استمع إلى المقال

الذكاء الصنعي يعتبر تقنية حديثة، وتتطور على نحو مستمر ومتسارع، استطاعت هذه التقنية اقتحام الكثير من القطاعات وتحقيق العديد من الإنجازات الرائعة في السنوات الأخيرة، والتي شملت مجالات عدة مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية والروبوتات والبيانات الضخمة.

لكن، مع كل هذه الإنجازات، لا يزال هناك الكثير من الأشياء التي لا يستطيع الذكاء الصنعي فعلها في الوقت الحالي، والتي يمكن أن تشمل قدرات بشرية مثل التفكير الإبداعي والتفاعل الاجتماعي والحس الفني، بالإضافة إلى المهام والأهداف التي تتطلب بيئة معينة أو قدرات خاصة.

هذا التقرير يهدف إلى تسليط الضوء على القدرات والمهام والأهداف التي لا يستطيع الذكاء الصنعي فعلها في الوقت الحالي، وإلى تحليل الحدود التي تواجه هذه التقنية في فهم وتحليل بعض الأشياء.

المجالات التي اقتحمها الذكاء الصنعي

في السنوات الأخيرة، شهد العالم تطورا هائلا في مجال الذكاء الصنعي واقتحامه لعدد كبير من المجالات المختلفة، وساهم في تحسين الكفاءة وتخفيض التكاليف وزيادة الإنتاجية وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

الذكاء الصنعي تمكن من التغلب على تحديات عديدة وتحقيق نتائج مذهلة في مجالات مثل التعلم الآلي والروبوتات ومعالجة اللغة الطبيعية والصحة والتجارة والمواصلات والزراعة وغيرها الكثير، لكن اليوم سنخوض في السطور التالية ببعض المجالات الأكثر تفصيلا التي أصبح الذكاء الصنعي يشكل تهديدا حقيقيا على روادها.

قد يهمك: أخطاء وهفوات الذكاء الصنعي.. عندما تصنع الآلة الكوارث بدلاً من تفاديها

الأشياء التي يعجز عنها الذكاء الصنعي

البرمجة وتحليل البيانات

البرمجة وتحليل البيانات تعد من المهارات المطلوبة في الشركات، ولكنها في المقابل هي أكثر الوظائف المهددة من قبل أدوات الذكاء الصنعي مثل “ChatGPT” في المستقبل القريب.

في الواقع، يمكن للتقنيات المتقدمة مثل “ChatGPT” أن تنتج أكواد أسرع من البشر، مما يعني أنه يمكن إكمال العمل بعدد أقل من الموظفين، فهي جيدة في معالجة الأرقام بدقة، ويمكنها كتابة التعليمات البرمجية بشكل جيد.

هناك شركات تكنولوجية مثل “OpenAI” صانعة “ChatGPT” تفكر بالفعل في استبدال مهندسي البرمجيات بالذكاء الصنعي، ورغم ذلك هناك بعض المحللين يرون أن الذكاء الصنعي سيساعد المبرمجين عوضا عن استبدالهم.

الإعلام، الصحافة، إنشاء المحتوى

هناك الكثير من المجالات التي تتشعب من قطاع الإعلام، فمنها المتعلقة بالإعلان والكتابة والتحرير والصحافة وأي دور يتضمن إنشاء المحتوى، كل هذه الفروع وأكثر بإمكان الذكاء الصنعي اقتحامها ومنافسة موظفيها بقوة، وباستطاعته قراءة البيانات النصية وكتابتها وفهمها جيدا.

تحليل النصوص وتفسير كميات هائلة من البيانات والمعلومات المرتبطة باللغة هي مهارة يتمتع بها الذكاء الصنعي التوليدي، بشكل أكثر كفاءة من البشر في بعض الأحيان.

الوظائف القانونية

الوظائف المرتبطة بقطاع القانون مثل القضاة والمحامين مسؤولة عن استهلاك كميات كبيرة من المعلومات والبيانات، وربط كل ما تعلموه من هذه المعلومات والقوانين، ثم جعله قابلا للفهم من خلال موجز أو رأي قانوني أو تنفيذ حكم ما.

هذا النوع من الوظائف قابل للأتمتة، وبالتالي هو مجال ممتاز للذكاء الصنعي، فهو يستطيع تنظيم هذه البيانات والقوانين، وإعطاء الحكم المناسب.

هناك مجالات ووظائف أخرى يهددها الذكاء الصنعي إلى حد بعيد، منها قطاع التجارة وبالأخص جزئية التسويق منها، ووظيفة تحليل بيانات السوق، ومجال التعليم والتدريس على كل المستويات، ووظائف مالية مثل، المحللون والمستشارين الماليون، مصممو الجرافيك، المحاسبون، والوظائف المتعلقة بخدمة الزبائن، وهناك الكثير ومن المتوقع أن تزداد هذه القائمة مع مرور الوقت.

حدود الذكاء الصنعي

على الرغم من تقدم تقنيات الذكاء الصنعي، إلا أنه لا يزال لا يستطيع دخول بعض المجالات بشكل جزئي أو كامل. ومن بعض هذه المجالات.

حيرة الذكاء الصنعي

التفاعل والعلاقات الاجتماعية الإنسانية

التفاعل الاجتماعي والعلاقات الإنسانية تعتبر من المجالات التي يصعب على الذكاء الصنعي فهمها والتفاعل معها بالقدر الكافي، إذ يتطلب الأمر فهما عميقا للعواطف الإنسانية، والتي تختلف معاييرها باختلاف الثقافات والمجتمعات، وفيما تعد هذه العلاقات من أسس وطبيعة البشرية، فهي تعد تحديا كبيرا بالنسبة للذكاء الصنعي.

الإبداع

الفن والإبداع يعتمد على الإحساس والمشاعر والتفاعل الإنساني، ولذلك فإنه يصعب على الذكاء الصنعي فهم هذه العمليات الإبداعية والفنية وتنفيذها بنفس المستوى المطلوب الذي يقوم الإنسان بتنفيذه بالفطرة وبكل احترافية.

القضايا الأخلاقية

العمل في بعض المجالات يتطلب على اتخاذ قرارات أخلاقية واعتماد القيم الإنسانية في القرارات المتخذة، وهو أمر يتطلب مستوى أعلى من الوعي الإنساني، ففي فقرة “الوظائف القانونية”، هناك بعض القضايا والجنايات التي تتطلب من القاضي أن يحكم بها بروح القانون، بعيدا عن نص القانون الجامد.

السبب والنتيجة

الذكاء الصنعي أداة مترابطة، وهي تتفوق في تحديد الأنماط الدقيقة والارتباطات في البيانات، ولكن عندما يتعلق الأمر بفهم الآليات السببية أو ديناميكيات العالم الحقيقي، التي تكمن وراء تلك الأنماط، فإن الذكاء الصنعي يقف عاجزا.

العمليات الدقيقة

العمل في العمليات الدقيقة، والتي تتطلب مستوى عاليا من الحسية مثل الجراحة والأدوية والصناعات الدقيقة والصناعات الكيميائية والنووية يعد من المجالات التي يصعب للذكاء الصنعي الدخول فيها؛ بسبب خطورتها وضرورة توافر عنصر الإنسان الذي يتميز بالحس الدقيق والدراية الواسعة بالمجال.

الخبرة والتجربة

من الصعب على الذكاء الصنعي استيعاب الخبرات السابقة والتجربة العملية والاعتماد عليها في اتخاذ القرارات المناسبة.

قد يهمك: مراسل الذكاء الصنعي: عن دخول الآلة مجال الصحافة والإعلام

حدود الذكاء الصنعي حتى الآن

مما لا شك فيه، أن تقنيات الذكاء الصنعي أذهلت العالم بقدراتها وتطورها السريع، فعلى سبيل المثال، تقنية الدردشة الآلية “ChatGPT” حصلت على 100 مليون مستخدم خلال بضعة أيام، فيما استغرق الأمر لبعض المنصات سنوات للحصول على العدد نفسه من المتابعين، ناهيك عن هوس كبرى الشركات حول العالم في دخول هذا المجال من أوسع أبوابه ومنافسة الغير، فقد شهدنا دخول “مايكروسوفت” و”جوجل” و”أمازون” ضمن هذه المنافسة، وما تزال القائمة مفتوحة على للجميع.

لكن بالرغم من كل التقنيات المتطورة من الذكاء الصنعي التي تستخدم في العديد من المجالات والقطاعات، إلا أنها لا تزال عاجزة عن دخول بعض المجالات والقطاعات التي تتطلب مهارات إنسانية معقدة مثل فهم المشاعر الإنسانية واتخاذ القرارات الأخلاقية.

تحقيق الذكاء الصنعي لهذه المهارات يعد تحديا كبيرا يتطلب الكثير من البحث والتطوير، لذلك، يرى الكثير من المهندسين والباحثين في مجال الذكاء الصنعي، ضرورة مواصلة العمل والتحسين لجعل التكنولوجيا قادرة على تطبيقها بشكل أفضل في جميع المجالات والقطاعات في المستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.