استمع إلى المقال

في 6 شباط/ فبراير الجاري تعرضت الأراضي التركية وبعض الدول المحيطة مثل سوريا ولبنان وفلسطين إلى هزات أرضية عنيفة متتابعة، تسببت هذه الهزات في إنهيار الكثير من المباني السكانية وخلّفت وراءها الكثير من المصابين والقتلى، وقد وصل أحدث تقدير لعدد المصابين إلى أكثر من 20 ألف إنسان وإجمالي وفيات يتجاوز 9 ألف شخص. 

الكارثة الطبيعية التي حلّت على الأراضي التركية دفعت الكثير من الهيئات الإنسانية ورجال الأعمال لعرض المساعدات المختلفة، وبالطبع في مقدمة القائمة جاء إيلون ماسك أغنى شخص على الأرض ومالك شركة “ستارلينك” للإنترنت الفضائي ومنصة “تويتر” للتواصل الاجتماعي، وعرض ماسك توفير الإنترنت الفضائي مجانا داخل الحدود التركية من أجل تسهيل عمليات الإنقاذ والتواصل بين المواطنين وهيئات الإنقاذ، ورغم أن إيلون ماسك قدّم الطلب رسميا، إلا أن الحكومة التركية تجاهلت الطلب وردت عليه بالرفض عبر القنوات غير الرسمية

قد يهمك أيضا: دور السوشيال ميديا في إدارة الأزمات والكوارث

لماذا الرفض؟ 

أرجع أحد المسؤولين الأتراك سبب الرفض إلى كون تركيا تمتلك حاليا عدد كافي من أقمار الإنترنت الفضائي، وبالتالي لا يمكن لها أن تستقبل أي أقمار إضافية، كما أن محطات بث الإنترنت ومحطات الاستقبال تعمل عبر البطاريات بدلا من الكهرباء لصعوبة توافرها، ورغم هذا الرفض شكر المسؤول التركي الذي رفض الإفصاح عن اسمه إيلون ماسك عبر صحيفة “بلومبيرغ“. 

الرد جاء من إيلون ماسك وأوضح بأنه كان يحاول لعدة شهور إدخال خدمة “ستارلينك” إلى داخل الأراضي التركية، ولكن أنقرة كانت ترفض طلبه في كل مرة وترفض إدخال المعدات عبر حدودها، وذلك دون توضيح سبب حقيقي وراء هذا الرفض. 

Embed from Getty Images

السبب الحقيقي وراء هذا الإصرار على رفض خدمات “ستارلينك” لازال مجهولا حتى الآن، وقد يرجع إلى مخاوف أمنية لدى أنقرة من خدمة “ستارلينك” حيث سيكون للشركة تحكم في شبكات الإنترنت داخل تركيا، كما أن الحكومة لن تكون قادرة على التحكم في حزم الإنترنت المتوفرة أو عروضها، وهذا هو سبب رفض بعض الدول العربية إتاحة الخدمة ذاتها في أراضيها. 

هل كان دخول “ستارلينك” ليشكل فارق في الكارثة؟ 

إيلون ماسك ليس غريبا عن الأعمال الخيرية حول العالم، وهو يحاول جاهدا مساعدة مختلف الدول التي تمرّ بأزمات مشابهة، وهو ما فعله سابقا عندما قدم خدمة “ستارلينك” بشكل مجاني داخل أوكرانيا حتى يتمكن الجيش والمواطنين من الوصول إلى الإنترنت. 

ورغم ذلك بدأ إيلون ماسك التذمر من هذه الخدمة المجانية، إذ صرح أكثر من مرة أنه لن يكون قادرا على تقديم “ستارلينك” مجانا لفترة أطول، كما أبلغ الجيش الأوكراني مرارا وتكرارا أن خدمة “ستارلينك” تتوقف بشكل عشوائي في أوقات يكونون بحاجة إليها. 

Embed from Getty Images

“ستارلينك” هي خدمة إنترنت فضائي فائق السرعة، وإذا توفر هذا الإنترنت الفضائي بشكل مجاني في أي منطقة متضررة من الزلازل أو أي كارثة أخرى، فإن هذا يجعل التواصل بين فرق الإنقاذ المختلفة سهلا، كما أنه يسهّل التواصل بين قاطني هذه المنطقة والإطمئنان على أهاليهم، وبشكل عام لم تعد خدمة الإنترنت رفاهية كما كانت في الماضي، إذ أنها أصبحت ضرورة حياة للكثيرين خاصة مَن يعملون عبر الإنترنت. 

تواجد الخدمة داخل الحدود التركية كان ليسرّع جهود الإنقاذ بشكل كبير، وكان سيساعد في توجيهها إلى أكثر المناطق المنكوبة داخل الدولة، مما كان لينقذ حياة الكثيرين ويساعد في العثور على الآخرين بدلا من الجهود العمياء أو طرق الإتصال العتيقة التي عفى عليها الزمان والتي تعتمد عليها تركيا. 

تضافر الجهود التقنية 

النكبة التي أصابت الأراضي التركية دفعت معظم دول العالم للتضافر معا ومحاولة تقديم المساعدة بأي شكل من الأشكال، وبعض هذه المساعدات جاءت على شكل خدمات تقنية مجانية. 

“الإتحاد الأوروبي” مثلا عمل على تنشيط قمر “Copernicus” الخاص بالطوارئ، وهو يعمل على توليد خرائط محدّثة ومباشرة لمنطقة الأزمة مع توقعات بالأماكن التي قد تصيبها الهزات الأرضية، كما عمدت شركة الإتصالات الألمانية “Telekom” إلى جعل المكالمات مجانية لسوريا وتركيا في محاولة لطمأنة المواطنين. 

قد يهمك أيضا: كيف ستجيب “استخبارات المصادر المفتوحة” على بعض الأسئلة السورية العالقة؟

سوندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل” صرّح بأن الشركة جعلت رسائل الاستغاثة مجانية، كما قررت تقديم خدمة تنبيهات بالكوارث والأزمات القريبة منك، وعبر هذه الخدمة تحصل على تنبيه إذا كانت هناك هزة قوية إلى جوارك أو بالقرب منك، وهو ما يساعد السلطات المحلية أيضا على التوجه إلى الأماكن التي تحتاج إلى الإنقاذ بشكل أسرع. 

“أمازون” و”أبل” أيضا عرضوا مساعدة السلطات التركية وأرسلوا مساعدات عينية مختلفة إلى الأراضي التركية من أجل المساهمة في تخفيف وقع الأزمة، وتشمل هذه المساعدات أغطية تدفئة إلى جانب خيام وطعام وحفاضات أطفال وطعام للأطفال وأدوية مختلفة ومتنوعة. 

بدائل “ستارلينك” 

شركة “SpaceX” المالكة لخدمة “ستارلينك” هي إحدى شركات إيلون ماسك، وهي تقدم الكثير من الخدمات الفضائية إلى جانب خدمة الإنترنت الفضائي، ورغم أن “ستارلينك” تتصدر الساحة في مجال الإنترنت الفضائي، إلا أنها ليست الشركة الوحيدة في هذا المجال

“أمازون” تمتلك مشروعا منافسا له يدعى “kuiper” وهو يعمل حاليا في أماكن كثيرة حول العالم، ورغم أن سرعاته أقل قليلا من “ستارلينك”، إلا أنه يمتاز بأجهزة استقبال صغيرة وأخف وزنا مما يجعل استقباله واستخدامه أسهل بكثير من غيره. 

“OneWeb” هي شركة أخرى تقدم الخدمة ذاتها مع سرعة كبيرة وتذبذب أقل في الإشارة، مما يجعلها بديلا مناسبا لشركة “ستارلينك” في مثل هذه الأزمات، وهو مشروع بدأ تنفيذه بالفعل ويعمل في الكثير من الدول حول العالم. 

كندا تمتلك شركة للإنترنت الفضائي تدعى “Telesat”، وهي شركة تأسست منذ 50 عاما مضت وتوفّر التغطية للكثير من الدول، كما تقدم خدمات إنترنت فضائي تنافس “ستارلينك” في سرعتها. 

بعض الشركات تعمل في هذا المجال منذ أعوام مضت وتقدم خدماتها في مختلف الدول حول العالم بما فيها بعض الدول التي لا تدعم تشغيل “ستارلينك” ويوجد بعضها يعمل في تركيا، إذ أن الإنترنت عبر الأقمار الصناعية ليست تقنية وليدة العصر. 

رغم وجود الكثير من الشركات التي تقدم خدمة منافسة لشركة مثل “ستارلينك”، إلا أن عرض التشغيل المجاني هي فرصة كانت لتساعد المتضررين من الأزمة في تركيا، كما أنها كانت قادرة على تركيز جهود الإنقاذ وتوجيهها بشكل صحيح إلى الأماكن الأكثر حاجة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.