استمع إلى المقال

طفرة في انتشار الهواتف المحمولة شهدها العقد الأخير حول العالم، وهو الانتشار الذي يعكسه عدد الهواتف المحمولة المستخدمة في العالم والتي يُقدّر عددها بأكثر من 6.8 مليار هاتف محمول وفق أحدث تقرير من منصة “Oberlo” للتجارة الإلكترونية

الانتشار الذي حققته الهواتف المحمولة جعلها تغلغل في جميع جوانب حياتنا وتصبح ركنا أساسيا للتعاملات اليومية للكثيرين، ورغم هذا الاعتماد الكبير عليها في الحياة اليومية، لكن هل يمكن القول بأن الهواتف المحمولة أصبحت ضرورة لحياة كريمة في عصرنا هذا، أم ما زالت سلعة ترفيهية كما ينظر إليها الكثيرون حول العالم. 

قد يهمك أيضا: الدور الذي لعبته الهواتف المحمولة في الحرب على أوكرانيا

اللحظة الفارقة 

العودة إلى أصل الهواتف المحمولة الذكية ليس أمرا سهلا، إذ توجد الكثير من اللحظات التي يمكن القول أنها ساهمت في ميلاد هذه الظاهرة وجعلها منتشرة بالشكل الذي نعيشه اليوم، ولكن إن أردنا تحديد اللحظة التي شكّلت البداية الحقيقية للشكل الذي نعرفه اليوم للهواتف المحمولة الذكية، فإننا لن نجد أفضل من إطلاق أول هاتف “آيفون” عام 2007 على يد ستيف جوبز. 

الجيل الأول من هواتف “آيفون” هو الجَدّ الحقيقي لجميع الهواتف الذكية التي نعرفها اليوم لأنه كان أول هاتف يقدم شاشة كبيرة ملونة تعتمد على اللمس بالإصبع بدلا من الأزرار لإدخال الأوامر والتحكم في الهاتف، ورغم ذلك، لا يمكن القول بأن إطلاق الجيل الأول من “آيفون” كانت اللحظة التي انتشرت فيها الهواتف الذكية بشكلها الحالي. 

المزايا التي قدمها أول هاتف “آيفون” كانت ثورية بحق وجعلت العالم يقف مذهولا أمام هذه التقنية التي بدت في وقتها مستقبلية، ولكن لأنها كانت تقنية مستقبلية، فإن سعر الهاتف كان مرتفعا للغاية بالنسبة لوقتها، إذ كان يباع مقابل 600 دولار للنسخة الرائدة وهي ما تساوي 865 دولار اليوم تقريبا

في ذلك الوقت، لم يكن من الرائج أن تدفع أكثر من 100-300 دولار في الهاتف المحمول مهما كانت مواصفاته، لذلك لم ينتشر هاتف “آيفون” في ذلك الوقت، وبالتالي لم تنتشر الهواتف المحمولة الذكية. 

الانتشار الحقيقي للهواتف المحمولة الذكية حدث تدريجيا في الأعوام التي تلت إطلاق “أبل” لهاتفها الذكي، إذ بدأت الكثير من الشركات في اتباع هذا التوجه وشهدنا ظهور الكثير من الهواتف الذكية والتي تقدم شاشة اللمس بعد تلك اللحظة، ويمكن القول بأن لحظة الإنفجار الحقيقية في شعبية الهواتف المحمولة كانت بين 2010 إلى 2012، وهو الوقت ذاته الذي أصبح الإنترنت فيه ركنا ضروريا في كل منزل. 

توغل في جميع أركان الحياة 

استخدام الهواتف المحمولة لم يعد يقتصر على الترفيه والدخول إلى الإنترنت أو حتى المحادثات بمختلف أشكالها، بل أصبح جزءا ضروريا حتى تتمكن من العيش في الكثير من الدول حول العالم، وذلك لأنك عبر الهاتف المحمول تستطيع القيام بكل ما تحتاجه دون مغادرة منزلك. 

قد يهمك أيضا: ما وراء تركيز الشركات الصينية على بناء الهواتف الاقتصادية؟

الانتشار الذي تمكنت الهواتف المحمولة من تحقيقه جعل الكثير من الشركات والهيئات الحكومية حول العالم تعتمد عليها في إنهاء بعض الإجراءات التي كانت تحتاج التوجه إلى مؤسسات الدولة المختلفة، وهو التوجه الذي أصبح واضحا للغاية مع انتشار وباء “كوفيد-19” في الأعوام الماضية. 

استخراج الأوراق الرسمية والتقدم للحصول عليها وحجز تذاكر السفر والفنادق إلى جانب مستندات السفر جميعا هي بعض الاستخدامات التي أصبحت متاحة في جميع دول العالم سواء كانت من العالم النامي أو العالم الأول، وفي بعض الدول أيضا تستطيع التقدم للحصول على رخصة القيادة وبيع سيارتك أو شرائها عبر الهاتف ودون أن تغادر منزلك، وهو الأمر الذي كان يتطلب أياما طِوال في الأزمان الغابرة. 

نقلة ثورية في التقنيات المالية 

سهولة استخدام الهواتف المحمولة وانتشارها في الآونة الأخيرة مهّد الطريق لبزوغ فجر جديد في التقنيات المالية والمعاملات البنكية المختلفة، وهو ما أصبح يُعرف بإسم “Fintech” أو “التقنيات المالية”. 

التقنيات المالية ببساطة هي محاولة دمج الهواتف الذكية في العملية المصرفية حول العالم، ثم تقديم حلول مبتكرة تسهّل استخدام هذه الحلول لتصبح متاحة للجميع عبر هواتفهم ودون التوجه إلى البنوك أو حتى التواصل معها هاتفيا، وهو القطاع الذي شهد طفرة نمو مع دخول أزمة “كوفيد-19”. 

التطور الذي حدث في هذا القطاع تحديدا جعل الهاتف المحمول الذكي هو بوابتك والطريقة المثلى للتعاملات المالية المختلفة سواءً كانت دفع الأموال أو استقبالها أو فتح الحسابات وإثبات الشخصية وغيرها من التعاملات البنكية اليومية، ويمكن القول بأن هاتفك المحمول أصبحا بنكا متنقلا تحمله في جيبك وتستطيع استخدامه يوميا، ومازال هذا القطاع يتطور وينمو بشكل يومي بفضل الاهتمام العالمي به، ولعل ظهور البنوك الرقمية التي لا يوجد لها أي فرع على أرض الواقع كان المثال الأوضح لهذا التطور. 

قد يهمك أيضا: البنوك الإلكترونية.. بين التسهيلات والمخاوف

سلاح ذو حدين 

سهولة استخدام الهواتف المحمولة في الحياة اليومية والاعتماد الكبير عليها في مختلف جوانب الحياة سهل الكثير من الأمور ورفع من جودة الحياة اليومية للكثيرين حول العالم، ولكنه أيضا قدم فرصة ذهبية للمجرمين الرقميين لسرقة الأموال والبيانات. 

اختراق هاتف محمول واحد فقط يتيح للمهاجم الوصول إلى جميع الحسابات البنكية التي يمتلكها مالك هذا الهاتف، ويوفر له فرصة لسرقة أمواله وربما انتحال شخصيته في بعض الأوقات، لذلك شهدنا تزايد كبير في معدل الهجمات الرقمية في الآونة الأخيرة إلى جانب ارتفاع كلفتها وأضرارها أيضا

الحماية من الهجمات الرقمية الخبيثة للأفراد لم تعد بالصعوبة التي كانت عليها، وأصبح هناك الكثير من البرمجيات الخاصة للحماية من هذه الهجمات، كما ولد قطاع جديد من الوظائف يدعى خبراء الأمن السيبراني لمجابهة الخطر المتزايد لعمليات سرقة البيانات والحسابات المختلفة، ولكن جميع هذه الأمور تحمي ضد الهجمات الخبيثة التي تستهدف الهواتف أو الحواسيب دون أن تنظر إلى الشركات الخبيثة التي تصنع منتجا يهدف للتجسس على مالكه. 

الأمن الذي يقدمه الهاتف المحمول أو المنتج الذكي مهما كان نوعه يأتي من العوامل البرمجية وإغلاق جميع الثغرات التي يمكن التسلل منها، ولكن بعض الشركات من أجل تقليل التكلفة ولأسباب أخرى لا تعمل على إغلاق هذه الثغرات أو حتى تمضي وقتا كافيا لاكتشافها، وبالتالي فإنها تترك مستخدميها عرضة للاختراقات والسرقات، وربما كانت الثغرة التي وجدت في شريحة “Mediatek” الخاصة بـ هواتف “شاومي” في العام الماضي مثالا حيّا على ذلك. 

وجود مثل هذه الثغرات يهدد أمن المستخدم الحقيقي وليس فقط أمنه الرقمي، إذ تتيح للمهاجمين الوصول إلى حسابات المستخدم البنكية بكل سهولة وسرقة أمواله دون عناء، وفي أغلب الأوقات لا يمكن تتبع هذه الهجمات، لذلك فإن الحل الأفضل هو اقتناء هاتف يحمي بيانات المستخدم. 

قد يهمك أيضا: التحديثات الأمنية الدورية للهواتف.. ما مخاطر توقفها؟

ضرورة للحياة 

موقع “investopedia” وهو أحد أهم المواقع الاستثمارية في العالم يرى بأن امتلاك هاتف محمول في عام 2023 هو ضرورة من ضروريات الحياة، ويذكر بوضوح الاستخدامات المختلفة للهواتف المحمولة والنفع الذي يعود على مالكه في عصرنا الحالي، ولكن السؤال الحقيقي هو أين يقع الفاصل بين الرفاهية في مواصفات الهاتف والجزء الضروري منها. 

الإجابة على هذا السؤال تختلف قليلا من مستخدم لآخر بحسب طريقة استخدامه للهاتف والهدف من امتلاكه، وربما تكون عدسات الكاميرا هي إحدى مواصفات رفاهية الهاتف بالنسبة للبعض وللبعض الآخر من العاملين في مجال التصوير هي ضرورية. 

مستوى الأمان الذي يقدم الهاتف يجب أن يكون في أولوية مواصفات الهاتف الذي تفكر في اقتنائه، ويسبق هذا حجم ذاكرة الهاتف أو تصميمه وحتى كاميرا الهاتف، إذ أن هاتف غير آمن يؤدي في النهاية إلى الكثير من المخاطر. 

لذلك عندما تفكر في اقتناء هاتف جديد، يجب أن تبحث أولا عن مستوى الأمان الذي يقدمه الهاتف مهما كان عملك في الحياة، مادمت تستخدم هاتفك بشكل دوري، فإنك تحتاج إلى هاتف آمن يحميك ولا يشكل خطرا عليك. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.