استمع إلى المقال

منذ بداية الحضارة البشرية، كان الاتصال من أهم الحاجات التي سعى الإنسان لتلبيتها بشتى الوسائل والأساليب، فمن الاتصال المباشر بين الأفراد، إلى استخدام الدخان والطبول والإعلام، إلى اختراع الكتابة والبرق والتلغراف والهاتف، إلى ظهور الراديو والتلفزيون والحاسوب وشبكة الإنترنت، شهد مجال الاتصالات تطورا هائلا على مر العصور.

في عصرنا الحديث، أصبحت الاتصالات أكثر أهمية وضرورة من أي وقت مضى، فمع تزايد التحديات والمنافسة في عالم متغير بسرعة، يحتاج الإنسان إلى اتصال سريع وموثوق وشامل في كافة المجالات. سواء في المجال التجاري أو التعليمي أو الترفيهي أو الصحي أو غيره، ويعتمد الإنسان على اتصال آمن وفعّال لإنجاز مهامه وأهدافه.

لكن كيف يمكن للإنسان أن يحقق هذا الاتصال المثالي في ظل تحديات كثيرة تواجهه، كيف يمكن للإنسان أن يتصل بأي شخص في أي مكان على كوكب الأرض دون انقطاع أو تأخير، وكيف يمكن للإنسان أن يستفيد من قدرات التكنولوجيا المتطورة في تحسين جودة حياته.

إليك التقنية التي قد تكون هي الإجابة عن هذه التساؤلات، وهي خدمة “Starlink Mobility”. خدمة جديدة وثورية في مجال الاتصالات تقدم حلا فريدا ومبتكرا لمشكلة التغطية والسرعة والأمان في عالم متصل على نحو مستمر، فما هي هذه الخدمة، وكيف تعمل، وما هي فوائدها.

شركة “سبيس إكس” أعلنت عن إطلاق خدمة جديدة لشبكة الإنترنت الفضائية “ستارلينك”، التي تتيح للعملاء الاتصال من أي مكان تقريبا على سطح الكوكب أثناء التنقل، وتعتمد “Starlink Mobility” على جهاز استقبال يتمتع بمجال رؤية واسع ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المحسن للاتصال بأكثر من 4 آلاف قمر صناعي تابع لشركة في مدار أرضي منخفض.

إيلون ماسك، أوضح أنه يمكنه العمل في معظم المناطق حول العالم، بما في ذلك المحيطات والصحاري، حيث يمكن للعملاء الحصول على خدمة الإنترنت عالية السرعة أثناء القيادة والتنقل والإبحار والتحرك في جميع أنحاء الكوكب، وأن العملاء سيتمتعون بتغطية 100 بالمئة في بلدهم، وفي البلدان جميعها التي تتوفر فيها خدمة “ستارلينك”، وفي تغريدة على منصة “تويتر” أكدت الشركة أن النظام قيد الاستخدام بالفعل في ولاية أريزونا للحافلات المدرسية.

الخدمة الجديدة ستوفر سرعة تنزيل تصل إلى 220 ميغابايت في الثانية، وستبدأ بسعر شهري قدره 250 دولارا، بالإضافة إلى تكلفة شراء أجهزة بقيمة 2500 دولار لمرة واحدة، ويمكن مقارنة ذلك بالخدمة القياسية في الولايات المتحدة التي تكلف 120 دولارا شهريا ورسوم أجهزة قياسية بقيمة 599 دولارا.

خدمة “ستارلينك” ستستخدم أجهزة جديدة ذات أداء عال، والتي تتميز بمجال رؤية واسع للأقمار الصناعية وقدرات (GPS) المحسنة لتحديد موقعها والوصول إلى الأقمار الصناعية، حيث تم تصميمها للاستخدام الثابت، وليس للتنقل والتركيب في مواقع مختلفة، بل لتثبيتها على نحو دائم على السيارة.

Starlink Mobility
المصدر: starlink – جهاز الالتقاط مثبت على سطح السيارة

واحدة من المزايا الإضافية لعملاء أجهزة الأداء هي الأولوية في الوصول إلى اتصال الأقمار الصناعية، وهذا أمر مهم عندما يكون هناك ضغط كبير على الخلايا أو المناطق، حدث تكرر ذلك مؤخرا في بعض المناطق؛ بسبب زيادة شعبية الخدمة، ولكن من المتوقع أن يقل هذا التحدي مع إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية من قبل الشركة.

تؤكد “ستارلينك” أن الأجهزة الجديدة قوية جدا، إذ تستخدم بالفعل لبث الفيديو من الأقمار الصناعية التابعة لشركة “سبيس إكس”، هذا يشير إلى أن النظام قوي بما يكفي لتحمل الصدمات وقوة الرياح عند استخدامه في المركبات التي تعمل على الطرق الوعرة غير المعبدة.

آمال وتحديات

حققت “سبيس إكس” تغطية عالمية لشبكة الإنترنت الفضائية “ستارلينك” الخاصة بها العام الماضي، وبعد أربع سنوات من إطلاق الدفعة الأولى من الأقمار الصناعية إلى الفضاء؛ وعلى الرغم من ذلك، تم منع شركة “ستارلينك” من العمل في بعض الدول مثل الصين وإيران، ومصر التي فرضت قيودا وعقوبات قانونية على استخدام الإنترنت الفضائي بدون ترخيص من الجهات المختصة.

“سبيس إكس” تطمح في إطلاق خدمة الهاتف المحمول من خلال أقمار صناعية، وهذا سيسمح للمستخدمين بالاتصال بشبكة الإنترنت الخاصة بالشركة بدون الحاجة إلى أجهزة إضافية؛ ومع ذلك، يشعر بعض مقدمي الخدمة بالقلق من أن هذا قد يتداخل مع الخدمات اللاسلكية الحالية؛ فعلى سبيل المثال، حثت شركة الاتصالات “AT&T” في الولايات المتحدة لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) على رفض اقتراح “سبيس إكس”، مدعية أن هذا قد يؤدي إلى تعطيل أو تقييد خدمتها.

مستقبل الخدمة

في النهاية، تعد هذه الخدمة المُقدمة من قِبل “سبيس إكس” من أهم الابتكارات والتطور التكنولوجي في مجال الاتصالات. تمكن خدمة “ستارلينك” العملاء من الاتصال بالإنترنت من أي مكان على وجه الكوكب، بفضل شبكة واسعة من الأقمار الصناعية وأجهزة الاستقبال المحسنة.

حيث تتيح هذه الخدمة العالية السرعة والمرونة للمستخدمين التواصل والتصفح أثناء الحركة والتنقل، ومع توسع نطاق الخدمة وزيادة تغطيتها العالمية، فإن استخدام الإنترنت الفضائي يشهد تحسنا كبيرا في الوصول والاتصال للمناطق التي تعاني من قلة البنية التحتية التقليدية.

رغم النجاح العالمي الذي حققته شركة “سبيس إكس” في توفير خدمة الإنترنت الفضائية عبر شبكة “ستارلينك” تواجه الشركة تحديات في بعض الدول التي تمنع عملها، أو تفرض قيودا قانونية عليها.

إضافة إلى ذلك، تتطلع الشركة إلى إطلاق خدمة الهاتف المحمول من خلال الأقمار الصناعية، ولكن هناك مخاوف من تداخلها مع الخدمات اللاسلكية الحالية ومعارضة بعض مقدمي الخدمة، لذا يظل المستقبل مجهولا في هذا الصدد، ومن المهم مواصلة مراقبة تطورات “سبيس إكس” وتأثيرها في صناعة الاتصالات وخدمات الإنترنت في المستقبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات