كيف استمرت التنظيمات المتطرفة بتعزيز نشاطاتها في الفضاء الرقمي؟

كيف استمرت التنظيمات المتطرفة بتعزيز نشاطاتها في الفضاء الرقمي؟
استمع إلى المقال

لطالما استغلت المنظمات الإرهابية وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال الجديدة للنهوض بقضاياها والترويج لها. ومع ذلك، عدد قليل فقط من تلك المنظمات تمكن من إظهار مهارة ونطاق وحجم تأثير تنظيم “داعش” في استغلال الإنترنت – وخاصة منصات وسائل التواصل الاجتماعي – من أجل التواصل الاستراتيجي للتنظيم. منذ إعلان ما يسمى بالخلافة في تموز/يونيو 2014، استخدمت “داعش” منصات وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لتجنيد أعضاء جدد، وجمع الأموال، ونشر الدعاية، وجذب انتباه الجمهور بشكل فعّال.

تنظيم “داعش” تمكن من بناء حضور كبير على مجموعة متنوعة من منصات التواصل الاجتماعي، مستفيدا من الميزات الفريدة لكل منها، وتمت مشاركة صور قطع الرؤوس والدعاية المتطرفة وخطاب الكراهية العنيف المتعلق بالتنظيم المتطرف على تلك المنصات على مدار سنوات، على الرغم من مزاعم الشركات المالكة لها بأنها زادت من الجهود لإزالة مثل هذا المحتوى.

بحسب مراجعة لنشاط وسائل التواصل الاجتماعي أجرتها العام الماضي صحيفة “بوليتيكو”، فإن بعض المنشورات، التي تم تصنيف بعضها على أنها “ثاقبة” و “جذابة” بواسطة أدوات فيسبوك الجديدة لتعزيز التفاعلات المجتمعية، كانت تؤيد عنف المتطرفين الإسلاميين في العراق وأفغانستان، بما في ذلك مقاطع فيديو للتفجيرات الانتحارية ودعوات لمهاجمة الخصوم في جميع أنحاء المنطقة وفي الغرب، حتى أن إحدى تلك المجموعات ضمت أكثر من 100 ألف عضو.

في حالات أخرى، شارك أنصار تنظيم “داعش” روابط لمواقع إلكترونية بها الكثير من الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت علنا، بينما نشر مستخدمو “فيسبوك” المؤيدين لحركة طالبان تحديثات منتظمة حول كيفية استيلاء الجماعة على أفغانستان خلال معظم عام 2021، بحسب “بوليتيكو” 

تنظيم جديد؟

الوقائع تشير إلى أن الأمر لم يتغير كثيرا، ففي الأسبوع الماضي، كشف موقع “ارفع صوتك”، التابع لمجموعة “الحرة” عن تيار إسلامي تكفيري متطرف جديد، منبثق عن تنظيم “داعش”، لكنه أكثر تطرفا، ويتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي فضاء لتداول مواقفه واستقطاب مؤيديه والدخول في جدل محموم مع معارضيه.

بحسب “ارفع صوتك”، فإن رموز هذا التيار يجمعون على كفر كافة الشعوب في العالم العربي والإسلامي، وأن المطالبة بحقوق الإنسان شرك، وأن الأرض مسطحة. لكن هذه القناعات، على غرابتها، وجدت مئات المؤيدين على مواقع التواصل الاجتماعي، فأسسوا عشرات الصفحات والمجموعات لترويجها، واختصارها على شكل تصاميم ومقاطع صوتية قصيرة ليسهل تداولها ووضعها على حالات الحسابات الشخصية في “فيسبوك” و”واتساب” وغيرهما.

تقرير “ارفع صوتك” يشير إلى  أن أتباع هذا التيار لا يخفون أفكارهم عند نشرها في مجموعاتهم الرقمية المُنشأة خصيصا لنشر هذه الأفكار، بل يكتبون ويحررون دفاعا عنها عشرات المقالات والمنشورات المعززة أحيانا بالصور والخرائط دون تعرضها للإزالة.

كيف تتملص هذه التنظيمات من الرقابة؟

شركة “بوول ري” العالمية لإعادة التأمين ضد الإرهاب، ومقرها بريطانيا، والتي توفر الحماية المالية من تأثير الإرهاب، نشرت تقريرا مطولا بعنوان “الإرهاب السيبراني: استغلال الدولة الإسلامية الفعال لوسائل التواصل الاجتماعي”، شرحت فيه كيف تمكنت التنظيمات الإرهابية، على مدار سنوات، من مراوغة الرقابة ونشر محتواها المتطرف دون تعرضه للإزالة.

إخفاء المحتوى

مصدر الصورة: فرانس24

التنظيمات الإرهابية تستخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة الدعاية، وبالتالي جذب الانتباه من وسائل الإعلام، واستعراض القوة، وربما جذب المجندين والتمويل. بالنظر إلى هذه الأهداف، تحاول منصات التواصل الاجتماعي – تحت ضغط التشريعات الحكومية – إزالة المنشورات والصور ومقاطع الفيديو وتعليق الحسابات التي تشارك مثل هذا المحتوى.

على هذا النحو، تبذل تلك التنظيمات جهودا كبيرة في محاولة للتحايل على سياسات الإشراف على المحتوى لهذه الأنظمة الأساسية، وتتمثل إحدى الطرق التي  تفعل بها ذلك من خلال تراكب علامات مصادر الأخبار الموثوقة التجارية مع الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بها، كما تضمّن، تلك التنظيمات مقاطع قصيرة من الأخبار الموثوقة في بداية الفيديو قبل التبديل إلى الدعاية الخاصة بها لمنع الاكتشاف التلقائي أو اليدوي للمحتوى من التعرف على الفيديو كشيء آخر غير اللقطات الإخبارية المشروعة.

الطرق الأخرى تتضمن تعتيم الشعار أو الأعلام أو الشعارات على مقاطع الفيديو الخاصة بها، من خلال إضافة بعض الخربشات أو الرموز التعبيرية، إذ تقدم بعض الأنظمة الأساسية فلاتر داخلية تتيح للمستخدمين إضافة تأثيرات أو صور أو رموز تعبيرية إلى الصور ومقاطع الفيديو، مما يؤدي إلى تشويه الصورة لتجنب اكتشافها، لا سيما عند إجراء المراجعات تلقائيا.

المتطرفون الإسلاميون يحورون استراتيجياتهم الرقمية نحو أشياء تبدو مشروعة، مثل إنشاء منافذ إعلامية مزيفة. حيث يسمون وسائل إعلامهم المضللة بمجموعة من الأسماء العامة جدا، مثل “الأخبار العاجلة” أو “أخبار العراق”، وما يفعلونه هو تبييض ونشر روابط المحتوى الرسمي من قنوات تنظيم الدولة الإسلامية على “تيليجرام من خلال تلك القنوات.

لا يهدف إخفاء المحتوى إلى خداع مشرفي المحتوى لترك المحتوى على المنصة فحسب، بل يهدف أيضا إلى إضفاء الشرعية عليه من خلال استخدام العلامات التجارية الإخبارية السائدة التي تشير إلى أن المحتوى واقعي وصحيح، وليس دعاية متطرفة.

تشويه النصوص

أعضاء ومناصرو التنظيمات المتطرفة يستخدمون نصوصا مكسورة أو لغة عامية للتهرب من الاكتشاف الآلي للكلمات المحددة المتعلقة بالتطرف الإسلامي المتشدد. يتضمن ذلك أخطاء إملائية في الكلمات، واستخدام خطوط متخصصة، واستبدال الكلمات برموز تعبيرية، وإضافة علامات الترقيم بين الأحرف.

مصطفى عياد، المدير التنفيذي لإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا في معهد الحوار الاستراتيجي، وهو مركز أبحاث يتتبع التطرف على الإنترنت، يقول لـ “فرانس24”، إنه من أجل تجاوز أدوات الإشراف الآلي على المحتوى، يجب أن تنظر هذه الحسابات في كل محتوياتها، سواء كانت مرئية أو نصية أو مشفرة.

هذا يعني إخفاء ما أصبح الآن مرادفا لـ [الجماعة الإسلامية]، ولكن ليس بالضرورة علَمها. لذا، يغطونه أحيانا بالرموز التعبيرية، على سبيل المثال، أو استخدام التأثيرات اللاحقة لنوع من الرسم أو الخربشة على المحتوى، ما يجعل العثور عليه أمر صعب.

مصطفى عياد

الأسلوب الأكثر تعقيدا، والذي يشكل تحديا كبيرا لكل شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب عياد، هو “النص المكسور”، حيث يتم تقسيم الكلمات أو التعليقات الحساسة بعلامات الترقيم أو الرموز الأخرى. لذا فإن كلمة مثل “الجهاد” ستحتوي على نقطة بين الأحرف أو الشرطة المائلة التي سيستخدمونها، لتصبح “الـجـ.ـها/د”على سبيل المثال.

https://twitter.com/MoustafaAyad/status/1562827848649297922

هذه الأساليب تعمل على مختلف اللغات، بما في ذلك الإنجليزية والعربية والفارسية والعديد من اللغات الأخرى، فتكتيكات تشويه النص هذه كافية لمراوغة الرقابة التلقائية على المحتوى، لكنها تبقي المحتوى مفهوما للمهتمين به.

الترجمات المخادعة وركوب الموجة

نظرا لأن هذه التنظيمات لديها جمهور مستهدف عالمي، فإنها غالبا ما تنشر دعاية ومنشورات باللغة العربية، جنبا إلى جنب مع ترجمة إلى الإنجليزية أو لغات أخرى، لكن عندما تحتوي هذه المنشورات على كلمات يمكن أن تؤدي إلى الكشف تلقائيا عند ترجمتها إلى الإنجليزية، فإن الترجمات تكون مخادعة وغير مطابقة للنصوص العربية، وإن كان ذلك يؤدي إلى تغيير معنى النص.

هذا يحدث أيضا ضمن استخدام تلك التنظيمات الهاشتاغات، فغالبا ما يكون الهاشتاغ العربي أكثر انفتاحا في دعم الإرهاب من الهاشتاغات الإنجليزية. هذا التكتيك يعني أنه بمجرد أن يفهم المتحدثون معنى الهاشتاغ العربي، يمكنهم العثور على عدد كبير من المنشورات المذيّلة به، والتي قد تشارك رسائل ودعاية أكثر خطورة.

كما يستخدم المتطرفون الهاشتاغات الأخرى لنشر دعايتهم ورسائلهم للوصول إلى جمهور أوسع من مجرد أتباعهم وأصدقائهم، من خلال ما يعرف بـ “اختطاف الهاشتاغ” (Hashtag Highjacking)، حيث يضمن المتطرفون الهاشتاغ المتعلق بقضية اجتماعية رائجة ما في منشوراتهم الدعائية بهدف الوصول إلى الجمهور العريض من متتبعي الهاشتاغ.

استخدام التشفير من طرف إلى طرف

منصات المراسلة المشفرة من طرف إلى طرف، مثل “تيليجرام”، لديها لوائح أقل بكثير من الأنظمة الأساسية الأخرى الأكثر شيوعا. لذلك، تُستخدم منصات المراسلة هذه لمشاركة المزيد من الصور والمقاطع العنيفة، وتنسيق الإجراءات والهجمات، وإجراء حملات تجنيد أكثر عدوانية.

بعض هذه المنصات تحتوي على ميزات جماعية حيث يمكن بث الرسائل إلى مجموعات أوسع سبق أن استخدمها تنظيم “داعش”. توفر هذه المحادثات الخاصة مساحة للأعضاء والمؤيدين للتخطيط للهجمات أو تنسيق السفر إلى المناطق التي تسيطر عليها هذه التنظيمات.

قصور “ميتا” وعدم جديتها

مصدر الصورة: فرانس24

في العام الماضي، قالت “فيسبوك” إنها استثمرت بكثافة في أدوات الذكاء الصنعي لإزالة المحتوى المتطرف وخطاب الكراهية تلقائيًا بأكثر من 50 لغة، ومنذ أوائل عام 2021، قالت الشركة إنها أضافت المزيد من المتحدثين باللغات البشتوية والدارية – اللغات الرئيسية المحكية في أفغانستان – لكنها لم تفصح عن عدد الزيادات في الموظفين.

مع ذلك، تُظهر العشرات من محتويات تنظيم “داعش” وطالبان، التي لا تزال على المنصة أن تلك الجهود قد فشلت في منع المتطرفين من استغلال المنصة. إذ أظهرت الوثائق الداخلية، التي نشرتها فرانسيس هوغن العام الماضي، أن باحثي الشركة حذروا من أن المنصة فشلت بشكل روتيني في حماية مستخدميها في بعض أكثر البلدان عدم استقرار في العالم، بما في ذلك سوريا وأفغانستان والعراق.

العديد من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تمزقها أحداث العنف الطائفي، لذا، لجأ المتطرفون الإسلاميون إلى “فيسبوك” كسلاح للترويج لأجندتهم المليئة بالكراهية وحشد المؤيدين لقضيتهم، فانتشرت المئات من هذه المجموعات، التي يتراوح حجمها من بضع مئات من الأعضاء إلى عشرات الآلاف.

صحيفة “بوليتيكو” أبلغت شركة “ميتا” الأم لـ “فيسبوك” عن مجموعات “فيسبوك” المفتوحة التي تروج لمحتوى متطرف إسلامي، والشركة أزالتها بالفعل، بما في ذلك مجموعة مؤيدة لطالبان تم إنشاؤها في ربيع 2021 ونمت إلى 107 آلاف عضو.

نحن ندرك أن تطبيقنا ليس مثاليا دوما، ولهذا السبب نقوم بمراجعة مجموعة من الخيارات لمواجهة هذه التحديات.

بن والترز – المتحدث باسم “ميتا”

لكن اتضح أن المشكلة لم تحل على الإطلاق، إذ تمت كتابة الكثير من المحتوى الإسلامي المتطرف الذي يستهدف هذه البلدان التي مزقتها الحرب باللغات المحلية، وهي مشكلة نبه باحثو الشركة بشأنها وفق ما ورد في الوثائق الداخلية التي نشرتها هوغن.

في أواخر عام 2020، على سبيل المثال، اكتشف مهندسو “فيسبوك” أنه تم الإبلاغ عن 6 بالمئة فقط من خطاب الكراهية باللغة العربية على “إنستجرام” قبل نشره على الإنترنت، مقارنةً مع معدل إزالة بنسبة 40 بالمئة لمواد مماثلة على “فيسبوك”.

أما في أفغانستان، حيث يقوم ما يقرب من خمسة ملايين شخص بتسجيل الدخول إلى المنصة كل شهر، كان لدى الشركة عدد قليل من مراقبي المحتوى المتحدثين باللغة المحلية، ووفقا لوثيقة داخلية منفصلة نُشرت في 17 كانون الأول/ديسمبر 2020، وبسبب هذا النقص، فإن الشرل لم تزيل سوى أقل من 1 بالمئة من خطاب الكراهية.

باحثو “فيسبوك” خلصوا إلى أن هناك فجوة كبيرة في عملية الإبلاغ عن خطاب الكراهية باللغات المحلية من حيث دقة واكتمال ترجمة عملية الإبلاغ بأكملها.

فوضى “تويتر” عامل إضافي

في آذار/مارس الماضي، طرح إيلون ماسك استطلاعا على متابعيه على “تويتر” لتحديد ما إذا كانوا يعتقدون أن تويتر “يلتزم بشدة” بمبدأ حرية التعبير، أكثر من 70 بالمئة منهم أجابوا “لا”.

لكن استيلاء ماسك على الشبكة الاجتماعية في 27 تشرين الأول/أكتوبر، أعاد إثارة المخاوف من عودة المعلومات الكاذبة وخطابات الكراهية التطرف، الذي كان معتدلا في السابق إلى حد ما.

هذه المخاوف، جاءت مدعومة بالنتائج التي توصل إليها باحثون في معهد الحوار الاستراتيجي، وهو مركز أبحاث يتتبع التطرف على الإنترنت، الذين وجدوا أن محتوى الجماعات الإرهابية وأنصارها، وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية، قد ازداد بشكل هائل منذ أوائل تشرين الثاني/نوفمبر.

على الرغم من أن هذه الزيادة تزامنت مع استيلاء ماسك على “تويتر”، إلا أن زيادات مماثلة حدثت في نشاط الحسابات القريبة من المنظمات الإرهابية وداعميها أيضا على “فيسبوك” و”يوتيوب”.

“ميتا” تدعي أنها طبقت إجراءات عقابية مختلفة على أكثر من 16.7 مليون قطعة من المحتوى المرتبط بالإرهاب بين تموز/يونيو، وأيلول/سبتمبر 2022، وهذا الرقم أعلى بكثير من الربع السابق، حيث بلغ عدد قطع المحتوى المشابهة 13.5 مليون.

أما بالنسبة لموقع “يوتيوب”، فقد زعمت الشركة خلال نفس الفترة أنها أزالت 67516 مقطع فيديو “يحرض على العنف والتطرف”، وهو رقم أقل بقليل من الربع السابق.

مهارات رقمية مكتسبة

إن انتشار الإرهاب، وبشكل أكثر تحديدا الإرهاب الرقمي، نشاط دائم التطور، ومن أجل التحايل على الرقابة، سواء بشكل يدوي أو مؤتمت، تستخدم الحسابات المرتبطة بالجماعات الإرهابية تقنيات تم تحسينها بمرور الوقت. فغالبا ما يكون أنصار الجماعات الإرهابية، لا سيما تنظيم “داعش”، من بين أول من اختبر تلك المنصات واغتنموا إمكاناتها والتقنيات الجديدة لنشر دعايتهم.

الحسابات المتعلقة بالمنظمات الإرهابية تختبرتقنيات جديدة لترويج ونشر محتواها عبر الإنترنت  بانتظام للجمهور المستمر بالنمو، فالاستراتيجية ترقى إلى مستوى “التجربة والخطأ”، بحسب حديث مصطفى عياد لـ “فرانس24″، وما ينجح يصبح في النهاية المعيار القياسي لكيفية مشاركة المحتوى.”

في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تمكن معهد الحوار الاستراتيجي من تحديد قدرة المنصات الرئيسية على تعليق حسابات الإرهابيين بعد إصدار كلمة من قبل متحدث باسم تنظيم “داعش” كان ينتظرها مؤيدوها بشدة.

ما وجده المعهد هو أن “يوتيوب” تمكن من إزالة هذا المحتوى في غضون 30 دقيقة، علما أنه محتوى جديد تماما تم إصداره للتو، تبع ذلك موقع “تويتر”، الذي استغرق بشكل عام ما بين ست إلى 12 ساعة قبل أن يتم الإبلاغ عن المحتوى وإزالته، ثم جاء “فيسبوك” في المرتبة الأخيرة، حيث استمر المحتوى أحيانا لأيام أو شهور، اعتمادا على مدى سرعة الإبلاغ عنه أو ما إذا تم وضع علامة عليه تلقائيا.

وفقا للمعهد، يُعتقد أن أرشيفا يبلغ حجمه حوالي 2.1 تيرابايت (حوالي 500 ساعة من الفيديو عالي الدقة) من محتوى جماعة الدولة الإسلامية بلغات متعددة، بما في ذلك الفرنسية والألمانية والإنجليزية، والعربية بشكل أساسي، متاح بسهولة على الإنترنت اليوم، ويتم نشره أو الترويج له باستمرار من قبل أنصار المجموعة عبر الإنترنت.

مراقبة خجولة

المنصات الأخرى، بعيدا عن منصات “ميتا” و”تويتر” و”يوتيوب”، بالكاد تقوم بتعديل المحتوى الذي يتم تداوله عليها. تطبيق المراسلة المشفرة الشهير “تيليجرام”، على سبيل المثال، يظل الأداة الرقمية المفضلة للجماعات الإرهابية، في المنطقة وحول العالم.

حملة “يوروبول” لإزالة المحتوى الإرهابي، التي أُجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2018 في العديد من دول أوروبا الغربية وبالشراكة مع “تيليجرام”، لم تسفر إلا عن نتائج قصيرة المدى.

ما حدث هو أن أنصار تنظيم “داعش” وقنوات الدعم التابعة لها تحولوا إلى تطبيق “تام تام” للمراسلة، وعندما خفت الرقابة على “تيليجرام”، عادوا مرة أخرى إلى التطبيق، دون التخلي عن موطئ قدم على “تام تام”.

الأرقام الفصلية التي تنشرها منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية تُظهر زيادة في المحتوى الذي يروج للإرهاب الذي تم اكتشافه منذ حزيران/يوليو 2022، ومع ذلك، تظل هذه التقارير غامضة بشأن عملية إدارة المحتوى. 

لا تعكس هذه الأرقام أيضا أهداف لائحة الاتحاد الأوروبي الصادرة في نيسان/أبريل 2021 بشأن المحتوى الإرهابي، والتي جائت فيها “قاعدة الساعة الواحدة”؛ حيث يجب على مقدمي الخدمة وقف نشر المحتوى المتطرف في غضون ساعة واحدة، أو مواجهة غرامات تصل إلى 4 بالمئة من إجمالي الإيرادات.

إن منصات التواصل الاجتماعي ليست الملام على المحتوى المتطرف، لكنها هي من يتحمل مسؤولية ضمان عدم بقاء هذا المحتوى، أو ازدهاره وانتشاره، وهذا يلزمها بزيادة الاستثمار في مراقبة المحتوى، ووضع خطط جادة تجاهه بما يضمن سلامة المستخدمين والمساواة في حمايتهم في جميع اللغات المحكية، وليس فقط الإنجليزية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.