استمع إلى المقال

تحولات رقمية كبيرة وقفزات واسعة وثورية في عالم التكنولوجيا شهدها العالم خلال السنوات الماضية، ليصبح استخدام التكنولوجيا والإنترنت جزءا أساسيا من حياة كل إنسان على وجهه المعمورة تقريبا، إذ يتم الاعتماد عليها في العديد من المجالات، مثل التسوق عبر الإنترنت من عمليات شراء ومبيع ومقايضة أو التحويلات المالية الإلكترونية والكثير من الأمور الأخرى.

مع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا في الكثير من مرافق الحياة، تزداد في المقابل وتيرة المخاطر والتهديدات التي تترافق مع فوائد واستخدامات التكنولوجيا، على سبيل المثال هناك الكثير من التقارير التي سنقوم بذكرها تثبت زيادة ملحوظة في عمليات الاحتيال الإلكتروني بشكل عالمي.

هذه العمليات الاحتيالية تشمل العديد من الأنشطة المختلفة مثل الرسائل الإلكترونية المزيفة والمواقع الوهمية والتصيّد الإلكتروني وغيرها، وتعد هذه الأنشطة خطيرة جدًا، حيث يمكن أن تؤدي إلى فقدان المال والبيانات الشخصية والمعلومات الحساسة.

بشكل عام تترافق زيادة عمليات الاحتيال الإلكتروني جنبا إلى جنب مع زيادة التفاعل على الإنترنت، على سبيل مثلا، في شهر رمضان تحديدا، يزداد الطلب على خدمات الإنترنت بشكل كبير، وهذا ما يؤدي إلى زيادة العمليات الاحتيالية بكل أنواعها، مما يجعل الأفراد والمؤسسات عرضة لخطر الاحتيال أكثر من غيره من أوقات السنة، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

بالطبع هناك أسباب أخرى لانتشار عمليات الاحتيال الإلكتروني، لذا سنسلط الضوء على إحصائيات زيادة هذه العمليات عالميا، وما هي أسباب هذه الزيادة، وما التدابير الوقائية لحماية أنفسنا وبياناتنا من هذه العمليات التي تتربص بنا.

قد يهمك: الإعلانات المزيفة.. أسباب انتشارها ومخاطرها

الاحتيال الإلكتروني بالأرقام

شركة “TransUnion” الائتمانية ترى أنه من الممكن أن يكون النمو المستمر للتجارة الإلكترونية، هو السبب وراء زيادة حالات الاحتيال، وخصوصا في حالات الشحن، وهو ما يعدّ الآن من أسرع أنواع الاحتيال الرقمي في العالم، فبحسب تقرير أصدرته الشركة في العام الماضي، فقد ارتفعت عدد حالات الاحتيال في الشحن خلال عام 2021، مما أدى إلى زيادة بنسبة 780.5 بالمئة على أساس سنوي في جميع أنحاء العالم، ولدى مقارنة هذه الأرقام مع العامين من 2019 إلى 2021، تُظهر البيانات أن الاحتيال في الشحن نما بأكثر من 1500 بالمئة.

عمليات الاحتيال في الشحن بشكل ملخّص، هي استخدام المشتري عنوان شحن غير صحيح، أو عندما يتلقى البائع المدفوعات دون شحن المنتجات للمشتري، ويُعد هذا النوع من الاحتيال الأكثر شيوعا، ومع ذلك، كانت هذه المشكلة الأكثر بروزا في صناعة الخدمات اللوجستية، حيث يتم شراء المنتجات عبر الإنترنت من المستهلكين، ثم يتم نقلها وتسليمها من قِبل شركات الشحن الخارجية.

مع تزايد توجه المستهلكين إلى الرقمنة، ازدادت نسبة جميع أنواع الاحتيال الرقمي المشتبه بها إلى 9.4 بالمئة سنوياً من 2020 إلى 2021، و52.2 بالمئة منذ 2019 حتى 2021.

بالإضافة إلى الاحتيال بالشحن، يتضمن الاحتيال الذي شهد زيادة كبيرة في الفترة بين 2020 و2021، سرقة الهوية التجارية بنسبة 113.8 بالمئة وشهدت محاولات التصيد الاحتيالي زيادة قدرها 104.8 بالمئة. 

ووفقا لمسح أجرته شركة “TransUnion” على 12.500 بالغ حول العالم، أفاد 62 بالمئة من المستهلكين بأن سرقة الهوية هي المصدر الأكبر للقلق بالنسبة لهم فيما يتعلق بالاحتيال الرقمي.

فيما يلي جدول يظهر نسبة زيادة الاحتيال الشائعة حسب النوع من 2020 إلى 2021

نوع الاحتيالالمعدل العالمي لنمو الاحتيال
احتيال الشحن780.5 بالمئة
سرقة العلامة التجارية113.8 بالمئة
تصيد احتيالي104.8 بالمئة
احتيال الطرف الأول (المستهلك)55.8بالمئة
احتيال الجوائز53.9 بالمئة
سرقة الهوية الحقيقية26.4 بالمئة
احتيال التطبيق – الطرف الأول19.3 بالمئة
الاستيلاء على الحسابات6.4 بالمئة
جدول يظهر نسبة زيادة الاحتيال الشائعة حسب النوع من 2020 إلى 2021

آثار زيادة الاحتيال

بسبب تزايد انتشار التجارة الإلكترونية والحاجة المتزايدة للدفع عبر الإنترنت، شهدت عمليات الاحتيال زيادة كبيرة ما أدى إلى خسائر مرعبة للأفراد والمؤسسات، علاوة على ذلك، أدت القيود التي فُرضت في جميع أنحاء العالم بسبب جائحة “كوفيد-19” إلى زيادة غير مسبوقة في التجارة الإلكترونية، مما فتح الباب أمام المحتالينَ لاستغلال الفرصة.

هذه الظاهرة أثّرت في مختلف المناطق بطريقة مختلفة، حيث كانت نسبة الإيرادات المفقودة بسبب الاحتيال أعلى في آسيا والمحيط الهادئ وأميركا اللاتينية في عام 2021، وأبلغ ثلاثة أرباع التجار عبر الإنترنت عن زيادة صافية في هذه الهجمات مقارنة بالفترة السابقة للأزمة الصحية.

 فوفقا لموقع “Statista” الإحصائي، تُقدر خسائر التجارة الإلكترونية جراء الاحتيال على الصعيد العالمي بحوالي 41 مليار دولار أميركي في عام 2022، متجاوزة الرقم الذي سُجّل في العام السابق إلى كان يبلغ 20 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 48 مليار دولار أميركي بنهاية عام 2023.

الاحتيال الإلكتروني
قيمة خسائر التجارة الإلكترونية بسبب الاحتيال في جميع أنحاء العالم من 2020 إلى 2023 – المصدر: statista

لماذا رمضان؟

تزايد الاحتيال الإلكتروني خلال شهر رمضان يمكن أن يُعزى إلى عدة عوامل، بما في ذلك.

زيادة النشاط التجاري

يتزايد النشاط التجاري خلال شهر رمضان، حيث يحرص الكثيرون على الشراء والإنفاق على الهدايا والمواد الغذائية، وبالتالي يزيد احتمال تعرضهم للاحتيال الإلكتروني.

انخفاض مستوى الحذر

من الممكن أن ينخفض مستوى الحذر لدى الأشخاص خلال شهر رمضان نتيجة التعب والجوع والعطش، مما يزيد احتمالية تعرّضهم للخداع والاحتيال.

الاعتماد على الشبكات الاجتماعية

يعتمد العديد من الأشخاص على الشبكات الاجتماعية للتواصل مع أصدقائهم وأقاربهم خلال شهر رمضان، وقد يتعرضون للاحتيال من خلال الروابط الخبيثة والرسائل الاحتيالية التي يتم تداولها بكثرة على هذه الشبكات.

عمل الخير والتبرعات

تزداد نسبة الأعمال الخيرية والتبرعات خلال شهر رمضان، وهذا يجعلها هدفا لعمليات الاحتيال الإلكتروني، إذ يستغل المحتالون هذا الوقت لإرسال رسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية قصيرة وإعلانات مزيفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محاولين إقناع الناس بالتبرع لمؤسسات وهمية أو تقديم معلومات شخصية حساسة مثل تفاصيل البطاقات الائتمانية.

الاحتيال الإلكتروني

الوقاية من الاحتيال الإلكتروني

فيما يخص التدابير الوقائية للحماية من عمليات الاحتيال، فهي تشمل كل أنواع عمليات الاحتيال، وفي الأوقات كلها على مدار العام، فيما تتحدث هذه القائمة تبعا لتطوير عمليات الاحتيال التي دائما ما يتم إيجاد طرق جديدة يحاول مجرمو الإنترنت من خلالها الإيقاع بالضحية، ومن بعض هذه التدابير الوقائية ما يلي.

تحديث البرامج والأنظمة الأمنية

يجب تحديث برامج الحماية الخاصة بالجهاز والأنظمة الأمنية الأخرى بانتظام، وذلك لتفادي الثغرات الأمنية التي يمكن استغلالها في عمليات الاحتيال الإلكتروني.

استخدام كلمات مرور قوية

أهم وأول سد حماية هو كلمة المرور، والتي يجب استخدام كلمات مرور تكون قوية وغير قابلة للتخمين، وتكون مكونة من أحرف كبيرة وصغير وأرقام ورموز، ومن المهم تجنب استخدام نفس كلمة المرور لأكثر من حساب.

الحذر من البريد الإلكتروني المشبوه

يجب الحذر من البريد الإلكتروني الذي يطلب من المستخدمين تحديث معلومات حسابهم، أو يحتوي على رابط يطلب من المستخدمين الدخول إلى موقع ما، وينبغي التأكد من صحة الرسائل الإلكترونية ومصدرها قبل النقر على أي روابط أو إدخال أية معلومات شخصية.

عدم الإفصاح عن المعلومات الشخصية

يجب تجنب الإفصاح عن المعلومات الشخصية، مثل الرقم القومي أو رقم الحساب البنكي، إلى أي شخص أو موقع غير موثوق به.

استخدام شبكات Wi-Fi الآمنة

ينبغي تجنب استخدام شبكات Wi-Fi العامة غير المؤمنة، واستخدام شبكات Wi-Fi الخاصة المؤمنة لتحديد وتسهيل الاتصالات الآمنة.

قد يهمك: “الهندسة الاجتماعية”.. مخاطرها والوقاية منها

خلاص القول

بعد مشاهدة الأرقام التي توضح زيادة الاحتيال الإلكتروني، يتضح أن الأسباب الرئيسية لزيادة هذا الاحتيال في شهر رمضان على وجه الخصوص تتعلق بزيادة الاستخدام الإلكتروني والتسوق عبر الإنترنت، وزيادة الأعمال الخيرية والتبرعات، وقلة الحذر والحيطة.

لحماية أنفسنا وأموالنا من الاحتيال الإلكتروني، يجب أن نتخذ العديد من الإجراءات الوقائية، بما في ذلك الاستخدام الحذر للبريد الإلكتروني والرسائل النصية والاتصالات الهاتفية، والتأكد من صحة المواقع الإلكترونية وعدم تقديم المعلومات الشخصية أو المصرفية لأي شخص أو جهة غير موثوق بها.

بالإضافة إلى كل ذلك، يجب أن نوجه اهتمامنا إلى تعزيز الحماية الإلكترونية لجميع أجهزتنا ومنصات التواصل الاجتماعي، وتحديث برامج الحماية بشكل منتظم، والتأكد من استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب.

في النهاية، فإن الاحتيال الإلكتروني يشكل تهديدا للأفراد والمؤسسات على حد سواء، ولكن يمكن الحد منه باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، وذلك من خلال مراجعة الحسابات المالية بانتظام، والتأكد من عدم وجود أي عمليات غير مصرّح بها أو شكوك بشأنها، كما يجب زيادة الوعي العام للتعرف على أشكال الاحتيال الإلكتروني بكل أنواعها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.