استمع إلى المقال

الذكاء الصنعي يشكل تحولا تقنيا هائلا في عالم التكنولوجيا والابتكار، ويشير العديد من المحللين إلى أن الصين تسعى جاهدة للعب دور رئيسي في هذا المجال، من خلال توجيه الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع.

لكن مع تقدم تقنيات الذكاء الصنعي، تنشأ مخاطر أمنية جديدة، حيث يمكن استخدام هذه التقنيات في أنشطة ضارة ومؤذية، مثل الاختراق الإلكتروني، والتجسس، والاحتيال، وفي ضوء هذا الخطر المحتمل، يتزايد القلق بشأن دور الصين في تعزيز قدرات الذكاء الصنعي، وتوجيهها نحو الأهداف الأمنية غير المشروعة.

لذا، دعونا نستكشف معا التهديدات الأمنية التي تواجه العالم من جراء التقدم السريع للصين في مجال الذكاء الصنعي، وما هي الأسباب وراء قلق الغرب من استخدامات بكين لقدرات الذكاء الصنعي.

قد يهمك: لماذا تفرض بكين رقابة صارمة على الذكاء الصنعي؟

قلق سابق

بينما تُصدر روسيا أكبر قدر من الضجيج الإعلامي حاليا، فإن الصين هي أكبر تهديد إلكتروني طويل الأمد للولايات المتحدة، هذا ما قاله تماما روب جويس، مدير الأمن السيبراني في وكالة الأمن القومي، في مؤتمر RSA 2022 لأمان تكنولوجيا المعلومات في جلسة بعنوان «حالة الاختراق: منظور وكالة الأمن القومي» وناقش الجهات الفاعلة التي تستهدف البلاد والتكنولوجيا والتكتيكات المستخدمة.

في بادئ الأمر، استعرض جويس القرصنة الروسية على الدول، والتي شهدت ارتفاعا كبيرا في عام 2022 بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلى الرغم من هذا الارتفاع، أشار إلى أن الصين تشكل التهديد الإلكتروني الأكبر والأطول أجلا للولايات المتحدة.

وفي تعليقه على هذه الجزئية، صرح جويس بقولها، ” روسيا تشبه الإعصار، حيث تتسم بالصخب والعدوانية، وهي التهديد الرئيسي في الوقت الراهن خاصة مع الأنشطة التي تقوم بها في أوكرانيا. ولكن الصين هي المحرك الرئيسي لتغيير الكبير، وتمثل التهديد الأكبر على المدى البعيد، ولذلك يجب علينا أن نكون جاهزين لمواجهة الصين في مجال الأمن السيبراني”.

التهديدات الأمنية

تجدد القلق

مدير الأمن السيبراني في وكالة الأمن القومي، روب جويس، أشار إلى أن الروبوتات التي تعتمد على تقنية الذكاء الصنعي، مثل “ChatGPT”، قد لا تكون قادرة على تصميم دودة حاسوبية أو فيروس الفدية المدمر حتى الآن، ولكنه يرى أنها قد تساعد العصابات الإجرامية والمتسللين الصينيين على تطوير بعض الهجمات ضد تكنولوجيا المعلومات.

وفي حديثه خلال قمة الحكومة في CrowdStrike، أوضح جويس أنه لا يتوقع أن نشهد في المستقبل القريب استخدام الذكاء الصنعي في هجمات آلية تسبب تمزيق الأنظمة بسرعات غير قابلة للاستيعاب.

جويس أوضح أن التعلم الآلي وروبوتات الدردشة التي يستخدمها هي “الأدوات التي ستزيد من وتيرة التهديد”، حيث يمكن استخدامها لتطوير إغراءات التصيد الاحتيالي التي تبدو أكثر أصالة وصياغة فدية أفضل، بمسح كميات أكبر من البيانات بحثًا عن معلومات حساسة يمكن للمتسللين تحقيق الدخل منها، كما يمكن استخدام هذه الأدوات أثناء تطوير بعض مراحل الهجوم السيبراني، مثل إنشاء رمز لوحة الغلايات للبرامج الضارة وإرسال الرسائل وجمع المعلومات حول الهدف.

جويس أشار أيضا إلى أن الذكاء الصنعي يمنح المدافعين عن الشبكة الفرص نفسها، مضيفا، “لذلك في العام المقبل سنكون مركّزينَ للغاية، في أهم الأدوات الحديثة، لنستخدمها لغايات الردع في مواجهة خصومها من التهديدات الأمنية”.

التهديدات الأمنية

شركاء الصين

روبرت والاس، كبير مديري مختبرات شركة الأمن السيبراني الأميركية “Mandiant“، أفاد خلال حلقة نقاش حول الخصوم، إن الذكاء الصنعي يُعد أداة قوية يستخدمها الخصوم، ووثقت “Mandiant” هذا الاستخدام على مدى الأشهر القليلة الماضية، والذي يشمل جواسيس إلكترونيين روس وصينيين يستخدمون الذكاء الصنعي لمسح الإنترنت بحثا عن نقاط ضعف قابلة للاستغلال، كما تستخدم الدولتان الاستبداديتان الأتمتة لنشر معلومات مضللة عبر قنوات التواصل الاجتماعي.

والاس أوضح أنه يجب أن نضع في الاعتبار أن الخصم ما زال يمتلك ذكاءً حتى في وجود الذكاء الصنعي، وأشار إلى أن الذكاء الحقيقي أو التهديد الحقيقي قد يتفوق في النهاية على الذكاء الصنعي، خاصة عندما يحاول الخصم تعطيل أعمالنا.

التهديدات “الأربعة الكبرى”

في القمة نفسها، ناقش جويس التهديدات “الأربعة الكبرى” لأميركا، وهي روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، ووصفها بأنها “مشاكل دائمة”، بالإضافة إلى زيادة الأضرار التي يسببها المجرمون الذين ينشرون برامج الفدية ويبتزون المنظمات.

منذ غزو روسيا لأوكرانيا في العام الماضي وسلسلة هجمات مسح البيانات، كانت روسيا محور تركيز رئيسي للحكومة الأميركية. ورغم ذلك، أشار جويس إلى أن الصين تمثل “التحدي الدائم بالنسبة لهم، في الماضي والحاضر والمستقبل”، مستشهدا بهجوم “Hafnium” ضد خوادم Microsoft Exchange في عام 2021.

جويس بيّن أن نهب الأنظمة ليس أمرا غير عادي، حيث إن المحتالين الذين ترعاهم بكين قاموا بارتكاب انتهاكات، على الرغم من أن الفيدراليين وصيادي التهديدات الأمنية من القطاع الخاص اتهموا المسؤولية بشكل أولي لـ Hafnium، 

وأضاف جويس: “لقد أجروا فحصًا وتحليلًا للإنترنت بأكمله بحثًا عن الخوادم الضعيفة، واستغلوا كل واحد منها. وقد قاموا بالاستيلاء على عشرات الآلاف من الأجهزة التي تم استغلالها لأغراض التحطيم والاستيلاء”.

قد يهمك: تطبيق “بيندودو” الصيني.. هكذا يتجسّس على مستخدميه

نهج أمني مستدام

بالسياق نفسه، أشارت جين إيسترلي، مديرة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية (CISA)، إلى أن المجموعات التي تتلقى دعما من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى المجرمين الإلكترونيين الآخرين، يتمكنون من التهرب من العقاب بشكل نسبي في البلدان التي توفر لهم ملاذا آمنة أو حتى حوافز لاستهداف المؤسسات والحكومات الغربية.

إيسترلي أضافت “لا نزال لسنا في مستوى المطلوب، حيث يجب أن يكون لدينا نهج مستدام لتأمين أمتنا”، مشيرةً إلى أن الدرس الأكبر المستفاد من الأحداث في أوكرانيا هو “قوة المرونة المجتمعية”.

إيسترلي قالت أيضا “لا أعتقد أن بلدنا قد أظهر ذلك حقاً خلال هجوم كولونيال بايبلاين الإلكتروني” في عام 2021، الذي أدى إلى نقص في الوقود على الساحل الشرقي للولايات المتحدة عندما أصبح خط الأنابيب غير قادر على العمل لمدة خمسة أيام، واندلعت معارك في محطات الوقود الأميركية حيث تأخرت إمدادات الوقود في بعض المناطق بسبب الحادث.

إن الهجمات الأخيرة من قبل الصين، بما في ذلك توغل منطاد التجسس في المجال الجوي الأميركي والتهديدات الأمنية، دفعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أمنية مستدامة لحماية الأمن السيبراني.

 وبالإضافة إلى دفعها لتطوير التكنولوجيا الآمنة حسب التصميم، وتعزيز المسؤولية الإلكترونية للشركات، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأمن السيبراني، فإن المرونة هي المفتاح لمكافحة الهجمات السيبرانية، أن القوة الرئيسية التي يمكن أن تحمي الأمة من هذه الهجمات هي المرونة المجتمعية، بحسب جين إيسترلي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات