بعد معارك المزايا وجذب المستخدمين.. هل خسرت ميتا معركة الموظفين لصالح تيك توك؟

بعد معارك المزايا وجذب المستخدمين.. هل خسرت ميتا معركة الموظفين لصالح تيك توك؟
استمع إلى المقال

تخطط شركة ميتا لإلغاء أكثر 11 ألف وظيفة من هيكلها التنظيمي، بعبارةٍ أخرى، تسريح 13% من قوتها العاملة، إذ تسعى إلى تقليص النفقات وتغيير جزءاً من أعمالها لتزدهر أكثر في سوق إعلان رقمي أكثر تنافسية. وقال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، في بيانٍ يوم الأربعاء المنصرم، إن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي سيخفض أيضًا الإنفاق التقديري ويمدد تجميد التوظيف حتى شهر مارس في محاولة لجعل الشركة “أصغر حجمًا وأكثر كفاءة”.

ووصف عمليات التسريح بأنها “بعض من أصعب التغييرات التي أجريناها في تاريخ ميتا” وأشار إلى أن جميع الموظفين سيحصلون قريبًا على بريد إلكتروني لإعلامهم بما يعنيه هذا التسريح بالنسبة لهم. وقال إن الشركة ستعيد التركيز على الأولويات مثل نشاطها الإعلاني ودعم منشئي المحتوى الفيروسي -الذي يحقق انتشارًا واسعًا في فتراتٍ زمنية قصيرة- على حساب تواصل العائلة والأصدقاء، وهي الاستراتيجية التي جعلت تطبيق الفيديو القصير تيك توك شائعًا للغاية.

وقال إن هذه التصريحات أثرت على المنظومة بأكمل “نحن نعيد هيكلة الفرق لزيادة كفاءتنا. لكن هذه الإجراءات وحدها لن تجعل نفقاتنا تتماشى مع نمو إيراداتنا، لذلك اتخذت أيضًا قرارًا صعبًا بالتخلي عن بعض الناس”.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، نصحت لوري جولر، مديرة الموارد البشرية في الشركة، المديرين بتنفيذ ممارسات “إدارة الأداء الصارمة” التي اعتمدت عليها ميتا قبل الوباء، مثل تقديم ملاحظات نقدية للموظفين الذين لا يؤدون مهامهم على أكمل وجه. وفي يوليو/حزيران، أصدر رئيس قسم الهندسة في ميتا، ماهر سابا، تعليمات إلى مديري الهندسة في مذكرة داخلية لتحديد الموظفين الأقل أداءً واستبعادهم.

خلقت هذه الرسائل من المسؤولين التنفيذيين في الشركة موجة من القلق والاستياء بين القوى العاملة في الشركة، ما أوقد لدى بعض الموظفين شعورًا بالقلق من احتمال فقدان وظائفهم أو تخفيض مكافآتهم السنوية، بينما شعر آخرون بالقلق من أن بيئة الشركة الصارمة وقلة عدد الشواغر ستخفض من عدد المناصب المُتنافس عليها، وبالتالي تقوّض حس الابتكار.

كل شيء هادئ على الجبهة الأخرى

قال الرئيس التنفيذي لشركة تيك توك “زي تشو” إن الشركة مهيأة لتتفادى التسريح الجماعي للعمال ردًا على الأسئلة المتعلقة بقرارات زوكربيرج وإيلون ماسك وغيرهم من قادة التكنولوجيا في فصل موظفي شركاتهم لخفض التكاليف.

قال تشو خلال منتدى بلومبيرج للاقتصاد الجديد في سنغافورة الأسبوع الماضي “آمل ألا يأتي ذلك اليوم أبدًا. كما أن الطريقة التي نُظمنا بها هي الطريقة التي لا نحتاج فيها إلى الاستغناء عن نصف القوى العاملة لتحقيق مستويات الكفاءة التي نريد تحقيقها.”، في تلميحٍ مبطن لكلام زوكربيرج عن حاجة شركته لرفع الكفاءة.

في الوقت نفسه، ذكرت للمجلة “ذا إنفورميشن” (The Information) أن تيك توك تعهدت بمضاعفة طاقمها الهندسي في ماونتن فيو، كاليفورنيا إلى 2000 موظف لتعزيز بروتوكولات أمان البيانات، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر للمجلة.

ومع إعلان ميتا وتويتر تسريح تلك الأعداد المهولة من موظفيهم، لجأ عدد كبير منههم إلى منصة تيك توك -كمستخدمين في البداية- لمشاركة تجاربهم ومشاعر التسريح والبحث عن فرص عمل جديدة، استغلت منصة الفيديوهات القصير المملوكة لشركة “بايت دانس” (ByteDance) الصينية في توظيف عدد كبير منهم.

ففي أحد نماذج التوظيف المفتوحة يُلاحظ أن المناصب الشاغرة في تيك توك تشمل مهندسي البيانات والعاملين في التجارة الإلكترونية وإدارة خصوصية البيانات والتعلم الآلي والواقع المعزز وما إلى ذلك. أما في “بلايند” (Blind)، وهي عبارة منصة اجتماعية للبحث عن وظائف، هناك أيضًا العديد من المنشورات التي نشرتها حسابات تيك توك وموظفيها تُظهر أن الشركة تعمل على تعيين الموظفين الذين تم تسريحهم من ميتا. إذا وجّه أحد منشورات الشركة نداءً لموظفي ميتا المُسرّحين قال فيه “إن موظفي ميتا هم المرشحون الرئيسيون لهذه الوظائف. وإذا رأى مسؤول المقابلة أنك من ميتا، فستكون لديك فرصة كبيرة لاجتياز المقابلة”.

التوسع في زمن التقليص

في الوقت الذي تسارع فيه العديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية لتسريح الموظفين، وتسعى تيك توك لتكثيف عمليات التوظيف لديها، تزداد شعبية تيك توك حول العالم. فوفقًا لأحدث البيانات من شركة “سنيوس تاور” (Sensor Tower) لأبحاث التسويق الرقمي وتطوير التطبيقات، احتل التطبيق المرتبة الأولى من حيث إجمالي الإيرادات من متاجر تطبيقات iOS وأندرويد في الولايات المتحدة في الربع الثاني من هذا العام، بينما احتل يوتيوب و”تيندر” المرتبة الثانية والثالثة على التوالي. وفي أكتوبر/تشرين الأول، حصلت تيك توك في الصين على أكثر من 326 مليون دولار من متجري “آب ستور” و”بلاي”، أكثر بـ 1.55 مرة عن نفس الفترة من العام الماضي. كما تجاوز حجم تنزيل تيك توك 175 مليون مرة في غضون عام، وتجاوز 10 ملايين مرة لتسعة أرباع فصلية متتالية، واستمر في التفوق خلالها على إنستاغرام وفيسبوك وواتساب.

وعليه، لم يتوقف الأمر عند الموظفين، إذ استقطب تيك توك عددًا كبيرًا من المستخدمين والمعلنين من ميتا. ووفقًا لآخر الإحصاءات من رويترز، اعتبارًا من الربع الثاني من هذا العام، تداخل 37% من مستخدمي تيك توك وفيسبوك، بينما في نفس الفترة من العام الماضي، استخدم أقل من 10% من الأشخاص فيسبوك وتيك توك في نفس الوقت.

كما ذكرت صحيفة “ليت بوست” (LatePost) الصينية في يناير/كانون الثاني أن تيك توك سرّعت من عمليات التسويق لديها في العام الماضي. ففي أوائل عام 2021، تضاعف عدد الفرق الإعلانية والفنية لتيك توك في أفرع أوستن وماونتن فيو، وفي الوقت الحالي، لدى تيك توك ما يقرب من 20 ألف موظف، مقارنةً بأقل من 4000 في بداية عام 2020.

لكن رغم ذلك، ومقارنةً بميتا وعمالقة التواصل الاجتماعي الآخرين، لا يزال لدى تيك توك العديد من أوجه القصور في أعمالها الإعلانية. على سبيل المثال، يمكن لنموذج منتجات ميتا تحديد علامات المستخدمين المميزة بشكلٍ أكثر تقدمًا، بما في ذلك الأسماء الحقيقية والعلاقات الاجتماعية، مما يساعده في تقديم توصيات إعلانية أكثر دقة. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك ميتا عددًا أكبر من العملاء الرئيسيين، في حين أن المعلنين الحاليين في تيك توك هم في الأساس شركات إنترنت صغيرة ومتوسطة الحجم. وهذا هو السبب في أن تيك توك بدأت في تطوير قطاع التجارة الإلكترونية لديها في العام الماضي، ونتج عن ذلك إطلاقها “سوق تيك توك” في الولايات المتحدة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.

لذا، فإن الشركات الصينية تعتبر موجة التسريح الجارية فرصةً ذهبيةً لاستكشاف الأسواق الخارجية. إذ كانت في أمس الحاجة إلى مثل هذه المواهب. من ناحية، تتمتع هذه المواهب بفهم جيد للثقافة في الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى، يمكن لهذه الشركات أن تقلل من اعتمادها على الفرق الفنية الصينية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.