إلى متى تحتكر “جوجل” الإعلانات عبر مواقع الويب؟

إلى متى تحتكر “جوجل” الإعلانات عبر مواقع الويب؟
استمع إلى المقال

محرك بحث ”جوجل“ هو الخدمة الأكثر استخداما لدى شركة ”ألفابيت“ المالكة له مع مجموعة من الخدمات الأخرى مثل ”يوتيوب“ وغيرها، ورغم أن استخدام محرك بحث ”جوجل“ مجاني، إلا أن الخدمة والشركة المالكة لها تحولا إلى أحد أنجح المشاريع التقنية في العالم التي تدرّ ملايين الدولارات سنويا عبر تقديم خدمة مجانية يحتاجها سكان العالم أجمع. 

نجاح ”جوجل“ لم يأت من فراغ، إذ ابتكرت تقنية البحث عبر الإنترنت المعاصرة التي نعرفها اليوم، وأتقنت هذه التقنية لدرجة جعلتها تستحوذ على أكثر من 92 بالمئة من عمليات البحث التي تتم عبر الإنترنت متفوقة بذلك على منافسين أقدم منها مثل ”Yahoo“ و محركات بحث أخرى تهتم بالخصوصية أولا مثل “DuckDuckGo” ليتحول عالم البحث عبر الإنترنت حكرا على ”جوجل“ بمفردها دون قدرة أي شركة أو كيان آخر على المنافسة في هذا العالم. 

بعد السيطرة على غالبية عمليات البحث التي تتم عبر الإنترنت، كان على ”جوجل“ البحث عن طرق للاستفادة المادية من هذه العمليات وتحقيق دخل منها، وهنا جاء مشروع ”إعلانات جوجل“ و”ادسنس“ الذي يتيح لها مشاركة الأرباح مع منشئي المحتوى الذين تظهر لديهم الإعلانات، وهكذا أغلقت ”جوجل“ دائرة البحث عبر الإنترنت على نفسها دون ترك أي مجال للمنافسة، لتصبح بذلك محرك البحث الذي يتوجه له المستخدمون والشركة الإعلانية التي تنشر إعلاناتهم والشركة التي تشارك أرباحها مع منشئي المحتوى وأصحاب المواقع. 

قد يهمك أيضا: ماذا حقق تحديث المحتوى المفيد الخاص بـ “جوجل” بعد أشهر من صدوره؟

الوجهة الوحيدة للمعلنين 

الهدف الرئيسي من أي إعلان مهما كان، هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من العملاء المحتملين من أجل الربح من ورائهم، لذلك يبحث المعلِنون دائما عن أكبر منصة تنشر إعلانهم لأكبر عدد من الجمهور المحتمل، وهذا ما تمكنت ”جوجل“ من الإبداع فيه بفضل زياراتها الشهرية التي تتجاوز 86.4 مليار زيارة شهريا. 

طريقة ظهور الإعلانات في جوجل

”جوجل“ ستعرض إعلانك للمهتمين به فقط، وستضع شركتك أمام الباحثين عن الكلمات المفتاحية التي ترغب بها أنت، لذلك إن كنت تبيع فساتين السهرة، فإن ”جوجل“ ستجعلك تظهر أمام كل من يبحث عن ”فساتين السهرة“ فقط. 

مثل هذا التخصيص في الظهور يجعل نتائج الإعلان أفضل من غيرها، وكأي صاحب عمل فأنت ترغب في تحقيق الربح الأكبر، لذلك يتجه الجميع إلى ”جوجل“ متجاهلين أي منافس آخر مهما قدم لهم من عروض ومغريات، وحتى المنافسة الموجودة من منصات التواصل الاجتماعي لا تجرأ على الاقتراب من نتائج البحث عبر الإنترنت، وذلك لأن ”جوجل“ تمتلك لوحة العرض التي ستظهر فيها الإعلانات. 

خدمات ”جوجل“ لمشاركة الأرباح مع منشئي المحتوى وأصحاب المواقع وقنوات ”يوتيوب“ جذب الباحثين عن طرق الدخل السلبية، كما أغرت الكثير من الشركات لتبدأ عملها في مجال صناعة المحتوى حتى يتمكنوا من تحقيق الدخل من مواقعهم أو قنواتهم، وبغض النظر عن التفاصيل العملية المتعلقة بهذا المجال، فإن ”جوجل“ ضمنت بهذه الخطوة ولاء صنّاع المحتوى لها، وجعلتهم يعملون دوما على تقديم محتوى جديد وذو فائدة مستمرة، وبالتالي المزيد من الزيارات لمحرك البحث الخاص بها والمزيد من الواجهات لعرض الإعلانات. 

سهولة استخدام ”جوجل“ كانت سببا كبيرا في جذب المستخدمين إليه، إذ كل ما عليك فعله هو كتابة الشيء الذي تبحث عنه لتظهر لك ملايين النتائج التي تتحدث عن هذا الأمر، وقد ساهمت سهولة الاستخدام في جعل المنصة تكسر حاجز 500 ألف عملية بحث في أول عام لها. 

قد يهمك أيضا: “تحديث المحتوى المفيد”: جوجل على الطريق الصحيح نحو إعادة الصدارة للمحتوى القيّم

تحركات قضائية ضد احتكار ”جوجل“ 

الاحتكار الذي تمكنت ”جوجل“ من تطبيقه بشكل غير مباشر على مستخدمي محرك البحث الخاص بها لم يمر دون ملاحظة، لذلك أقُيمت الكثير من الدعاوى القضائية ضد ”جوجل“ لكونها تحتكر عالم محركات البحث والإعلان عبر مواقع الإنترنت. 

Embed from Getty Images

”جوجل“ تعرضت إلى خمسة قضايا في أميركا بمفردها منذ عام 2020، كان أحدثها قضية رُفعت من وزارة العدل إلى جانب عدة ولايات متهمين ”جوجل“ بالقضاء على المنافسين واحتكار مجال بيع الإعلانات عبر الإنترنت، ولكن القضايا لم تقتصر على أميركا فقط، بل امتدت حتى وصلت إلى الهند، حيث رفضت المحكمة العليا مناشدة ”جوجل“ لصرف القضية وحكمت عليها بغرامة تصل إلى 162 مليون دولار، وفي سنغافورة تكرر السيناريو أيضا ورُفعت قضية على الشركة ضد احتكارها لسياسات البحث والإعلانات عبر محركات البحث. 

الاتحاد الأوروبي لم يترك الأمر يمرّ مرور الكرام، إذ طبق غرامة على ”جوجل“ وصلت إلى 2.42 مليار يورو بسبب اساءة استخدام سلطتها في عالم محركات البحث وامتلاكها أكثر من خدمة متعارضة معا. 

قد يهمك أيضا: بعيدًا عن الضجيج الإعلامي.. هل روبوت جوجل “لامدا” واعٍ حقاً؟

هل من منافس؟ 

عرش ”جوجل“ على قمة عالم محركات البحث ظل غير مهددٍ لفترة طويلة، وهي فترة حققت للشركة مليارات الدولارات، ورغم الكثير من المحاولات لتقويض هذه السيطرة وإيقافها، إلا أن هذا العرش ظل دون أي تهديد لفترة طويلة. 

محرك ”Mojeek“ يمثل أحد محاولات بريطانيا لمواجهة سيطرة ”جوجل“ على هذا العرش، وذلك لأنها تحاول بناء تقنية خاصة بها للوصول إلى المواقع على الإنترنت وأرشفتها وعرضها بشكل جيد، وبينما تسعى الكثير من الشركات لتقليد ”جوجل“ والتربح من وراء الإعلانات، إلا أن ”DuckDuckGO“ يقف منفردا في اهتمامه بالخصوصية عبر محركات البحث، وهو يحاول جاهدا حفر إسمه في هذا العالم دون التعدي على خصوصية المستخدمين. 

محرك بحث DuckDuckGO

محاولات الشركات المختلفة لتقويض سيطرة ”جوجل“ على عالم محركات البحث مرت دون ملاحظة من ”جوجل“ ودون أن تقلقها، ولكن للمرة الأولى يظهر منافس قادر على تهديد عرش ”جوجل“ وانتزاع السيطرة منها. 

المنافس الأكبر الذي يقف أمام ”جوجل“ لا يهدف لأن يكون محرك البحث القادم، ولكن التقنية التي يعتمد عليها قد تغير شكل استخدام الإنترنت وعمليات البحث عبر الإنترنت في العالم أجمع. 

تقنية “ChatGPT” التي تعتمد على الذكاء الصنعي وبرمجيات فهم اللغة الطبيعية هي التهديد الأكبر لـ ”جوجل“ حاليا، وهو تهديد تدركه الأخيرة جيدا لدرجة أنها استدعت الآباء المؤسسين للشركة لاري بيج وسيرجي برين، للعمل على تطوير ذكاء صنعي قادر على مجابهة ”ChatGPT“ والتغلب عليه. 

النسخة التي ظهرت من “ChatGPT” لازلت بدائية وغير قادرة على منافسة ”جوجل“ بالمعنى الحرفي لهذه المنافسة، ولكن سهولة استخدام التطبيق والوصول إلى المعلومات عَبره جذب أنظار المستخدمين حول العالم، وجعلهم يتساءلون، هل هناك حل أسهل للبحث عبر الإنترنت من ”جوجل“؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.