استمع إلى المقال

لا شك بأن الروبوتات باتت جزءا من الحياة اليومية التي نعيشها، لكنها إلى الآن ليست بالعنصر الأساسي بعد، وذلك يتعلق بالجانب الحسي لها الذي تفتقده ويمتلكه البشر، لذا يحاول العلماء منح تلك الميزة للروبوتات، فهل يمكن أن نشاهد الروبوت يستطيع اللمس ويتمكن من الإحساس بحيث يمكن أنسنَته.

واقعيا، ومنذ سنوات فإن التجارب والمحاولات لم تتوقف البتة، وبعضها حققت نتائج طيبة، لكن الوصول للمستوى المطلوب هو الهدف الذي يبحث عنه العلماء، فهل بالإمكان تحقيق الهدف المنشود بيسر.

في أحدث تطور، وبحسب بيان نشرته “جامعة دريسدن” التقنية في ألمانيا، فإن الجيل القادم من الروبوتات سيحتوي على جلود حسية وعضلات وخلايا عصبية اصطناعية مطبوعة على مواد مرنة تسمح لها بالشعور.

قد يهمك: الذكاء الصنعي يكتب لـ “إكسڤار” عن رؤيته لمستقبل علاقته مع البشر 

محاولات

ماركوس هينك، وهز رئيس مجموعة الأبحاث لأشباه الموصلات والأنظمة الدقيقة في “جامعة دريسدن” للتكنولوجيا والرئيس التنفيذي لشركة “باور أون”، قال بما مفاده، إنهم يلاحظون اتجاها تصاعديا حادا في الأتمتة بجميع مجالات الصناعة، “وسنرى قريبا المزيد من هذا في حياتنا اليومية”.

في الواقع، فإن بعض الروبوتات دخلت ضمن العاملين في مجال الرعاية الصحية وموظفي المستودعات وكذلك طهاة المطاعم، لكن ما يسعى له العلماء، هو أنسنة تلك الروبوتات، وذلك عبر فهم الشعور باللمس.

قبل نحو 4 أعوام، أضفى فريق من العلماء من خلال دراسة له، صبغة بشرية على إنسان آلي، فأصبحت لديه قدرة على اللمس بحساسية مشابهة لحاسة اللمس عند الإنسان.

ذلك الفريق كان بقيادة روبرت وود وجينيفر لويس، الأستاذ في “جامعة هارفارد”، إذ نجح في استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لصنع أصابع روبوتية مطاطية، تحتوي على مستشعرات ردود الفعل مكونة من هلام جيد التوصيل.

الباحثون عندما أجروا تجربة تحريك الأصابع الروبوتية، قامت المستشعرات بتزويد البيانات عن اتجاه كل إصبع، ورصدت الاتصال بأسطح أخرى، بحسب تقرير نشره موقع ” Nature” وقتئذ.

في تلك الحالة، جمع الباحثون بين 3 أصابع لإنشاء يد ناعمة يمكنها الإمساك بكرة وتقديم ملاحظات حول درجة حرارة الكرة ونسيجها، وأوضحوا بأن البشر يمتلكون براعة يدوية، ومهارات حركية، وقدرات بدنية أخرى تعتمد على التغذية المرتدة التي يقدمها نظام الحس الجسدي.

في تلك الدراسة، جرى بحث طريقة لإنشاء مشغلات حسية لينة (SSAs) عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد المتضمنة، من مكونات ذات ميزة التوصيل المتعدد في آن واحد بما يشمل استشعار اللمس، والتحسس، والاستشعار الحراري.

المشغلات الحسية اللينة، تمنح قدرات الاستشعار والمواد الحيوية المستلهمة المطلوبة، التي تساعد على التحسس واللمس، وتم طباعة كل إصبع مستشعر من مادة هلامية موصلة أيونية، توفر الاستقرار على المدى الطويل والأداء الخالي من التباطؤ.

قد يهمك: لماذا لم نستعد بعد لروبوتات المحادثة الآلية؟

“يد روبوتية”

بعد دراسة “جامعة هارفارد”، استمرت الدراسات لأجل أنسنة الروبوتات ولم تتوقف، ليبتكر علماء بريطانيون من “جامعة بريستول” قبل عام تقريبا، طرف إصبع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد يتمتع بحاسة لمس مشابه لحاسة لمس الإنسان.

العلماء  ابتكروا حاسة اللمس في الإصبع الاصطناعي باستخدام شبكة مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مؤلفة من نتوءات صغيرة بحجم رأس الدبوس، تشبه تلك الموجودة على جلد الإنسان.، ووجدوا، أن طرف الإصبع الجديد كان قادرا على إنتاج إشارات عصبية اصطناعية تشبه تلك الناتجة عن إشارات من نهايات عصبية بشرية مختلفة. 

في سياق ذلك الابتكار، قال البروفيسور ناثان ليبورا، من قسم الرياضيات الهندسية في “جامعة بريستول” حينذاك، إن عملهم يساعد في الكشف عن كيفة عمل التركيب الداخلي المعقد للجلد البشري على إنشاء حاسة اللمس لدى الإنسان. 

“وجدنا أن طرف إصبعنا اللمسي المطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكنه إنتاج إشارات عصبية اصطناعية تشبه الإشارات التي تطلقها الخلايا العصبية اللمسية الحقيقية”، قال ليبورا.

بحسب البروفيسور في “جامعة بريستول”، فإنهم اختبروا أطراف الأصابع الاصطناعية المطبوعة، وشعروا بنفس الإحساس الذي يشعرون به عادة عند لمس الأشياء بأصابعهم الحقيقية.

لكن رغم التطابق الوثيق للغاية بين الإصبع الاصطناعي وإشارات الأعصاب البشرية، لم يكن ذلك الإصبع حساسا للتفاصيل الدقيقة، وأرجع الباحثون السبب، إلى أن الجلد الاصطناعي أكثر سمكا من الجلد الحقيقي.

هل ينتهي الأمر ويتم الاستسلام، بالطبع لا، بل جاءت محاولة أكثر جرأة، عبر تمكن فريق بحثي من “جامعة فلوريدا”، من تصنيع يد روبوتية تعد الأولى من نوعها، أُنتجت بطرق الهندسة الحيوية، تتمتع بنوع من الحياة البيولوجية الموجودة لدى الجسم البشري، بحيث تقوم مقام اليد البشرية لدى من فقدوا أيديهم. 

النتيجة الأولى لهذه القفزة في تصنيع الروبوت، كانت أن اليد المبتكرة تتمتع بالقدرة على الإحساس باللمس، ونقل هذا الاحساس إلى مخ المريض أو الشخص الذي يستخدمها، بطريقة تشبه إحساس اللمس المعتاد مع اليد البشرية.

قد يهمك: صراع الفنانين والذكاء الصنعي.. من المحق؟

لا يأس؟

الأطراف الاصطناعية المتطورة مع الأصابع والمفاصل التي تتحرك حركات معقدة أصبحت متاحة وقادرة على محاكاة كل حركات اليد، لكنها وبحسب بيان أوردته “جامعة فلوريدا”، “لا تزال صعبة ومحبطة وغير طبيعية للمستخدم”.

السبب هو أنها “تفتقر إلى تجربة اللمس التي توجه كل حركة، وهذا الفراغ في الإحساس يضع قيودا على استخدام هذه الأجهزة الاصطناعية باهظة الثمن، ويدفع الكثير من المصابين للتخلي عنها أحيانا”، وفق البيان.

اليوم وبعد كل تلك المحاولات، يأمل فريق شركة “باور أون” زيادة مجالات تطبيق الروبوتات الصناعية بشكل كبير من خلال الأصبع الحسي؛ إذ تم تصميم الأصبع كقابض آلي لإكمال المهام الدقيقة في العديد من المجالات.

القابض هو إصبع مطبوع بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد ومصنوع من مواد مرنة، ويفتقر إلى المفاصل التقليدية، وله ملمس جلدي يكتشف كيفية الإمساك بالأشياء.

بحسب الشركة، فإنها تمكنت من خلال عملها مع “جامعة دريسدن” التقنية في ألمانيا، بالفعل من إثبات التفاعل بين العضلات المصنعة والخلايا العصبية الاصطناعية والبشرة الحساسة للمس، إذ يتم دفع القابض الآلي عبر عضلات اصطناعية فقط، وتتم إدارتها أيضا بواسطة الخلايا العصبية الاصطناعية.

الباحثون في الجامعة الألمانية والشركة الناشئة، يسعون حاليا لاستخدام المنتج الأول للشركة الناشئة، وهو نوع من أطراف الأصابع الحسية للروبوتات الصناعية، للتوسع بشكل كبير في مجالات تطبيق الروبوتات، والسماح لقابض الروبوتات التقليدية بأداء مهام أكثر دقة.

رغم عدم تحديد تاريخ محدد، ستبدأ الاختبارات العملية الأولية للمنتج في الأسابيع المقبلة، بحسب بيان “جامعة دريسدن”، بعد أن تم عرض الروبوتات لأول مرة في مؤتمر “ساكسوني تيك توكس” في 6 كانون الأول/ديسمبر 2022.

في النهاية، فإنه بمجرد أن يتم تطوير التكنولوجيا بما يكفي، من المتوقع ؤؤية الروبوتات ليس فقط في الصناعة ولكن أيضا في حياتنا اليومية العامة، بعد أن تتم أنسنة الروبوت بضخ حاسة اللمس والإحساس لكل الروبوتات، لكن هل الأمر بتلك السهولة.ط، يقينا لا، غير أنه سيحدث في وقت ما من الأعوام المقبلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.