ميكانيكية الألعاب.. حجر الأساس الذي يهمله الجميع

ميكانيكية الألعاب.. حجر الأساس الذي يهمله الجميع
استمع إلى المقال

تطوّر مذهل شهده قطاع الألعاب الإلكترونية في الأعوام الأخيرة، بدءا من التطور الرسومي المذهل الذي جعلها تقترب للغاية من تجربة الأفلام الواقعية وحتى تطور قصصها والإخراج السينمائي والموسيقي، لتصبح حقا أقرب إلى عالم الأفلام السينمائية. 

رغم هذا الاقتراب بين العالَمين، إلا أن هناك خطّ فاصل صغير يفرّقهما، وهو التحكم في شخصية البطل داخل اللعبة وتغيير مسار القصة واللعبة بالكامل في بعض الحالات، وهذا ما يُعرف باسم ميكانيكية الألعاب أو في بعض الأحيان آلية اللعب. 

ميكانيكية الألعاب، هو ما يتيح لك التحكم في شخصيات اللعبة وتوجيه الأوامر المختلفة لها، وذلك عبر أدوات التحكم المختلفة سواء كانت أذرع تحكم أو لوحات مفاتيح أو حتى شاشة لمس، ورغم أهمية هذا الجانب من الألعاب، إلا أن بعض الشركات تهمله كثيرا وتسير نحو المستوى الرسومي أو القصة، مضحّين بما يجعل الألعاب مميزة حقا، وهو ما يجعل ألعابهم في النهاية تفشل أو لا تصل إلى المستوى المطلوب، ولكن لماذا.

حجر الأساس 

الألعاب تنقسم إلى الكثير من الفئات المختلفة لأنها تقدم عدة ميكانيكيات مختلفة لتجربتها والتحكم في الشخصيات داخلها، إذ تجد ألعابا تقمّص الأدوار “RPG” التي تقدم لك قصة مليئة بالتفاصيل المختلفة وتتيح لك بناء شخصية كما ترغب واختيار كافة تفاصيلها بداية من شكل الشخصية وحتى قدراتها وعرقها في بعض الأحيان، ثم تجد ألعاب “Platformer” التي تقدم لك مجموعة من المستويات المختلفة والألغاز البيئية التي يجب عليك حلها عبر القفز واكتشاف المنطقة المحيطة بك، وهناك بالطبع الألعاب الرياضية التي تستند إلى ميكانيكية رياضية بحتة، كأن تكون لعبة كرة قدم أو لعبة سباق سيارات أو دراجات. 

قد يهمك أيضا: نهاية عصر الألعاب الحصرية.. قوانين تجبر “سوني” على كشف عن أسرارها

الفئات المختلفة للألعاب لم تعد واضحة كما كانت في الماضي، وأصبح من الشائع أن تجد لعبة تندرج تحت أكثر من قسم مختلف لأنها تمزج بين ميكانيكيات اللعب المختلفة، لذلك قد تجد لعبة “Platformer” مع عوامل “RPG” أو لعبة رياضية تقدم لك ألغاز تحتاج إلى حلها، وذلك كله بفضل التنويع والتطوير في أسلوب اللعب وميكانيكية الألعاب. 

لعبة “ماريو” من أول ألعاب “Platformer”

آلية اللعب كانت ومازالت جزءا محوريا من هوية اللعبة، إذ تُعرف بعض الألعاب بالآليات الخاصة بها التي طورتها وأصبحت تستخدمها في جميع الأجزاء الجديدة منها، وربما كان المثال الأوضح على ذلك ألعاب “Dark Souls” التي بدأت فئة جديدة من الألعاب بناء على آلية جديدة وميكانيكية لعب مختلفة. 

مفتاح نجاح الألعاب 

الاهتمام بتطوير أسلوب لعب مبتكر يبدو بديهيا، ورغم ذلك فإن بعض  الشركات تتجاهله في سبيل إطلاق اللعبة بشكل أسرع أو التركيز على جوانب أخرى أثناء تطوير اللعبة مثل القصة والمستوى الرسومي، وذلك لأن ميكانيكية اللعبة وأسلوبها هو الجانب الأكثر تحديا في مرحلة تطوير الألعاب وهو الأمر الذي يحتاج إلى الكثير من التجربة والابتكار.

تاريخيا، الألعاب التي تمكنت من تقديم أسلوب لعب مبتكر وميكانيكية جديدة فريدة من نوعها حصدت أرباحا لم تتمكن بقية الألعاب من الوصول إليها، وتركت علامة في تاريخ الألعاب تجعل الشركات الأخرى تحاول تقليدها بشكل مستمر. 

قد يهمك أيضا: الذكاء الصنعي والألعاب.. مخاوف وآمال

في 2018، أطلق أستوديو “Insomniac” لعبة جديدة لشخصية “Spiderman” بشكل حصري لأجهزة “بلاي ستيشن 4” وقتها، ورغم أن اللعبة كانت حصرية، إلا أنها تمكنت من بيع 33 مليون نسخة حتى عام 2022 مع أن اللعبة تقدم مستوى رسومي متوسط وليس مبهرا إلى جانب قصة معروفة من الجميع. 

نجاح “Spiderman” يعود الفضل فيه لإتقان أسلوب اللعب وميكانيكية تنقل “Spiderman” وسط المباني، وهي الميكانيكية التي طالما ظهرت في أفلام الشخصية والألعاب القديمة لها، إلا أن الطريقة التي قدمتها بها “insomniac” كانت متقنة ومحدّثة لدرجة جذبت الجميع سواء كانوا نقاد أو لاعبين على مستوى العالم. 

المثال الأوضح لأهمية ميكانيكية الألعاب وأسلوبها هو سلسلة “Dark Souls” التي أبدعتها “From Software” لأنها لا تتمتع بالجماهيرية الواسعة التي تمتلكها سلسلة “Spiderman” وأبطال الشخصية، ومع هذا تمكنت السلسلة من أن تصنع لنفسها مكانا مختلفا وسط الجماهير والنّقاد على حد سواء، كما تمكنت في وقت قياسي من تجاوز 50 مليون نسخة مباعة خارج اليابان مع تجاوز الإصدار الأحدث من هذا العالم “Elden Ring” حاجز 17 مليون نسخة مباعة في أقل من 12 شهر. 

أحدى الأمثلة التي يجب ذكرها على أهمية ميكانيكية الألعاب أيضا هي سلسلة “Middle Earth” التي تتكون من جزأين هما “Shadow of mordor” و “Shadow of war”، إذ قدم الجزء الأول آلية ذكاء صنعي تدعى “Nemsis” كانت قادرة على التكيف مع اختيارات اللاعب وتطوير نفسها لتصبح أكثر تحدّيا، وهو ما مكّن الجزء الأول من تجاوز مبيعات 2.8 مليون وحدة على منصة واحدة فقط وهي “بلاي ستيشن 4” كما حصدت الكثير من الجوائز النقدية المختلفة، ولكن عندما قررت الشركة الإهمال في أسلوب اللعب وإعادة تقديم الأسلوب ذاته دون أي تطوير، جاءت النتيجة عكسية تماما، إذ لم يتمكن الجزء الثاني من بيع إلا 3 مليون نسخة في جميع المنصات وهو أقل من الجزء الأول. 

لماذا هذه الأهمية؟ 

آلية اللعب هي ما تعطي اللعبة روحها وتجعلها مختلفة عن الأفلام أو الروايات، وبفضلها يتحول الشخص من مجرد مشاهد أو مستقبل لما يحدث أمامه في الشاشة، إلى أحد أطراف الصراع يمكنه إنهائه بضغطة زر أو التحكم فيها كما يشاء، ولا يعني ذلك أن تكون آلية اللعب معقدة أو غريبة لم نعهدها من قبل، بل يكفي أن تكون متقنة قادرة على إمتاع المستخدم ونقل التجربة الفريدة إليه. 

البعض يستخدم آليات اللعب كأداة لنقل القصة ورسالة اللعبة النهائية، وهو الأمر الذي كان واضحا في لعبة مثل “Hell Blade” التي تحدثت عن الأمراض العصبية والهلاوس، ورغم بساطة أسلوب اللعب النهائي، إلا أنها تركت أثرا في الجميع. 

تحقق الألعاب هدفها عبر الميكانيكية التي تختار استخدامها، ولكن مع الأسف لا يرى المطورون ذلك، ويسعى البعض إلى استخدام هذه الميكانيكية لتكون سببا في در المزيد من الأموال دون أي مجهود إضافي، وهو ما يؤدي في النهاية إلى فشل ألعابهم. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات