استمع إلى المقال

لا شك في أن أجهزة “أبل” الاستهلاكية تحظى بشهرة كبيرة، حيث أحدثت أثرا كبيرا بالنسبة للمستهلكين والشركة معا، لكن هل تمثل الشرائح المصممة ذاتيا التغيير الأكثر عمقا للشركة منذ عقود.

سيليكون “أبل”

على مدى العقدين الماضيين، كان ارتفاع أسعار أسهم شركة “أبل” مدفوعا بأجهزتها الاستهلاكية الشهيرة، لكن هناك الكثير بالنسبة لأكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقية أكثر من مجرد الأدوات.

في مقرها الرئيسي في وادي السليكون، في غرفة عادية مملوءة ببضع مئات من الآلات وحفنة من المهندسين الذين يرتدون معاطف المختبر، تصمم الشركة الرقائق المخصصة التي تشغل منتجاتها الأكثر شعبية.

خلال عام 2010، طرحت “أبل” لأول مرة أشباه الموصلات المحلية في هاتف “آيفون 4”. اعتبارا من هذا العام، أصبحت جميع حواسيب “ماك” الجديدة مدعومة بمعالجاتها، مما أنهى اعتمادها الذي دام أكثر من 15 عاما على شركة “إنتل”.

إن أحد أهم التغييرات، إن لم يكن الأكثر عمقا، في الشركة، ومنتجاتها على مدار العشرين عاما الماضية، هو كيفية تنفيذها الآن للعديد من هذه التقنيات داخل الشركة، وعلى رأس القائمة، المعالجات.

هذا التغيير أدى إلى وضع “أبل” أمام مجموعة جديدة من المخاطر، إذ تصنع المعالجات الأكثر تقدما بشكل أساسي بواسطة بائع واحد، وهو شركة “TSMC”.

في الوقت نفسه، تتعافى الهواتف الذكية من الركود العميق في المبيعات، والمنافسون، مثل “مايكروسوفت”، يحققون قفزات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.

الشركة تتوجه نحو الأعمال المعقدة لتطوير أشباه الموصلات المخصصة، التي تتابعها أيضا “أمازون”، و”جوجل”، و”مايكروسوفت”، و”تيسلا”.

“أبل” لديها الآلاف من المهندسين، لكن مجموعة الرقائق التي تصنعها محدودة وفعالة للغاية. على عكس صانعي الرقائق التقليديين، لا تصنع “أبل” المعالجات لشركات أخرى.

بسبب عدم بيعها للرقائق في الخارج، فإنها تركز على المنتج، وهذا يمنحها الحرية في التحسين، كما تتيح لها البنية القابلة للتطوير إعادة استخدام القطع بين المنتجات المختلفة.

تشغيل أجهزة “آيفون”

في عام 2018، جاء جوني سروجي إلى “أبل” من أجل قيادة فريق صغير مكون من 50 مهندسا لتصميم شرائح مخصصة لجهاز “آيفون”.

بعد شهر من انضمامه، اشترت شركة “أبل” شركة “P.A. Semi”، وهي شركة ناشئة تضم 150 شخصا، مقابل 278 مليون دولار.

بعد عامين من الاستحواذ، أطلقت “أبل” أول شريحة مخصصة لها، “A4″، في “آيفون 4” و”آيباد”، حيث بنت الشركة ما تسميه معمارية الذاكرة الموحدة القابلة للتطوير عبر المنتجات.

هذا يعني أن الشركة أنشأت معمارية تبدأ بجهاز “آيفون”، لكن وسعت بعد ذلك نطاقها إلى “آيباد” ومن ثم إلى الساعة وفي النهاية إلى حاسوب “ماك”.

فريق السيليكون في “أبل” نما ليضم آلاف المهندسين الذين يعملون في مختبرات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ألمانيا والنمسا والمملكة المتحدة واليابان.

داخل الولايات المتحدة، تمتلك الشركة مرافق في وادي السيليكون وسان دييغو وأوستن بولاية تكساس.

النوع الأساسي للرقاقة التي تطورها الشركة يعرف باسم “النظام على الشريحة”، أو “SoC”، الذي يجمع بين وحدة المعالجة المركزية، ووحدة معالجة الرسومات، والمكونات الأخرى،

بالنسبة لشركة “أبل”، هناك أيضا وحدة المعالجة العصبونية التي تشغل المحرك العصبوني.

كانت أول شريحة “SoC” من “أبل” هي السلسلة “A”، التي تطورت من “A4” في عام 2010 إلى “A17 Pro” التي تم الإعلان عنها في شهر أيلول/سبتمبر من هذا العام.

إنه المعالج المركزي في أجهزة “آيفون”، بالإضافة إلى بعض أجهزة “آيباد” وأجهزة “Apple TV” و”HomePod”.

الشريحة الرئيسية الأخرى من “أبل” هي سلسلة “M”، التي تم إصدارها لأول مرة في عام 2020، والتي تعمل الآن على تشغيل جميع أجهزة حواسيب “ماك” الجديدة وأجهزة “آيباد” الأكثر تقدما، ووصل هذا المنتج إلى خط “M3”.

في عام 2015، تم إطلاق سلسلة “S”، وهي عبارة عن “النظام في الحزمة”، أو “SiP”، لساعة “Apple Watch”. رقائق “H” و”W” تستخدم في سماعات “AirPods”، في حين تسمح شرائح “U” بالاتصال بين أجهزة “أبل”.

من المقرر أن يتم شحن أحدث شريحة، “R1″، في أوائل العام المقبل في نظارة الرأس “Vision Pro”. هذه الشريحة مخصصة لمعالجة المدخلات من الكاميرات وأجهزة الاستشعار والميكروفونات الخاصة بالنظارة، وتشير الشركة إلى أنها تبث الصور إلى شاشات العرض في غضون 12 ميلي ثانية.

على سبيل المثال، تتيح “H2” الموجودة داخل الجيل الثاني من “AirPods Pro” إمكانية إلغاء الضوضاء بشكل أفضل. داخل “Series 9 Apple Watch” الجديدة، تتيح “S9” إمكانيات غير عادية، مثل النقر المزدوج.

في أجهزة “آيفون”، كان لدى “A11 Bionic” في عام 2017 أول محرك عصبوني من “أبل”، وهو جزء مخصص من “SoC” لأداء مهام الذكاء الاصطناعي بالكامل عبر الجهاز.

المعالج الأحدث “A17 Pro” الذي تم الإعلان عنه في “آيفون 15 برو” و”آيفون 15 برو ماكس” يتيح قفزات كبيرة في ميزات، مثل التصوير الحسابي والعرض المتقدم للألعاب.

هذه الشريحة تمثل أكبر عملية إعادة تصميم في معمارية وحدة معالجة الرسومات وتاريخ “أبل” للسيليكون، إذ إنها تتبع الشعاع المسرع للأجهزة لأول مرة، ولديها تسريع تظليل شبكي، مما يسمح لمطوري الألعاب بإنشاء بعض التأثيرات المرئية المذهلة.

إلى جانب ذلك، تعد “A17 Pro” الشريحة الأولى بدقة 3 نانومتر التي يتم شحنها بكميات كبيرة، ويعود سبب استخدامها لتقنية 3 نانومتر إلى أنها تمنح الشركة القدرة على تعبئة المزيد من الترانزستورات في بعد معين.

استبدال “إنتل” في أجهزة “ماك”

“أبل” استمرت في قفزتها إلى تقنية 3 نانومتر مع شرائح “M3” لأجهزة حواسيب “ماك”، التي أعلنت عنها في شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث تتيح ميزات، مثل عمر البطارية لمدة 22 ساعة، وتعزز أداء الرسومات، على غرار “A17 Pro”.

في البداية، كانت الشركة تميل في طريقة صنع المنتجات إلى استخدام تقنيات من شركات أخرى، وتبني المنتج حول تلك التقنيات، ومع أنها ركزت على التصميم الجميل، لكنها كانت مقيدة بما هو متاح.

في تحول كبير لصناعة أشباه الموصلات، ابتعدت الشركة عن استخدام معالجات الحواسيب من “إنتل” في عام 2020، وتحولت إلى شريحة “M1” الخاصة بها داخل جهاز “MacBook Air” وأجهزة “ماك” الأخرى.

كان الأمر كما لو أن قوانين الفيزياء قد تغيرت، إذ أصبح بإمكان الشركة فجأة تصنيع جهاز “MacBook Air” نحيف وخفيف الوزن، ولا يحتوي على مروحة، وعمر بطارية يصل إلى 18 ساعة، ويتفوق في الأداء على جهاز “MacBook Pro”.

إن جهاز “MacBook Pro” مع شريحة “M3 Max” أسرع بمقدار 11 مرة من أسرع جهاز “MacBook Pro” مزود بمعالج “إنتل”.

معالجات “إنتل” تعتمد على معمارية “x86″، وهو الاختيار التقليدي لصانعي الحواسيب، مع تطوير الكثير من البرامج لها.

“أبل” تعتمد في معالجاتها على معمارية “Arm” المنافسة، المعروفة باستخدام طاقة أقل ومساعدة بطاريات الحاسوب المحمول على الاستمرار لفترة أطول.

في عام 2020، مثلت شريحة “M1” نقطة اختبار للمعالجات المستندة إلى “Arm” في أجهزة الحواسيب المتطورة. خلال شهر أيلول/سبتمبر، مددت “أبل” صفقتها مع “Arm” حتى عام 2040 على الأقل.

ختاما، عندما ظهرت أول شريحة مخصصة لها قبل 13 عاما، كانت “أبل” غير عادية كشركة لا تعتمد على الرقائق تحاول تحقيق النجاح في سوق أشباه الموصلات الباهظة التكاليف، لكن منذ ذلك الحين، حاولت شركات “أمازون” و”جوجل” و”مايكروسوفت” و”تيسلا” ابتكار شرائح مخصصة، مما يجعلها سباقة في هذا المجال، وجلبت التميز إلى أجهزتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات