بريطانيا ومشروع قانون “الأمان على الإنترنت”.. حماية للمستخدمين أم اختراق لخصوصيتهم؟

بريطانيا ومشروع قانون “الأمان على الإنترنت”.. حماية للمستخدمين أم اختراق لخصوصيتهم؟
استمع إلى المقال

البرلمان البريطاني يقترب من إقرار “قانون الأمان على الإنترنت” وتحويله إلى قانون فعلي يسري على الشركات التقنية المختلفة التي تعمل داخل حدود المملكة المتحدة، وذلك رغم الهجوم الكبير الذي تعرض له مشروع القانون مؤخرا من عدة شركات مثل “واتساب” وموسوعة “ويكيبيديا”، ولكن لماذا هذا الهجوم، وما الذي يعنيه إقرار هذا القانون. 

الأمان أولا 

مشروع “قانون الأمان على الإنترنت” هو واحد من أكبر قوانين تنظيم المحتوى وإدارته عبر الإنترنت، وقد بدأ رحلته منذ 4 أعوام كمسودة صغيرة تحت مسمى ” المستند التعريفي التمهيدي للأضرار عبر الإنترنت”، وهو يشكل استجابة بريطانيا للمخاطر الموجودة عبر الإنترنت بداية من سهولة وصول الأطفال للمحتوى المتعلق بالأذى الذاتي والانتحار وحتى فضائح الانتخابات التي تؤثر على الرأي العام مثل حادثة “كامبردج أناليتيكا”. 

قد يهمك أيضا: المدعي العام لواشنطن يتهم مارك زوكربيرج بتورّطه الشخصي في فضيحة كامبردج أنالاتيكا

المشروع مر على 4 رؤساء وزراء بريطانيين، أضاف كل فرد منهم لمساته الخاصة عليه وعمل على إضافة المزيد من البنود إليه حتى تحول إلى مشروع قانون كامل وصل إلى البرلمان، يتجاوز 250 صفحة ويتحدث عن كل جوانب الإنترنت، بما فيها المحتوى المنشور عبر منصات مشاركة المحتوى ومنصات التواصل الاجتماعي. 

مخالفة هذا القانون يضع الشركات والرؤساء التنفيذيين لتلك الشركات تحت طائلة القانون، ويوقع عليها مجموعة من العقوبات التي تصل إلى سجن الرؤساء التنفيذيين للمنصة، إلى جانب تغريمها ما يصل إلى 22.5 مليون دولار أو 10 بالمئة من إجمالي أرباحها العالمية. 

الهدف الرئيسي من المشروع هو تحويل بريطانيا إلى المكان الأكثر أمانا على الإنترنت، وذلك عبر حماية المستخدمين مهما كانت أعمارهم من أي ضرر قد يلحق بهم عبر الإنترنت، وقد توسع المشروع ليضم الكثير من الجوانب المختلفة في استخدام الإنترنت، وذلك مثل التحقق من العمر عند زيارة أي موقع ومحاربة التنمر عبر الإنترنت وتجريم إرسال الصور البذيئة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحتى معاقبة الإعلانات الخبيثة والاحتيالية. 

جزء من القانون أيضا يتعلق بمحاولة تنظيم المحتوى المنشور عبر الإنترنت وإزالة أي محتوى يتعارض مع القانون، حتى وإن تم إرساله بشكل خاص بين المستخدمين عبر منصات مشفرة للتواصل مثل “واتساب” أو “سيجنال” وغيرها من التطبيقات التي تعتمد على التشفير ثنائي الأطراف في المحادثات، وبينما يتحدث هذا الجزء من القانون عن الصور ومحتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال، إلا أنه كان الجزء الذي تعرض للهجوم بشكل حاد من منصات التواصل الاجتماعي والخبراء الأمنيين على حد سواء. 

لماذا الهجوم على القانون؟ 

قوانين تنظيم المحتوى عبر الإنترنت نادرا ما تترك مجالا لحرية الرأي حتى وإن كانت النوايا وراء مثل هذه القوانين جيدة، إذ يتطلب تنفيذ هذه القوانين خرق اتفاقيات الخصوصية بين التطبيق أو المنصة والمستخدمين من أجل مشاركة المحتوى مع جهة تنظيمه وتقرير إن كان جيدا أم لا. 

قد يهمك أيضا: التشفير بين الطرفين ميزة قد تؤثّر على سلامة الأطفال

مشروع القانون البريطاني يهدف إلى حظر محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال، وهو أمر جيد إن تم تطبيقه في مساحات مشاركة المحتوى العامة كما يحدث حاليا من المنصات، ومن المقبول أيضا أن يتم مراقبته في المحادثات والتطبيقات التي لا تستخدم التشفير ثنائي الأطراف، ولكن محاولة كسر التشفير ثنائي الأطراف من أجل البحث على مثل هذا المحتوى هو أمر أشبه بتفتيش كافة المنازل بسبب الخوف من جرائم العنف المنزلي.

المحادثات الخاصة المشفرة بين الأطراف يجب أن تمتع بخصوصية تشبه خصوصية المنازل والأماكن الخاصة، إذ لا يجب اختراقها دون إذن محكمة واضح، ومجرد فحص المحادثات أو البحث داخلها دون إذن مسبق يفتح الأبواب على الكثير من الانتهاكات الأخرى. 

واتساب” كانت من أوائل المنصات التي اعترضت على هذا القانون، موضحة بأنها تفضل ترك المملكة المتحدة وإزالة التطبيق من متاجرها على الانصياع وراء هذا القانون وكسر تشفير المحادثات، ومن المتوقع أن تتبعها الشركات العالمية الأخرى. 

هناك خط رفيع بين محاولة حماية المستخدمين على الإنترنت وخاصة الأطفال وبين اختراق خصوصية هؤلاء المستخدمين، وبينما لا يزال القانون تحت المناقشة في المملكة المتحدة، إلا أن المشرعين يحاولون تغيير هذا البند لحماية المستخدمين قدر الإمكان. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات