استمع إلى المقال

من المغري لقادة “ميتا” النظر إلى أسواق الشباب غير المستغلة كوسيلة سهلة لدفع النمو، لكن هل تتجاهل الشركة الاحتياجات التنموية المحددة في سبيل تحقيق هدفها.

لسنوات، روجت شركة “ميتا” لجهودها لتجنيد المستخدمين الأصغر سنا والاحتفاظ بهم، حيث توافدوا على تطبيقات الوسائط الاجتماعية المنافسة، مثل “سناب شات” و”تيك توك”.

هذه الحملة من أجل المستخدمين الشباب لم توقفها الشركة حتى بعد أن أطلق ائتلاف من المدعين العامين في الولاية تحقيقا يدقق في تأثير الشبكات الاجتماعية للشركة في الصحة العقلية للشباب.

لكن داخل “ميتا”، كانت الخدمات المصممة لجذب الأطفال والمراهقين تعاني في كثير من الأحيان من مناقشات شائكة، حيث اشتبك الموظفون حول أفضل طريقة لتعزيز النمو مع حماية الشباب الضعفاء.

الموظفون أوضحوا أن بعض الجهود لقياس المشكلات التي شعروا بأنها ضارة والاستجابة لها، لكنها لم تنتهك قواعد الشركة، قد تم إحباطها.

قادة الشركات فشلوا في بعض الأحيان في الاستجابة لمخاوفهم المتعلقة بالسلامة أو رفضوا المقترحات التي زعموا أنها قد تضر بنمو المستخدمين.

كما خفضت الشركة أيضا أو ألغت مركزية الفرق المخصصة لحماية المستخدمين من جميع الأعمار من المحتوى الإشكالي.

الخلافات الداخلية تظهر إلى العلن

الخلافات الداخلية حول كيفية جذب الأطفال إلى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل آمن عاد إلى دائرة الضوء بعدما أدلى أحد كبار المهندسين السابقين ورئيس المنتجات في “ميتا” بشهادته خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ حول العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية للمراهقين.

أرتورو بيجار، المبلغ الجديد عن المخالفات، أدلى بشهادته أمام اللجنة الفرعية القضائية بمجلس الشيوخ حول كيفية رفض محاولات إقناع كبار القادة، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرج، بتبني ما يعتبره إجراءات أكثر جرأة إلى حد كبير.

بيجار أوضح أن هناك مشكلة ملحة تتمثل في أن حجم التجارب الضارة التي يمر بها الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما عبر وسائل التواصل الاجتماعي كبير جدا،

من جانبه، أوضح آندي ستون، المتحدث باسم “ميتا”، أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص داخل وخارج الشركة يعملون كل يوم على كيفية المساعدة في الحفاظ على أمان الشباب عبر الإنترنت.

وقال ستون، “من خلال العمل مع أولياء الأمور والخبراء، قدمنا أيضا أكثر من 30 أداة لدعم المراهقين وأسرهم في الحصول على تجارب آمنة وإيجابية عبر الإنترنت، وكل هذا العمل مستمر”.

تأثير “ميتا” الضار

تأثير “ميتا” الضار في الأطفال والمراهقين من خلال “فيسبوك “و”إنستغرام” يخضع لتدقيق غير مسبوق بعد الإجراءات القانونية التي اتخذتها 41 ولاية والعاصمة، التي تزعم أن الشركة قامت ببناء ميزات إدمانية في تطبيقاتها، ومجموعة من الدعاوى القضائية من الآباء والمناطق التعليمية التي تتهم المنصات بلعب دور حاسم في تفاقم أزمة الصحة العقلية للمراهقين.

وسط هذه الضجة، واصلت “ميتا” مطاردة المستخدمين الشباب، إذ خفضت الشركة في الآونة الأخيرة الحد الأدنى لسن منتجات الواقع الافتراضي، وأصبح الحد الأدنى للأعمار لتطبيقها الاجتماعي “Horizon Worlds” يصل إلى 13 عاما، في حين يصل إلى 10 سنوات لنظارة الرأس للواقع الافتراضي “Quest”.

في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021، أعلن زوكربيرج عن خطة لإعادة تجهيز الشركة للشباب، واصفا التحول الذي استمر لسنوات لجعل خدمة الشباب نقطة تركيز الشركة.

جاء هذا الاهتمام مع فرار الشباب من الموقع، إذ أنتج الباحثون وقادة المنتجات داخل الشركة تقارير مفصلة تحلل المشاكل في جذب الشباب والاحتفاظ بهم، وذلك وفقا للوثائق الداخلية التي كشفت عنها فرانسيس هاوجين، المبلغة عن مخالفات “ميتا”.

في إحدى الوثائق، تم الإبلاغ عن أن الشباب ينظرون إلى “فيسبوك” على أنها غير ذات صلة ومصممة للأشخاص في الأربعينيات أو الخمسينيات من العمر.

في إعلان تشرين الأول/أكتوبر 2021، قال زوكربيرج مستشهدًا بالمنافسة مع “تيك توك”، “مطلوب من خدماتنا أن تكون الأفضل لمعظم الأشخاص الذين يستخدمونها وليس خصيصا للشباب”.

لكن الموظفين يوضحون أن المناقشات حول أدوات السلامة المقترحة قد وضعت اهتمام الشركة الشديد بتنمية شبكاتها الاجتماعية ضد حاجتها لحماية المستخدمين من المحتوى الضار.

على سبيل المثال، عندما يقوم المراهقون بالتسجيل للحصول على حساب جديد عبر “إنستغرام”، يجب أن يكون خاصا تلقائيا، مما يجبرهم على ضبط إعداداتهم إذا أرادوا خيارا عاما.

لكن هذا الأمر واجه معارضة داخلية من قادة فريق النمو بالشركة الذين أقروا بأن مثل هذه الخطوة قد تضر بمقاييس المنصة.

لاحقا توصلت الأطراف داخل الشركة إلى خيار وسط، عندما يقوم المراهقون بالتسجيل، يتم التحقق مسبقا من خيار الحساب الخاص، لكن يتم توفير وصول سهل لهم للعودة إلى الإصدار العام.

ستون أوضح أن 8 من كل 10 شباب قبلوا الإعدادات الافتراضية الخاصة أثناء التسجيل خلال الاختبارات الداخلية.

يبدو أنه من المغري لقادة الشركات أن ينظروا إلى أسواق الشباب غير المستغلة كوسيلة سهلة لدفع النمو، مع تجاهل احتياجاتهم التنموية المحددة، إذ تحتاج الشركات إلى بناء منتجات يمكن للشباب استخدامها بحرية دون القلق بشأن الصحة الجسدية أو العاطفية.

التحذير من المشاكل

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020، توصل بيجار، الذي كان آنذاك مستشارا لشركة “ميتا”، وأعضاء فريق الرفاهية في “إنستغرام”، إلى طريقة جديدة لمعالجة التجارب السلبية، مثل التنمر والتحرش.

تاريخيا، اعتمدت “ميتا” في كثير من الأحيان على معدلات الانتشار، التي تقيس عدد المرات التي تظهر فيها المنشورات التي تنتهك قواعد الشركة.

“ميتا” تقدر معدلات الانتشار من خلال حساب النسبة المئوية لإجمالي المشاهدات عبر “فيسبوك” أو “إنستغرام” التي تمثل مشاهدات للمحتوى المخالف.

بيجار أوضح أن معدلات الانتشار غالبا ما تفشل في مراعاة المحتوى الضار الذي لا ينتهك من الناحية التقنية قواعد محتوى الشركة ويخفي خطر التفاعلات النادرة التي لا تزال تسبب صدمة للمستخدمين.

بدلا من ذلك، أوصى بيجار بالسماح للمستخدمين بتحديد التفاعلات السلبية بأنفسهم باستخدام النهج الجديد المسمى “إطار التجارب والمواجهات السيئة”.

هذا النهج الجديد يعتمد على المستخدمين الذين ينقلون تجاربهم مع التنمر والعنف والمعلومات المضللة من بين الأضرار الأخرى.

في التقارير والعروض التقديمية ورسائل البريد الإلكتروني، قدم بيجار إحصائيات توضح أن عدد التجارب السيئة التي مر بها المستخدمون المراهقون كانت أعلى بكثير مما توحي به معدلات الانتشار.

هذه النتيجة جسدها في رسالة بريد إلكتروني أرسلها في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 إلى زوكربيرج والرئيسة التنفيذية للعمليات، شيريل ساندبرج.

بيجار وصف في الرسالة كيف نشرت ابنته البالغة من العمر 16 عاما مقطع فيديو عبر “إنستغرام” عن السيارات وتلقت تعليقا يخبرها بالعودة إلى المطبخ.

هذا التعليق كان مزعجا للغاية بالنسبة لها، وفي الوقت نفسه، فإنه أبعد ما يكون عن انتهاك السياسة، وأدوات “ميتا” للحظر أو الحذف تعني أن هذا الشخص قد يذهب إلى حسابات أخرى ويستمر في نشر كراهية النساء.

“ميتا” تتجاهل المخاوف

لاحقا، تلقى بيجار ردا من ساندبرج تعترف فيه بالطبيعة الضارة للتعليق، لكن زوكربيرج لم يرد. في وقت لاحق، أجرى بيجار محاولة أخرى مع رئيس “إنستغرام”، آدم موسيري.

بيجار أوجز لموسيري بعض الإحصائيات المثيرة للقلق التي تشير إلى أن 13 بالمئة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما تعرضوا لتلميحات جنسية غير مرغوب فيها عبر “إنستغرام” في الأيام السبعة الماضية.

في الاجتماع، بدا موسري وكأنه يفهم القضايا، لكنه أشار إلى أن إستراتيجيته لم تكتسب الكثير من الاهتمام داخل “ميتا”.

بالرغم من أن الشركة لا تزال تستخدم معدلات الانتشار، إلا أن ستون أوضح أن استطلاعات رأي المستخدم قد أبلغت عن تدابير السلامة، بما في ذلك أداة الذكاء الاصطناعي التي تخطر المستخدمين عندما يعتبر تعليقهم مسيئا قبل نشره.

ستون أوضح أن الشركة تقلل أيضا من ظهور المحتوى الذي يحتمل أن يكون مثيرا للمشاكل ولا ينتهك قواعدها.

“ميتا” عينت بافني ديوانجي، المديرة التنفيذية السابقة في شركة “جوجل” والتي ساعدت في الإشراف على تطوير “YouTube Kids”، لقيادة جهود منتجات الشباب في الشركة، حيث تم تكليفها بتطوير أدوات لجعل تجربة المراهقين عبر “إنستغرام” أفضل وأكثر أمانا.

لكن بعد أن غادر ديوانجي “ميتا”، دمجت الشركة جهود منتجات سلامة الشباب هذه في محفظة فريق آخر، وحلت أيضا ووزعت فريقها للابتكار المسؤول – مجموعة من الأشخاص المسؤولين عن اكتشاف المخاوف المحتملة المتعلقة بالسلامة في المنتجات القادمة.

ختاما، تم اختبار محاولات “ميتا” لجذب المستخدمين الشباب والحفاظ على سلامتهم من خلال سلسلة من الضغوط التنظيمية والسوقية، حيث تم تخفيض فرق السلامة – بما في ذلك تلك التي تعمل على القضايا المتعلقة بالأطفال والمراهقين – خلال موجة من عمليات تسريح العمال، ولا يعتقد بيجار أن المشرعين يجب أن يعتمدوا على “ميتا” لإجراء تغييرات، بل يجب على “الكونغرس” إصدار تشريع من شأنه أن يجبر الشركة على اتخاذ إجراءات أكثر جرأة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات