“فوكسكون” تجبر عامليها المصابين بـ “كورونا” على إنتاج “آيفون 14 برو”.. ما المتوقع؟

“فوكسكون” تجبر عامليها المصابين بـ “كورونا” على إنتاج “آيفون 14 برو”.. ما المتوقع؟
استمع إلى المقال

تقرير جديد يكشف أن شركة “فوكسكون” الصينية، المصنّع الرئيسي لمنتجات “أبل”، وخصوصا أجهزة “آيفون”، تطلب من العاملين المرضى والمصابين بفيروس “كورونا” أن يحضروا نوبات عملهم في مصنع “جينغ جو”، مع الإشارة إلى نُصح العمال بعدم إجراء اختبارات “كوفيد-19”.

مصنع “فوكسكون” في مدينة جينغ جو يُعد أكبر مصنع لتجميع أجهزة “آيفون” في العالم، ويُقدر أنه ينتج حوالي 80 بالمئة من إمدادات الجهاز العالمية، بما في ذلك جميع طرازات “آيفون 14 برو”، المُهددة بتأخر الإنتاج بسبب الأزمات التي يمر بها المصنع.

تفشي فيروس “كورونا” الشهر الماضي داخل المصنع أدى إلى اضطراب واسع، واشتكى العمال من نقص الغذاء والدواء، واختارت أعداد كبيرة منهم الهروب من المصنع والعودة إلى مدنهم الأصلية.

مكافآت الاستمرار اللاحقة التي عرضتها الشركة على من تبقى من العمال كان لها تأثير محدود، وأدى عدم دفعها إلى احتجاجات واسعة كذلك، وفي نهاية المطاف، أدت محاولات استرضاء العمال بالتعويضات إلى مغادرة أكثر من 20 ألف عامل.

إجراءات الإغلاق في مدينة جينغ جو، رُفعت رسميا قبل ثلاثة أسابيع، لكن مصنع “فوكسكون” صُنف على أنه “عالي المخاطر”، واضطر إلى الاستمرار في العمل في ظل اللجوء إلى نهج “إنتاج الحلقة المغلقة”؛ حيث يظل العمال داخل حرم المصنع على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، لمدة تصل إلى شهر في المرة الواحدة.

معظم قيود “كوفيد-19” في المصنع تمت إزالتها الأسبوع الماضي، ولكن لم ينتهِ الأمر هنا.

شاهد: احتجاجات في أكبر مصنع “آيفون” في الصين.. ما الذي يحصل؟

أنتِج بأي ثمن

تقرير موقع “Rest of World”، يقول إنه يتم تزويد الموظفين في خطوط الإنتاج بأقنعة “N95” لمنع انتشار الفيروس. لكن العمال يقولون إنه لا يزال من السهل الإصابة بالمرض داخل غرف النوم، حيث ينام ثمانية أشخاص معا على مقربة شديدة.

سبعة عمال منهم أكدوا لـ “Rest of World” أنهم أصيبوا مع العديد من زملائهم في الغرفة بالفيروس بعد انضمامهم إلى المصنع هذا الشهر. قال ثلاثة منهم إنهم طُلب منهم البقاء في العمل رغم ظهور الأعراض عليهم.

أحد عمال “فوكسكون”، قال إن العديد من الزملاء كانوا يعملون على الرغم من ظهور أعراض الحمّى عليهم، وعلى الرغم من شعوره بالمرض، أمضى العامل 11 ساعة في إدخال البراغي في أجهزة “آيفون” يوم السبت المنصرم، وعاد في اليوم التالي ليعمل لمدة 10 ساعات.

“كنت أعاني من صعوبة في التنفس بحلول السابعة مساءً. كنت بالكاد قادرا على إنهاء مناوبتي.”

العامل قال إن مشرفه نصح العمال أيضا بعدم الخضوع للاختبار حتى يتمكنوا من البقاء على خط الإنتاج، إذ تحظر “فوكسكون” أولئك الذين لديهم نتائج اختبار إيجابية من منشآت الإنتاج والمهاجع. كما تم إيواء الأعداد المتزايدة من مرضى “كوفيد-19” في مرافق عامة بما في ذلك مدرسة مهنية ومجمع سكني غير مكتمل، وفقا للتقرير.

بعض العاملين قالوا كذلك إنهم حصلوا على ما يكفي من الغذاء والدواء، بينما اشتكى آخرون من قذارة المراحيض ونقص الطعام ونقص الرعاية الطبية، وبعض الموظفين أخبروا “Rest of World” أنهم قلقون بشأن فقدان دخلهم إن أخذوا إجازة مرضية.

“فوكسكون” و”أبل” لم تستجيبا لطلبات “إكسڤار” للحصول على تعليق على هذا الشأن.

أزمات متوالية

هذا الارتفاع الأخير في حالات “كوفيد-19” إلى تقويض خطط “فوكسكون” التي كانت ترمي لتسريع الإنتاج قبل عيد الميلاد وعطلة رأس السنة القمرية الجديدة في كانون الثاني/يناير، ففي الوقت الحالي، يتجاوز الطلب العرض بمقدار ثلاثة إلى واحد، ومن شأن هذه الأزمة أن تسبب نقصا هائلا في شحنات أجهزة “آيفون” في أسوأ وقت ممكن، حيث من المفترض أن يعود المصنع إلى طاقته الإنتاجية القصوى.

الإنتاج في مصنع “فوكسكون” في جينغ جو، الذي يعمل به 200 ألف شخص، والوحيد الذي يصنع طرازات “آيفون” المتميزة مثل “آيفون 14 برو”، تعطل بسبب تفشي الوباء منذ تشرين الأول/أكتوبر، عندما فرّ بعض العمال من المصنع لتجنب الإصابة والعزل.

المصنع خسر كذلك أكثر من 20 ألف موظف جديد بعد أن احتج بعضهم على سياسات الرواتب وسياسات “صفر كوفيد”. في أعقاب الاضطرابات، ضغط مؤسس شركة “فوكسكون”، تيري جو، على القادة الصينيين لتخفيف ضوابط “كوفيد-19″، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

المكافآت لم تكفِ

بموجب سياسة “صفر كوفيد”، نفّذ مدراء وأصحاب المصانع في الصين نظام “الحلقة المغلقة”، وحصر العمال داخل حرم المصانع وطلب منهم الخضوع للاختبار كل يوم. الآن وقد تم رفع القيود، تضخم عدد حالات “كوفيد” في جميع أنحاء الصين، يُطلب من العمال التخلي عن الإجازة المرضية للحفاظ على عمل المصنع في العالم.

“فوكسكون” تمكنت سابقا من توظيف المزيد من العمال في مطلع كانون الأول/ديسمبر من خلال الوعد بحوالي 1500 دولار كمكافآت شهرية إضافية. إذ ينص العقد على أن العمال سيظلون مستحقين للمال إذا اضطروا لقضاء بعض الوقت في الحجر الصحي، لكن بعض العمال ظلوا مترددين في أخذ إجازة، مشيرين إلى مخاوف بشأن ظروف الحجر الصحي السيئة والخسارة المحتملة في أجر العمل الإضافي.

قد يهمّك: سياسة “صفر كوفيد”.. مسمار آخر في نعش التقنية الصينية؟

ما المآلات؟

لم يتم الإعلان عن شحنات الربع الأخير من عام 2022، لكن وفقا للمحلل الصيني الشهير مينغ تشي كو، ستكون شحنات “آيفون 14 برو” و”آيفون 14 برو ماكس” أقل بكثير مما كانت عليه خلال الأرباع الثلاث السابقة بسبب الأزمات العمالية في مصنع “فوكسكون” في جينغ جو.

كو قال، في تدوينة له على موقع “Medium” إن إنتاج أجهزة “آيفون” في المصنع قد تأثر بشكل كبير بالاحتجاجات على ظروف العمل غير المواتية وما تبعها من أزمات، ما دفعه إلى خفض توقعاته لشحنات “آيفون” للربع الرابع من عام 2022 بنسبة 20 بالمئة إلى 70-75 مليون وحدة، مقارنة بـ 80-85 مليون وحدة في الربع الثالث.

ما يجدر ذكره أن المصنع عمل بحوالي 20 بالمئة فقط من طاقته القصوى في تشرين الثاني/نوفمبر، وبحسب كو، فإنه تحسن فقط إلى 30-40 بالمئة في كانون الأول/ديسمبر. وقال إن كل من شركتي “بيغتارون” الهندية و”لوكسشير” الصينية حصلتا على حوالي 10 بالمئة فقط من طلبيات “آيفون 14 برو” و”آيفون 14 برو ماكس” من “فوكسكون”، لكنه قال إن الشحنات الكبرى لن تصل حتى أواخر كانون الأول/ديسمبر على أقرب تقدير.

كو يعتقد أيضا أن مشكلات الإنتاج قد تؤدي إلى انخفاض عائدات “آيفون” بشكل ملحوظ عن الربع السابق بنسبة 20-30 بالمئة أو أكثر هذا الربع.

المحلل في “مجموعة UBS الاستثمارية” ديفيد فوغت، يشاطر كو توقعاته، إذ قال في مذكرة حديثة للعملاء إن التقدير السابق لشحن 83 مليون وحدة من جهاز “آيفون” لشهر كانون الأول/ديسمبر سينخفض على الأرجح ويكون أقل من التوقعات.

أحد المطلعين الداخليين ادّعى كذلك أن التأثيرات ستكون أشد بكثير مما كان يعتقد في البداية، ففي حديثه إلى “بلومبرغ”، زعم المصدر أنه من المحتمل أن ينقص شركة “أبل” حوالي ستة ملايين جهاز “آيفون” هذا العام وحده، مع الإشارة إلى أن هذا الرقم قد يتغير ويمكن أن يرتفع بشكل كبير، اعتمادا على الوقت الذي يتم فيه حل أزمة الإنتاج.

دان إيفز، المحلل في “ويب داش سكيوريتيز”، قال لشبكة “سي إن إن” إن كل أسبوع من هذه الاضطرابات يكلّف تقديريا شركة “أبل” ما يقرب من مليار ونصف دولار أميركي بسبب المبيعات التي ستخسرها.

نظرا لتأخيرات الشحن الطويلة التي تصل إلى أكثر من شهر، والركود، يعتقد المحللون أن معظم الطلبات على طرازات “آيفون 14 برو” هذا الربع سوف تختفي ببساطة بدلا من تأجيلها، ما يشير إلى أن العديد من العملاء الذين كانوا سيشترون الجهاز الآن في فترة الأعياد لن يعودوا لطلب الجهاز في كانون الثاني/يناير أو بعد ذلك بمجرد تحسن العرض، وهذا التخوف الذي يدفع “فوكسكون” لرفع الإنتاج بأي ثمن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.