استمع إلى المقال

في عالم متصل بشبكة الإنترنت، أصبح التجسس السيبراني وسيلة فعالة للحصول على معلومات سرية وحساسة عن الدول والمنظمات المنافسة أو المعادية، وتعد أوكرانيا واحدة من الدول التي تعاني من هذه الهجمات المستمرة، خاصة وأنها تواجه غزوا روسيا منذ شباط/فبراير 2022، وأغلب الأحيان يكون القراصنة المشاركون في هذه الحملات لهم صلات بالمخابرات الروسية، ويقومون بتنفيذ عمليات تجسس سيبراني محكمة الإعداد.

في آخر هجوم من هذا النوع، قام القراصنة باستخدام إعلان مزيف لبيع سيارة مستعملة بهدف جذب انتباه الدبلوماسيين العاملين في السفارات الأجنبية في كييف عاصمة أوكرانيا وأكبر مدنها. وراء هذا الإعلان المغري يكمن محاولة القراصنة اختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بتلك السفارات، واستنزاف المعلومات الحساسة المخزنة فيها.

من خلال هذا التقرير سنتطرق إلى تفاصيل هذه العملية التجسسية، والأساليب والأهداف التي استخدمها القراصنة، والتأثيرات والتحديات التي تواجه أوكرانيا وحلفاؤها في مجال الأمن السيبراني.

هذا هو الطعم

وفقا لتقرير نشرته شركة “Palo Alto Networks” الأميركية المتخصصة في الأمن السيبراني، فإن المتسللين المعروفين باسم “APT29” أو “Cozy Bear”، اعتمدوا على إعلان حقيقي أرسله دبلوماسي بولندي في منتصف نيسان/أبريل 2023 إلى عدة سفارات في كييف، يعلن فيه عن رغبته ببيع سيارته من طراز “بي إم دبليو” مقابل 7500 يورو، وقام القراصنة بنسخ ذلك الإعلان وإضافة برامج ضارة إليه، ثم إعادة إرساله إلى 22 سفارة أجنبية أخرى في كييف، مستغلين فضول المستقبلين لمشاهدة صور السيارة، وحاولوا من خلال ذلك سرقة البيانات والحصول على وصول خفي لشبكات السفارات.

المسؤولون الغربيون يربطون هذه المجموعة بالهجمات التي شنتها على مواقع لجان الأحزاب الديمقراطية والجمهورية في الولايات المتحدة في 2016 و2021، كما يعتبرونها جزءا من جهود التجسس التطورية لروسيا، وقال نائب رئيس شركة “Palo Alto Networks”، إن هذه الحملة تظهر مدى قدرة المخابرات الروسية على استغلال أحداث بسيطة وشائعة لأغراض تجسسية، خصوصا في ظل التوترات المستمرة بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.

لم يتضح ما إذا نجح المتسللون في اختراق أية سفارات، لكن الباحثين بشركة “Palo Alto Networks” حذروا البعثات المستهدفة بعد اكتشاف شيء مريب في الملف المرفق، وأشار التقرير إلى أن هذه الحملة تشكل خطرا جديدا، حيث يمكن للقراصنة الآن إعادة استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتدرب على أسلوب المحادثات الحالية، وإنشاء روابط مغرية قادرة على خداع حتى المستلمين الحريصين وجذبهم للنقر عليها.

التجسس السيبراني

تطور المجرمين الإلكترونيين

هذا الحدث الأخير يظهر أن التجسس السيبراني أصبح أداة قوية ومتطورة في يد المجرمين الإلكترونيين والمخابرات، ولا يقتصر تأثيره في الأفراد والشركات فحسب، بل يمتد أيضا إلى المستوى الدبلوماسي والسياسي، ويجب أن ندرك أن التحديات الأمنية السيبرانية تستدعي تعزيز الحماية وتطوير استراتيجيات مبتكرة للتصدي لهذه الهجمات القائمة على التكنولوجيا.

استهداف السفارات الأجنبية في أوكرانيا هو مثال آخر على استخدام القراصنة للخداع والتلاعب للوصول إلى المعلومات السرية، لذا يجب أن يكون لدينا وعي كافٍ بأن أي حدث صغير يمكن أن يصبح مفتاحا ومدخلا للتجسس السيبراني، وأن حماية البيانات والشبكات الحساسة تعد مسؤولية هامة للأفراد والمنظمات على حد سواء.

لذلك، يتطلب التصدي للتجسس السيبراني اتخاذ إجراءات حتمية ومهمة في الأمن السيبراني، بدءا من تحديث الأنظمة والبرامج الأمنية، وتعزيز الوعي بالمخاطر المحتملة، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الهجمات الخبيثة، فقط من خلال تبني استراتيجيات شاملة للأمن السيبراني والتعاون الدولي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات