استخدام واضحة وشفافة، وهي نصوص تحدد كيفية جمع واستخدام وحماية المعلومات الشخصية للمستخدمين.
  • وجود تعليقات وتقييمات من المستخدمين الآخرين، وهي آراء تعبر عن رضا أو عدم رضا المستخدمين عن جودة المنتجات أو الخدمات التي يقدمها الموقع.

تطوير عادات وسلوكيات تصفح آمنة يتطلب الالتزام والوعي، ومن خلال اتباع هذه النصائح وتطبيقها في حياتك اليومية، يمكنك الحفاظ على سلامة معلوماتك وخصوصيتك أثناء تجربتك على الإنترنت.

بصماتنا الرقمية هي هويتنا

يُظهر عالمنا الحالي تصاعدا متسارعا لاستخدام التكنولوجيا والإنترنت، ومع هذا التزايد يأتي التحدي الأكبر وهو كيفية الحفاظ على أماننا وخصوصيتنا في هذا العالم الرقمي المعقد، التصفح الآمن هو أمر ليس فقط ضرورة، بل إلزام، فإن تهديدات البرامج الضارة، والاختراقات، وسرقة الهوية، تنمو على نحو متواصل، وتتطور لتنال من ثقة المستخدمين وتعرض سلامتهم للخطر.

لذلك، يتطلب الأمر منا أن نكون على دراية تامة بالتهديدات التي قد نواجهها، وأن نتخذ خطوات نحو تحسين أمان تجربتنا على الإنترنت، بداية من اتخاذ الاحتياطات الأساسية مثل استخدام كلمات مرور قوية وتحديث البرامج بانتظام، وصولا إلى تطبيق السلوكيات الواعية مثل تجنب النقر على الروابط المشبوهة والتحقق من مصداقية المواقع الإلكترونية.

بصماتنا الرقمية تُشكل جزءا من هويتنا في العالم الافتراضي، وبالتالي يجب أن نقوم بحماية هذه البصمات بالقوة نفسها التي نستخدمها لحماية ممتلكاتنا في العالم الحقيقي، علينا أن نكون منفتحين للتعلم والتطور الدائم في مجال الأمان الرقمي، وأن نشجع على نشر الوعي بين أوساطنا ومجتمعنا لضمان استخدام آمن ومستدام للتكنولوجيا.

تحقيق توازن بين الاستفادة من فوائد العصر الرقمي والحفاظ على أماننا وخصوصيتنا هو تحد يستدعي التعاون الشامل بين المستخدمين والجهات المعنية، لذا لنكن واعين وحذرين، ولنبني تجربة تصفح آمنة تماما تليق بحقوقنا وحرياتنا في هذا العالم الرقمي المتطور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات