استمع إلى المقال

لا بد أنك سمعت عن “كلوب هاوس”، تطبيق الصوت الاجتماعي الذي كان رائدا في وقته، لكن ما هي الأسباب التي ساعدت في صعوده خلال فترة قصيرة، ولماذا تراجع التطبيق وأصبح منسيا.

في خريف 2019، بدأ “كلوب هاوس”، تطبيق صوتي اجتماعي، كشركة تواصل اجتماعي ناشئة من قبل المؤسسين بول دافيسون وروهان سيث، حيث يمكن للمستخدمين التواصل في غرف الدردشة الصوتية التي تستوعب مجموعات من آلاف الأشخاص. 

في الأصل، جرى تصميم التطبيق، المتاح لنظامي “iOS” و”أندرويد”، للبودكاست تحت اسم “Talkshow”، لكن جرى تغيير علامته التجارية إلى “كلوب هاوس” وإصداره رسميًا لنظام التشغيل “iOS” في شهر آذار/مارس 2020.

بالنظر إلى النجاح الكبير الذي حققته المنصة، اتجهت شركات المنافسة إلى إطلاق منتجات مستوحاة منها، حيث بلغت القيمة السوقية للتطبيق 100 مليون دولار بعد تلقي تمويل من مستثمرين بارزين، بما في ذلك رايان هوفر، وبالاجي سرينيفاسان، وجيمس بشارة. 

كما تلقى تمويلا من العديد من أصحاب رؤوس الأموال، بما في ذلك استثمار بقيمة 12 مليون دولار من شركة رأس المال الاستثماري، أندريسن هورويتز، في شهر أيار/مايو 2020. 

ما هو الصوت الاجتماعي 

هذا المصطلح يصف فئة فرعية من الوسائط الاجتماعية التي تحدد منصات التواصل الاجتماعي التي تستخدم الصوت كقناة اتصال أساسية. 

يشمل ذلك الرسائل النصية والبودكاست وأدوات تسجيل الصوت وتحريره، بالإضافة إلى غرف الصوت الافتراضية. 

الشركات المختلفة التي تطوّر منتجات صوتية اجتماعية لا تزال تحاول اكتشاف ما يصلح لمستخدميها وما لا يصلح.

في شهر آذار/مارس 2020، أطلقت شركة “Alpha Exploration” تطبيقا صوتيا اجتماعيا يسمى “كلوب هاوس” عبر نظام “iOS”. هذا التطبيق أدى إلى ظهور قطاع تواصل اجتماعي جديد يُعرف باسم الصوت الاجتماعي.

سرعان ما أدركت الشركات إمكانات هذا القطاع، حيث قدمت مجموعة من الشركات حلولها الصوتية الاجتماعية كمنتجات قائمة بذاتها أو كتوسيع لمنتجاتها الحالية.

السمات المشتركة لمختلف تطبيقات الصوت الاجتماعي تشمل غرف الدردشة التي يمكن للمستخدمين التحدث فيها من خلال التسجيلات الصوتية المشتركة، عادةً في الوقت الفعلي، إلى جانب النص التقليدي والدردشة القائمة على الوسائط.

بداية الصعود 

في الأشهر الأولى لوباء فيروس “كورونا”، اكتسب التطبيق شعبية، وكان لديه 600 ألف مستخدم مسجل بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر 2020.

خلال شهر كانون الثاني/يناير 2021، أعلن الرئيس التنفيذي، بول دافيسون، أن قاعدة المستخدمين الأسبوعية النشطة للتطبيق تتكون من نحو 2 مليون فرد.

نتيجة للنجاح غير المتوقع، أعلنت الشركة أنها تعكف على تطوير إصدار “أندرويد” من التطبيق. 

في ذلك الشهر، أصبح التطبيق مستخدما على نطاق واسع في ألمانيا عندما بدأ صانعو البودكاست الألماني فيليب كلوكنر وفيليب غلويكلر سلسلة دعوة عبر مجموعة “تيليجرام”، مما جلب المؤثرين والصحفيين والسياسيين الألمان إلى المنصة. خلال ذلك الوقت، ارتفع تقييم التطبيق إلى 1 مليار دولار. 

النجاح الكبير

بحلول شهر شباط/فبراير 2021، حقق “كلوب هاوس” ما يقدر بنحو 3.5 مليون عملية تنزيل على مستوى العالم، ونما بسرعة إلى 8.1 مليون عملية تنزيل بحلول 15 شباط/فبراير. 

هذا النمو الكبير في الشعبية حدث بعد ظهور مشاهير مثل إيلون ماسك ومارك زوكربيرج عبر التطبيق. 

في ذلك الشهر، وظفت الشركة مطور برامج “أندرويد” لتطوير نسخة التطبيق المخصصة لنظام التشغيل المملوك لشركة “جوجل”.

بعد مرور عام على إصدار التطبيق، كان عدد المستخدمين النشطين أسبوعيا أكثر من 10 ملايين، لكن قاعدة المستخدمين انخفضت بنسبة 21 بالمئة خلال 3 أسابيع من أواخر شهر شباط/فبراير إلى أوائل شهر آذار/مارس. 

هذا الانخفاض ناتج عن انخفاض في عدد مستخدمي “كلوب هاوس” بعد إصداره الأولي. أثناء طرحه الأولي، كان التطبيق متاحا عن طريق الدعوة فقط، وكانت الدعوة تباع عبر موقع “eBay” بسعر يصل إلى 400 دولار.

في شهر نيسان/أبريل 2021، عقد “كلوب هاوس” شراكة مع شركة الخدمات المالية “Stripe” لإطلاق أول ميزة لتحقيق الدخل تسمى “Clubhouse Payments”. 

بالرغم من أن الاختبار بدأ مع 1000 مستخدم فقط، إلا أن الشركة طرحت الميزة بعد أسبوع لـ 60 ألف مستخدم آخر أو أكثر في الولايات المتحدة. 

في نفس الشهر، دخلت “تويتر” في مناقشات لشراء “كلوب هاوس” مقابل 4 مليارات دولار، لكن هذه المحادثات انتهت دون حصول استحواذ. خلال وقت لاحق، أصبح تقييم الشركة 4 مليارات دولار. 

التطبيق تلقى أيضا اهتماما بالشراكة، حيث أعلن الدوري الوطني الأميركي لكرة القدم عن صفقة محتوى في ذلك الشهر. 

بحلول شهر أيار/مايو 2021، أطلقت الشركة إصدارا تجريبيا من التطبيق لنظام “أندرويد” للمستخدمين في الولايات المتحدة.

خلال الشهر نفسه، أصبح تطبيق “كلوب هاوس” متاحا في جميع أنحاء العالم لمستخدمي “أندرويد”.

في شهر تموز/يوليو 2021، أعلن “كلوب هاوس” عن شراكته مع “TED” لتقديم محادثات حصرية. 

خلال الشهر نفسه، تخلت الشركة عن نظام الدعوة، وأتاحت التطبيق للجميع، بالرغم من استمرار تطبيق قائمة الانتظار للتسجيل، حيث يجري إنشاء حسابات المستخدمين بمرور الوقت لإدارة حركة المرور الجديدة.

اعتبارا من وقت الإعلان، ذكرت الشركة أن لديها 10 ملايين مستخدم على قائمة الانتظار. في شهر أيلول/سبتمبر 2021، أعلنت الشركة عن ميزة جديدة تسمى “Wave”.

بعد ذلك، طرح “كلوب هاوس” في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 ميزات جديدة تسمى “Replays” و”Clips”.

في شهر نيسان/أبريل 2022، طرحت الشركة وضعا مظلما جديدا عبر تطبيقات “iOS” و”أندرويد”.

المنافسة الشرسة

نظرا لكون “كلوب هاوس” الرائد في هذا القطاع، فقد اتجه جميع المنافسين لاستنساخ ميزاته ضمن منتجاتهم.

في تشرين الأول/أكتوبر 2020، أطلقت “Betty Labs” تطبيق الصوت الاجتماعي “Locker Room” لنظام “iOS”.

بينما أعلنت “تويتر” في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عن تطويرها لميزة صوتية اجتماعية عبر منصتها. 

كما دخلت “تيليجرام” على الخط في شهر كانون الأول/ديسمبر 2020، حيث قدمت ميزة الصوت الاجتماعي “Voice Chats” في تطبيقها، وخلال شهر آذار/مارس 2021، أصدرت “تيليجرام” النسخة رقم 2 من ميزة “Voice Chats”، التي تسمح لعدد غير محدود من المشاركين مع ميزة تسجيل المحادثات.

خلال شهر كانون الأول/ديسمبر، بدأت “تويتر” باختبار تجريبي لميزة الصوت الاجتماعي المعروفة باسم “Spaces” مع مستخدمي “iOS”.

بعد مراقبة التطورات لفترة من الزمن، أعلنت “فيسبوك” في شهر شباط/فبراير 2021 عن خططها لإضافة وظائف صوتية اجتماعية إلى تطبيقها.

في شهر آذار/مارس 2021، بدأت “تويتر” باختبار تجريبي لميزة “Spaces” مع مستخدمي “أندرويد”، وأطلقت الميزة عالميا بحلول شهر أيار/مايو 2021، بحيث تسمح للمستخدمين بالمشاركة في غرف بحد أقصى 13 شخصا يتحدثون (مضيف واحد، مضيفان مشاركان، و 10 متحدثين) مع عدد غير محدود من المستمعين. 

ميزة “تويتر” كانت أكثر تقدما في التطوير من “كلوب هاوس”، مع تكاملها في واجهة برمجة تطبيقات “تويتر”، الأمر الذي يتيح تكامل التطبيق. في شهر تموز/يوليو 2021، أعلنت “تويتر” عن ميزة “Voice Transformer” لتغيير صوتك ضمن “Spaces”.

لمواكبة المنافسين، أعلن ستيوارت باترفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة “سلاك”، في شهر آذار/مارس 2021 عن نية الشركة طرح ميزة صوتية اجتماعية قريبا. 

في أواخر ذلك الشهر، اشترت “سبوتيفاي” شركة “Betty Labs” وأعلنت عن نيتها إعادة تسمية تطبيق “Locker Room”، حيث أطلقت خلال شهر حزيران/يونيو 2021 تطبيق الصوت الاجتماعي “Greenroom”.

هذا التطبيق يحتوي على تسجيل مدمج ويتكامل مع كل من “سبوتيفاي” و”Anchor.fm”، بحيث يتيح هذا التكامل لصناع المحتوى الصوتي تسجيل الغرف وتحميلها مباشرةً إلى البودكاست للتوزيع. كما أنه يخطر مستمعي “سبوتيفاي” عندما يكون فنان مفضل يبث بشكل مباشر ضمن “Greenroom”.

بحلول شهر آذار/مارس 2021، قدمت “ديسكورد” ميزة الصوت الاجتماعي التي تسمى “Stage Channels”.

في حين أطلقت “فيسبوك” خلال شهر نيسان/أبريل 2021 منتجا صوتيا اجتماعيا يسمى “Hotline” في إصدار تجريبي مغلق. هذا المنتج يوفر غرفة حيث يمكن لبعض الأشخاص فقط التحدث بينما يستمع الآخرون، كما يمكن للمتحدثين تشغيل الفيديو.

بينما أعلنت “ريديت” في الشهر نفسه عن ميزة صوتية اجتماعية تسمى “Reddit Talk” للمجتمعات الفرعية.

“فيسبوك” لم تتوقف عند حدود “Hotline”، حيث أصدرت في شهر حزيران/يونيو 2021 ميزة الصوت الاجتماعي المعروفة باسم “Live Audio Rooms”، التي تسمح للمستخدمين بالمشاركة في الغرف بحد أقصى 51 شخصا (مضيف واحد و 50 متحدثا) مع عدد غير محدود من المستمعين.

في شهر حزيران أيضا، بدأت “سلاك” بطرح حل الصوت الاجتماعي المسمى “Huddles” للعملاء الذين يدفعون، والذي يتسع لـ 50 مشاركا في المرة الواحدة.

بداية النهاية

من بين جميع التطبيقات التي تم إطلاقها أثناء إغلاق فيروس “كورونا”، لم يتمكن “كلوب هاوس” من العودة إلى الحياة الطبيعية. 

لا يحقق التطبيق أي إيرادات ذات مغزى، ولكنه قدم تبرعات لنحو 60 ألف صانع محتوى في شهر نيسان/أبريل الماضي. كما لا يأخذ التطبيق أي جزء من هذه التبرعات، بالرغم من أنه قد يأخذ بعضا من الاشتراكات في المستقبل.

في عام 2022، تراجعت شعبية التطبيق، حيث أطلقت الشركات المنافسة تطبيقات صوت اجتماعي ناجحة. 

إلى جانب المنافسة المتزايدة، شهد “كلوب هاوس” انخفاضا في الاهتمام بالقطاع بشكل عام، حيث ابتعد الناس عن التطبيقات الوبائية. 

بحلول شهر أيلول/سبتمبر 2021، انخفض الرقم إلى 3.5 مليون مستخدم نشط، الأمر الذي يشكل تراجعا بأكثر من 60 بالمئة عن ذروته في عام 2021.

في شهر نيسان/أبريل 2023، أعلنت الشركة عن تخفيض عدد موظفيها بنسبة 50 بالمئة وسط إعادة ضبط بسبب تحولات السوق بعد الوباء.

الانفتاح الذي حدث بعد انحسار الجائحة أثر بشكل كبير في عدد مستخدمي التطبيق، الأمر الذي دفع مؤسسي الشركة الناشئة لاتخاذ هذا القرار كاستجابة لتغير عادات العملاء في عالم ما بعد فيروس “كورونا” وتعقيدات العمل عن بُعد.

عمليات التسريح هذه جاءت بعد أقل من عام على تسريح الشركة لجزء من الموظفين كجزء من عملية إعادة هيكلة أخرى.

بالنظر إلى انفتاح العالم بعد الجائحة، فقد أصبح من الصعب على العديد من الأشخاص العثور على الأصدقاء في “كلوب هاوس” والانخراط ضمن المحادثات الطويلة أثناء الحياة اليومية. 

للعثور على دوره في العالم، يحتاج المنتج إلى التطور، حيث تحاول الشركة إجراء تغييرات مع حجم فريقها الحالي، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب حجم الفريق. 

على عكس العديد من رواد الأعمال، لم يستشهد المؤسسون بالاقتصاد عند الإعلان عن تسريح العمال. 

بدلا من ذلك، يبدو أن “كلوب هاوس” يستجيب للتعقيدات التي تنشأ عن التوظيف الزائد وبيئة العمل عن بُعد، سواء في إدارة الأعمال داخليا أو في بناء شيء يريده الناس خارجيا.

منذ ذلك الحين، يركز فريق الشركة الأصغر على بناء النسخة رقم 2 من “كلوب هاوس”، التي لم تظهر بعد.

في العام الماضي، ذكر بول دافيسون انتقال نشاط “كلوب هاوس” بعيدا عن البث الصوتي المباشر وسلوك البث إلى غرف خاصة.

بشكل عام، بالنظر إلى أن “كلوب هاوس” يتطلع إلى التطور للتكيف مع المشهد التكنولوجي المتغير، أطلق في شهر آب/أغسطس الماضي ميزة تسمى “Houses”، وهي مساحة محادثة مخصصة حيث يمكن للمستخدمين تكوين صداقات جديدة من خلال مجموعات الأصدقاء الحالية.

ختاما، ظهر “كلوب هاوس” لأول مرة في خضم عمليات الإغلاق المتعلقة بفيروس “كورونا” في عام 2020 كتطبيق يعمل وفقا لنظام الدعوة فقط. 

خلال هذا الوقت، ارتفعت التنزيلات حيث كان المستخدمون يبحثون عن طرق عن بُعد للقاء الأصدقاء. 

الضجة التي أحاطت بالتطبيق حفزت ظهور العديد من النسخ من شركات أخرى، مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”سبوتيفاي” وتيليجرام” وغيرها.

مع ذلك، كافح “كلوب هاوس” للبقاء على صلة بالموضوع منذ ذلك الحين، حيث استحوذت “Spaces” إلى حد كبير على مساحة الصوت الاجتماعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات