استمع إلى المقال

بعد الكثير من الغموض خلال السنوات السابقة، كشفت شركة “Humane” عن منتجها الأول للذكاء الاصطناعي، لكن هل يستطيع دبوس “Ai Pin” إزاحة الهاتف الذكي عن عرشه.

“Humane” تطلق دبوس الذكاء الاصطناعي

بعد مرور خمس سنوات على بدايتها وحصولها على تمويل بقيمة 240 مليون دولار و25 براءة اختراع والشراكات مع قائمة من أفضل شركات التكنولوجيا، كشفت شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة “Humane” عن منتجها الأول “Ai Pin” القابل للارتداء الذي يثبت على الملابس.

هذا الدبوس يعد بمثابة رهان كبير في وادي السيليكون فيما يتعلق بالجهاز الذي يأتي بعد الهاتف الذكي، إذ تشير “Humane” إلى أن جهازها قادر على إيقاف كل عمليات التمرير.

مهمة الشركة الناشئة تتمثل في تحرير العالم من إدمان الهواتف الذكية من خلال جهاز متطور تقنيا.

عمران شودري وبيثاني بونجيورنو، الزوجان المؤسسان لشركة “Humane” يتصوران مستقبلا يعتمد بشكل أقل على الشاشات الموجودة في كل مكان.

الزوجان يشيران إلى الدبوس بصفته أول جهاز يعمل بالذكاء الاصطناعي ويمكن التحكم فيه عن طريق التحدث بصوت عال، أو النقر على لوحة اللمس، أو عرض شاشة ليزر على راحة اليد.

في لحظة، يمكن للمساعد الافتراضي للجهاز إرسال رسالة نصية، أو تشغيل أغنية، أو التقاط صورة، أو إجراء مكالمة، أو ترجمة محادثة في الوقت الفعلي إلى لغة أخرى.

النظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الإجابة على الأسئلة ويمكنه تلخيص الرسائل الواردة باستخدام أمر بسيط.

هذه التكنولوجيا تعد خطوة للأمام مقارنة بالمساعدات الصوتية “Siri” و”Alexa” و”Google Assistant”، إذ يمكنها متابعة المحادثة من سؤال إلى آخر، دون الحاجة إلى سياق واضح.

كما أنها قادرة على تحرير كلمة واحدة في رسالة تم إملاءها، بدلا من مطالبة المستخدم بتصحيح الخطأ عن طريق تكرار النص من البداية إلى النهاية، مثل الأنظمة الأخرى.

بالنسبة إلى المطلعين على التكنولوجيا، يعد هذا بمثابة نجاح كبير، لكنه أقرب للخيال العلمي بالنسبة للأشخاص العاديين.

في الوقت الحالي، تعاني “Humane” من قلق عميق بشأن الأسابيع المقبلة، إذ تمتلك صناعة التكنولوجيا مقبرة كبيرة من المنتجات القابلة للارتداء التي فشلت في الإنطلاق.

الشركة تبدأ في شحن الدبابيس في العام المقبل، وتتوقع بيع نحو 100 ألف دبوس، التي تكلف 700 دولارا وتتطلب اشتراكا شهريًا بقيمة 24 دولارا، في السنة الأولى.

لكي تنجح الشركة الناشئة، يحتاج الأشخاص إلى تعلم نظام تشغيل جديد يسمى “Cosmos”، وأن يكونوا منفتحين للحصول على أرقام هواتف جديدة للجهاز.

كما يحتاجون إلى إملاء النصوص بدلا من كتابتها واستبدال الكاميرا التي تقوم بالتكبير للحصول على صور ذات زاوية واسعة.

إلى جانب ذلك، يتعين عليهم التحلي بالصبر لأن بعض الميزات، مثل التعرف على الكائنات ومقاطع الفيديو، لن تكون متاحة في البداية.

البداية في “أبل”

الزوجان التقيا في شركة “أبل” عام 2008، وكان تشودري يعمل على الواجهة البشرية، حيث كان يحدد عمليات التمرير والسحب التي تتحكم في أجهزة “آيفون”، في حين كانت بونجيورنو مديرة برامج لأجهزة “آيفون” و”آيباد”، وعملا معا حتى غادرا “أبل” في أواخر عام 2016.

بونجيورنو طورت مفاهيم لاثنين من منتجات الذكاء الاصطناعي، هما جهاز صحة المرأة والدبوس. الخطوة التالية للزوجين كانت عرض الأفكار على مارك بينيوف، مؤسس شركة “Salesforce”، حيث اجتمعوا في منزل بينيوف في هاواي في عام 2018، وشرحوا كلا الجهازين، لكن بينيوف ركز على الدبوس، متوقعا نجاحه.

هدف “Humane” كان تكرار فائدة “آيفون” دون المكونات التي تجعل المستخدمين مدمنين، مثل السحب للتحديث أو التمرير للمشاهدة، حيث جرب الزوجان سرا مكونات الأجهزة وقاموا ببناء مساعد افتراضي يعمل مع نماذج لغة مخصصة تعتمد جزئيا على عروض “OpenAI”.

العنصر الأكثر غرابة في الجهاز بدأ داخل صندوق بحجم علبة الثقاب، وهو الليزر الذي يعرض قائمة نصية على اليد، واستغرق الأمر 3 سنوات لتصغيره ليكون أصغر من حجم كرة الغولف.

“Humane” أسست ثقافة الشركة التي استعارتها من “أبل”، بما في ذلك سريتها. خلال مرحلة التجربة، لجأت الشركة الناشئة إلى الإعلان عن مستثمرين بارزين والإدلاء بتصريحات عامة غامضة مبالغ فيها حول بناء التحول التالي بين البشر والحوسبة.

كما احتفظت “Humane” أيضا بهوس “أبل” بتفاصيل التصميم، بدءا من الزوايا المنحنية لجهازها والتغليف الأبيض القابلة للتحلل، لكن الشركة الناشئة ابتعدت عن ثقافة “أبل” الصارمة والمتطلبة بطرق معينة، إذ شجعت الموظفين على العمل معا وطرح الخطط والتحدث.

ملامح البداية

قبل إصدار “Ai Pin” مباشرة، كان نحو 20 موظفا من موظفي “Humane” مجتمعين في غرفة لتقييم أصوات رنين الجهاز.

مكبر الصوت الشخصي الخاص بالدبوس، وهو عبارة عن مجموعة من الكلمات الشخصية والصوتية، يعد أمرا بالغ الأهمية، نظرا لأن العديد من ميزاته تعتمد على الإشارات اللفظية والصوتية.

بونجيورنو أرادت أن يكون صوت إرسال رسالة نصية مرضيا، مثل صوت سلة المهملات في أحد أنظمة التشغيل الأقدم لشركة “أبل”.

الجهاز يصل في وقت تصل فيه الإثارة والتشكيك في الذكاء الاصطناعي إلى مستويات عالية جديدة كل أسبوع، إذ يحذر الباحثون في الصناعة من المخاطر الوجودية لهذه التكنولوجيا، ويحرص المنظمون على اتخاذ إجراءات صارمة ضدها.

مع ذلك، فإن المستثمرين يضخون أموالهم بفارغ الصبر في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة. قبل أن تطلق “Humane” منتجا، كان داعموها يقدرون قيمتها بمبلغ 850 مليون دولار.

الشركة حاولت الترويج لرسالة الثقة والشفافية، بالرغم من أنها قضت معظم فترة وجودها في العمل سرا.

دبوس الذكاء الاصطناعي “Ai Pins” من “Humane” يمتلك ما تسميه الشركة “ضوء الثقة” الذي يومض عندما يقوم الجهاز بالتسجيل، وأوضحت الشركة أنها لن تبيع بيانات المستخدم إلى أطراف خارجية أو تستخدمها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

في الأشهر التي سبقت تقديمه، أثارت “Humane” الترقب، إذ استعرض تشودري في شهر نيسان/أبريل جهاز عرض الليزر المزود بدبوس خلال محادثة TED.

في أيلول/سبتمبر، وفي صدى لإطلاق شركة “أبل” لساعتها الصديقة للموضة، ارتدت عارضة الأزياء الشهيرة، ناعومي كامبل، دبوس “Humane” على المدرج في أسبوع الموضة في باريس.

متجر تطبيقات الذكاء الاصطناعي

أنصار “Humane” لديهم طريقة لرفض الشكوك حول آفاقها، إذ إنهم يستحضرون أول جهاز “آيبود”. كان لهذا الجهاز الثقيل والغريب استخدام واحد فقط، وهو تشغيل الأغاني، لكنه وضع الأساس للثورة الحقيقية، الهواتف الذكية.

بالمثل، تتصور “Humane” نظاما بيئيا كاملا من الشركات التي تقوم ببناء ميزات لنظام التشغيل الخاص بها، نسخة الذكاء الاصطناعي من متجر تطبيقات “أبل”.

في عرض توضيحي في مكتب “Humane” لميزة من المفترض طرحها في إصدار مستقبلي للمنتج، التقط مصمم برمجيات قطعة من كعكة الشوكولاتة ونقر على الدبوس الموجود على صدره الأيسر قائلا، “كم كمية السكر الموجودة في هذه؟”.

المساعد الافتراضي أجاب، “أنا آسف، لم أتمكن من البحث عن كمية السكر الموجودة في كعكة الشوفان والزبيب”.

ختاما، إن طموح “Humane” لاستبدال الهاتف الذكي هو أمر جريء ومبدع وحتى غير عقلاني، وهذا النوع من الأشياء التي من المفترض أن يكون وادي السيليكون معروفا بها، لكن الأمر الذي يتحسر عليه النقاد هو التحول الذي حدث في السنوات الأخيرة لمركز الابتكار الرائد، وتركيزه على الأمور غير الهامة، مثل تطبيقات الصور الشخصية.

بعد أشهر من ارتداء دبابيس “Ai Pins” طوال اليوم، لا يستطيع مؤسسو “Humane” الانفصال تماما عن شاشاتهم، لكنهم يستخدمون هواتفهم الذكية بشكل أقل وبشكل مختلف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات