استمع إلى المقال

هواتف “هواوي” المحمولة واجهت الكثير من التحديات في الآونة الأخيرة، ورغم أن الشركة ظاهريا تمكنت من التغلب على هذه التحديات، إلا أن قرار الحظر الأخير الذي أصدرته واشنطن قد يُنهي مسيرة الشركة تماما أو يعيدها إلى الوراء عدة أعوام. 

القرار الأخير الذي صدر ضد الشركة الصينية يمنعها من الوصول إلى الشرائح الأميركية من المصنّعين مثل “كوالكوم” و “إنتل”، ويضم هذا مكونات الشرائح التي تحتاجها الشركة لبناء معالجتها مثل شرائح الاتصال اللاسلكي بالإنترنت أو شرائح الاتصال الهوائي، وبالتالي لن تستطيع هواتف “هواوي” القادمة الوصول إلى الإنترنت بأي شكل من الأشكال. 

قد يهمك أيضا: مقارنة بين “هواوي Mate 50 Pro ” و”جلاكسي S22 Ultra”.. من الأفضل؟ 

ثغرة مكنت “هواوي” من البقاء حتى الآن 

“هواوي” كانت تستطيع الوصول إلى الشرائح الأميركية والاستفادة منها بفضل عدة ثغرات في قانون الحظر الأخير، وذلك حتى لا تؤذي واشنطن صناعة مكونات الشرائح لديها والتي تعمل بها شركات أميركية مثل “إنتل”. 

الثغرات مكّنت “هواوي” من الوصول إلى أي شرائح اتصال لا تستخدم تقنية “5G”، وبالتالي كانت الشركة تستطيع الوصول إلى الشرائح التي تعتمد على تقنيات “4G” إلى جانب تقنيات الاتصال الأخرى مثل “Wifi 6″، إذ أن شركة “كوالكوم” كانت تمتلك رخصة تجارة مع “هواوي”. 

رويترز” نقلت عن مسؤولين في “البيت الأبيض” استعدادهم حظر وصول “هواوي” تماما إلى الشرائح الأميركية ومكونات الشرائح المصنوعة لدى الشركات الأميركية، وهو ما يعني أن الحل الذي اعتمدت عليه “هواوي” في الشهور الماضية سيتوقف عن العمل. 

السؤال الذي يدور في أذهان الجميع حول معالجات “هواوي” الخاصة التي كانت تطلقها سابقا تحت اسم “Kirin”، وهو سؤال منطقي، إذ أنها ظاهريا لن تحتاج إلى التقنيات الأميركية أو حتى شرائحها، ولكن في الحقيقة، حتى معالجات “هواوي” الخاصة تحتاج إلى مكونات دقيقة لا تُصنّع إلا لدى الشركات الأميركية، وكانت هذه المكونات جزءا من الحظر الأول الذي طُبّق على هواوي في 2019، وبينما كانت الشركة تستخدم مخزونها السابق من الشرائح في الفترة الماضية، إلا أن هذا المخزون قارب على النفاذ وبالتالي لم تعُد الشركة تمتلك ما يكفيها لبناء معالجات جديدة. 

قد يهمك أيضا: بين “هواوي” وأميركا.. لماذا تلعب السعودية على الحبلين في توريد المعدات التقنية؟

رد “هواوي”

الأخبار عن الحظر الأخير لم تتعد كونها شائعات تحدثت عنها مختلف الصحف الغربية، ورغم ذلك فإن أثرها ليس سهلا على أسهم الشركة أو مستقبلها، لذلك توجهت الشركة مباشرةً إلى الصحف الصينية والمنافذ الإعلامية هناك لتنشر شائعة جديدة عن خطة الشركة المستقبلية. 

الشائعة الجديدة تقضي بأن “هواوي” ستعود هذا العام لإنتاج معالجاتها الخاصة مجددا، لذلك فإن جميع هواتف هواوي التي ستُصدّر في الأعوام المقبلة ستعتمد على معالج “Kirin”، ولكن الأمر لا يتوقف هنا، إذ أن الشائعات تتحدث عن استخدام معمارية 12 نانومتر و 14 نانومتر لصناعة الشرائح، وهو ما يمثل عودة للوراء عدة أعوام. 

معالجات دون المستوى 

معمارية تصنيع المعالج تلعب دورا هاما في قوته، إذ أنها لا تشير فقط إلى الدقة التي صنع بها المعالج، ولكن تشير أيضا إلى عدد النواقل في المعالج والمساحة التي يشغلها وبالتالي استهلاك الطاقة والحرارة الذي ينتجه المعالج، وهو ما يؤثر في النهاية على الترددات التي يصلها المعالج وقدرته على التعامل مع الأوامر والتطبيقات الخاصة به. 

الفرق بين معماريات التصنيع المختلفة قد يقودنا إلى حديث تقني مفصّل ولكنه لن يعكس اختبارات الأداء الحقيقية، وهو الأمر الذي يهم المستخدم النهائي الذي يبحث عن هواتف جيدة ذات أداء مقبول، وهو الأمر الذي لن تجده مع هواتف “هواوي” المقبلة. 

الهواتف القادمة التي ستطلقها “هواوي” والتي ستعتمد على المعالج الجديد من الشركة وستصدر في 2024 أو ما بعدها ستقدم معمارية 12 أو 14 نانومتر، وهي معمارية توقفت الشركات عن استخدامها في الهواتف الرائدة منذ عام 2016، حيث كان هاتف سامسونج “جالاكسي 7 إيدج” آخر هاتف اعتمد على هذه المعمارية، وذلك قبل أن تنتقل سامسونج إلى معمارية 10 نانومتر مع هواتف “جالاكسي 8″، ويعني ذلك أن الهواتف التي تخطط “هواوي” إطلاقها مستقبلا ستكون بقوة هواتف سامسونج التي صدرت منذ 7 سنوات. 

الهواتف الرائدة تقترب كثيرا من استخدام معمارية 3 نانومتر، وهي ستوفر أداء أقوى من السابق إلى جانب استهلاك طاقة أقل وإنتاج حرارة أقل، وهو ما يعني سمك هواتف أقل وتصميم أكثر رفاه من الهواتف السابقة، وهو ما كشفت عنه “TSMC” سابقا حيث بدأت تستعد لإنتاج شرائح 3 نانومتر من أجل هواتف “أبل” القادمة. 

مستقبل “هواوي” 

صناعة الهواتف الرائدة تمثل المكسب الأكبر للشركات التقنية، وذلك لأن الشركة تستطيع إضافة أي تكلفة ترغب بها على الهاتف بدلا من بيعه بسعر التكلفة، ويظهر ذلك بوضوح مع الهواتف التي تتكلف صناعتها 400-500 دولار مثل هواتف “آيفون” أو هواتف “سامسونج” الرائدة وتُباع بأكثر من ضعف تكلفتها. 

“هواوي” تجد نفسها في مفترق الطرق مجددا، ولكن هذه المرة الاختيار أكثر صعوبة من عام 2019، إذ يجب على الشركة أن تختار بين صناعة هواتف رديئة لا يمكن أن تنافس الهواتف الرائدة من بقية الشركات، أو التوقف عن صناعة الهواتف الرائدة تماما والالتزام بالهواتف المتوسطة والاقتصادية، وهو ما لن يقدّم للشركة أرباحا حقيقية تساعدها على التقدم. 

هواوي

الحظر السابق الذي تعرضت له الشركة في عام 2019 ومنعها من الوصول إلى “خدمات جوجل” كلفها كثيرا وجعل أرباحها تتوقف عن النمو بالسرعة السابقة، إذ سجلت الشركة نموا إجماليا في عام 2020 بمقدار 3.8 بالمئة مقارنة مع 19 بالمئة في عام 2019. 

قد يهمك أيضا: أي ثمنٍ تدفعه مصر للرقمنة برعاية “هواوي”؟

النمو الذي سجّلته “هواوي” في ذاك العام قد يرجع لأي قطاع من قطاعاتها المختلفة بعيدا عن الهواتف المحمولة، إذ تعمل الشركة في الكثير من القطاعات منها توريد المعدّات لعدة دول عربية إلى جانب الخدمات السحابية، كما أن هذا النمو جاء بسبب الحلول التي قدمتها “هواوي” للتغلب على حاجتها لخدمات “جوجل” مثل تقديم خدماتها السحابية الخاصة والتي تُعد أضعف وأكثر فقرا من خدمات “جوجل”. 

“هواوي” لن تكون قادرة على إيجاد حلول للتغلب على نتائج هذا الحظر، إذ أنه سيؤثر بشكل مباشر على قدرتها على صناعة الهواتف المحمولة سواء كانت رائدة أو حتى اقتصادية، وهو ما سيجعلنا نشهد انخفاضا كبيرا في مبيعات الشركة في مختلف القطاعات وسيؤثر بشكل سلبي على سعر أسهمها في البورصة مستقبلا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.