استمع إلى المقال

في عالم الإنترنت المليء بالمحتوى المرئي، يبحث المستخدمون دائما عن طرق جديدة وسريعة وممتعة للتعبير عن أنفسهم والتفاعل مع الآخرين، ومن هنا ظهرت فكرة الفيديوهات القصيرة، التي تعتمد على مقاطع فيديو لا تزيد مدتها عن 60 ثانية، وتحتوي على موسيقى أو صوت أو تأثيرات خاصة أو نص أو رسوم متحركة، تعبر عن فكرة أو رأي أو مزاح أو موهبة أو تحدي.

هذا النوع من المحتوى شهد انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة، بفضل تطبيقات مثل “تيك توك” و”إنستغرام ريلز” و”سناب شات”، التي جذبت الملايين من المستخدمين والمبدعين والمشاهير والمعلنين، ولم يكن “يوتيوب” بمنأى عن هذه الظاهرة، فقد أطلق في أيلول/سبتمبر 2020 خدمة “يوتيوب شورتس” (YouTube Shorts)، والتي تسمح للمستخدمين بإنشاء ومشاركة ومشاهدة فيديوهات قصيرة على منصته.

لكن هل هذه الخطوة كانت ناجحة لـ “يوتيوب”، أم أنها كانت خطأ استراتيجيا، هذا ما سنحاول في التقرير التالي الإجابة عنه، من خلال استعراض بعض الآراء حول تأثير الفيديوهات القصير على عمل “يوتيوب” ومستقبله.

الفيديوهات القصيرة.. فرصة أم تهديد؟

“يوتيوب” يعتبر أشهر موقع لمشاركة الفيديوهات على الإنترنت، حيث يزوره أكثر من ملياري شخص كل شهر، ويشاهدون مليارات الساعات من المحتوى المتنوع، ولكن في ظل المنافسة الشديدة من تطبيقات الفيديوهات القصيرة مثل “تيك توك” و”إنستغرام ريلز”، هل يستطيع “يوتيوب” الحفاظ على مكانته وإيراداته.

كما ذكرنا آنفا، في أيلول/سبتمبر 2020، أطلق “يوتيوب” خدمة جديدة تسمى “يوتيوب شورتس”، بالطريقة نفسها لتطبيق “تيك توك”، وقال “يوتيوب” آنذاك، إن هذه الخدمة صُممت لتكمل؛ وليس لتنافس، جميع التنسيقات الأخرى التي يستخدمها المبدعون على المنصة، مثل الصوت والبث المباشر.

لكن تقريرا نشرته صحيفة “Financial Times” قبل بضعة أيام، كشف عن وجود مخاوف داخلية في “يوتيوب” حول تأثير فيديوهات الشكل القصير على الفيديوهات الطويلة، التي تعد العمود الفقري لعمل منصة “يوتيوب” وإيراداته؛ فبحسب التقرير، فإن بعض المسؤولين في المنصة ناقشوا في اجتماعات استراتيجية مؤخرا خطر انخفاض إنتاج ومشاهدة الفيديوهات الأطول، التي تسمح بعرض المزيد من الإعلانات وتحقيق معدل أعلى للنقر على الإعلانات المؤدية إلى مواقع التجارة الإلكترونية، كما أظهرت بيانات داخلية أن المبدعين يصنعون فيديوهات أقل مدة، بسبب عدم وجود رغبة من قبل المستهلكين.

لقد شهد “يوتيوب” انخفاضا في إيرادات الإعلانات بآخر 3 أشهر من آخر 4 فصول، على الرغم من وجود ارتفاع في أحدث التقارير المالية، وقد بدأ “يوتيوب” بمحاربة مانعات الإعلانات، كما شهد خدمة “يوتيوب بريميوم” (YouTube Premium) زيادة في سعر الاشتراك في الولايات المتحدة.

لذلك، فإن “يوتيوب” بات من الواضح أنه يواجه تحديا جديدا في التوازن بين تلبية احتياجات وتوقعات المستخدمين والمبدعين والمعلنين، والحفاظ على هويته وقيمته كمنصة للفيديوهات على الإنترنت.

خطوات “يوتيوب” المستقبلية

بلا شك، فأن “يوتيوب” هي منصة عملاقة ومتنوعة، تضم ملايين المبدعين والمشاهدين والمعلنين من جميع أنحاء العالم، ولكن هذا لا يشفع لها أنها لن تواجه تحديات ومخاطر في عالم الإنترنت المتغير باستمرار، ففي ظل ظهور وانتشار الفيديوهات القصيرة، التي تلبي حاجة المستخدمين إلى المحتوى السريع والسهل والمرح، يجب على “يوتيوب” أن تجد طرقا للتكيف مع هذا التغيير، دون أن تفقد جوهرها وقيمتها كمنصة للفيديوهات على الإنترنت.

لعل أحد الطرق التي يمكن لـ “يوتيوب” اتباعها هو تعزيز التكامل بين خدمة “يوتيوب شورتس” وبقية خدمات المنصة، بحيث تصبح الفيديوهات القصيرة جزءا من تجربة المستخدم على “يوتيوب”، وليس بديلا عنها؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لـ “يوتيوب” أن تسمح للمستخدمين بالانتقال بسهولة بين مشاهدة فيديو قصير وفيديو طويل مرتبط به، أو أن تعرض للمستخدمين فيديوهات قصيرة مخصصة لاهتماماتهم وتفضيلاتهم، أو أن تشجع المبدعين على استخدام الفيديوهات القصيرة كطريقة لجذب الانتباه والترويج لأعمالهم الأطول.

لكن هذا لا يكفي، فعلى “يوتيوب” أيضا أن تستثمر في تطوير وابتكار خدمات جديدة ومحسنة، تضفي قيمة مضافة على المحتوى المرئي على الإنترنت، وتجعل من المنصة مصدرا للإلهام والإثراء والتعلّم والتسلية؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لـ “يوتيوب” أن تستخدم التقنية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والاندماجية لإضافة مزايا جديدة على فيديوهاتها، كما يمكن لـ “يوتيوب” أن تشارك بشكل أكبر مع مجتمعات المستخدمين والمبدعين والشركاء، للاستفادة من رأيهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم.

بهذه الطرق، يمكن لمنصة “يوتيوب” أن تواجه المخاوف التي تحيط بها بشأن تأثير فيديوهات الشكل القصير على عملها وإيراداتها، وأن تثبت أنها لا تزال الرائدة والمبدعة في مجال المحتوى المرئي على الإنترنت، فـ “يوتيوب” ليست مجرد منصة لمشاركة الفيديوهات، بل هي مجتمع حي ونابض بالحياة، يجمع بين المبدعين والمشاهدين والمعلنين، في مساحة تفاعلية ومتنوعة وممتعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات