استمع إلى المقال

في ظل التطور السريع للتكنولوجيا والابتكار، يشهد قطاع الصحة تحولا مذهلا يفتح آفاقا جديدة للرعاية الصحية والعلاج، لقد ترتب على ذلك تحسينات جذرية في جودة الخدمات الطبية وتجربة المرضى، ومع دمج التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، نرى تحقيقا لمستقبل مشرق لرعاية صحية عالية الجودة.

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قدموا مزيدا من الدقة والفعالية في التشخيص والعلاج، ومن خلال هذه الثورة التقنية، تمكن القطاع الصحي من تقديم رعاية أفضل للمرضى بشكل عام، مما أسهم في تحسين الصحة العامة للمجتمع.

في هذا السياق المليء بالابتكارات، سنتناول اختراعا مثيرا ومبتكرا في مجال الصحة واكتشاف مذهل يطرح تحديا جديدا في مجال العلاجات القلبية، إنه الجهاز الطبي المبتكر والمدهش “جهاز المحفز القلبي اللاسلكي الذاتي الشحن”، يعد هذا الاختراع الثوري نموذجا للتقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يحدث تغييرا كبيرا في حياة الملايين من الأشخاص الذين يعانون مشاكل قلبية.

المحفز القلبي اللاسلكي الذاتي الشحن

يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من اضطرابات في ضربات القلب، والتي تؤثر في جودة حياتهم وصحتهم؛ ولحل هذه المشكلة، يتم زرع جهاز صغير يسمى “جهاز المحفز القلبي” في الصدر، والذي ينظم ضربات القلب بإرسال نبضات كهربائية إلى العضلة القلبية، ولكن هذا الجهاز ليس بدون عيوب، فهو يحتاج إلى بطارية تستمر لعدة سنوات فقط، ويتطلب عمليات جراحية متكررة لاستبدالها أو إعادة شحنها، وهذا يزيد من خطر العدوى والنزيف والتهاب الجرح.

لكن ماذا لو كان بإمكان القلب نفسه أن يشحن هذا الجهاز؟، في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2023 نشرت مقالة علمية، في مجلة “Nature Biomedical Engineering” تتناول هذه المقالة، تفاصيل حول اخترع علمي لمجموعة من فريق بحثي يتكون من البروفيسور والمهندس الميكانيكي جيا تشينغ وزملائه من جامعة واشنطن، بالتعاون مع باحثين من جامعة ميشيغان وجامعة بكين وجامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة هارفارد وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.

الهدف من هذا التجمع العلمي كان لتطوير نموذج أولي لـ “جهاز محفز قلبي” لا يحتوي على أسلاك، ويمكن شحنة جزئيا باستخدام الطاقة الميكانيكية التي يولدها القلب، ويعتمد هذا الجهاز على مغناطيس صغير موصول بالقلب، والذي يتحرك مع نبضاته، ويولد تيارا كهربائيا يمر عبر ملف في الجهاز، ويمكن لهذا التيار أن يشحن مكثفا فيه، والذي يستخدم لتوليد نبضة كهربائية لتنظيم ضربات القلب.

العلاجات القلبية

الباحثون اختبروا هذا الجهاز في محاكاة للضغط القلبي، ووجدوا أن أفضل نموذج يمكنه توليد حوالي 10 بالمئة من الطاقة اللازمة لتسريع النبضة، وهذا يعني أن الجهاز يحتاج إلى عشر نبضات لشحن نبضة واحدة، وهذا رقم مشجع، خاصة أن الجهاز لا يزال في مراحله الأولية من التطوير، ويمكن تحسينه بزيادة كفاءة التحويل الكهروميكانيكي وتقليل استهلاك الطاقة.

الباحثون يأملون أن يساهم هذا الابتكار في تمديد عمر البطارية للجهاز، وتقليل الحاجة إلى عمليات جراحية مكلفة ومؤلمة، ولكن يحتاج الجهاز إلى المزيد من الاختبارات قبل أن يصبح جزءا من التكنولوجيا القياسية لـ “جهاز محفز قلبي”، ويتوقع الباحثون أن يستغرق ذلك عدة سنوات، ولكنهم متفائلون بأن يكون لهذا الجهاز تأثير إيجابي على صحة وحياة الملايين من المرضى.

خطوة كبيرة

في النهاية، يظهر تطور قطاع الصحة بوصفه رحلة من التحديات والابتكارات المستمرة، من خلال دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، تم تحقيق تقدم هائل في جودة الرعاية الصحية والعلاجات المتاحة، ومع ابتكارات مثل “جهاز المحفز القلبي اللاسلكي الذاتي الشحن”، يأمل الباحثون في تحسين حياة المرضى وتقليل العمليات الجراحية والمضاعفات الناتجة عنها.

رغم أن هذا الجهاز لا يزال في مراحله الأولية من التطوير، إلا أن النتائج الأولية مشجعة، وتوحي بإمكانية تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، وقد يتطلب الأمر المزيد من الاختبارات والتحسينات قبل أن يصبح جزءا من العلاجات الأساسية، ولكن لا شك في أن الجهود المبذولة ستؤدي إلى تحسين كبير في رعاية المرضى.

بفضل التكنولوجيا والابتكار، نجد أنفسنا في عصر مليء بالفرص والإمكانيات الجديدة لتحسين صحتنا وجودتنا حياتنا، وباستمرار التطور والتقدم في مجال الصحة، يمكننا أن نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا وصحة أفضل للجميع.

في الختام، فإن التكنولوجيا والابتكار ليسا مجرد كلمات، بل هما القوة الدافعة وراء تغييرات حقيقية ومذهلة في قطاع الصحة، ومن خلالهما نتجاوز الحدود، ونحقق إمكانياتنا البشرية؛ لذا، فلنستعد لمستقبل مذهل من التقدم الطبي والتكنولوجيا الصحية، حيث يصبح العلاج الشخصي والفعال متاحا للجميع، وحيث يتم تحقيق رؤية صحية أفضل لعالمنا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات