استمع إلى المقال

قصة الإنسانية هي قصة قفزاتٍ كبيرة؛ من إفريقيا، عبر المحيطات، إلى السماء، ونحو الفضاء، ومنذ مهمة “أبولو 11” في نهاية ستينيات القرن الماضي، كنا نرسل الأجهزة لتسبقنا وحدها إلى الكواكب والمذنبات وحتى الفضاء بين النجوم؛ ولكن مع تقنية الدفع الصاروخي الحالية، سوف يستغرق الأمر عشرات أو مئات الآلاف من السنين للوصول إلى أقرب نظامٍ شمسي مجاور؛ نظام “ألفا القنطور”، أو ألفا سينتوري الثلاثي؛ إذ يبدو أن النجوم وضعت حدوداً صارمة لمصير الإنسان، حتى الآن.

بريك ثرو ستارشوت.. رحلةٌ بين النجوم

في العقد ونصف العقد الماضيين، فتحت التطورات التكنولوجية السريعة إمكانية السفر في الفضاء بواسطة الطاقة الضوئية بسرعةٍ تقارب الـ20% من سرعة الضوء؛ إذ يتضمن ذلك جهازاً مستقبلاً للضوء الأرضي يدفع المركبات النانوية فائقة الخفة -مجسمات فضائية مصغّرة تُحمل على شعاعٍ ضوئي- بسرعاتٍ تصل إلى 170 مليون كيلومتر في الساعة تقريباً.

سيسمح مثل هذا النظام لمهمة التحليق بالوصول إلى نظام “ألفا القنطور” في غضون ما يزيد قليلاً عن 20 عاماً من موعد الإطلاق، وإرسال صور محلية لكوكب “بروكسيما بي” الموجود ضمن المنطقة الصالحة للحياة بالنسبة لنجمه؛ والذي قد يحمل علامات الحياة، وأية كواكب أخرى قد تكون موجودةً في النظام، ذلك بالإضافة إلى جمع بيانات علمية أخرى؛ مثل تحليل المجالات المغناطيسية.

يهدف برنامج “بريك ثرو ستارشوت” إلى إظهار دليلٍ على مفهوم المصنوعات النانوية فائقة السرعة التي تُحرّكها الأشرعة الضوئية، ووضع الأسس لإطلاق أول مهمة نحو “ألفا القنطور” خلال الجيل القادم، وعلى طول الطريق؛ يمكن أن يولّد المشروع فوائدَ تكميليةً مهمةً لعلم الفلك؛ بما في ذلك استكشاف النظام الشمسي، واكتشاف الكويكبات العابرة للأرض.

لا يزال هناك عدد من التحديات الهندسية الصعبة التي يتعين حلها قبل أن تصبح هذه المهام حقيقةً واقعة، وقد تم عرضها علناً بالكامل للنظر فيها من قبل الخبراء والجمهور على حدّ سواء، كجزءٍ من إلتزام المبادرة بالشفافية الكاملة والوصول المفتوح، كما ستنشئ المبادرة أيضاً برنامجاً للمنح البحثية، وستوفر تمويلاً آخر لدعم البحث والتطوير العلمي والهندسي ذو الصلة.

زيارة أقرب الجيران

يعد استكشاف العالم والكون من حولنا من أكثر السمات الفطرية للإنسانية، وعلى الرغم من أن هذا الاستكشاف غالباً ما يكون صعباً وخطيراً؛ إلا أن المكافآت المحتملة تميل إلى تبرير المخاطر. البشر على استعداد للتضحية بالكثير مما لديهم لتعلّم ما يكمن وراء الأفق. والآن، ولأول مرة في التاريخ؛ يبدو أن البشرية على وشك الوصول إلى النجوم ولمسها.

ومع ذلك؛ لن يكون الأمر سهلاً، فأقرب نجم إلى الأرض بعد الشمس هو “قنطور الأقرب”؛ قزم أحمر تزيد كتلته قليلاً عن عُشر شمسنا، ويقع على بعد 4.24 سنة ضوئية في نظام “ألفا القنطور”، ونظراً لأن مجرتنا؛ درب التبانة، يبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية، فقد تبدو 4.24 سنة ضوئية وكأنها مرمى حجر؛ لكنها ليست كذلك؛ إذ ستستغرق أسرع مركبة فضائية حديثة لدينا حوالي 100 ألف عام لقطع تلك المسافة.

السبب؟ الكتلة؛ هي لعنة تسريع الأجسام إلى سرعات كبيرة. زيادة سرعة جسم ثقيل بشكلٍ كبير يتطلب قدراً هائلاً من الطاقة، لذلك؛ إذا كان الهدف هو الوصول إلى نجم بعيد في فترةٍ زمنيةٍ معقولة، وفي غضون جيلٍ واحد، سيتمّ الانتهاء من تصنيع المركبة الفضائية بالغة الصغر، ثم أنها ستكون -بالطبع- آليةً فقط؛ إلا أن الأمر لا يزال يتطلب دفعةً جبارة للحصول على السرعة.

هذه هي الفرضية الأساسية لـ”بريك ثرو ستارشوت”؛ تصميم مركبة نانوية مزوّدة بشراع ضوئي، تسمى “ستار تشيب”، ومنحها دفعة قوية نحو وجهتها. وبالتأكيد؛ سيتمّ إرسال أسطولاً مكوناً من مئات أو آلاف مركبات الـ”ستار تشيب” لضمان نجاح بعضها على الأقل.

يبدو بسيطاً، أليس كذلك؟ من الناحية النظرية، نعم؛ لكن في الواقع، سيتطلّب الأمر قدراً هائلاً من العمل، والعديد من الصيحات التكنولوجية، وبالطبع الكثير من المال؛ ولكن ما هو الوقت الأفضل من الوقت الحاضر لبدء مثل هذه المهمة التي قد تغير مصير الإنسانية؟

الإبحار في الفضاء وكيف وصلنا إلى هنا

للانتقال بسرعة فائقة إلى نجمٍ آخر، من الواضح أن المركبة الفضائية يجب أن تكون صغيرة؛ لكنها تحتاج أيضاً إلى دفعة قوية للبدء. إحدى الطرق الممكنة للقيام بذلك هي استعارة أداة يستخدمها القراصنة لمساعدتهم في نهب البحار السبعة؛ الأشرعة؛ ولكن بوجود فرقٍ بسيط، فبدلاً من التقاط الرياح؛ تلتقط أشرعة “ستار تشيب” أشعة الليزر القوية.

سارع “آفي لوب”؛ عالم فلك سابق في جامعة هارفارد ورئيس مجلس المستشارين في المشروع، إلى ملاحظة أن أول ذكر للإبحار في الكون يعود إلى رسالة أرسلها عالم الفلك “يوهانس كيبلر” إلى صديقه “غاليليو غاليلي” عام 1610؛ إذ كتب كيبلر فيها: “مع السفن أو الأشرعة المبنية لتُحمل على الرياح السماوية، سيُبحر بعضها في هذا الكون الشاسع”.

ومع ذلك، فإن الإمكانات الحقيقية لاستخدام ضوء الشمس للإبحار عبر الفضاء لم يتم التعرّف عليها بالكامل حتى وضع مفهومها رواد الصواريخ السوفييتيين “فريدريش ساندر” و”كونستانتين تسيولكوفسكي” عام 1924، ثم، في الستينيات، دفع عالم الفيزياء الفلكية المجري “جيورجي ماركس” الفكرة إلى أبعد من ذلك بالتفكير فيما إذا كان يمكن استخدام شعاع الطاقة الموجَّه، بدلاً من ضوء الشمس، لدفع مثل هذه المركبة الفضائية.

تولى الفيزيائي الأمريكي وكاتب الخيال العلمي “روبرت فوروارد” زمام المبادرة في السبعينيات؛ مما زاد من تطوير مفهوم الشراع الضوئي، وبحلول عام 1984، نشر ورقته البحثية في دورية “ذا جورنال أوف سبيسكرافتس أند روكيتس” بعنوان “السفر ذهاباً وإياباً بين النجوم باستخدام الأشرعة الضوئية المدفوعة بالليزر”. في تلك الورقة، أوضح كيف أن قوانين الفيزياء لا تمنع استخدام الضوء للمغامرة نحو النجوم الأخرى، ومع ذلك؛ أشار فوروارد أيضاً إلى أن الأمر يُترك للأجيال القادمة لتحديد ما إذا كان من الممكن تصميم ذلك هندسياً وما إذا كان مناسباً مالياً أو سياسياً.

وعلى الرغم من التحدي الشاق والمتعدد الجوانب للسفر بين النجوم؛ في عام 1985، ابتكر فوروارد خططاً فعليةً لمسبار فائق الخفة بين النجوم مدعوم بأشعة الليزر الميكروية أو أجهزة الليزر؛ أطلق عليه اسم “ستار ويسب”، وفي التسعينيات، قفز “جيفري لانديس”؛ العالم بمركز أبحاث “جلين” التابع لناسا، إلى المعركة للتوسع في تصميم فوروارد الأساسي؛ لكن “ستار ويسب” لم يطير أبداً، وفي عام 2005، أطلقت الجمعية الكوكبية الأميركية شراعها الشمسي “كوزموس-1”؛ لكنها فشلت في الوصول إلى المدار.

أخيراً؛ في عام 2010، بعد ما يقرب من قرن من تحديد فكرة الإبحار عبر ضوء الشمس لأول مرة بالتفصيل، أطلقت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية بنجاح شراعاً شمسياً يسمى “إنتربلانتري كايت-كرافت أكسيليريتد باي ذا ريدييشن أوف ذا صن”، أو “إيكاروس”؛ أي طائرة ورقية بين الكواكب تم تسريعها بواسطة إشعاع الشمس، بلغ سمكه 7.5 ميكرومتر؛ أو حوالي ثلث عرض شعرة الإنسان، وقد استقلّ رحلةً إلى كوكب الزهرة مع المركبة المدارية “أكاتسوكي”.

في غضون شهر، أفادت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية أن الفوتونات القادمة من الشمس كانت بالفعل تسرع المركبة كما هو مخطط لها؛ مما زاد من سرعتها بمعدل متواضع نسبياً يبلغ 1430 كم/ساعة، ومن خلال استخدام لوحات LCD القابلة للتعديل المضمنة بالقرب من حواف شراعها؛ كانت المركبة الفضائية قادرةً حتى على ضبط القوة التي تدفعها، وتغيير اتجاهها حسب الرغبة.

بعد أن ثبت أخيراً أن التكنولوجيا وراء الأشرعة الضوئية تعمل في الفضاء، التقط الملياردير الروسي “يوري ميلنر” الكرة بعد بضع سنوات؛ إذ طلب من لوب؛ كبير مستشاري “بريك ثرو ستارشوت” في مايو/أيار 2015، أن ينظر في فكرة المركبة الفضائية البين نجمية التي يمكن أن تبحر بواسطة الضوء. واستغرقت المهمة لوب وفريقه حوالي ستة أشهر لإجراء بحثٍ شامل.

وبحلول أوائل عام 2016، كان ميلنر مقتنعاً بأن المهمة بين النجوم ممكنة، أو على الأقل في القريب العاجل إذا استمرت التكنولوجيا في التقدم إلى الأمام. لقد أطلق مشروع “بريك ثرو ستارشوت” رسمياً من خلال المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار من أمواله الخاصة لتمويل البحث والتطوير لإثبات المفهوم، ليس فقط للأشرعة الضوئية؛ ولكن أيضاً للتكنولوجيا المتقدمة الأخرى المطلوبة لإرسال مركبة إلى نجمٍ آخر في غضون جيل.

منذ ذلك الحين؛ عمل العلماء والمهندسون المتفانون بلا كلل لجعل هذا الحلم الطموح حقيقةً واقعة، مستفيدين من التمويل الإضافي من منح ناسا المتعددة والمستثمرين الآخرين؛ وأشهرهم “مارك زوكربيرج”.

أكبر تحديات المشروع

يتطلب الدفع الضوئي طاقةً هائلةً، فالليزر الذي تبلغ طاقته غيغاواط واحد -تقريباً ناتج محطة نووية كبيرة- سيوفر بضعة نيوتنات فقط من الدفع. لذا؛ سوف تعوض سفينة الفضاء الدفع المنخفض من خلال امتلاك كتلة تتكوّن من بضعة جرامات فقط.

كما يجب تصغير الكاميرا والكمبيوتر وليزر الاتصالات ومصدر الطاقة النووية والشراع الشمسي لتلائم حد الكتلة، ويجب تصميم جميع المكونات بحيث تتحمل التسارع الشديد والبرد والفراغ والبروتونات.

بالإضافة إلى ذلك؛ سيتعيّن على المركبة الفضائية أن تنجو من الاصطدامات بالغبار الفضائي؛ إذ يتوقع الباحثون أن يصطدم كل سنتيمتر مربع من المقطع العرضي الأمامي منها مع حوالي ألف جسيم لا يقل حجم الواحد منها عن 0.1 ميكرومتر في حال إبحارها بهذه السرعة الفائقة.

وسيكون من الصعب تركيز مجموعة من الليزر يبلغ مجموعها مائة غيغاواط على سبيل المثال، على الشراع الشمسي بسبب الاضطرابات الجوية، لذلك؛ هناك اقتراح لاستخدام البنية التحتية الفضائية لليزر، ووفقاً لمجلة “ذا إيكونوميست”؛ سيحتاج المشروع ما لا يقل عن اثنتي عشرة تقنية جديدة جاهزة للاستخدام في حال أخذ القائمون على المشروع كافة العقبات بعين الاعتبار؛ وهو ما سيحصل الطبع.

أين وصل المشروع حتى الآن؟

من المهم أن نتذكر أن “بريك ثرو ستارشوت” لا يزال في بدايته. لقد قطعت المبادرة بعض الخطوات الرائعة؛ ولكن لا يزال هناك طريقٌ طويل أمامها، فعلى سبيل المثال؛ إذا كانت المبادرة ستعمل حقاً على تسريع مركبة فضائية إلى 20% من سرعة الضوء، فستحتاج تلك المركبة إلى ألا تتجاوز كتلتها جزءاً من ألف جزء من كتلة المركبة اليابانية السالف ذكرها؛ والتي كانت تزن حوالي 2.2 كيلوغرام؛ هذا يعني أنه سيتعين على المركبة أن تحزم كل ما تحتاجه لرحلة بين النجوم مدتها أربع سنوات في حقيبة ليست أثقل من بضع مشابك ورقية.

لحسن الحظ؛ بفضل “قانون مور” الذي يتنبأ كل سنتين بمضاعفة عدد الترانزستورات التي يمكن أن تناسب شريحة ميكروية؛ مما يتيح وجود أجهزة أصغر وأكثر قوةً، فسرعان ما أصبح هذا التحدي مشكلةً أقل حجماً؛ إذ توجد بالفعل إلكترونيات صغيرة قادرة على القيام ببعض الأشياء المدهشة.

على سبيل المثال؛ طور المهندسون كاميراتٍ ميسورة التكلفة تزن حوالي غرام، وقادرةً على التقاط صور بدقة لا تقل عن 200×200 بكسل. هذا ليس كثيراً وفقاً لمعايير الكاميرات والهواتف الذكية اليوم؛ ولكنه لا يزال حاداً بدرجة كافية بحيث يسمح لمركبة “ستار تشيب” أن ترى قارات الكواكب الخارجية والمحيطات أثناء عبورها، وقد وضع فريق “بريك ثرو ستارشوت” هدفاً أعلى؛ إذ أنهم يعتمدون على التحسينات التكنولوجية في السنوات القادمة التي ستتيح لكاميرات خفيفة للغاية التقاط صور بدقة 20 ميجابكسل.

كما يجب أن يكون الشراع نفسه خفيفاً للغاية. لحسن الحظ؛ تنخفض تكلفة تصنيع المواد النانوية عالية الجودة باستمرار؛ لكن لسوء الحظ، فالوزن ليس المشكلة الوحيدة عندما يتعلق الأمر بالأشرعة الضوئية. وفقاً لـ”لوب”، فإنه لتجنب التبخر بفعل 100 غيغاواط من ضوء الليزر، يجب أن يمتص الشراع حوالي 1 من كل 100 ألف فوتون يضربه بدلاً من عكسه، ومن وجهة نظر مادية، فهذا هو التحدي الرئيسي. يقول لوب إن الفريق يبحث في بناء مثل هذا الشراع من مادة “الجرافين”؛ لكن حتى الآن، فلم يتمكنوا بعد من إنشاء نموذج أولي مثالي.

ومع ذلك، فقد أطلق الفريق بنجاح نماذج أولية أخرى في السنوات الأخيرة، واختبروا جوانب مختلفة من تصميمهم وتقنيتهم. على سبيل المثال؛ في عام 2017، أرسل الباحثون ست مركبات صغيرة، وزن كل منها حوالي 4 غرامات، إلى مدار أرضي منخفض، وقد تضمنت هذه الرقائق؛ التي أُطلق عليها اسم “سبرايتس”، الألواح الشمسية وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة الاستشعار ومعدات الاتصال على إطار مربع بعرض 3.5 سم فقط، وعلى الرغم من أن الباحثين لم يجروا اتصالات مع معظم تلك الرقاقات؛ إلا أنهم تلقوا إشارةً من واحدة على الأقل؛ مما يثبت أن أنظمة الاتصال والطاقة هذه يمكن أن تعمل في الفضاء.

ثم في عام 2019، أرسلت المبادرة نموذجاً أولياً صغيراً آخر على ارتفاع 100 ألف قدم فوق الأرض لالتقاط صوراً لسطح كوكبنا، والتقط النموذج حوالي 4000 صورة خلال رحلته؛ مما أثار الكثير من النقاش حول الشكل الذي قد تبدو عليه الصور المكافِئة للكوكبين اللذين يقعان خارج المجموعة الشمسية؛ والمعروفين حتى الآن حول نجم “قنطور الأقرب”.

بعضٌ منا ينظر إلى النجوم

مع أكثر من 100 مليون دولار من التمويل حتى الآن، فإن المشروع قد بدأ بالفعل بدايةً قوية؛ لكنه سيكلف حتماً المليارات ليصبح حقيقةً واقعة؛ وهذا يضع المبادرة في نصابها الصحيح مع بعض المشاريع العلمية الأخرى الأكثر طموحاً وتكلفةً في العالم؛ مثل مصادم الهدرونات الكبير، وتلسكوب جيمس ويب الفضائي؛ والتي تكلف حوالي 5 مليارات دولار و 10 مليارات دولار، على الترتيب.

لكن لحسن الحظ، فمع نضوج التكنولوجيا؛ يتوقع الفريق أن تنخفض تكلفة كل عملية إطلاق إلى بضع مئات الآلاف من الدولارات، ولا يزال هذا كثيراً من المال؛ ولكن الحصول على مناظر قريبة لأقرب جيراننا من الكواكب الخارجية لا يقدر بثمن.

في أفضل السيناريوهات المحتملة، فقد تبدأ مبادرة “بريك ثرو ستارشوت” في إطلاق مركباتها نحو قطنور الأقرب بحلول منتصف العقد المقبل، وبحساب 20 عاماً من وقت السفر وأربع سنوات أخرى من انتظار البيانات لإعادتها إلى الأرض، فلن يتمكن الباحثون من الحصول على أول مناظر شخصية عن قرب لنجم وكواكب خارج نظامنا الشمسي حتى عام 2060 على الأقل، وقال ميلنر؛ الممول الرئيسي للمشروع في مقابلةٍ أُجريت عام 2016، أنه من المحتمل أن يستغرق الأمر ما يقرب من جيل -25 إلى 35 عاماً- قبل أن تبدأ الرحلة الأولى.

قد يبدو دعم وتمويل مشروع لن يتم إطلاقه على نحوٍ متفائل حتى عام 2060، بمثابة مشروع تافه للبعض؛ لا سيما بالنظر إلى عدد الأحداث الملحّة التي تكشّفت على الأرض حتى الآن خلال هذا العقد وحده؛ ولكن كما قالت “آن دوريان”؛ كاتبة ومنتجة برنامج “كوزموس” الوثائقي الحائزة على جوائز عديدة، وهي عضو في المجلس الاستشاري لـ”بريك ثرو ستارشوت”، خلال مؤتمرٍ صحفي عام 2016 للإعلان عن المبادرة: “يفكر العلم في جداول زمنية لمليارات السنين، ومع ذلك، فنحن نعيش في مجتمع لا يفكر بشكلٍ عام إلا في الميزانية العمومية للربع التالي أو الانتخابات المقبلة… لذا، فإن هذا النوع من التفكير الذي ينظر إلى أفق يبعد 35 عاماً -ربما 20، وربما 50- هو بالضبط ما يَسمى الآن، لأن هذا النوع من المشاريع متعددة الأجيال هو الذي يحقق لنا مثل هذه النتائج العظيمة”.

يشارك لوب نفس المشاعر؛ لكنه يضعها بإيجازٍ أكبر من خلال اقتباس الكاتب الأيرلندي أوسكار وايلد: “نحن جميعاً في الحضيض؛ لكن بعضاً منا ينظر إلى النجوم”.

1 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات