كيف يقضي إيلون ماسك على “تويتر” عبر قراراته؟

كيف يقضي إيلون ماسك على “تويتر” عبر قراراته؟
استمع إلى المقال

منذ إتمامه الاستحواذ على منصة “تويتر” في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي اتخذ إيلون ماسك عدة قرارات مختلفة تتعلق بسير العمل في “تويتر”، ورغم أن السبب الرئيسي لهذه التغيرات كان تحسين حالة “تويتر” وتحويله إلى مشروع ناجح مع الحفاظ على حرية المستخدمين فيه. 

الحالة التي وصلت لها “تويتر” الآن أبعد ما تكون عن ما وعد به إيلون ماسك في بداية استحواذه على المنصة، وهي من وجهة نظر البعض أسوأ مما كانت عليه المنصة سابقا قبل إتمام الاستحواذ، وذلك لأنها بدأت تفقد هويتها التي ميّزتها عن بقية منصات التواصل الاجتماعي وجذبت المستخدمين.

الأرقام لا تكذب 

الإدعاء بأن قرارات إيلون ماسك تؤثر سلبا على “تويتر” ليس عشوائيا أو توقعا مستقبليا، بل هو مدعوم بمجموعة من البيانات والتحليلات المختلفة المتعلقة بأداء المنصة منذ أن استحوذ عليها إيلون ماسك، وربما يكون الدليل الأكبر على هذا الإدعاء هو ما قاله ماسك بذاته أثناء توزيع حصة الأسهم الأخيرة في الشركة. 

قد يهمك أيضا:بعد 6 أشهر.. هل أصبح “تويتر” أفضل بسبب إيلون ماسك؟  

ماسك يرى بأن قيمة شركة “تويتر” بالكامل انخفضت إلى 20 مليون دولار وهو أقل من نصف القيمة التي دفعها إيلون ماسك للاستحواذ على المنصة في البداية والتي وصلت إلى 44 مليون دولار، وذلك رغم جميع الإجراءات التي اتخذها ماسك لزيادة الربحية في المنصة وتقليل النفقات. 

Embed from Getty Images

الوضع السيء في “تويتر” لا يقتصر على إنخفاض قيمة الأسهم فقط، بل امتد أيضا إلى توقعات المحللين المستقبلية للمنصة إلى عدد المستخدمين، ويرى المحللون بأن “تويتر” ستخسر 4 بالمئة من مستخدميها هذا العام إلى جانب 5 بالمئة في العام المقبل، ليصل إجمالي الخسارة في عدد المستخدمين إلى 32 مليون مستخدم خلال هذين العامين بسبب المشاكل التقنية، وهو الأمر الذي يؤكده تقرير “Insider intelligence” الذي يرى بأن “تويتر” ستخسر الكثير من المعلنين مستقبلًا لينخفض عائدها من الإعلانات إلى 16 بالمئة.  

الامتعاض من سياسات “تويتر” الجديدة امتد إلى مجموعة من المنصات الإعلامية والشخصيات العامة، وربما كانت الحادثة الأشهر هي مع صحيفة “نيويورك تايمز”، إذ رفضت الصحيفة تجديد علامة التوثيق الخاصة بها لتتفاجأ بأن إيلون ماسك أزالها تماما قبل إنتهاء مدتها

خطوات ثابتة ناحية الفشل التقني 

قرار ماسك بخفض العمالة في “تويتر” من أجل خفض التكاليف كان يبدو في ظاهره المنطق والعقلانية، ولكن مع استمرار حملات الإقالة واعتماد أسباب واهية للإقالة أصبحت الحالة التقنية للمنصة كارثية بالمعنى الحرفي للكلمة. 

قد يهمك أيضا: إيلون ماسك يعترف بانخفاض قيمة أسهم “تويتر”

الحالة الكارثية ظهرت في ارتفاع معدل توقف المنصة عن العمل مقارنة مع العام الماضي، وذلك بسبب غياب الكثير من الطاقم الهندسي الرئيسي للمنصة إلى جانب تقديم مزايا جديدة تحتاج إلى اختبار ومتابعة تقنية مستمرة. 

التقارير تشير إلى أن “تويتر” تمتلك الآن أقل من 550 مهندسا رئيسيا يعمل بدوام كامل في المنصة، وهو الأمر الذي وضع هؤلاء المهندسين تحت ضغط عصبي مستمر اضطر بعضهم للمبيت في الشركة، وتعد استير كروفورد التي ظهرت في إحدى الصور وهي نائمة في مقر الشركة مثالا حيّا على التفاني، وذلك قبل أن يقيلها ماسك. 

ماسك لم يكن ينتظر ظهور أي سبب واضح أو كبير من أجل إقالة الموظفين والمهندسين تحديدا، وهذا ما حدث مع أحد كبار المهندسين في المنصة عندما قاطع ماسك وأخبره بأن العالم لم يعد مهتما به ولذلك انخفض معدل وصول تغريداته، وبعد أن أقاله ماسك، قام بتعديل الخوارزمية لجعل تغريداته تظهر أمام الجميع بشكل إجباري. 

حملات الإقالة المستمرة وضعت فريق “تويتر” تحت ضغط كبير، إذ يجب عليهم الحفاظ على المنصة تعمل ثم دعم المزايا الجديدة التي يقدمها ماسك، وكل ذلك تحت خوف الإقالة المستمرة والعشوائية التي يتبعها إيلون ماسك. 

مزايا أفقدتها الهوية 

منصة “تويتر” كانت تتمتع بهوية مختلفة عن بقية منصات التواصل الاجتماعي، وبالتالي جذبت جمهورا كان يبحث أولا وأخيرا عن منصة سريعة للتواصل تنقل الأخبار بشكل سريع من مختلف أنحاء العالم وجميع الحسابات على حد سواء بفضل خوارزمية تقيس مدى التفاعل مع التغريدات المختلفة. 

قد يهمك أيضا: الغضب يتصاعد ضد “تويتر”.. ما القصة؟ 

المزايا الجديدة التي قدمها إيلون ماسك إلى المنصة تفقدها هذه الهوية المميزة، وتجعلها أقرب إلى بقية المنصات، إذ شهدنا زيادة عدد أحرف تغريدة “تويتر” لتصل إلى 4 آلاف حرف في ديسمبر الماضي ومن المتوقع أن تزيد لتصل إلى 10 آلاف حرف في القريب العاجل، ولا يجب أن ننسى أسلوب التوثيق الجديد الذي قدمه ماسك في المنصة والذي يعتمد على الدفع بدلا من الأهمية وجودة المعلومات المنقولة عبر المستخدم. 

الاعتماد على أسلوب التوثيق الجديد أَفقد العلامة الزرقاء أهميتها – وهذا كان هدف إيلون ماسك منذ البداية، ولكنه فتح الباب لجيش من منتحلي الشخصيات حتى يتمكنوا من انتحال شخصيات المشاهير بما فيهم ماسك ذاته وعدة شركات كبيرة وهامة. 

بيئة غير صحية للإعلان 

مصدر الدخل الرئيسي لجميع منصات التواصل الاجتماعي هو الإعلانات التي تدفعها الشركات من أجل ترويج منشوراتها للوصول إلى الكثير من المستخدمين، وبعد التغيرات الجديدة التي أضافها ماسك على المنصة، لم تعد “تويتر” مشجعة لهذا النوع من الإعلانات المدفوعة.

التغييرات بدأت عندما فرض ماسك قيمة اشتراك شهري على الشركات التي ترغب في توثيق حساباتها مقابل 1000 دولار شهريا حتى تحصل على العلامة الذهبية، إلى جانب مجموعة أخرى من التغييرات على طريقة عرض الإعلانات وتكلفتها. 

المعلنون قرروا الابتعاد عن “تويتر” حتى تتضح الرؤية وتصبح سياسات ماسك الإعلانية واضحة، إذ إن بعض المعلنين المنافسين لشركات ماسك الأخرى كانوا قلقون من التأثير السلبي على إعلاناتهم، وهذا الخوف خفض الإنفاق على الإعلانات في “تويتر” بأكثر من 89 بالمئة في وقت تحتاج المنصة إلى أقصى دعم مادي. 

الاستهزاء بالشركة والمستخدمين 

ماسك يعامل “تويتر” كأنها شركته الخاصة أو بمعنى أصح لعبته الخاصة، ويجبر المستخدمين والشركات والموظفين فيها على التأقلم مع أفكاره المجنونة التي تبدو وكأنها سخرية من الوضع والشركة والمستخدمين على حد سواء. 

نقلًا عن موقع “Techcrunch”

السخرية بالأمس بلغت أشدها عندما قام إيلون ماسك بتغيير شعار المنصة من الطائر الأزرق الشهير لتصبح على شكل عملة “Dogecoin” التي يدعمها ماسك في الخفاء، وهو الأمر الذي جعل سعر العملة يرتفع أكثر من 30 بالمئة في ليلة واحدة. 

الحالات المشابهة كثيرة، إذ أعلن ماسك في مرة أنه سيعين كلبه الوفي المدير التنفيذي الجديد للشركة، وغيرها من المواقف التي لا تشير إلى جدّية تعامل ماسك مع المنصة. 

قشة أخيرة 

رغم كل القرارات الغريبة التي اتخذها ماسك حول منصة “تويتر”، إلا أن المستخدمين ظلوا متمسكين بالمنصة و يعاودون استخدامها بكثافة، ولكن هناك خطوة واحد أو خط واحد إذا عبره إيلون ماسك فإنه سيحكم على المنصة بالموت تماما. 

الخط الأحمر هذا يتمثل في سياسة نشر التغريدات والصفحة الرئيسية في المنصة، إذ يرغب إيلون ماسك في جعل هذه الصفحة حكرا على الحسابات المشتركة في خدمة “تويتر بلو” المدفوعة، لذلك إن كنت مشتركا في هذه الخدمة، فإن تغريداتك ستصل إلى الجميع حول العالم، وإذا لم تكن مشتركا فيها، فإن تغريداتك لن تصل ولن تنشر فيها.

مثل هذه الخطوة قد تدمر سمعة “تويتر” تماما وتلغي موقفها كواحدة من المنصات التي تعتمد على سرعة نشر المعلومة ودقتها، وهو الأمر الذي جعل للمنصة مكانة خاصة في كافة الأحداث السياسية الكبيرة حول العالم. 

لا يمكن التنبؤ بتصرفات إيلون ماسك، ورغم أننا نمتلك الكثير من السوابق مع النابغة أغنى رجل في العالم، إلا أن توقع تصرفاته المستقبلية ليس ممكنا، لذلك لا يمكننا إلا أن نجلس وننتظر لنرى أفكاره الجهنمية في تدمير المنصة مستقبلا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.