كورتانا وسيري.. نهاية عصر المساعدات الصوتية التقليدية؟

كورتانا وسيري.. نهاية عصر المساعدات الصوتية التقليدية؟
استمع إلى المقال

“مايكروسوفت” بدأت في الوفاء بوعدها بإنهاء مساعدها الصوتي “كورتانا”، بينما “أبل” لا تزال متخبطة بشأن مستقبل “سيري” وكيفية تطويره لمواكبة التغييرات الحاصلة، لكن هل هذه التحركات تعني نهاية عصر المساعدات الافتراضية الصوتية بشكلها الحالي، وهل تراهن الشركات الآن على الذكاء الاصطناعي بدلا من ذلك.

المنافسة في سوق المساعدات الصوتية شرسة، خاصة في الوقت الحالي، مع ظهور العديد من روبوتات الدردشة العاملة بالذكاء الاصطناعي.

هذا الأمر دفع “مايكروسوفت” إلى إنهاء مساعدها الصوتي “كورتانا” لصالح الذكاء الاصطناعي، لكن بسبب إختلاف نهج “أبل” عن المنافسين بخصوص الذكاء الاصطناعي، لا يبدو أنها قادرة على اتخاذ مثل هذه الخطوة تجاه مساعدها الصوتي “سيري”، الذي يحتاج إلى تحسينات كبيرة في حال أراد مواصلة المنافسة في هذا المجال.

“مايكروسوفت” تنهي “كورتانا”

بالنظر إلى أن “مايكروسوفت” و”OpenAI” تعملان معا لتحسين روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي “ChatGPT”، فليس من المستغرب أن تتخلى الشركة عن مساعدها الصوتي الذي مضى عليه عقد من الزمن لصالح التقنية الجديدة.

بعد مرور وقت طويل، ظهر تحديث جديد لتطبيق المساعد الصوتي “كورتانا” ضمن المتجر، لكن بدلا من تحسين الأمور، تسبب التحديث بتوقف التطبيق عن العمل عبر “ويندوز 11”. 

لكن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون بمثابة مفاجأة، حيث أن كورتانا، وهو المساعد الصوتي التقليدي من عصر “ويندوز فون” الذي ظهر لأول مرة عبر أجهزة الحواسيب مع “ويندوز 10″، لم يتلق أي تحديث لميزاته في العامين الماضيين.

في عام 2014، ظهر هذا المساعد الصوتي كرد من مايكروسوفت على مساعد “أبل” الصوتي “سيري”. حينها، نشرت “مايكروسوفت” سلسلة من الإعلانات التجارية التي تستهدف مساعد “أبل” الصوتي عبر إظهار أن “كورتانا” قادر على أداء المهام الواعية بالسياق باستخدام عدد من الخدمات.

لكن التحديث الجديد، الذي يتم طرحه لبعض المستخدمين عبر نظام التشغيل “ويندوز 11″، يعمل على إيقاف تشغيل تطبيق المساعد الشخصي المستقل.

في الوقت الحالي، يتم فتح التطبيق مع عبارة تنبيه تقول، “نجري بعض التغييرات عبر ويندوز التي تؤثر بمستخدمي تطبيق كورتانا، وبدءا من شهر آب/أغسطس 2023، لن ندعم كورتانا في ويندوز كتطبيق مستقل بعد الآن”، مع رابط لصفحة تعلم المزيد، التي تفتح وثائق دعم “مايكروسوفت”.

مستند الدعم يشير، إلى أن الشركة تتجه إلى إغلاق التطبيق المستقل مع التحديث الجديد لصالح المساعد المدعوم بالذكاء الاصطناعي “Copilot”، حيث توصي الشركة بدمج ميزات إنتاجية أخرى مدعومة بالذكاء الاصطناعي في ويندوز، بما في ذلك “Bing Search”.

في الوقت الحالي، ومع توقف التطبيق عن العمل عبر “ويندوز 11″، لا يزال “كورتانا” يعمل عبر “ويندوز 10″، حيث من المقرر أن يتلقى التحديثات حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2025، لكنه قد يتوقف قريبا، إذ تخطط الشركة لإغلاقه في غضون أسابيع قليلة.

علاوة على ذلك، أزالت “مايكروسوفت” “كورتانا” من تطبيقها المسمى “Microsoft Launcher” لنظام “أندرويد” وأماكن أخرى، لكنه قد يظل متاحا في تطبيقات الأجهزة المحمولة، مثل “أوتلوك” و”تيمز”.

في حال كنت تريد مساعدا ذكيا، فإن الشركة توصي باستخدام “Copilot”، الذي من المفترض أن يظهر لأول مرة مع تحديث النصف الثاني من عام 2023 لنظام التشغيل “ويندوز 11” المرجح إصداره في شهر أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام.

بالإضافة إلى ذلك، تختبر “مايكروسوفت” مكونات إضافية داخلية وخارجية لمحرك البحث “Bing” بالنسبة للمساعد الذكي “Copilot”، التي يمكن أن تنقل تجربة المساعد إلى المستوى التالي.

هناك أيضا طرق أخرى للوصول إلى تجربة المساعد الشخصي الذي يشبه “كورتانا” عبر “ويندوز”، والتي تتمثل في “Bing Chat” التي يمكن الوصول إليها عبر متصفح “إيدج” أو “كروم”.

مساعد “كورتانا” حقق نجاحا كبيرا عبر “ويندوز فون 8.1” في عام 2014، لكن حتى مع قيام الشركة بدفعه في كل مكان تقريبا، فشل في التنافس مع المساعدين الرقميين المنافسين مثل “سيري” و”أليكسا” و”مساعد جوجل”، كما لم يحظى بالكثير من النجاح عبر أجهزة الحواسيب. 

مع الإعلان عن “ويندوز 11” في عام 2021، كشفت “مايكروسوفت” أن “كورتانا” لن يتم تشغيله بشكل تلقائي، ولن يتم تثبيته عبر شريط المهام. بالرغم من ذلك، استغرقت الشركة عامين آخرين حتى بدأت بإنهاء التطبيق ضمن “ويندوز 11”.

“أبل” في حيرة مع “سيري”

“أبل” أدركت جيدا أهمية الذكاء الاصطناعي، وتأكدت بأن التأخر في دخول هذا المجال قد يكلفها الكثير، لا سيما الخسائر المالية، وعلى هذا الأساس قررت الشركة دخول عالم الذكاء الاصطناعي.

في وقت سابق اليوم، وخلال مكالمة مع المستثمرين، أكد الرئيس التنفيذي لشركة “أبل”، تيم كوك، أن “أبل” تجري أبحاثا باستخدام مجموعة واسعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك “الذكاء الاصطناعي التوليدي لسنوات.

نتيجة لذلك، تطور الشركة أدوات ذكاء اصطناعي تشبه “ChatGPT” و”Bard”، حيث صنعت “أبل” روبوت دردشة يُطلق عليه داخليا اسم “أبل GPT”، لكنها لم تشر إلى أي خطط لإطلاق الروبوت للجمهور.

روبوت الدردشة يعمل بواسطة إطار العمل المسمى “أجاكس” الذي أنشأته الشركة لأول مرة في العام الماضي من أجل تطوير التعلم الآلي، وتحسين خدمات البحث عبر “سيري”.

في غضون ذلك، فإن مساعد الشركة الصوتي لا يزال بعيدا عن الذكاء الاصطناعي، وتعاني فرقه من التخبط الواسع منذ عام 2018، كما يواجه شكاوي حتى من موظفي الشركة بشأن الخلل التنظيمي ونقص الطموح عندما يتعلق الأمر بتطويره. 

 بالنسبة لمعظم الناس العاديين، كان “سيري” بمثابة نظرة مبكرة على الذكاء الاصطناعي قبل ظهور روبوتات الدردشة المتطورة، لكن في أعقاب ظهور “ChatGPT”، أصبح المستخدمون يقارنون بينه وبين روبوت شركة “OpenAI”.

هذه المقارنة أوضحت بشكل جلي أن “سيري” لا يضاهي “ChatGPT” وغير قادر على منافسته. 

إلى جانب ذلك، فإن “سيري” تخلف عن منافسيه التقليديين من حيث الدقة والميزات، في دراسة أجرتها منصة “VoiceBot”، احتل “سيري” المرتبة الأخيرة من بين أفضل 5 مساعدين صوتيين.

بعض الموظفين يشيرون إلى أن “سيري” لا يزال يعتمد على تقنية قديمة جدا وأن تحسينها يتطلب الكثير من الجهود، حيث جاء “سيري” بتصميم ثقيل جعل إضافة ميزات جديدة مسألة تستغرق وقتا طويلا، ومن الصعوبة بمكان إضافة كلمة إلى قاعدة البيانات. 

نتيجة لذلك، فإن التحديثات التي تبدو بسيطة، مثل إضافة بعض العبارات الجديدة إلى مجموعة البيانات، تتطلب إعادة بناء قاعدة البيانات بأكملها، التي قد تستغرق ما يصل إلى 6 أسابيع.

في حين قد تستغرق إضافة ميزات أكثر تعقيدا مثل أدوات البحث الجديدة ما يقرب من عام. في الوقت نفسه، رفضت الشركة اقتراحا بالسماح لـ “سيري” بإجراء محادثات طويلة لأنه يجعل المحادثات غير قابلة للسيطرة ومبهمة.

من أجل منع “سيري” من توفير ردود غير منطقية، فإن الشركة تفضل أن تكون الردود مكتوبة مسبقا من قبل فريق بشري مكون من نحو 20 كاتبا، بدلا من أن تكون مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

نتيجة لذلك، في عام 2019، اصطدم فريق التطوير، الذي يطور الميزة التي تستخدم مواد من الويب للإجابة على الأسئلة، مع فريق التصميم حول مدى دقة الردود، حيث طلب الأخير بمعدل دقة شبه مثالي قبل إصدار الميزة.

لكن فريق التطوير حاول لشهور إقناع فريق التصميم بأنه لا يلزم التحقق من كل سؤال من قبل إنسان، لأن هذا القيد يجعل من المستحيل توسيع نطاق “سيري” للإجابة على العدد الهائل من الأسئلة التي يطرحها المستخدمون.

مع ذلك، رفض فريق التصميم بشكل متكرر السماح للمساعد الصوتي بالإجابة على الأسئلة، مما جعل فريق التطوير غير قادر على التعامل مع قيود النموذج.

بالمثل، رفض فريق التصميم بشكل متكرر الميزة التي مكنت المستخدمين من الإبلاغ عن مشكلة أو أمر يتعلق بمحتوى إجابة “سيري”، مما منع فريق التطوير من فهم الأخطاء، لأن فريق التصميم أراد أن يظهر “سيري” بأنه يعرف كل شيء.

بشكل عام، بالنظر إلى ما تحققه الشركات الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، فمن الواضح أن الوقت قد حان لكي تتخلى “أبل” عن “سيري” وتركز جهودها على التقنيات الجديدة.

ختاما، بينما توقف “كورتانا” عن العمل، فإن “سيري” مستمر، لكن في ظل وجود الكثير من المعلومات التي تتحدث عن نية الشركة إجراء تغييرات كبيرة على المساعد الصوتي، فمن غير الواضح في الوقت الحالي إلى متى قد تحافظ الشركة على “سيري” بشكله وميزاته الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات