الحرب بين إنتل و TSMC: هل تسعى الشركات للتخلّي عن مورّدي الشرائح والاعتماد على نفسها؟

الحرب بين إنتل و TSMC: هل تسعى الشركات للتخلّي عن مورّدي الشرائح والاعتماد على نفسها؟
استمع إلى المقال

مع تقدّم التكنولوجيا، توسّع تواجد رقائق أشباه الموصّلات من أجهزة الكمبيوتر والسيّارات إلى فرش الأسنان والمجفّفات والغسّالات والبرادات والشاشات الذكيّة، وحتّى إنّها أصبحت كامنة تحت غطاء عدد مذهل من المنتجات، وكما تعمّد العديد من الشركات، وخاصّة تلك الموجودة في الصين الّتي تضرّرت من العقوبات الأمريكية، على زيادة مخزونها من الرقائق المطلوبة في محاولة للتغلّب على العقوبات، ممّا جعل الحصول على الرقائق أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الأخرى، وأصبح الطلب على الرقائق يزيد بشكل كبير على العرض، وهذا ما خلق أزمة عالميّة في نقص رقاقات أشباه الموصلات.

وفقًا لتقرير صادر عن جمعية صناعة أشباه الموصلات، والتي تتوقع أن تصبح الصين أكبر منتج للرقائق بحلول عام 2030، فالولايات المتحدة تمثل 12% فقط من إنتاج الشرائح الإلكترونية العالمي، بينما تنتج آسيا 75% من الإجمالي العالمي، وهذا ما دفع الكثير من شركات التكنولوجيا وبالأخصّ شركة Intel، الّتي تراجعت إلى المركز الثالث خلف شركة (TSMC) التايوانيّة، قلب الطاولة على منافسيها في صناعة الرقاقات، واستعادة الولايات المتّحدة موقعًا الرياديّ في تصنيع المعالجات الدقيقة، فحكومة الولايات المتّحدة ليست راضية عن مدى اعتماد اقتصاد الدولة والجيش على التصنيع الآسيويّ عالي التقنيّة، وأعتبر الرئيس السابق دونالد ترامب أن الصين كانت “تسرق” الولايات المتحدة في هذا المجال، وبدأ فرض العقوبات منذ ذلك الحين في سبيل جعل جهود التصنيع الصينية أكثر صعوبة،  وهذا ما شجع شركة Intel للاستفادة من نقص الرقائق العالميّ، واستغلال الإعانات الحكوميّة لتأمين البحوث والمصانع الجديدة لها، وكلّ هذا لأنّها تتوقّع زيادة واسعة النطاق في الطلب على الرقائق.

صناعاتٌ متضررة دفعت بسياساتٍ أدت لخلق منافسة

قطاع السيارات:

لا يزال قطاع السيّارات الّذي يعتمد على الرقائق في كلّ شيء بدءًا من إدارة الكمبيوتر للمحرّكات إلى أنظمة مساعدة السائق، هو الأكثر تضرّرًا. قامت شركات مثل Ford و Volkswagen و Jaguar Land Rover بإغلاق المصانع مؤقتًا وتسريح العمّال وخفض إنتاج السيّارات.

وأشارت Stellantis رابع أكبر شركة لتصنيع السيّارات في العالم، إنّ النقص في الرقائق قد تفاقم بشكل كبير، وحذّر ريتشارد بالمرّ المدير الماليّ للشركة الّتي تمّ إنشاؤها من خلال اندماج Fiat Chrysler و Peugeot المصنّعة PSA، من أنّ الاضطراب قد يستمرّ حتّى عام 2022.

وهناك بعض شركات صناعة السيّارات بدأت تتجاهل بعض الميزات المتطوّرة نتيجة لنقص الرقائق، ويقال إنّ نيسان تخلّت عن أنظمة الملاحة في سيّاراتها الّتي عادة ما تمتلكها، في حين توقّفت شاحنات رام عن تزويد شاحناتها 1500 بيك آب بمرآة الرؤية الخلفيّة “الذكيّة” الّتي تراقب النقاط العمياء.

وذكر متحدّث باسم رام لشبكة CNBC: إن رام قد توقّفت عن تضمين خيار الرؤية الخلفيّة “الذكيّة” في جميع طرز Tradesman و Bighorn و Rebel و Laramie في الوقت الراهن، وذلك بسبب العرض المحدود للمكوّنات الإلكترونيّة المستخدمة في هذا الخيار، مضيفًا أنّ الشركة تخطّط لاستئناف تقديم الخيار في وقت لاحق من هذا العام.

أجهزة ألعاب الفيديو:

عانى مصنعو أجهزة الألعاب من نقص المخزون لعدة أشهر، وخصوصًا بعد إغلاق سلاسل التوريد الأساسيّة، وذلك بسبب انتشار جائحة كوفيد-19، وشهد الطلب على أجهزة الألعاب زيادة كبيرة حيث نفّذت البلدان تدابير التباعد الاجتماعيّ، وتمّ على إثر هذه التدابير إغلاق الكثير من مراكز الترفيه حول العالم ومنها دور السينما والمسارح، وذلك لمنع انتشار الفيروس، وهذا ما دفع العديد من الأشخاص إلى اللجوء إلى الترفيه المنزليّ خلال فترات الحجر الصحّيّ، ممّا أدّى إلى زيادة الطلب على أجهزة ألعاب الفيديو. ومع إطلاق الجيل التاسع من أجهزة ألعاب الفيديو الّتي تزامنت مع الوباء، زاد الطلب بشكل أكبر، وعلى وجه الخصوص، كان من الصعب للغاية تأمين PlayStation 5 و Xbox Series X، بالإضافة إلى بطاقات الرسومات RTX الجديدة من Nvidia، وأبلغت كلّ من مايكروسوفت وسوني عن ارتفاع قياسيّ في الطلب على وحدات التحكّم الجديدة الخاصّة بهما. وتوقّعت مايكروسوفت في فبراير/شباط 2021 أن يستمرّ النقص في أجهزة Xbox Series X و Series S، وبينما حذّرت شركة سوني قبل بضعة أشهر من أنّ نقص المعروض من وحدة تحكّم PlayStation 5 سيستمرّ حتّى عام 2022. ويذكر أنّ كلتا الشركتين تستخدم شرائح AMD المصنّعة بواسطة شركة تايوان المحدودة لصناعة أشباه الموصّلات، ممّا يضع ضغطًا إضافيًّا على سلسلة التوريد. ومع استمرار مشاكل الإمداد، يقوم ما يسمّى بالمضاربين بإعادة بيع وحدات التحكّم على مواقع الويب مثل eBay مقابل سعر أعلى بمعدّل 50-100% من سعر بيعها بالتجزئة.

السياسة ورقاقات أشباه الموصلات

كان هناك بعض التخوّف لدى الإدارة الأمريكية، من أنّ الجيش الأمريكيّ يعتمد بشكل كبير على الشركات الخارجيّة، كما جاء في تقرير للبيت الأبيض مؤلّف من 250 صفحة في يونيو/حزيران: “أشباه الموصّلات… أساسيّة لتشغيل كلّ نظام عسكريّ تقريبًا، وبما في ذلك أنظمة الاتّصالات والملاحة وأنظمة الأسلحة المعقّدة مثل تلك الموجودة في مقاتلة F-35 Joint Strike Fighter، إنّها أساسيّة لتقنيّات المستقبل، والّتي يجب الفوز بها، وبما في ذلك الذكاء الاصطناعيّ وشبكة الجيل الخامس 5G، والّتي ستكون ضروريّة لتحقيق هدف الاقتصاد الوطنيّ الديناميكيّ الشامل والمبتكر، الّذي تمّ تحديده على أنّه ميزة أمريكيّة حاسمة، وكما يعتمد تطوير الأنظمة المستقلّة المتقدّمة والأمن السيبرانيّ والفضاء والفوق الصوتيّ والطاقة الموجّهة أيضًا على تقنيّات أشباه الموصّلات.

وكلّ هذا كان متوافقًا مع جهود إدارة بايدن لزيادة الإنفاق الحكوميّ على المنتجات المصنوعة في الولايات المتّحدة وتعزيز التصنيع الأمريكيّ على نطاق أوسع، وهذا يعني وضع حدّ للمشكلات على نحو سريع، وجعل الحكومة والقطاع الخاصّ أكثر قدرة على التكيّف، وبناء مخازن إمداد من المخزون تخفّف من صدمات سلسلة التوريد، ومن شأن ذلك أن يقلّل من احتماليّة وشدّة مفاجآت سلسلة التوريد.

منافسة Intel و TSMC

يعمل المشرّعون الأمريكيّون على تمرير قانون يعرف باسم قانون CHIPS for America وقانون FABS. تهدف هذه القوانين إلى دعم البحث والتطوير في مجال تصنيع أشباه الموصّلات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وكان العنوان الرئيسيّ في المناقشات هو الأمن القوميّ باعتباره الشاغل الرئيسيّ، ومن ثمّ أقرّ مجلس الشيوخ الأمريكيّ تمويل قانون CHIPS في يونيو / حزيران 2021، ولكن منذ ذلك الحين توقّفت المناقشات في مجلس النوّاب، ووقع الرؤساء التنفيذيّون لشركة Apple و Intel و Nvidia و AMD من بين العديد من الشركات الأخرى على خطاب مفتوح موجّه إلى الكونجرس يدفعه إلى تمرير القانون.

تحدّث بات جيلسنجر الرئيس التنفيذيّ لشركة إنتل في قمّة Fortune Brainstorm Tech في كاليفورنيا، قائلًا إنّ الحكومة الأمريكيّة يجب أن تدعم سلسلة توريد أشباه الموصّلات المستدامة في الولايات المتّحدة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنّ تايوان ليست دولة مستقرة؛ إذ تواصل الصين استعراض عضلاتها عبر منطقتها، وذلك عبر إرسال طائرات عسكريّة بشكل منظّم إلى المجال الجوّيّ التايوانيّ، وهناك مخاوف من أنّ المزيد من الاضطرابات العالميّة في إمدادات أشباه الموصّلات يمكن أن تكون كارثيّة على الاقتصاد العالميّ الهشّ.

وفي المقابل وجّه رئيس مجلس إدارة TSMC مارك ليو توبيخًا علنيًّا نادرًا عند سؤاله عن تعليقات جيلسنجر، قال ليو: “لا يوجد شيء يحتاج إلى المعالجة”، وأضاف ليو “لن يصدّق الكثير من الناس ما تقوله شركة Intel.”

والجدير بالذكر أنّ TSMC تقوم ببناء منشأة بقيمة 12 مليار دولار في ولاية أريزونا، بهدف بدء إنتاج حجم رقائق 5 نانومتر في عام 2024، وستنضمّ سامسونج أيضًا ببناء منشأة تبلغ تكلفتها 17 مليار دولار في تكساس، لذا فمن الواضح أنّ الاستثمار في التصنيع القائم في الولايات المتّحدة آخذ في الازدياد.

Intel تحاول تجاوز منافسيها

يقرّ الرئيس التنفيذيّ لشركة Intel باتريك جيلسنجر، بأنّ الشركة تخلّفت عن منافسيها Samsung في كوريا وشركة تصنيع أشباه الموصّلات التايوانيّة (TSMC)، وهذا ما جهله يلتزم بإنفاق 250 مليار دولار على مدى العقد المقبل على استثمارات رأس المال لجعل Intel متقدّمة على منافسيها، ويشمل ذلك 95 مليار دولار على تصنيع الرقائق، وتنفق الشركة 20 مليار دولار هذا العام، و25 مليار دولار إلى 28 مليار دولار العام المقبل.

تجدر الإشارة إلى أنّ جيلسنجر أصبح أوّل مدير تقنيّ لشركة إنتل في عام 2001 ولكنّه تركها في عام 2009 ليعمل لصالح شركة تخزين البيانات EMC، وبعد ما يقرب من تسع سنوات عاد إلى Intel، ولكن عندما وصل جيلسنجر إلى شركة إنتل، كانت الشركة تعاني من سنوات من استثمار رأس المال قليل، وفقدان التركيز، وعثرات أخرى، وعلى حدّ قوله: كانت الشركة في “وضع سيّء”.

ويحاول جيلسنجر توجيه كلّ الموارد لسدّ تلك الفجوة بينه وبين منافسيه سواء TSMC أو Samsung، وذلك في بناء مصنعين جديدين في أريزونا وتكساس، للتصنيع الرقاقات أو fabs كما يطلق عليهما في الصناعة، وتبلغ تكلفة كلّ مصنع حوالي 10 مليارات دولار.

وفي نهاية عام 2019 توقّعت رابطة صناعة أشباه الموصّلات أن ينمو الطلب على الرقائق بحوالي 6% في عامي 2020 و2021.

وبعد ذلك ضرب فيروس COVID-19 العالم، الّذي أفرغ المدارس والمتاجر والمكاتب، وأصبح كلّ العمل يتمّ من المنزل بسبب سياسات الحكومات في فرض الحجر الصحّيّ في أغلب مدنها الرئيسيّة.

وقال جيلسنجر: “لقد تحوّلت من الحاجة إلى جهاز كمبيوتر واحد في المنزل إلى أربعة أجهزة كمبيوتر، لأنّ كلّ طفل يحتاج إلى واحد، وأمّي بحاجة إلى واحد، وأبي بحاجة إلى واحد”.

ووفقًا لاتّحاد صناعة أشباه الموصّلات، في أغسطس / آب كانت المبيعات أعلى بنسبة 30% تقريبًا ممّا كانت عليه قبل عام.

وبنهاية المطاف كلّ ما يبتغيه جيلسنجر، هو أن تكون Intel جاهزة لتحدّي Samsung و TSMC.

آبل ومحاولاتها في الاستقلال في صناعة الرقاقات

في أواخر التسعينيّات وحتّى أوائل القرن الحادي والعشرين، كانت معظم أجهزة كمبيوتر آبل تحتوي على شرائح PowerPC سلسلة G، مثل G3 أو G4 أو G5، وعلى الرغم من أنّ هذه الرقائق كانت مخصّصة لأجهزة كمبيوتر آبل، إلّا أنّ آبل لم تصنعها، فقد تمّ صنعها من قبل شركة موتورولا.

ولكن في منتصف العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، تحوّلت شركة آبل من رقائق PowerPC المصمّمة من قبل موتورولا إلى رقائق Intel، وكان السبب وراء ذلك التحوّل، إلى أن رقائق Intel كانت الأفضل في سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصيّة آنذاك.

دائمًا ما كانت آبل تستخدم شرائح مصمّمة من جهات خارجيّة، تمامًا كما كانت تفعل منذ سنوات مع أجهزة الكمبيوتر الخاصّة بها. ولكن بعد ظهور هاتها آيفون 4 تغيّر كلّ شيّ، كان آيفون 4 هو أوّل هاتف آيفون يحتوي على شريحة تمّ تصميمها بواسطة آبل نفسها، وكانت تعرف باسم شريحة A4 والأولى من سلسلة A الرسميّة المخصّصة من آبل، وهذا ما جعل تتوافق أجهزة آبل وبرامجها معًا بشكل أفضل، ممّا يؤدّي إلى أن تصبح أجهزتها أكثر قوّة وأقلّ استهلاكًا للطاقة.

لم تكن سلسلة شرائح A هي الوحيدة الّتي صنعتها آبل، فقد أطلقت الشركة ساعتها الّتي تعمل بمعالج من سلسلة S، وأيضا سلسلة آبل T، الّتي تتضمّن T1 وT2، هي وحدة تحكّم في النظام موجودة في MacBook و iMac.

وهناك سلسلة W وهي الشريحة المخصّصة في AirPods، والسلسلة H هي سلف لسلسلة W وتوجد في أجهزة AirPods الأحدث، وهناك أيضًا سلسلة U عبارة عن شريحة U1، إلى تتواجد في العديد من أجهزة آبل بما في ذلك iPhone و HomePod mini وساعة آبل و AirTag، وتسمح سلسلة U بمعرفة مكان تواجد هذه الأجهزة.

ورغم كلّ هذه الضخامة في عمليّة التصنيع، لم تستقلّ آبل بشكل نهائيّ عن استعانتها بالجهات الخارجيّة في تصنيع معظم القطع الأخرى من أجهزتها، ورغم ذكر فإنّ آبل تسعى إلى الاستقلاليّة التامّة في تصنيع محتويات أجهزتها.

وتجدر الإشارة أننا قبل بضعة أيّام تمّ نشره خبر على موقعنا إكسفار بعنوان “آبل تنشئ فريقًا لتصميم شرائح لاسلكيّة خاصّة بها”، ومفاده، أن آبل حاليًّا تسعى إلى إنشاء فريق جديد لتصميم رقائق داخليّة خاصّة بها، وبالرغم من أنّ الشركة تستخدم شرائح A-series و M-series الخاصّة بها على أجهزة آيفون والماك، إلّا أنّ الشركة لا تزال تعتمد على الشركات المصنّعة من جهات خارجيّة لمعظم الرقائق الأخرى في أجهزتها، على سبيل المثال تعتمد الشركة على Broadcom و Skyworks في صناعة الرقائق اللاسلكيّة الموجودة في سلسلة آيفون 13.، هدف آبل من خلال هذا التحوّل إلى تغيير سياسة الاعتماد على جهات خارجيّة لتصنيع مكوّنات أجهزتها، وهذا ما يؤكّد عن سعي آبل الدائم في الاكتفاء الذاتيّ في تصنيع أجهزتها المختلفة، وبمحتوى من تصميمها دون الاعتماد على مصادر خارجيّة.

هل يمكنك حقًّا نقل صناعة الإلكترونيّات بأكملها إلى الولايات المتّحدة؟

عالم صناعة الرقائق هو عالم معقّد، بما في ذلك الإمدادات الأوّليّة مثل معدّات التصنيع والأنشطة النهائيّة مثل التعبئة والاختبار والتجميع، ومعظمها يتمّ في آسيا.

تتوقّع مجموعة بوسطن الاستشاريّة أنّ الأمر يكلّف 900 مليار دولار إلى 1.23 تريليون دولار في الإنفاق لإنشاء سلاسل توريد لأشباه الموصّلات مكتفية ذاتيًّا في جميع أنحاء العالم، وأمّا بالنسبة للولايات المتّحدة، فتتراوح قيمتها بين 350 مليار دولار و420 مليار دولار.

وشكّك مؤسّس TSMC والرئيس التنفيذيّ السابق موريس تشانغ قائلًا: “لن يكون من الممكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء”، وأضاف “إذا كنت ترغب في إعادة إنشاء سلسلة إمداد كاملة لأشباه الموصّلات في الولايات المتّحدة، فلن تجدها مهمّة محتملة.”

أوروبا والاكتفاء الذاتيّ من رقائق أشباه الموصلات

لا يقتصر الأمر على الولايات المتّحدة فقط في رغبتها على الهيمنة على تصنيع رقاقات أشباه الموصّلات أو سعيها للاكتفاء الذاتيّ على الأقلّ، بل إن المفوّضيّة الأوروبّيّة قد أعلنت أيضًا عن خطط لإنشاء “نظام بيئيّ” جديد لصناعة الرقائق للحفاظ على قدرة الاتّحاد الأوروبّيّ على المنافسة والاكتفاء الذاتيّ بعد أن أظهر نقص عالميّ في أشباه الموصّلات مخاطر الاعتماد على المورّدين الآسيويّين والأمريكيّين.

وقالت رئيسة المفوّضيّة أورسولا فون دير لاين في خطاب سياسيّ أمام البرلمان الأوروبّيّ في ستراسبورغ: “الرقميّة هي قضيّة النجاح أو الفشل”.

وأضاف “سنقدّم قانونًا جديدًا للرقائق الأوروبّيّة، والهدف هو إنشاء نظام بيئيّ أوروبّيّ متطوّر للرقاقات على نحو مشترك، بما في ذلك الإنتاج، وهذا يضمن أمن التوريد لدينا وسوف يطوّر أسواقًا جديدة للتكنولوجيا الأوروبّيّة الرائدة.”

شكل النقص في أشباه الموصّلات أحد أكبر المخاطر على انتعاش الاتّحاد الأوروبّيّ من آثار جائحة COVID-19، وكشفت المفوّضيّة العام الماضي عن خطط لاستثمار خُمس صندوق تعافي COVID-19 البالغ 750 مليار يورو في مشاريع رقميّة.

تمثّل أوروبا حاليًّا أقلّ من 10% من إنتاج الرقائق العالميّ، على الرغم من أنّ ذلك يمثّل ارتفاعًا عن 6% قبل خمس سنوات، إلى أنّها تريد زيادة هذا الرقم إلى 20%، وتستكشف استثمار 20-30 مليار يورو (24-36 مليار دولار) لتحقيق ذلك.

رأي المحرّر:

أنّ صانعي الرقائق سواء الأمريكيّين أو الأوروبّيّين، سيجدون صعوبة في التنافس مع الشركات التايوانيّة خاصّة عندما يتعلّق الأمر بجنيّ الأرباح، وذلك بسبب الفروق في الأجور والإنتاجيّة بين المهندسين الأمريكيّين والتايوانيّين، وهذا سيلعب دورًا حاسمًا في تحديد نتيجة التنافس بين Intel و TSMC، فوفقًا لبعض الإحصائيات أنّ راتب مهندس أمريكيّ واحد يعادل رواتب ستّة مهندسين تايوانيّين، وكما تبلغ كفاءة المهندس التايوانيّ 75% مثل نظيره الأمريكيّ.

وبعيدًا عن موضوع الأجور والكفاءات، فموضوع صناعة الرقائق ليس بهذه السهولة، ولا تكمن المشكلة فيما إذا تمّ تصنيعها في الولايات المتّحدة أو تايوان أو حتّى الصين، فالرقاقة النموذجيّة تحتوي على موادّ أرضيّة نادرة وموادّ كيميائيّة مأخوذة من العالم بأسره، ويمكن أن يؤثر النقص في أيّ منها بشدّة على الإنتاج، ويمكن نشر رقاقة في تايوان قبل أن يتمّ ربطها بركيزة مصنوعة في الصين أو بثنائيّ الفينيل متعدّد الكلور في ماليزيا قبل أن يتمّ تجميعها في مكان آخر، علاوة على ذلك دعونا لا ننسى التعريفات الجمركيّة الّتي تختلف من دولة إلى أخرى، الّتي ستلعب دور مهمّ في التكلفة النهائيّة عند مرحلة التصدير العالميّ، وقدرتها على المنافسة عالميًّا آنذاك.

إذًا من الواضح أنّ اللاعبين الرئيسيّين في هذه الحرب، سيكون لديهم المزيد ليقولوه حول هذه المسألة في الأيّام المقبلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات