استمع إلى المقال

منذ سنوات عديدة وعد العاملون في المجال التقني، بقدوم عصر السيارات الكهربائية، وبالفعل شهد العالم بدايات متعثرة في أوائل القرن العشرين وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وتأسيس شركة “تسلا”، ودمج العديد من شركات السيارات المعروفة عالميا، السيارات الكهربائية ضمن خطوط انتاجها.

حصة السوق العالمية للسيارات الكهربائية، حققت قفزة هائلة إلى الأمام بالأخص في العقد الماضي، وتتوقع الكثير من شركات الأبحاث والاستطلاعات أن يتسارع هذا التقدم بشكل كبير في السنوات القادمة.

لم يُظهر عام 2020 نموا كبيرا في إجمالي سوق السيارات الكهربائية، إذ تأثر السوق العالمي لجميع أنواع السيارات سلبا بجائحة “كوفيد-19” والانكماش الاقتصادي الذي أعقب ذلك.

بالرغم من ذلك، تبيّن أن عام 2020 كان عاما إيجابيا بشكل ممتاز، حيث نمت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية بنسبة 43 بالمئة مقارنة بالعام 2019، وارتفعت حصة سوق صناعة السيارات الكهربائية العالمية إلى 4.6 بالمئة في عام 2020.

عام 2021، هو عام تحطيم الأرقام القياسية، إذ تضاعفت مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2021 إلى 6.75 مليون وحدة، وكانت كمية المركبات الكهربائية المباعة في أسبوع واحد في عام 2021، أعلى من عدد السيارات التي تم بيعها في عام 2012 بأكمله.

فهل يستمر ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2022، ما هي أهم الشركات التي ساهمت في نمو هذا القطاع بشكل متسارع خلال هذا العام، وما هي العقبات التي حالت دون انتشار هذه التقنية بشكلها المتوقع، وما هو المتوقع لمستقبل السيارات الكهربائية للأعوام القادمة.

زيادة نسبة مبيعات السيارات الشهرية والسنوية العالمية

قد يهمك: انخفاض شحنات أجهزة الكمبيوتر عالميا.. ما الأسباب؟

توجهات سوق السيارات الكهربائية لعام 2022

البيانات الصادرة من شركة الأبحاث “BloombergNEF” تُظهر، أن العالم حقق رقما قياسيا في المبيعات السنوية للمركبات الكهربائية بلغ 7.1 مليون مركبة في النصف الاول للعام، وتتوقع الشركة 10.6 مليون مركبة في المبيعات بحلول نهاية العام الحالي، على الرغم من الضغوط المستمرة على سلسلة توريد المركبات التي صعّبت الحصول على السيارات الكهربائية من الوكالات التجارية.

وفقا لبيانات “BloombergNEF“، فإن النمو خلال النصف الأول من هذا العام لمبيعات السيارات الكهربائية لم يكن متساويا، حيث تصدرت ألمانيا المبيعات بنسبة 26 بالمئة والمملكة المتحدة بـ 24 بالمئة والصين بـ 23 بالمئة من نسبة المبيعات.، فيما كانت 7 بالمئة فقط هي حصة الولايات المتحدة من المبيعات العالمية في سوق السيارات الكهربائية.

بشكل عام يبدو أن نمط النمو الإقليمي قد تغير، فبعد عامين من الزيادات الحادة في المبيعات في منطقة أوروبا، اكتسبت السيارات الكهربائية زيادة في النمو بقدر 9 بالمئة فقط مقارنة بالنصف الأول من العام 2021، ومن الأسباب الرئيسية في هذا النمو المتباطئ في منطقة أوروبا، هو ضعف أسواق السيارات بشكل عام والنقص المستمر في المكونات بسبب الحرب في أوكرانيا.

أما في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، فقد ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 49 بالمئة في النصف الأول من العام على أساس سنوي، على الرغم من ضعف سوق السيارات الخفيفة بشكل عام والذي انخفض بنسبة 17 بالمئة خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

نمو سوق السيارات الكهربائية بحسب المناطق

أنواع السيارات والحصة السوقية

المركبات الكهربائية الهجينة استحوذت على نسبة 27 بالمئة من المبيعات العالمية في النصف الأول من العام 2022 مقارنة بـ 29 بالمئة في العام الماضي، وهذه النسبة لا تزال في ازدياد.

السيارة الكهربائية ببطارية نمت بزيادة بنسبة 75 بالمئة، ونمت السيارات الهجينة بالكامل بنسبة 14 بالمئة، وانخفض إجمالي مبيعات المركبات الخفيفة العالمية بنسبة 8 بالمئة على أساس سنوي في النصف الأول من العام 2022.

السيارات الكهربائية الخفيفة شكلت 8.2 بالمئة والسيارات الكهربائية الهجينة الخفيفة 3.1 بالمئة يمثل مجموعهما 11.3بالمئة من مبيعات المركبات الخفيفة العالمية في النصف الأول، مقارنة بـ 6.3 بالمئة في النصف الأول من العام 2021.

أبرز الملامح العالمية:

حسب نتائج استطلاع نُشرت من قبل شركة أبحاث السوق “Counterpoint Research”، فقد نمت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية بنسبة 71 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام 2022، ثلاثة من أفضل خمس علامات تجارية للسيارات الكهربائية مبيعا كانت من الصين، حيث تعمل في الغالب على تعزيز حصة السوق العالمية للسيارات الكهربائية، مع اقتراب أكبر خمس علامات تجارية من حصة السوق بنسبة 50 بالمئة.

العلامة التجارية

  • مبيعات “BYD”

شركة “BYD” للسيارات حافظت على ريادتها في السوق العالمية، حيث قامت بشحن أكثر من 537 ألف وحدة كهربائية، بزيادة قدرها 197 بالمئة على أساس سنوي، ساهمت أفضل ثلاثة طرازات لها، “BYD Song” و “BYD Qin” و “BYD Han” في أكثر من 56 بالمئة من مبيعات الشركة خلال هذا الربع.

عمليات “BYD” الخارجية بدأت في الانتعاش بسرعة؛ إذ باعت ما يقرب من 17 ألف وحدة كهربائية في مناطق مختلفة بما في ذلك أوروبا وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأوقيانوسيا في الربع الثالث من العام 2022.

  • مبيعات “Tesla”

مبيعات “Tesla” العالمية نمت بنسبة 43 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022 لتصل إلى أكثر من 343 ألف وحدة كهربائية، وشهدت الشركة زيادة في الطلب على سياراتها في أوروبا هذا الربع.

  • مبيعات ” Wuling Motors”

مبيعات “Wuling Motors” نمت بنسبة 31 بالمئة على أساس سنوي لتحتل المرتبة الثالثة في سوق السيارات الكهربائية العالمية، ظل طراز “Hongguang Mini EV” للشركة هو الرائد بلا منازع في السوق منذ إطلاقه في النصف الثاني من العام 2020.

  • مبيعات ” Volkswagen”

مبيعات ” Volkswagen” الكهربائية ارتفعت بنسبة 28 بالمئة على أساس سنوي لتتعافى من انخفاضها في الربع الثاني، كان لسلسلة “ID.4” و “ID.3” و “ID.6” من الشركة الأكثر مبيعا خلال الربع، أظهرت الشركة نتائج مبهرة في الصين حيث نمت مبيعاتها من السيارات الكهربائية بنسبة 79 بالمئة على أساس سنوي و35 بالمئة على أساس ربع سنوي.

شركة “GAC Motor” برزت كخامس علامة تجارية مبيعا، متجاوزة “BMW” و ” Mercedes-Benz “خلال الربع الثالث من عام 2022، وباعت “GAC” أكثر من 85 ألف وحدة لتسجل نموا سنويا قدره 145 بالمئة.

العلامة التجاريةربع2 2021ربع3 2021ربع4 2021ربع1 2022ربع2 2022ربع3 2022
BYD Auto7%11%12%14%16%20%
Tesla15%15%14%16%12%13%
Wuling7%6%5%6%5%5%
Volkswagen7%6%5%4%4%4%
GAC Motor2%2%2%2%3%3%
اخرى62%59%62%59%60%55%

تحديات سوق السيارات الكهربائية

بالرغم مما يشهده العالم من نمو متسارع للسيارات الكهربائية، تبقى هذه الفئة ضعيفة بالمقارنة بالسيارات التقليدية على مستوى العالم، فقد اعُتبر تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في شهر تسرين الأول/أكتوبر لعام 2022، أن زيادة مبيعات السيارات الكهربائية؛ لا تنمو بالشكل الكافي كي تواكب متطلبات الأهداف المناخية والوصول إلى حيادية الكربون بقطاع النقل.

حول العقبات التي تحول دون نمو مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم بالشكل المرجو، وضّح بحديث خاص لموقع “إكسڤار”، مهند كامل الحميدي، الكاتب المتخصص بالعلوم والتقنية والطاقة البديلة، قائلا، على ما يبدو أن العقبة الرئيسية في التحول الكامل إلى السيارات الصديقة للبيئة كانت مرهونة بالإرادة السياسية للدول الكبرى، وبقي التحول على مدى عقود يعاني من التعثر في ظل غياب إرادة حقيقية مرتبطة بدافع اقتصادي قوي.

الأمر تغير في الأعوام الأخيرة في ظل تنامي الوعي الشعبي حول العالم بضرورة مراعاة البيئة والتصدي للاحترار العالمي، ودعم ذلك التغيرات الاقتصادية الكبرى عقب الأزمة المالية العالمية والحرب الروسية الأوكرانية، وسرّع التوجه الجديد إلى الطاقة الخضراء، مع ارتفاع أسعار مشتقات الوقود الأحفوري، وتذبذب إمداداتها.

مع الإرادة السياسية الجديدة المرتبطة بضرورات اقتصادية، يرى الحميدي أن التحول سيصبح أمرا واقعا خلال العقد المقبل، على الرغم من جملة المعوقات المتعلقة بارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، أو الضعف في توفر بُناها التحتية ومحطات الشحن، او ضعف مدى سيرها.

الأبحاث حول العالم تستمر للتغلب على تلك العقبات وتسريع التحول، فبدأنا نشهد تطورا لافتا في إنتاج البطاريات، فضلا عن تطوير تقنيات مبتكرة للتغلب على مشكلة الشحن؛ ومنها الأرصفة الممغنطة، والشحن من سيارة لأخرى على الطرقات لاسلكيا دون توقف، أو تبديل البطاريات الفارغة بأخرى في مراكز خاصة.

ومن تلك التقنيات أيضا توفير الشحن من أعمدة إنارة الشوارع؛ على غرار مشروع رائد أطلقته بلدية العاصمة الألمانية برلين، منتصف العام الحالي.

قد يهمك: انخفاض عالمي في شحنات الهواتف الذكية.. ما الأسباب؟

دعم قطاع السيارات الكهربائية

في العام 2020 لوحظ بعض الجهود من الحكومات لمكافحة تغير المناخ، على سبيل المثال، عرضت ألمانيا على مشتري السيارات حوافز تصل إلى 9000 يورو إذا اختاروا التحول إلى الفئة الكهربائية، وهو مخطط نجح بشكل جيد لدرجة أن الحكومة ستخفض المدفوعات في عام 2023.

الصين استثمرت بقوة في صناعة السيارات الكهربائية المحلية لما يقرب من عقد. وأقرت حكومة الولايات المتحدة هذا العام مجموعة من البرامج الجديدة التي لا توسع حوافز شراء السيارات فحسب، بل تهدف أيضا إلى دعم المزيد من سلسلة توريد السيارات الكهربائية الأميركية، بدءا من تجميع المركبات وصولا إلى تعدين المعادن النادرة التي تدخل في صناعة السيارات الكهربائية.

لم تحظَ السيارات الكهربائية في بداياتها بالإقبال على المستوى الشعبي، وفي هذا الجانب أشار الحميدي إلى أن السبب يعود أن الشركات المتخصصة بالسيارات الكهربائية فقط؛ مثل “Tesla”  لم تستطع استقطاب المستهلكين، وسط شكاوى كثيرة متعلقة بجودة التصنيع.

لكن الأمر تغير مع دخول كُبريات الشركات المصنعة للسيارات التقليدية على خط المنافسة، لتبدأ شركات؛ مثل “مرسيدس بنز” و”أودي” و”شيفروليه” وغيرها، بإنتاج سياراتها الكهربائية الخاصة، مع وعود من بعضها بتحويل خطوط إنتاجها بالكامل إلى سيارات كهربائية مستقبلا.

التحول الكامل يبقى مرهونا بتخفيض الأسعار، وعمليا فإن أسعار السيارات الكهربائية حتى الآن ليست منافسة للسيارات العاملة بمشتقات الوقود الأحفوري، بحسب الحميدي

فضلا عن تعزيز البنى التحتية وتطوير محطات الشحن وتحويلها بدورها من محطات تولّد الطاقة من النفط إلى محطات تعمل بالطاقة البديلة، ما يحتاج إلى مشاريع حكومية ضخمة تتبنى التوجه الجديد، فشواحن السيارات الكهربائية ليست منتشرة بما فيه الكفاية، إذ تحتاج الحكومات والقطاع الخاص إلى بناء شبكة عالمية من أجهزة شحن السيارات الكهربائية التي لا يمكنها خدمة سيارات الركاب فحسب، بل أيضا أساطيل الشاحنات ذات الانتشار الواسع التي يمكنها منافسة محطات تعبئة الغاز.

من ناحية أخرى، فإن إمدادات العالم من معادن البطاريات، من الليثيوم والنيكل والكوبالت وحتى الجرافيت محدودة للغاية، ومن الصعب إخراجها من الأرض.

 فهل كان العام 2022 نقطة التحول الكهربائية، سؤال من الصعب الإجابة عليه في الوقت الراهن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.