استمع إلى المقال

لطالما كانت فيسبوك متورطة في الكثير من حالات الجدل حول موضوع الخصوصية، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى نموذج فيسبوك الذي تعترف به الشركة بأنه يعتمد على بيع بيانات المستخدمين. ومع ذلك، أشارت وثيقة جديدة مسربة إلى أن الأمور قد تكون أسوأ بكثير مما كانت، حيث تقول الوثيقة بأن فيسبوك ليست على معرفة حول كيف يتم التعامل مع الكثير من البيانات الشخصية الخاصة بمستخدميها، بما في ذلك أين يتم استخدام هذه المعلومات وإلى من تذهب.

 بيانات لا نعلم عنها شيء

تمت كتابة وثيقة العام الماضي من قبل مهندسي خصوصية يعملون في الفريق التابع لشركة فيسبوك المختص بالإعلانات والمنتجات التجارية، الذي تتمثل مهمته في إقامة الاتصالات بين الأشخاص والشركات، ووفقًا لقائمة الوظائف الحديثة لفيسبوك يكون هذا الفريق هو القلب النابض لاستراتيجية فيسبوك لتحقيق الدخل وهو المحرك الذي يدعم النمو الدائم لفيسبوك.

وهو الفريق المكلف ببناء وصيانة أنظمة فيسبوك الخاصة بالإعلانات، وهو جوهر أعمال الشركة. لقد شرح مهندسو الفريق بشكل مفصّل كيفية تعامل فيسبوك مع عدد متزايد من اللوائح بخصوص استخدام البيانات، بما في ذلك قوانين الخصوصية الجديدة في الهند وجنوب إفريقيا وأماكن أخرى. ووصفوا في الوثيقة أيضاً كيف أن منصة الفيسبوك تكون في غالب الأوقات لا تمتلك أدنى فكرة عن البيانات الشخصية لمستخدميها الذين يقدر عددهم بـ 1.9 مليار مستخدم.

كما وحذر المهندسون من أن فيسبوك سيجد صعوبة في تقديم وعود للدول حول كيفية تعامله مع بيانات مواطنيها. قولهم بأنه ليس لديهم مستوى كافٍ من التحكم وإمكانية للتفسير بشأن كيفية استخدام أنظمتهم للبيانات، وبناء على ذلك لا يمكنهم بطريقة واثقة إجراء تغييرات محكومة بالسياسة أو التزامات خارجية. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما تتوقعه الجهات التنظيمية منهم أن يفعلوا، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للأخطاء والتحريف.

غياب الحدود

يبدو أن العقبة الرئيسية التي تواجهها فيسبوك في تعقب بيانات المستخدم هي افتقار الشركة لأنظمة “مغلقة” حسبما شرح أحد المهندسين في الوثيقة. في عبارة أخرى تتمتع أنظمة بيانات الشركة “مفتوحة الحدود” حيث تخلط بين بيانات مستخدم المنصة الأساسيين وبيانات مستخدمي الطرف الثالث والبيانات الحساسة. لوصف مدى صعوبة تعقب بيانات معينة على منصة فيسبوك، قام مؤلفو الوثيقة بتشبيه بيانات المستخدمين بزجاجة حبر تحتوي على مزيج من جميع أنواع بيانات المستخدم، ثم صب هذا الحبر في بحيرة من الماء، فيتدفق هذا الحبر في كل مكان، حيث إن هذه البحيرة هي عبارة عن أنظمة الشركة مفتوحة الحدود. موضحًا بذلك صعوبة تنظيم وتنسيق البيانات ومدى تعقيد عملية تعقب البيانات. وردًا على هذا التشبيه قال المتحدث الرسمي لشركة فيسبوك إن هذا التشبيه يفتقر إلى السياق الواقعي حيث إنه في واقع الأمر لدى فيسبوك العديد من العمليات والضوابط واسعة النطاق للتعامل مع بيانات مستخدميها وللتقيد بلوائح الخصوصية.

ورغم أن الوثيقة تلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت فيسبوك قادرة على الامتثال للأعداد المتزايدة من اللوائح الخصوصية التي يتم طرحها في جميع أنحاء العالم، وما إذا كانت مجهزة للتغلب على الكم الهائل من القوانين الجديدة التي تفرض قيودًا مماثلة لهذه القواعد، في المقابل أكد متحدثٌ باسم شركة فيسبوك أن الشركة تلتزم حاليًا بجميع لوائح الخصوصية، قالًا إن هذه الوثيقة لا تصف عمليات وضوابط شركة فيسبوك للامتثال للوائح الخصوصية، وأنه من غير الدقيق أن نستبق الاستنتاجات حول عدم امتثال شركة فيسبوك لها. وأكمل قائلًا كيف أن لوائح الخصوصية الجديدة في جميع أنحاء العالم لديها متطلبات مختلفة، وكيف تعكس هذه الوثيقة الحلول التقنية التي نبنيها لتوسيع نطاق التدابير الحالية لدى فيسبوك لإدارة بيانات مستخدميها والوفاء بالتزامات الشركة القانونية.

 محاولات خارجية

في السنوات القليلة الماضية، حاول العديد من الجهات التنظيمية في جميع أنحاء العالم تقييد كيفية استخدام منصات مثل فيسبوك لبيانات المستخدمين الخاصة بهم. من أبرز اللوائح والأكثر أهمية هي اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) للاتحاد الأوروبي، والتي دخلت حيز التنفيذ في مايو / أيار 2018. التي تنص على أن البيانات لا يمكن جمعها واستخدامها إلا لغرض معين، وليس إعادة استخدامها لغرض آخر. على سبيل المثال، في الماضي، أخذت فيسبوك رقم الهاتف الذي قدمه المستخدمون لحماية حساباتهم بمصادقة ثنائية، وقام باستخدامه في ميزة “الأشخاص الذين قد تعرفهم”، ووفقًا للخبراء القانونيين فإن اللائحة العامة لحماية البيانات تحظر على وجه التحديد هذا النوع من إعادة التخصيص. ولكن في النهاية تمكن موقع Gizmodo بمساعدة الباحثين الأكاديميين من اكتشاف إن فيسبوك كانت تقوم بذلك بالفعل واضطرت شركة فيسبوك إلى التوقف عن هذه الممارسة.

ويقول خبراء الخصوصية الذين كانوا ضد سياسات فيسبوك في كيفية استخدام الشركة للبيانات الخاصة، إنهم يعتقدون أن الوثيقة هي اعتراف بأن فيسبوك لا تستطيع الامتثال للوائح. ومن الأشخاص الذين هم ضد كيفية تعامل فيسبوك مع البيانات ناشط الخصوصية وعضو المجلس الأيرلندي للحريات المدنية، جوني رايان، الذي قال إن هذه الوثيقة تعترف بما كانوا يشكّون فيه منذ فترة طويلة، وهو أن هناك بيانات غير منظمة وغير مراقبة داخل منصة فيسبوك، وأن الشركة ليس لديها أي سيطرة إطلاقًا على البيانات التي تحتفظ بها. وأكمل بقوله إن هذه الوثيقة دليل لغياب أي حماية للبيانات؛ حيث إنها تحتوي على تفاصيل كيفية خرق شركة فيسبوك لكل مبدأ من مبادئ قانون حماية البيانات. وإن كل ما تفعله فيسبوك ببياناتهم غير قانوني إذ لا يُسمح لأي شخص بالحصول على بيانات غير مراقبة.

رأي المحرر:

على الرغم من العقبات المتزايدة التي تواجهها الشركة، فإن الأعمال التجارية لشركة فيسبوك القائمة على بيع الإعلانات لا تزال قوية. حيث أعلنت الشركة عن 27.9 مليار دولار في الإيرادات خلال الربع الأول من عام 2022. ولكن بغض النظر عما إذا كانت فيسبوك متوافقة أم لا مع اللوائح الحالية أو ما إذا كانت قادرة على التعامل مع اللوائح القادمة، فإن هذه الوثيقة لا تعطي مظهرًا جيدًا لأكبر منصة تواصل اجتماعي في العالم. ومع ثقة المستخدمين في أدنى مستوياتها بالنسبة للمنصة، فإنه من السهل القول إن مستقبل شركة فيسبوك على المحك بعد سنين من هيمنتها على ساحة منصات التواصل الاجتماعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات