استمع إلى المقال

في عالم يعجز الخيال عن مجاراة التقدم التكنولوجي، تظهر الابتكارات الاصطناعية لتجعلنا نتساءل عن حدود إمكانيات الذكاء الاصطناعي، ومن بين تلك الابتكارات الرائعة، تبرز النماذج اللغوية الكبيرة كثورة بارزة، حيث يتم تدريبها على كميات ضخمة من البيانات، ويمكنها توقع الكلمة التالية في جملة ناقصة؛ ولكن الآن، يؤكد العلماء أنه يمكن تدريب هذه النماذج اللغوية الكبيرة الجديدة على التفكير واستخدام الحس السليم كالبشر.

أكثر الاختراقات المذهلة في الذكاء الاصطناعي، تتمثل بظهور نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، التي يتم تدريبها على كميات ضخمة من البيانات، ويمكنها التنبؤ بالكلمة التالية في جملة غير مكتملة؛ ولكن العلماء يقولون الآن إنه يمكن تدريب هذه النماذج الجديدة للتفكير واستخدام المنطق السليم مثل البشر.

ثورة بمجال الذكاء الاصطناعي

فريق من الباحثين في “مايكروسوفت”، الشركة التي استثمرت مليارات الدولارات في “OpenAI”، كان لديهم وصول إلى”ChatGPT-4” قبل إطلاقه علنيا؛ لذلك، قاموا بالتلاعب بالتكنولوجيا ونشروا في وقت لاحق ورقة بحثية تحوي بعض التفاصيل المثيرة.

في الورقة البحثية، أعلن فريق البحث أن “GPT-4” هو خطوة هامة نحو الذكاء العام الاصطناعي (AGI)، الذي يعتبره الفريق نظاما قادرا على التفكير والتخطيط والتعلم من الخبرة على نفس مستوى البشر أو ربما يفوقهم.

لتوضيح الفرق بين التعلم الحقيقي والحفظ، طلب الفريق من “GPT-4” رسم “حصان ذو قرن واحد ثلاث مرات خلال فترة شهر”؛ في ورقتهم البحثية، نشروا الرسوم التوضيحية التي قام بها “GPT-4”. الفريق أوضح قائلا، “نرى تقدما واضحا في تطور رسومات GPT-4”.

بيتر لي، الذي يقود البحث في “مايكروسوفت”، قال لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “بدأت بالشعور بالشك، وتطور إلى شعور بالإحباط والاستياء، وربما حتى الخوف، تفكر، من أين هذا المصدر”.

الفريق يلاحظ أنه على الرغم من أن “GPT-4” هو نموذج لغة كبير بحت، إلا أن النسخة الأولية كانت تتمتع بقدرات ملحوظة في مجالات ومهام مختلفة مثل التجريد، والفهم، والبرمجة، والرؤية، والرياضيات، والقانون، وفهم الدوافع البشرية، والطب، وحتى المشاعر.

GPT-4

على الرغم من وجود نقاط ضعف مثل الهلوسات، وإنشاء نتائج غير حقيقية، وأخطاء حسابية بسيطة، يقول الفريق أن “GPT-4” حقق تقدما كبيرا في تطبيق المنطق السليم.

فريق البحث قدم لـ “GPT-4” تحديا آخر، “هل يمكنك كتابة دليل بأن هناك أعدادا لا نهائية من الأعداد الأولية، مع كل سطر يتناسب معه”.

الدكتور بوبيك، الأستاذ السابق في “جامعة برينستون” الأميركية، الذي كان جزءا من فريق البحث، قال لصحيفة “نيويورك تايمز” إن الدليل الذي قدمه “GPT-4” كان مذهلا من الناحية الرياضية واللغوية، حتى إنه لم يكن قادرا على معرفة ما إذا كان يتحدث مع ذكاء اصطناعي أم إنسان، وأضاف بوبيك، “في تلك النقطة، كنت أقول في نفسي، ما الذي يحدث”.

على الرغم من دهشة الباحثين من قدرات نموذج التعلم الآلي، إلا أنهم لا زالوا يشككون. في ورقتهم البحثية قالوا: “نعترف بأن هذا النهج نوعا ما هو أمر ذو طابع شخصي وغير رسمي، وأنه قد لا يفي بالمعايير العلمية الصارمة للتقييم العلمي”.

عصر جديد للذكاء الاصطناعي

في ختام الحديث عن هذه الدراسة المذهلة، نجد أن التقدم المحقق في مجال الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تطوير النماذج اللغوية الكبيرة فحسب، بل يتعداها إلى مفهوم الذكاء العام الاصطناعي، ويظهر “GPT-4” كمثال قوي على هذا التقدم، حيث يتمتع بقدرات مذهلة في مختلف المجالات والمهام، مقاربة لأداء البشر أو حتى تفوقه في بعض الحالات.

العصر الجديد للذكاء الاصطناعي يشكل تحولا جذريا في عالمنا، ونأمل أن تكون هذه الدراسات والبحوث دليلا للمسارات المستقبلية وتوجهات البحث المستقبلية، من أجل استغلال هذا الإنجاز التقني على نحو إيجابي وفعّال لصالح البشرية جمعاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات