استمع إلى المقال

في الأيام الأخيرة، شهدت شركة “جوجل” تراجعا في سعر أسهمها بنسبة 3 بالمئة بعد نشر تقرير مثير للجدل في صحيفة “نيويورك تايمز“، يفيد بأن عملاق البحث قد يواجه تهديدا كبيرا من الذكاء الصنعي المولد.

حيث تبحث العديد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الصنعي عن تحسين نماذج اللغة الكبيرة، بهدف إثبات أن روبوتات الدردشة التي تستخدم هذه التقنية هي الطريقة الأفضل للوصول إلى محتوى الويب، وتجاوز نظام البحث والترتيب الخاص بـ “جوجل”.

في حين يعتمد “جوجل” على الزحف الآلي وفهرسته لمطابقة طلبات البحث مع المواقع ذات الصلة، يستخدم الذكاء الصنعي المحركات المخصصة للإجابة، حيث يعتمد على مهارات نماذج اللغة الكبيرة لفهم الأسئلة، ويقوم بتجميع إجابات مخصصة بناء على محتوى الملايين من صفحات الويب التي تم الكشف عنها أثناء التدريب.

لذا، سنستعرض معا أهم الفروق والتشابهات بين الذكاء الصنعي والطرق التقليدية للبحث، وسنحاول الإجابة على السؤال المحوري، هل يمكن للذكاء الصنعي والطرق التقليدية للبحث أن تتعاون أو تتصارع في مستقبل العلم والمعرفة.

قد يهمك: التكنولوجيا والإعلام.. شراكة استراتيجية أم صراع مصالح؟

ساحة معركة جديدة

محركات البحث تشكل الآن ساحة المعركة الجديدة بين “مايكروسوفت” و “جوجل”، حيث تتنافس الشركتان على إحداث ثورة في الذكاء الصنعي لتحسين خدماتهما، وتأتي هذه الخطوة في وقت حاسم يسعى فيه العالم إلى التحول الرقمي الشامل.

“مايكروسوفت” أعلنت مؤخراً عن إطلاق “Bing” الجديد، والذي يستخدم مساعد ذكاء صنعي مدعوم بنسخة أقوى من “ChatGPT”، وتعتبر هذه الخطوة جزءا من خطط “مايكروسوفت” الطموحة للتقدم في سباق الذكاء الصنعي، والتي يشارك فيها مع شركات مثل “OpenAI”.

الإعلان عن “Bing”

في خطوة مماثلة، أطلقت شركة “جوجل” الشهر الماضي تقنية “Bard”، ويُعد المنافس لـ “ChatGPT”، ويوفر نتائج البحث عن طريق المحادثة، المدعومة من “LaMDA” وهو من نماذج اللغات الكبيرة للمحادثة التي طورتها الشركة، وهذا يؤكد تزايد اهتمام “جوجل” بتقنيات الذكاء الصنعي.

مع إطلاق “Bing” الجديد، يتوقع خبراء التكنولوجيا أن تتحول المعركة بين “مايكروسوفت” و “جوجل” إلى مرحلة جديدة، وتعكس قدرة كل منهما على تحقيق التفوق في توفير خدمات بحث محسّنة بالذكاء الصنعي.

تأخر “جوجل” بخطوة

من الواضح أن “جوجل” بدأت تشعر بالغيرة بسبب النجاحات التي حققتها “مايكروسوفت” مؤخرا، ولذلك قررت إثبات أنها كانت الرائدة في مجال البحث المدعوم بالذكاء الصنعي لسنوات عديدة.

في اليوم التالي لإطلاق “مايكروسوفت” في 8 شباط/فبراير 2023، نظمت “جوجل” حدثا خاصا لتذكير الجميع بأنهم قد صمموا “LaMDA” منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

تم عرض عمليات البحث القائمة على الكاميرا، والتي تعتقد “جوجل” أنها مستقبل البحث، كما تم إبراز النتائج المتقدمة التي يولدها الذكاء الصنعي، وقد حرصت الشركة على التأكيد للجميع أن قدرات البحث التي تتمتع بها “مايكروسوفت” ببساطة لا يمكن مقارنتها بقدراتهم.

“جوجل” هي حقا قوة رائدة في مجال الذكاء الصنعي، حيث تُدرج التكنولوجيا في جميع عملياتها، ولكن، خلال عرضهم الأخير في باريس، حدثت بعض الثغرات التي لفتت الأنظار.

 ربما لم يكن من الغريب أن تتعرض هذه الأحداث لبعض الإشكاليات، ولكن كانت هناك خطأ كبير وفادح في العرض التوضيحي لـ “Bard”، روبوت الدردشة الأخير من “جوجل”.

عندما سُئل “Bard” عن التلسكوب، ادعى على نحو خاطئ أنه التقط “أول صورة لكوكب خارج نظامنا الشمسي”، وهذا الخطأ لم يمر دون أن يلاحظه خبراء الصناعة والمستثمرون، مما تسبب في انخفاض الأسهم التابعة لشركة “ألفابت”، الشركة الأم لشركة “جوجل”، بمقدار 163 مليار دولار.

الإعلان عن “Bard”

مستقبل البحث وأدواته

الذكاء الصنعي هو الأداة التي ستحدد مستقبل البحث على الإنترنت، فمن خلال تعلم الآلة وتحليل البيانات، يمكن للمحركات والشركات تحسين نتائج البحث وتحديد الاحتياجات والرغبات للمستخدمين بشكل أفضل؛ وبهذا، يمكن تقديم تجربة بحث أكثر دقة وكفاءة للمستخدمين من خلال مجموعة من الأدوات ومنها.

تحليل الاستفسارات في محركات البحث

الذكاء الصنعي يستخدم في محركات البحث عملية تسمى معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، لفهم استفسارات البحث بدقة، يستخدم “NLP” خوارزميات التعلم الآلي لتحليل النصوص وفهم بنية الجمل والكلمات والعبارات المستخدمة في الاستعلام.

هذه العملية تتيح لمحركات البحث تحديد الكلمات والعبارات الرئيسية في الاستفسار وتحديد سياق البحث لتقديم نتائج أكثر دقة وصلة للمستخدم.

إضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصنعي تحليل بيانات المستخدم وسجل البحث السابق لتقديم نتائج مخصصة لتفضيلات كل فرد، هذا يساعد على تحسين دقة وأهمية نتائج البحث للمستخدمين وتحسين تجربة البحث بشكل عام؛ لذلك، يعد الذكاء الصنعي و “NLP” أدوات مهمة في تحليل استفسارات البحث وتحسين جودة النتائج.

تحديد تصنيفات البحث بفضل

البحث على الإنترنت يعتمد بشكل كبير على استخدام محركات البحث، وهناك تطور كبير في استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الصنعي لتحسين وتسريع هذه العملية، فقد أدى استخدام الذكاء الصنعي في تحليل كميات كبيرة من البيانات وتحديد الأولويات المميزة في نتائج البحث إلى تحسين دقة النتائج وسرعتها.

ليس هذا فقط، بل يتم استخدام الذكاء الصنعي أيضا في تحديد ترتيب النتائج وتحديد أيضا تفضيلات المستخدمين الشخصية، وبالتالي توفير تجربة بحث مخصصة للمستخدمين.

تطور الخوارزمية لمراقبة جودة المحتوى

خوارزمية “جوجل” شهدت تطورا كبيرا على مرّ السنين لضمان جودة المحتوى وتوفير النتائج الأكثر صلة وفائدة للمستخدمين، تم تبني تقنية معالجة اللغة الطبيعية، بما في ذلك خوارزمية “BERT“، والتي ساهمت في فهم أفضل لسياق ومعنى الاستفسارات وتحسين دقة النتائج.

في عام 2021، قامت “جوجل” بتقديم النموذج الموحد متعدد المهام (MUM)، الذي يعد تقدما كبيرا في مجال تحسين جودة البحث وتحليل الاستفسارات الأكثر تعقيدا واللغات المتنوعة.

تم إضافة تحديثات حديثة بما في ذلك خوارزمية “المحتوى المفيد” التي تميز المحتوى الذي يوفر إجابات واضحة على الأسئلة، ويحتوي على شروح مفصلة وصور مفيدة وعناصر متعددة الوسائط.

الذكاء الصنعي

صناعة البحث.. عيوبها ومزاياها

عندما نبحث عن شيء على الإنترنت، نعتمد على محركات البحث لتوجيهنا إلى المواقع والمصادر التي تحتوي على المعلومات التي نريدها.

لكن هل تساءلت يوما عن القوى الخفية التي تعمل خلف هذه الأدوات القوية، هل تعلم أن الذكاء الصنعي هو أحد العوامل الرئيسية التي تحسّن من أداء ودقة محركات البحث، فهذه التكنولوجيا المذهلة لها القدرة على إعادة تعريف البحث بكل معنى الكلمة، فهي تتيح لنا الوصول إلى معلومات ضخمة بشكل أسرع وأكثر دقة.

لكن، مع هذا التقدم العلمي المثير يأتي السؤال الدائم، ما هي العيوب والميزات لعملية تضمين الذكاء الصنعي في عمليات البحث.

المزايا

باستخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الذكاء الصنعي، يمكن لمحركات البحث أن تقدم تجربة بحث أفضل وأكثر دقة للمستخدمين، إذ يتميز الذكاء الصنعي بالقدرة على فهم سياق ونية الاستفسارات، مما يمكن المحركات من توفير نتائج دقيقة وذات صلة، وبالتالي تحسين رضا المستخدمين.

الذكاء الصنعي يشكل أيضا طريقة ذكية وفعّالة للعثور على المعلومات على الويب، حيث يستخدم تحليلا تنبؤيا لفهم استفسارات المستخدمين الأكثر تعقيدا، وبفضل الخوارزميات الدائمة التحسين والتعلم المستمر، يمكن للمحركات الصنعية الحصول على أحدث المحتوى المتاح، وتوفير فرصة للمستخدمين للحصول على نظرة شاملة على موضوعاتهم المفضلة.

العيوب

بالنسبة للعيوب التي يمكن أن تصاحب استخدام الذكاء الصنعي في البحث عن النظر، فهناك بعض النواحي التي يجب مراعاتها، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الصنعي في إنتاج وتصنيف المحتوى إلى عدم الأصالة في نتائج البحث، حيث إن خوارزميات الذكاء الصنعي تعتمد على المحتوى الحالي، وقد توصي بمحتوى مشابه للمحتوى الموجود بالفعل.

 نتيجة لذلك، فإن هذا يؤدي إلى نقص في التنوع والأصالة في نتائج البحث، والتي قد لا تكون دائما مفيدة أو غنية بالمعلومات للمستخدمين، أو للشركات التي تسعى إلى تحقيق التميز.

إضافة إلى ذلك، هناك خطر من أن بعض المحتوى الناتج عن استخدام الذكاء الصنعي يمكن أن يتم تحسينه بشكل مبالغ فيه لمحركات البحث، مما يؤدي إلى تركيز أكبر على حشو الكلمات الرئيسية أو تكتيكات تحسين محركات البحث الأخرى، وليس على الجودة وقابلية القراءة.

 يمكن أن يؤدي هذا إلى إنتاج محتوى يصعب قراءته أو فهمه، مما يمكن أن يؤدي إلى إحباط المستخدمين وفقدان حركة المرور على مواقع الويب.

ظهور أدوات الذكاء الصنعي جعل إنشاء المحتوى أسهل من أي وقت مضى، ولكن يمكن أن يؤدي ذلك إلى إنتاج كمية كبيرة من المحتوى منخفض الجودة، هذا الغمر للمحتوى منخفض الجودة سيجعل من الصعب على المستخدمين العثور على محتوى عالي الجودة وذي صلة في نتائج البحث، وقد يتسبب في اصطدام بالهدف العام لمحركات البحث وهو تقديم أهم النتائج وأكثرها فائدة للمستخدمين.

لذلك، يجب على منشئي المحتوى إعطاء الأولوية للجودة على الكمية لضمان أن محتواهم مفيد، ويضيف قيمة إلى النظام البيئي عبر الإنترنت.

على الرغم من أن الذكاء الصنعي لديه القدرة على تحسين أداء محركات البحث، إلا أنه ينبغي مراعاة العيوب المحتملة مثل توليد معلومات غير صحيحة وضمان أن أي فائدة لإنشاء محتوى أسرع تفوق التكاليف المحتملة لإنتاج محتوى غير دقيق أو لا قيمة له.

قد يهمك: التعلم الآلي والتحليل الكبير للبيانات.. نظرة إلى المستقبل وحلول للمشاكل المعقدة

القوة تولد الالتزامات

“القوة تولد الالتزامات”، هذا ما قاله الفيلسوف الفرنسي فولتير قبل عدة قرون، وهذه الكلمات ما تزال صحيحة حتى اليوم، فقد أدت التكنولوجيا إلى تحسين حياتنا بشكل كبير، لكنها أتاحت أيضا لنا القوة الكاملة لإنتاج ونشر المحتوى بسهولة أكبر من أي وقت مضى، ومع ذلك، فإن القوة ليست دائما إيجابية، فهي يمكن أن تؤدي أيضا إلى إساءة استخدامها وتوليد محتوى منخفض الجودة ومعلومات غير صحيحة.

لذلك، يجب علينا أن نتحلى بالحكمة في استخدام هذه القوة، وأن نعمل على تحقيق التوازن بين الكمية والجودة، يجب أن نسعى جميعا لتوليد محتوى عالي الجودة وذو قيمة، حتى نضمن أن يستفيد منه الجميع، ويضيف قيمة إلى النظام البيئي عبر الإنترنت.

لذا، يجب علينا أن نتعلم كيف نستخدم القوة بحكمة، ونتذكر دائما أن القوة تولد الالتزامات، والتزامنا بالحفاظ على جودة المحتوى يُعد الالتزام الأساسي الذي يجب أن نتّبعه جميعا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات