قدراتنا الحوسبية الحالية تقف عاجزةً أمام تحقيق حلم الميتافيرس

قدراتنا الحوسبية الحالية تقف عاجزةً أمام تحقيق حلم الميتافيرس
استمع إلى المقال

مع بيع الأراضي والمنشآت في العوالم الافتراضية بملايين الدولارات، وإغراق “الرموز الفريدة” (NFTs) الإنترنت، وتفوّه موظفو ميتا بكلمة “ميتافيرس” أكثر من 80 مرة خلال عرضٍ تقديمي، يبدو أن الميتافيرس لن يزداد إلا ضجيجًا وشعبية. لكن متى سيصل إلى هنا؟ أم هل وصل بالفعل؟

وفقًا لمعلوماتٍ صدرت من قبل شركة إنتل، عملاقة صناعة الشرائح الإلكترونية، فإن الميتافيرس في طريقه إلينا، لكن الأمر يتطلّب الكثير من التقنيات، أكثر مما لدينا حاليًا لكي نجعله حقيقةً واقعة، وتخطّط الشركة لتكون في طليعة الجهود المبذولة.

بلدانٌ متفرقة دون عالمٍ يجمعُها

في الوقت الحالي، تُصوَّر العوالم الافتراضية وعوالم الألعاب مثل Second Life أو The Sandbox أو Roblox أو Decentraland على أنّها الصور المبكرة للميتافيرس، ولكن لنضع الحماس جانبًا، لا زلنا في الواقع بعيدين من امتلاك التكنولوجيا اللازمة لبناء عالم افتراضي ثلاثي الأبعاد متماسك بأكمله. ماذا يعني ذلك؟

ظهرت كلمة “ميتافيرس” لأول مرة في كتاب نيل ستيفنسون “Snow Crash“، الذي نُشر عام 1992. هناك، وصف الكاتب العالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد حيث يمكن للناس زيارته كأفاتارات (أي صور رقمية شخصية)، ويمكنهم الوصول إلى هذا العالم الافتراضي باستخدام سماعات رأس للواقع الافتراضي متصلة بـ “شبكة ألياف بصرية عالمية”. مرجعٌ آخر معروف لوصف الميتافيرس هو فيلم “Ready Player One” من إخراج ستيفن سبيلبرغ عام 2018.

لا نعلم إلى أية مدى سننجح في ترجمة هذه الخيالات إلى واقع، لكن أبسط طريقة لوصف الميتافيرس هي أن يكون شبكةً متصلةً من العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد تكون دائمًا في حالة “قيد التشغيل” وتحدُث جنبًا إلى جنب مع حياتنا الواقعية. أي يمكننا القول إن الميتافيرس هو حالةٌ ستخلُف إلى حدّ ما استخدام الإنترنت المحمول، حيث ستبني على طريقة استخدامنا الحالية للإنترنت وتغيرها فيما بعد. حيث سنكون حينها “داخل” الإنترنت، بدلاً من الولوج إليه من الخارج.

ترتدي سماعة رأس أو نظارة وتضغط على زر، وخلال لحظة، وأنت ما زلت واقفًا في غرفة المعيشة الخاصة بك، ترى نفسك تتجول في عالم ثلاثي الأبعاد كصورة رمزية رقمية لنفسك -قد تشبهك وقد لا تشبهك-، ويمكنك التفاعل مع أشخاص آخرين يفعلون نفس الشيء، ومن غرف معيشتهم.

عالمٌ جديدٌ شجاع

قد يبدو الأمر مثيرًأ للبعض، لكن قد لا يروق للبعض الآخر التواجد على الإنترنت باستمرار. وبغض النظر عن الآراء الشخصية حيال الأمر، فإن التطبيق الفعلي الشامل للميتافيرس لا يزال على بُعد عقود، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التقدم في قوة الحوسبة والشبكات والأجهزة اللازمة لتمكينها ودعمها.

وفقًا لراجا كودوري، نائب الرئيس لأنظمة الحوسبة المتسارعة ومجموعة الرسومات في إنتل، فإن تشغيل الميتافيرس سيتطلب تحسينًا بمقدار 1000 ضعف على البنية التحتية الحاسوبية التي لدينا اليوم. إذ قال كودوري لموقع “كوارتز” (Quartz): “تحتاج إلى الوصول إلى بيتافلوب -أي ألف تيرافلوب- من الحوسبة في أقل من ميلي ثانية، وفي أقل من عشرة ميلي ثانية للاستخدامات في الوقت الفعلي” (ويشير مصطلح التيرافلوب إلى قدرة المعالج على حساب تريليون عملية فاصلة عائمة في الثانية). وأضاف: “يجب أن تعمل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الخاصة بك وشبكاتك المحلية ومحطاتك الخلوية ومخدّمات الحوسبة السّحابية الخاصة بك نوعًا ما جنبًا إلى جنب مثل الأوركسترا.”

وأشار كودوري إلى أنه حتى لمجرد وضع شخصين في بيئة افتراضية واقعية معًا، فإنه يتطلب صورًا شخصيةً رمزية (أفاتار) تبدو واقعية مع ملابس وشعر وبشرة مفصّلة وفريدة من نوعها. إن إعطاء هذه الصور الرمزية قدرات الكلام والحركة في الوقت الفعلي يعني أننا بحاجة إلى أجهزة استشعار يمكنها التقاط البيانات الصوتية والمادية، بما في ذلك الكائنات ثلاثية الأبعاد في بيئات المستخدمين الواقعية. بعد ذلك، يجب نقل هذه البيانات بنطاقٍ تردّديّ عالٍ بزمن انتقال منخفض لمئات الملايين من المستخدمين في نفس الوقت.

وتقول إنتل إنها تطوّر شرائح مصمّمة للمساعدة في تشغيل الميتافيرس، وتخطّط لإطلاق سلسلة جديدة من معالجات الرسوم في وقتٍ قريب. كما تشمل المكونات الرئيسية الأخرى لجهود الشركة التي تركّز على الميتافيرس الخوارزميات المتخصّصة التي تعمل على تطويرها، ووحدة معالجة رسوميات “Xe”، وأدوات تطوير البرمجيات والمكتبات المفتوحة.

من غير المؤكد بالضبط كيف ومتى “يصل” الميتافيرس؛ إنها عملية تتم بشكلٍ تدريجي على مدار سنوات أو عقود. لكن كودوري متفائلٌ للغاية. حيث كتب على مدونة الشركة: “نعتقد أن توفير بيتافلوب من قوة الحوسبة وبيتابايت من البيانات في جزء من الألف من الثانية لكل إنسان على هذا الكوكب هو حلمٌ تحقيقه في متناول أيدينا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات