حرب التكنولوجيا الباردة: الجزء الأول – الذكاء الاصطناعي

حرب التكنولوجيا الباردة: الجزء الأول – الذكاء الاصطناعي
استمع إلى المقال

الذكاء الاصطناعي؛ المصطلح الذي اجتاح كل شيء، من روبوتات الخدمة إلى أدوات التشخيص الطبي إلى مكبر صوت أليكسا وغيرهم الكثير، هو مجال سريع النمو ويلعب دورًا أكثر أهمية في العديد من جوانب حياتنا. ووفقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإنه من المتوقع أن تبلغ مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي  15. تريليون دولار بحلول عام 2030. هذا ما يمثل زيادة بنسبة 26% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لنفس الفترة. كما من المتوقع أن يصل حجم سوق صناعة الذكاء الاصطناعي إلى 266.92 مليار دولار بحلول عام 2027، بحسب شركة “فورتشن بزنس إنسايتس” لدراسات وأبحاث السوق. لذا، فإن براعة الذكاء الاصطناعي في بلدٍ ما لها دلائل على كيفية عيش وعمل مواطنيها، ومدى قدرتها على الحفاظ على قِواها الاقتصادية والعسكرية إلى المستقبل.

ومع وجود الكثير من التصعيد العالمي بين مختلف الأقطاب، برزت مصطلحات مثل “سباق التسلح” في الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين. وتشير العناوين الدرامية إلى أن الصين تستعد لأخذ زمام المبادرة في أبحاث الذكاء الاصطناعي واستخدامه؛ ذلك بسبب خطتها الوطنية للسيطرة على الذكاء الاصطناعي ومليارات الدولارات التي استثمرتها الحكومة في هذا المجال، مقارنةً بتركيز الولايات المتحدة على تنمية القطاع الخاص.

لكن الحقيقة هي أنه حتى العام الماضي على الأقل أو نحو ذلك، كانت الدولتان مترابطتين إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بهذه التقنية. إنها منطقة لفتت الانتباه والاستثمار من كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا على جانبي المحيط الهادئ، بما في ذلك شركات آبل وجوجل وفيسبوك في الولايات المتحدة و “سينس تايم” (SenseTime) و “ميغفي” (Megvii) و “YITU Technology” في الصين.

قال جيفري دينج، رئيس مركز حوكمة الذكاء الاصطناعي في معهد مستقبل الإنسانية التابع لجامعة أكسفورد، إن “روايات” سباق التسلح مبالغ فيها وتشبيهات غير موفقة لما يحدث بالفعل في مجال الذكاء الاصطناعي. وأضاف دينغ أنه عندما تنظر إلى عوامل مثل البحث والمواهب وتحالفات الشركات، ستجد أن النظامين البيئيين للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والصين لا يزالان متشابكين للغاية.

لكن مزيج التوترات السياسية وما سببته جائحة كورونا، وأزمة نقص الشرائح الإلكترونية في كلتا الدولتين، جميعها عوامل تؤجج المزيد من الانفصال، والذي سيكون له تداعيات على كل من التقدم في التكنولوجيا وديناميكيات القوة العالمية لسنواتٍ قادمة.

قال جورج شتايلر، العضو المنتدب لشركة “ستايلر” (Stieler) للاستشارات الإدارية في الصين: “ستغير هذه التقنيات الجديدة قواعد اللعبة في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. الأشخاص الذين بنوها ويسيطرون عليها سيسيطرون أيضًا على أجزاء من العالم. لا يمكنك تجاهل ذلك.”

فمن أين بدأت الحكاية؟ وأين نقف الآن؟ 

كيف وصلنا إلى هنا؟

مصدر الصورة: مدونة شركة جوجل

في مارس/آذار 2016، لعب نظام جوجل المدعوم بخوارزمية الذكاء الاصطناعي ضد “لي سيدول”؛ بطل العالم 18 مرة في لعبة Go الشهيرة المعقدة، وذلك أمام جمهور يزيد عن 280 مليون مشاهد معظمهم من الصينيين، انتصر نظام جوجل، مما دفع الصين إلى ما وصفه التقني الشهير كاي فو لي بأنه “حمى الذكاء الاصطناعي” التي أشعلت النار في مجتمع التكنولوجيا الصيني منذ ذلك الحين.

بعد أكثر من عام بقليل، في يوليو/تموز 2017، كشفت الصين عن خطتها الوطنية للاستيلاء على الذكاء الاصطناعي. إذ حددت “خطة تطوير الجيل الجديد للذكاء الاصطناعي” أهدافها بوضوح، داعيةً الصين إلى اللحاق بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته بحلول عام 2020، وتحقيق إنجازاتٍ ثورية كبيرة بحلول عام 2025، وأن تصبح رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وقد عزز الرئيس شي جين بينغ هذه الأهداف وأكد عليها في خطابه التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر/تشرين الأول 2017 وفي جلسة دراسة المكتب السياسي الرئيسية في أواخر الشهر نفسه.

وما زاد من تأجيج القلق هو بعض الخطابات الرسمية الصينية، التي تعزز الاندماج العسكري-المدني للتطور التكنولوجي لتقويض القدرات التنافسية لأمريكا. وقد تفاقم هذا القلق من خلال مبادرة “الحزام والطريق” الصينية الطموحة؛ وهي مبادرة عالمية ضخمة يخشى البعض من أنها ستمكّن بكين من وضع معايير تكنولوجية عالمية. وبشكلٍ تراكمي، غذت جهود الصين ما وصفه دين جارفيلد، الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات، بأنه “هستيريا” جديدة في واشنطن حيث تفقد أمريكا ميزتها الابتكارية لصالح الصين.

وقال ليان جي سو، المحلل الرئيسي في شركة استشارات سوق التكنولوجيا العالمية “ABI Research”: “لاحظت الصين كيف نشأت صناعة تكنولوجيا المعلومات من الولايات المتحدة وكيف تمارس تأثيرًا ناعمًا في جميع أنحاء العالم من خلال العديد من ابتكارات وادي السيليكون. وبصفة اقتصاد الصين اقتصادًا مبنيًا فقط على قدراتها التصنيعية، فإنها تحرص على إيجاد طريقة لتنويع اقتصادها وتوفير طرق أكثر ابتكارًا لإظهار نقاط قوتها للعالم. الذكاء الاصطناعي هو وسيلة جيدة للقيام بذلك.”

لا أحد يخرج من الحرب دون ندبات

الذكاء الاصطناعي

جزءٌ كبير من الاستجابة الأمريكية جاء على شكل إجراءاتٍ لإبطاء تقدم الصين، بما في ذلك تشديد فحص الاستثمارات الأجنبية في التقنيات الأساسية، وفحص التبادلات الأكاديمية الصينية، وتطبيق التعريفات المستهدفة لتقليل القدرة التنافسية للصين في القطاعات الرئيسية، وزيادة الملاحقات القضائية من الجهات الفاعلة الصينية المتورطة في التجسس الاقتصادي -كما حصل مع هواوي- واستثمار موارد أكبر في عمليات مكافحة التجسس.

ولكي نكون واضحين، من العدل والطبيعي جدًا أن تدافع الدول عن جواهر التاج الاقتصادي الخاصة بها من الاستغلال أو التعدّي الأجنبي. ومثل أي دولةٍ أخرى، للولايات المتحدة الحق في الدفاع عن نفسها، ويجب أن تستمر في القيام بذلك بقوة. ولكن في حماية نفسها، تحتاج الولايات المتحدة إلى تجنب إلحاق الأذى بالنفس. لذا، فإن الحجج التي توصي بـ “فصل” العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، والتي يأتي معها انهيار سلاسل التوريد الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ستحمي الولايات المتحدة من طرف، لكنها ستؤذيها من آخر.

هناك مستويات عالية من التعاون بين الباحثين والمهندسين في كلا البلدين، ويتجلى ذلك في أعداد متزايدة من الأوراق البحثية الأكاديمية التي تمت مراجعتها بشكلِ مشترك من قبل الأقران، والمستويات العميقة من الاستثمارات المشتركة من قبل الشركات الكبرى في الشركات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي في كلا البلدين.

علاوةً على ذلك، وبسبب عمليات التجسس وتنقيب البيانات التي دأبت الصين على فعلها في العقدين الأخيرين، فهي تمتلك كمياتٍ كبيرة من البيانات، وبفضل سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على معظم الشركات والجهات البحثية، فهي لديها لوائح أكثر تساهلاً حول استخدام تلك البيانات، لذلك يمكنها في كثير من الأحيان تنفيذ تجارب الذكاء الاصطناعي بشكلٍ أسرع، لكنها لا تزال تعتمد إلى حد كبير على أشباه الموصلات الأمريكية أو التايوانية وبرامج المصدر المفتوح التي يأتي معظمها من وادي السيليكون لتشغيل خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

وما يزيد من تمتع الولايات المتحدة بالأفضلية عندما يتعلق الأمر بالبحوث عالية الجودة والجامعات والمواهب الهندسية، هو أن أفضل برامج الذكاء الاصطناعي في الجامعات المرموقة مثل ستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تجتذب العديد من الطلاب الصينيين، والذين غالبًا ما يذهبون بعدها للعمل في جوجل ومايكروسوفت وآبل وميتا؛ جميعها شركات قضت السنوات القليلة الماضية تستحوذ على شركاتٍ ناشئة لتعزيز عملها في مجال الذكاء الاصطناعي.

حربٌ يقودها المتصارعان إلى خارج السرب

أمريكا صينية التجسس الإيغور

في عملية حماية كل دولة لنفسها، ومحاولتها إثبات علوّ كعبها، يجب عليها أن تسعى إلى عدم إغفال الصورة الأكبر. فبينما تشتد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، تعمل هاتان القوتان على زيادة المسافة بينهما وبين كل دولةٍ أخرى في العالم من حيث الحجم الاقتصادي ووتيرة الابتكار والقوة الوطنية الشاملة. هذا الانفصال بين الولايات المتحدة والصين عن بقية السرب يتم تغذيته إلى حدٍّ كبير من قبل قطاعات التكنولوجيا في كلا البلدين.

فوفقًا لدراسةٍ أجرتها شركة “PricewaterhouseCoopers” أو “PwC”، من المقرر أن تحصل الولايات المتحدة والصين على 70% من الـ 15.7 تريليون دولار -التي ذكرناها في مقدمة التقرير- من المكاسب التي من المتوقع أن يضيفها الذكاء الاصطناعي إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030.

يتم دفع كلا البلدين إلى الأمام في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال سمات فريدة لن تكررها أي دولة أخرى قريبًا. وتشمل هذه السمات الخبرات البحثية ذات المستوى العالمي، وتجمّعات رأس المال، ووفرة البيانات، والدعم الكبير المقرون بالسيطرة الحكومية في الصين وأنظمة الابتكار البيئية شديدة التنافسية في الولايات المتحدة.

فمن بين حوالي 4500 شركة معنية بالذكاء الاصطناعي في العالم، يعمل حوالي نصفها في الولايات المتحدة ويعمل ثلثها في الصين. لذلك، في حين أنه من الإنصاف القول إن الولايات المتحدة والصين يتنافسان ضد بعضهما البعض، فإن الحقيقة الأكبر هي أن كلا البلدين يتخطيان حدود الابتكار معاً.

أين تقف كلتا الدولتين؟

يصدر معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي الذي يركز على الإنسان (HAI) مؤشر الذكاء الاصطناعي كل عام في شهر مارس/آذار؛ وهو دراسة سنوية حول تأثير الذكاء الاصطناعي العالمي والتقدم الذي حققه فريق متعدد التخصصات من الصناعة والأوساط الأكاديمية. وفي نسخة عام 2021 الأخيرة من المؤشر، يفحص التقرير المجالات الرئيسي؛ البحث العلمي والاستثمار والمواهب التقنية، لإيجاد مواضع القوة والضعف لكلا القوتين المتنازعتين.

التأثير الأكاديمي المتزايد للصين

منذ عام 2017، أنتجت الصين عددًا من الأبحاث العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي أكثر من الولايات المتحدة، ولكن في عام 2020، ولأول مرة، تجاوزت الصين الولايات المتحدة في حصة الاستشهادات العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

يقول مايكل سيليتو، نائب مدير معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي الذي يركز على الإنسان وعضو اللجنة التوجيهية لمؤشر الذكاء الاصطناعي: “تقيس الاقتباسات -الاستشهادات- ما إذا كانت الأفكار التي تطرحها جديدة ولها تأثير، ليس فقط أن لديك الكثير من الباحثين يضخّون الأبحاث المنشورة. تشير البيانات إلى أن الصين تقدم المزيد من المساهمات في المعرفة الأساسية للذكاء الاصطناعي الآن، وهذه نقلةٌ نوعية.”

لكن لا تزال الولايات المتحدة تتفوق على الصين في عدد أوراق مؤتمرات الذكاء الاصطناعي، وهذه الأوراق مذكورة ومُستشهد بها بشكلٍ أكبر من أوراق المؤتمرات الصينية. ويشير سيليتو إلى أن قصة البحث “ليست واضحة تمامًا”. أي لم تحسم الغلبة لأية طرفٍ بعد.

عاملٌ مهمٌ آخر هو مَن الجهات التي تنشر عددًا أكبر من الأبحاث المحكّمة. في كل من الولايات المتحدة والصين، تأتي أعلى نسبة من منشورات الذكاء الاصطناعي التي راجعها الأقران من قبل المؤسسات الأكاديمية. لكن في الولايات المتحدة، ثاني أكبر مصادر النشر إنتاجية هو الشركات (بنسبة 19.2% من إجمالي المنشورات)، وفي الصين، يذهب هذا التصنيف إلى الحكومة (بنسبة 15.6%).

يقول سيليتو: “تقوم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى باستثمارات ضخمة، وتستقطب أكبر قدر ممكن من مواهب الذكاء الاصطناعي، وهي قادرة على دفع رواتب أعلى من رواتب القطاع العام أو المؤسسات الأكاديمية”. سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان ذلك ينقل مجال البحث نحو المزيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي التجارية.

المواهب ترتكز في الولايات المتحدة

لعقودٍ من الزمن، كانت الولايات المتحدة نقطة جذبٍ للمواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وبشكلٍ عام في مجال التكنولوجيا والابتكار، حيث استقطبت الأفضل من جميع أنحاء العالم. وكان معدل التوظيف التقديري للعاملين في مجال الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة في عام 2020 حوالي ضعف المعدل في عام 2016. وبالمقارنة، كان معدل النمو في الصين حوالي 30% فقط خلال نفس الفترة.

وبالمثل، تُظهر الولايات المتحدة تغلغلًا قويًا في المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي عبر مختلف المجالات. إذ تحتل البلد حاليًا المرتبة الثانية بعد الهند في متوسط ​​تغلغل مهارات الذكاء الاصطناعي عبر المهن (بناءً على متوسط ​​حصة مهارات الذكاء الاصطناعي التي تمثلها في مهنة معينة)، بما يقرب من ضعف متوسط المعدل العالمي. أما في الصين، يبلغ تغلغل الذكاء الاصطناعي 1.4 ضعف المتوسط ​​العالمي.

لكن من المرجح أن تتغير هيمنة الولايات المتحدة على موهبة الذكاء الاصطناعي، ليس بالضرورة لصالح الصين، لكن كما يقول سيليتو: “لقد أصبح من الصعب على الخريجين الجدد المهتمين بالتكنولوجيا البقاء في الولايات المتحدة بسبب تحديات التأشيرة أو الشعور بأن البيئة هنا أقل ترحيبًا”.

وبينما يُظهر مؤشر الذكاء الاصطناعي أن 80% من خريجي الدكتوراة الجدد في الذكاء الاصطناعي يستمرون في البقاء في الولايات المتحدة، فإن دولًا مثل كندا ذات مسارات عمل/هجرة مبسطة للعاملين في مجال التكنولوجيا ذوي المهارات العالية تجتذب المزيد من المواهب التي كان من الممكن أن تبقى في البلد التي درسوا فيها. وعلى المدى الطويل، قد تصبح منافسة المواهب عبئًا على الولايات المتحدة إذا لم يتم التعامل مع دوافع هذه المغادرات من قبل واشنطن.”

الولايات المتحدة نواة القوة التمويلية

على صعيد التمويل، تظل الولايات المتحدة الوجهة الأكبر للتمويل الخاص الذي يركز على الذكاء الاصطناعي (أكثر من 23 مليار دولار في عام 2020)، أي أكثر من ضعف ذلك المرتبط بالصين (9.9 مليار دولار).

لكن استثمار الحكومة الأمريكية في الأبحاث الأساسية انخفض منذ الحرب الباردة، إذ تركز الشركات على التكنولوجيا التجارية. لكن البلاد بحاجةٍ إلى تمويل الأبحاث طويلة المدى لتحقيق قفزاتٍ كبيرة. وإذا لم تفعل ذلك، فإنها تتنازل عن ميزة الابتكار التي حملتها لسنوات، وحينها ستكون بلدانٌ أخرى مثل مثل الصين ، التي لديها مبالغ ضخمة من الاستثمار العام تذهب إلى أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطويره، بانتظار أخذ زمام المبادرة.

كلمة أخيرة

في عصر الذكاء الاصطناعي، من غير المحتمل أن تلحق أي دولة أخرى بالولايات المتحدة أو الصين من حيث التطور التكنولوجي أو القوة، ولن تتمكن كل من الولايات المتحدة والصين من السيطرة أو فرض إرادتها على الطرف الآخر، على الأقل في ظروف السلم. كلاهما سيكسب إذا وجدا طرقًا للتعلم من تجارب بعضهما البعض في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات، أو كلاهما سيخسر إذا انزلقا إلى مواجهةٍ أو صراعٍ مباشر.

وهذا هو المكان الذي يؤدي فيه تأطير هذا التنافس في معادلة محصلتها صفرية إلى الإضرار بكليهما. عندما يُنظر إلى كل خطوة إلى الأمام على أنها انتكاسة للآخر، يكون هناك عائق للتنسيق بشأن التحديات المشتركة أو الانفتاح على التعلم من تجارب الآخر.

لكي يتمكن كلا الجانبين من إدارة التوترات والحفاظ على قنوات مفتوحة للتعاون في مجالات الاهتمام المتداخلة، يجب تغيير نموذج دور الذكاء الاصطناعي في العلاقات الثنائية. بدلاً من النظر إلى الذكاء الاصطناعي وكأنه سباق تسلّح، تحتاج الولايات المتحدة والصين إلى بذل جهود مدروسة لاعتماد وضعٍ أكثر توازناً. فإذا احتدمت المنافسة وأصبحت أكثر شراسة، لن تأتي العواقب سليمة، والآثار المحتملة لذلك يجب أن توقظ الطرفين.

كان هذا الجزء الأول من سلسلة تقارير “حرب التكنولوجيا الباردة” الخاصة من إكسڤار، والتي نغطي بها مجالات المنافسة التكنولوجية بين قوى العالم العظمى. سنتناول في التقرير القادم المنافسة والتهديدات القابعة في مشروع “طريق الحرير الرقمي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.