استمع إلى المقال

بشكل عام، يعتبر محرك البحث من شركة “جوجل” الخيار الأول لمعظم المستخدمين عند البحث عن أي شيء عبر الإنترنت، ومن الصعب إنكار حقيقة أنه واحد من أشهر محركات البحث عبر الإنترنت، إذ إنه مسؤول عن أكثر من 90 بالمئة من عمليات البحث عبر الإنترنت في العالم، مع تنفيذه لأكثر من 3.5 مليار بحث يوميا.

إلى جانب ذلك، فإنه يمتلك حصة سوقية تصل إلى نحو 92 بالمئة في سوق البحث عبر الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية.

لكن بغض النظر عن ذلك، شعرت شركة “جوجل” بالصدمة عندما علمت أن شركة “سامسونج” تدرس إمكانية استبدال محرك بحث “جوجل” بمحرك بحث “Bing” من شركة “مايكروسوفت” بصفته محرك البحث الافتراضي عبر أجهزتها.

هذا التبديل يعرض مليارات الدولارات من العائدات السنوية لشركة “جوجل”  للخطر.

على مدى 25 عاما لم يكن هناك تهديد يذكر للنشاط التجاري لشركة “جوجل” في مجال البحث، لكن منافسي الذكاء الصنعي الجدد أصبحوا التهديد الأخطر الذي يواجه النشاط التجاري لبحث “جوجل”.

بدءا من العثور على المطاعم والتوجيهات وحتى فهم التشخيص الطبي، فإن مليارات الأشخاص يستخدمون محرك بحث “جوجل” يوميا لكل شيء.

تلك الصفحة البيضاء البسيطة التي تحمل شعار الشركة وشريطا فارغا في المنتصف تُعد واحدة من أكثر صفحات الويب استخداما في العالم. 

أي تغييرات في تلك الصفحة البيضاء البسيطة تحدث تأثيرا كبيرا في حياة الناس العاديين، وكان من الصعب حتى وقت قريب تخيل أي شيء يتحدى ذلك.

ما وراء سعي “جوجل” لتطوير محرك بحث جديد يعمل بالذكاء الصنعي؟

قد يهمك: “جوجل” تقلل الحواسيب المحمولة للموظفين والخدمات.. ما الأسباب؟

“جوجل” تسابق الزمن

استجابة لتلك المخاوف، تسابق “جوجل” الزمن لبناء محرك بحث جديد كليا مدعوما بالتكنولوجيا، إلى جانب ترقية محرك البحث الحالي بميزات الذكاء الصنعي.

لسنوات، كان محرك البحث “Bing” موجودا في السوق دون أن يكون قادرا على المنافسة أو تشكيل أي خطر بالنسبة لمحرك البحث من “جوجل”. 

لكن محرك البحث “Bing” أصبح مؤخرا أكثر إثارة للاهتمام عندما أضافت “مايكروسوفت” تقنية ذكاء صنعي جديدة.

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، عرضت شركة “OpenAI”، التي تعمل مع شركة “مايكروسوفت”، روبوت الدردشة “ChatGPT”.

منذ ذلك الحين، بدأ القلق لدى “جوجل” بشأن المنافسين المدعومين بالذكاء الصنعي. بعد نحو أسبوعين، أنشأت “جوجل” فريق عمل في قسم البحث التابع لها لبدء بناء منتجات الذكاء الصنعي.

تحديث محرك البحث أصبح هاجسا لدى “جوجل”، وقد تؤدي التغييرات المخطط لها إلى ظهور تقنية ذكاء صنعي جديدة في الهواتف والمنازل في جميع أنحاء العالم.

رد فعل “جوجل” على تهديد “سامسونج” كان الخوف، إذ إن إيرادات “جوجل” السنوية المقدرة من عقد “سامسونج” تبلغ نحو 3 مليارات دولار.

تهديد “سامسونج” يمثل الضربة الأولى المحتملة للنشاط التجاري لشركة “جوجل” في مجال البحث، الذي بلغت عائداته في العام الماضي 162 مليار دولار.

بالرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان عمل “مايكروسوفت” مع الذكاء الصنعي هو السبب الرئيسي وراء تفكير “سامسونج” في التغيير بعد مرور 12 عاما، لكن كان هذا هو الافتراض داخل “جوجل”.

إلى جانب ذلك، فإن هناك مبلغ إضافي قدره 20 مليار دولار مرتبط بعقد “أبل” المشابه الذي من المقرر تجديده هذا العام.

بالرغم من أن العقد مع “سامسونج” لا يزال قيد التفاوض، لكن مسألة تفكيرها باستبدال محرك البحث مثّلت صفعة لشركة “جوجل”.

من المعروف أن “سامسونج” تصنع كل عام مئات الملايين من الهواتف الذكية العاملة بنظام التشغيل “أندرويد” من “جوجل”.

ما وراء سعي “جوجل” لتطوير محرك بحث جديد يعمل بالذكاء الصنعي؟

هناك شراكات طويلة الأمد بين “سامسونج” و”مايكروسوفت” و”جوجل”، وتأتي أجهزتها محملة مسبقا بمكتبة من التطبيقات والخدمات من كليهما، مثل “OneDrive” و”Google Maps”.

من أجل منح المستخدمين والشركاء المزيد من الأسباب لاختيارها، فإن “جوجل” تعمل باستمرار على تحسين محرك بحثها.

قد يهمك: تتحدى “إنفيديا”.. هل تنجح “جوجل” بمجال شرائح الذكاء الصنعي؟

“جوجل” رائدة في الذكاء الصنعي

منذ سنوات، تجري عملاقة البحث أبحاث الذكاء الصنعي، ويعتبر مختبر “ديب مايند” (DeepMind) أحد أفضل مراكز أبحاث الذكاء الصنعي في العالم.

إلى جانب ذلك، فإن الشركة رائدة في مشاريع الذكاء الصنعي، مثل السيارات الذاتية القيادة وما يسمى بالنماذج اللغوية الكبيرة المستخدمة في تطوير روبوتات الدردشة.

في السنوات الأخيرة، استخدمت “جوجل” النماذج اللغوية الكبيرة لتحسين جودة نتائجها للبحث، لكنها أوقفت الاعتماد الكامل للذكاء الصنعي لأنه كان عرضة لتوليد بيانات خطأ ومتحيزة.

الأولوية الآن هي الفوز بالسيطرة على الشيء الكبير التالي في الصناعة. في الشهر الماضي، أصدرت “جوجل” روبوتها للدردشة المسمى “Bard”، لكن التكنولوجيا تلقت آراء متباينة.

قد يهمك: هل سرقَت “جوجل” بيانات روبوت “ChatGPT”؟

تطوير محرك البحث الجديد مستمر

الخطط الخاصة بمحرك البحث الجديد، التي توضح طموحات “جوجل” لإعادة تصور تجربة البحث، لا تزال في المراحل الأولى، مع عدم وجود جدول زمني واضح بشأن موعد إطلاق تقنية البحث الجديدة.

لكن الشركة خصصت أكثر من 160 شخصا يعملون بدوام كامل لهذا الغرض، حيث يعكف المصممون والمهندسون والمديرون التنفيذيون على إنشاء الميزات الجديدة وتعديلها واختبارها ضمن ما يسمى بـ “مشروع ماجي” (Project Magi). 

في محاولة لتوقع احتياجات المستخدمين، يوفر محرك البحث الجديد للمستخدمين تجربة أكثر تخصيصا بكثير من خدمة الشركة الحالية.

من المفترض أن يتعلم النظام ما يريد المستخدمون معرفته بالاعتماد على ما يبحثون عنه عند بدء استخدامه. 

إلى جانب ذلك، فإنه يوفر قوائم بالخيارات المحددة مسبقا للأشياء المراد شراؤها ومعلومات للبحث وغيرها من المعلومات. كما سيكون أكثر تخاطبا، أي يشبه إلى حد ما الدردشة مع شخص مفيد.

لكن قبل إعادة بناء محرك البحث، فإن “مشروع ماجي” (Project Magi) يضيف ميزات إلى محرك البحث الحالي.

“مشروع ماجي” (Project Magi) يحافظ على الإعلانات في مزيج نتائج البحث، وقد تستمر طلبات البحث التي قد تؤدي إلى معاملة مالية، مثل شراء أحذية أو حجز رحلة طيران، في عرض الإعلانات عبر صفحاتها للنتائج.

بالنظر إلى أن الإعلانات عبر شبكة البحث هي الطريقة الأساسية لجني الأموال، فإن هذا الأمر مهم بالنسبة لعملاقة البحث، حيث إن روبوتها للدردشة “Bard” لا يعرض إعلانات، وكان هناك توقع بأن إجابات الذكاء الصنعي عبر محركات البحث يمكن أن تجعل الإعلانات أقل صلة بالمستخدمين.

بحسب المعلومات، فإن إضافات البحث المخطط لها يمكن أن تجيب على أسئلة حول هندسة البرمجيات وكتابة التعليمات البرمجية بالاعتماد على طلب المستخدم، وقد تضع “جوجل” إعلانا تحت إجابات التعليمات البرمجية المولدة بواسط محرك بحثها.

ما وراء سعي “جوجل” لتطوير محرك بحث جديد يعمل بالذكاء الصنعي؟

في الأسبوع الماضي، دعت “جوجل” بعض الموظفين لاختبار ميزات “مشروع ماجي” (Project Magi)، وشجّعتهم على طرح أسئلة مترابطة لمحرك البحث للحكم على قدرته على إجراء محادثة.

من المتوقع أن تطرح عملاقة البحث الأدوات للجمهور في الشهر المقبل، مما يشير إلى أن هذا المشروع قد يظهر ضمن مؤتمرها السنوي للمطورين “Google I/O 2023“، مع إضافة المزيد من الميزات في الخريف.

بشكل مبدئي، فإن الشركة تخطط لإصدار الميزات لمليون شخص كحد أقصى. من المفترض أن يرتفع هذا العدد تدريجيا إلى 30 مليونا بحلول نهاية العام، لكن هذه المميزات تتوفر حصريا في الولايات المتحدة.

قد يهمك: أداة “Bard”.. أي مستقبل ينتظر تقنية “جوجل” الجديدة؟

مشاريع “جوجل” الأخرى

إلى جانب محرك البحث الجديد، فإن هناك أفكار لإضافة الذكاء الصنعي إلى منتجات أخرى، لكنها في مراحل مختلفة من التطوير.

واحدة من تلك الأفكار تتعلق بالسماح للأشخاص باستخدام تقنية رسم الخرائط “جوجل إيرث” بمساعدة الذكاء الصنعي، بالإضافة إلى إمكانية البحث عن الموسيقى من خلال محادثة مع روبوت الدردشة.

هناك أداة تسمى “GIFI” تستخدم الذكاء الصنعي لإنشاء صور في نتائج “صور جوجل”. 

بينما تعلم أداة أخرى تسمى “Tivoli Tutor” المستخدمين لغة جديدة من خلال المحادثات النصية المفتوحة النهاية مع الذكاء الصنعي. 

في حين تفحص أداة “Searchalong” صفحة الويب التي تقرأها لتقديم معلومات سياقية، كما تسمح للمستخدمين بطرح أسئلة على روبوت الدردشة أثناء تصفح الويب من خلال متصفح “جوجل كروم”.

في رد فعل على المعلومات، قالت لارا ليفين، المتحدثة باسم الشركة “لقد جلبنا الذكاء الصنعي إلى محركنا للبحث منذ سنوات من أجل تحسين جودة نتائجنا بشكل كبير وتقديم طرق جديدة تماما للبحث، وقد فعلنا ذلك بطريقة مسؤولة ومفيدة تحافظ على المستوى العالي الذي حددناه لتقديم المعلومات العالية الجودة. لا تصل كل أفكار المنتج إلى مرحلة الإطلاق، لكن نحن متحمسون لجلب ميزات جديدة مدعومة بالذكاء الصنعي للبحث، ونشارك المزيد من التفاصيل قريبا”.

من الواضح أن “جوجل” تريد التأكيد على التزامها الدائم بتحسين خدماتها وتوفير تجربة بحث أفضل لمستخدميها، مما يجعلها شركة موثوقة وقوية في هذا المجال، بحيث يمكن الاعتماد عليها لتقديم خدمات بحث فعالة ومميزة.

ختاما، فإن هذه التحركات مبشّرة بالنسبة للمستخدمين، لأنها تتيح الوصول إلى المحتوى المفيد بطريقة أكثر سهولة وسرعة مع تطوير تجربة البحث وتحسينها بشكل أكبر وإضافة المزيد من المزايا الجديدة التي قد تجعل العملية أكثر سلاسة ودقة، وكل ذلك في سبيل إقناع المستخدمين بأن عملاقة البحث ما تزال قوية وكفؤة ومعاصرة مثل منافسيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
3 2 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات