استمع إلى المقال

العصر الذي نعيش الآن، يشهد طفرة هائلة في تطور التكنولوجيا، ومن بين أبرز تلك التطورات والابتكارات الرائعة يبرز الذكاء الاصطناعي بقوة، إذ يعد بلا ريب إحدى أكثر التكنولوجيات تحولا وتطورا في العصر الحديث، حيث يستطيع أن يمنح البشر فرصا وإمكانيات هائلة في مختلف المجالات.

من خلال تقنياته المتقدمة والمبتكرة، استطاع الذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة إيجابية في مجالات متعددة، منها الطب والتشخيص الطبي والبحث العلمي، وصولا إلى القيادة الذكية للسيارات وتحسين أنظمة الإنتاج والتصنيع، تلك الإنجازات الرائعة أظهرت لنا قدرة هذه التكنولوجيا على تسهيل حياتنا وتحسينها بشكل لا يُصدّق.

مع ذلك، كما يحمل النجاح الكبير للذكاء الاصطناعي جوانب إيجابية عديدة، فإننا لا يمكن أن نتجاهل الجانب المظلم الذي قد يُشكله، فمع تزايد استخدام التكنولوجيا الذكية في مختلف المجالات، بات هناك من يستغلها بطرق مخادعة وخبيثة.

على الرغم من كل المحاولات الجادة في مواجهة التهديدات السيبرانية، فإن استخدام التكنولوجيا الذكية في تنفيذ جرائم احتيالية يجعل من الصعب اكتشافها ومحاربتها، وقد يؤدي استمرار هذه التطورات إلى تقليص مستوى الحماية للمستخدمين على الإنترنت، مما يتيح للمجرمين الإلكترونيين فرصا لاستغلال التكنولوجيا بأشكال غير مسبوقة.

برنامج دردشة ذكي يهدد أمن المستخدمين

في ظل تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في خلق برامج دردشة ذكية تستطيع التفاعل مع المستخدمين وتقديم خدمات مفيدة، هناك من يستغل هذه التقنية لأغراض شريرة؛ مؤخرا، اكتشف باحثون في مجال الأمن السحابي وجود برنامج دردشة ذكي يسمى “FraudGPT” يقوم بإرشاد المجرمين الإلكترونيين إلى كيفية ارتكاب جرائم احتيال وسرقة على الإنترنت.

“FraudGPT” هو برنامج دردشة يعتمد على نموذج لغوي كبير يستطيع إنشاء نصوص مقنعة وطبيعية استجابة للاستفسارات التي يطرحها المستخدمون، وفقا للفيديو الترويجي الذي نشره مطور “FraudGPT” على أحد المنتديات الخاصة بالقرصنة، فإن البرنامج قادر على إخراج رسائل احتيالية تحاكي رسائل بنوك أو شركات أخرى، وكذلك تزويد المستخدم بأفضل المواقع لارتكاب جرائم بطاقات الائتمان، وإعطاء أرقام تعريف بطاقات مسروقة للوصول إلى حسابات الضحايا.

لا يقتصر دور مطور “FraudGPT” على تقديم هذه الخدمة فحسب، بل يبدو أنه يتاجر أيضا في المعلومات المسروقة، مثل أرقام بطاقات الائتمان، وكذلك يقدم دلائل لارتكاب جرائم احتيال؛ وبالتالي، من المحتمل دمج كل هذه المعلومات في خدمة البرنامج الذكية.

لكن استخدام “FraudGPT” ليس رخيصا، فالمطور يطلب 200 دولار شهريا للاستفادة من البرنامج الذكي، مما يجعله أغلى من “WormGPT” وهو برنامج مماثل تم اكتشافه في وقت سابق من هذا الشهر، والذي يطلب 60 يورو شهريا.

تحديات الذكاء الاصطناعي

لا يزال من غير الواضح مدى فعالية هذين البرنامجين كأدوات قرصنة، ولكن شركة “Netenrich” الهندية المتخصصة بجمع بيانات الأمنية، تحذر من أن هذه التقنية قد تخفض من مستوى الحماية للمستخدمين على الإنترنت، وتمكن المجرمين الإلكترونيين من إنشاء رسائل احتيالية أكثر إقناعا وخداعا، وتضيف الشركة، “مع مرور الوقت، سيجد المجرمون طرقا أخرى لتعزيز قدراتهم الإجرامية باستخدام الأدوات التي نخترعها”.

تحديات الذكاء الاصطناعي

في خضم تطور التكنولوجيا السريع وازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، يصبح الحذر واليقظة أمرا ضروريا، حيث يُظهر برنامج “FraudGPT” بشكل واضح كيف يُمكن للتكنولوجيا الذكية أن تستغل في الأعمال الإجرامية والتهديدات السيبرانية.

هناك جانب مظلم يجب أن يتم مواجهته بكل حزم واهتمام، فتطورات الذكاء الاصطناعي التي لا تُراقب بدقة يمكن أن تؤدي إلى تهديدات خطيرة على أمان المستخدمين عبر الإنترنت وبروز تحديات للذكاء الاصطناعي، ومع انتشار برامج الدردشة الذكية الخبيثة مثل “FraudGPT” يذكرنا بأنه لا يوجد تقدم تكنولوجي بلا أخلاق، وأننا بحاجة ماسة إلى تحقيق التوازن بين التطور والأمان.

لمواجهة هذا التحدي، تأتي مسؤولية الشركات المطورة والمؤسسات الأمنية والمستخدمين أنفسهم في تبني أفضل الممارسات والسياسات الأمنية، يتطلب الأمر تعاونا فاعلا ومستداما للتصدي للتهديدات السيبرانية المتزايدة وتطوير الحلول الذكية القوية والفعالة لمكافحة الجرائم الإلكترونية.

على الرغم من أن الطريق قد يكون صعبا ومعقدا، فإن السعي للحفاظ على أمن الإنترنت والحماية من الاحتيال هو غاية نبيلة ومستحقة للجهود، إن الابتكار والتطور الذكي يمكن أن يحققا إنجازات جديدة وتحسين حياة البشرية بشكل هائل، ولكن علينا أن نتأكد من أننا نسير في هذا المسار بأمان، حتى نكون على ثقة بأن الفجر الرقمي سيُضيء طريقا مشرقا وآمنا للمستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات