تتبع الموقع الجغرافي لمستخدمي الهواتف الذكية.. خدمة توجيهية أم تعقب؟

تتبع الموقع الجغرافي لمستخدمي الهواتف الذكية.. خدمة توجيهية أم تعقب؟
استمع إلى المقال

لم تعُد مهام الهواتف الذكية تقتصر على إجراء المكالمات فقط، فقد أصبح بإمكان الهواتف إنجاز العديد من المهام المختلفة منها، إدارة الاجتماعات عن بُعد أو متابعة الأخبار العالمية، وكل ما يجري من حولنا، ومراقبة عدد خطوات المستخدم لمتابعة صحته، والحصول على معلومات دقيقة للغاية حول موقعنا، كل ذلك بفضل تطور التكنولوجيا الضخم.

لكن على ما يبدو أن هناك ضريبة لهذا التطور الذي نعيشه، وجزء من هذه الضريبة، هي البيانات والمعلومات التي نولّدها نحن عبر ممارساتنا اليومية على أجهزتنا.

من أهم البيانات التي تجمعها الشركات، هي موقع المستخدم، فهناك تطبيقات على هواتفنا بحاجة إلى معرفة موقعنا لكي تكون قادرة على العمل، على سبيل المثال، لا يمكننا أن نتوقع أن تعمل خرائط “جوجل” كما ينبغي دون تتبع موقعنا، لكن من حقنا أن نتساءل لماذا يحتاج تطبيق مراسلة مثل “واتساب” إلى معرفة موقعنا، فالقاعدة الرئيسية في حماية خصوصيتنا على الإنترنت، هي كلما قلّت المعلومات التي تمتلكها الأطراف الثالثة عنا، كان ذلك أفضل.

قد يهمك: كيف تتجسس أمازون على المستهلكين من خلال مكبّرات Echo لتعرض إعلانات مستهدفة

كيف يمكن للهواتف تتبع موقعنا؟

هناك بعض الملابسات والنقاط المهمة بحاجة إلى توضيحات، ومنها العوامل التي تتعلق بتتبع الأجهزة المحمولة لمستخدميها، والطرق التي يمكن من خلالها تعقّب موقعنا من خلال الهواتف الذكية، التجأنا إلى البروفيسور بشار مكي العيساوي، وهو أستاذ أمن المعلومات والأمن السيبراني في الجامعة المستنصرية في العراق، لتسليط الضوء على هذه الملابسات.

البروفيسور العيساوي، أوضح في حديث خاص لموقع ” إكسڤار” قائلا، لسوء الحظ فإنّ الهواتف المحمولة لم تُصمم لحماية خصوصية وأمن مستخدميها، وليس ذلك فحسب، فهي أيضا تجعله عرضة لمخاطر الرقابة، خصوصا من حيث تعقّب المواقع والأماكن التي يزورها.

بالرغم من وجود ميزات ظاهرة توهم المستخدم بقدرته على السيطرة على معلوماته وبياناته الشخصية، لكن في حقيقة الأمر الادعاءات ليس لها أساس من الصحة، وما خُفي كان أعظم، ومن المهم أن نلفت الانتباه إلى أن حماية الخصوصية في هكذا أجهزة، للأسف أمرٌ ليس بهذه البساطة.

 يمكن تعقب إشارة الهاتف، يضيف البروفيسور العيساوي، أن يكون عن طريق الأبراج، وهذه البيانات متاحة بسهولة لشركات الاتصالات وغيرها من الجهات المعنية، أيضا من المهم الإشارة إلى أنه طالما الهاتف يعمل وإشارة الشبكة ظاهرة هذا يعني سهولة التعقب من خلال ما يسمى بالعنوان”MAC” وكذلك الـ “IMSI Catcher” وهنا عملية التعقب غير متوقفة إطلاقا، بالإضافة إلى تتبع الواي فاي والبلوتوث الخاص بالهاتف، ناهيك عن تسرب معلومات الموقع عبر التطبيقات وتصفح الويب.

قوانين حماية خصوصية المستخدم

العديد من الإدارات تأخذ الخصوصية، وتتبع الموقع بجدية أكبر، وتبحث عن طرق لمعالجتها، ومع ذلك، يُعد هذا تحديا كبيرا؛ لأنه يتجاوز نطاق الإدارات القانونية والامتثال، تحتاج هذه اللوائح أيضا إلى أن تكون مرنة بصورة كافية للتّكيف مع التطور المستمر للتكنولوجيا.

أحد أكثر القوانين تأثيرا، هو اللائحة العامة لحماية البيانات للاتحاد الأوروبي “GDPR”، تُعامل هذه اللوائح بيانات الموقع على أنها معلومات شخصية، هذا يعني أنه يتعين على مستخدمي الأجهزة المحمولة إعطاء إذن صريح لتطبيق ما، لتتبع موقعهم.

قلة قليلة من الناس يفهمون مدى تعرضهم للخطر عند استخدام أجهزتهم المحمولة. هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها تتبع موقعنا من خلال الهاتف المحمول.

قانون آخر اتخذ موقفا ضد تتبع الموقع، هو قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا “CCPA” الذي بدأ في تطبيق لوائحه في تموز/يوليو 2020، مع هذه السياسة، يمكن للمستخدمين إلغاء الاشتراك في الحصول على معلوماتهم الشخصية، بما في ذلك بيانات الموقع، التي يتم بيعها إلى أطراف ثالثة، وحاليا هذا القانون ينطبق فقط على المقيمين في ولاية كاليفورنيا.

في هذا السياق أشار البروفيسور العيساوي، إلى أن معظم دول العالم تعاني من موضوع اختراق الخصوصية، وبالتالي لا يوجد قانون دولي متفق عليه بقدر وجود لوائح تنظيمية بمستوى دولة محددة أو أخرى، وتجدر الإشارة هنا كمثال استدعاء مدير شركة “ميتا” سابقا من قِبل “مجلس الشيوخ” الأميركي بعد حادثة اختراق خصوصية بيانات مستخدمي “الفيسبوك” في الفترة المنصرمة

لكن ما هو متعارف عليه، أن الشركات مثل “جوجل” وغيرها تطرح سياسة الخصوصية على المستفيد، ولكن بالرغم من ذلك هذا لا يعتبر ضامنا أساسيا بالتأكيد، على سبيل المثال، عبارة تستخدمها “جوجل” لدى ذكر قوانين سياسة خصوصية لديها، “عند استخدام خدماتنا، فإنك تأتمننا على معلوماتك، نحن ندرك أن هذه مسؤولية كبيرة، ونعمل بجدية لحماية معلوماتك، ونمنحك التحكم فيها”

قد يهمك: كيف يراقب تيك توك وميتا المستخدمين؟

شركات في قفص الاتهام

“فيسبوك”

في العام 2018 رفعت دعوى قضائية جماعية في المقاطعة الشمالية لولاية كاليفورنيا التابعة لمحكمة المقاطعة الأميركية تتهم شركة “ميتا” بتسجيل الموقع الفعلي لمستخدمي “فيسبوك” دون إذن مسبق، وذلك باستخدام عنوان “IP ” الخاص بهم لاستدلال على موقعهم من أجل تقديم إعلانات مستهدفة.

الشكوى جاءت كما يلي، كان “فيسبوك” يحصل سرا على معلومات مفصّلة عن الموقع من المستخدمين بغض النظر عما إذا كان المستخدم قد وافق أم لم يوافق على منح الإذن لجمع البيانات.

الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”  مارك زوكربيرغ أخبر “الكونغرس” في عام 2018، أن الشركة استخدمت بيانات الموقع المشتركة، لمساعدة المعلنين في الوصول إلى الأشخاص في مناطق معينة، على سبيل المثال، إذا شارك الأشخاص مواقع أجهزتهم مع “فيسبوك” أو سجلوا دخولهم إلى مطعم معين، فيمكننا أن نعرض عليهم إعلانات من معلن يريد الترويج لخدماته في منطقتهم، أو في المطعم نفسه.

“جوجل”

في شهر تشرين الثاني/نوفمبر لعام 2018، تم اتهام شركة “جوجل” بالتضليل بشأن تتبع المواقع، وذلك بعد أن طالبت مجموعات المستهلكين من دول متعددة منظمي الخصوصية على اتخاذ إجراءات ضد شركة “جوجل”.

شركة “جوجل” وافقت على دفع تسوية بقيمة 391.5 مليون دولار لقضية كانت قد رفعتها 40 ولاية في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بتهمة تضليل المستهلكين بشأن ممارسات تقنية تتبع المواقع الخاصة بها.

حيث كانت هذه الدعوى القضائية تطارد شركة جوجل منذ عام 2014، لكن الأمور وصلت إلى ذروتها عام 2018 عندما وجد تحقيق تم إجراؤه من قبل وكالة “أسوشيتيد برس”، أن عددا من خدمات شركة “جوجل” التي تعمل على الهواتف الذكية العاملة بنظامي تشغيل “أندرويد” و ” IOS”، يمكنها تحديد موقع المستخدم وتخزين بياناته حتى في حال قيامه بإيقاف إعداد سجلّ المواقع.

التطبيقات الشائعة التي تتبع الموقع

مما لا شك فيه، أن السبب الرئيسي وراء تتبع التطبيقات لموقعنا هو الربح، إذ يتم بيع بعض معلوماتنا وبياناتنا إلى جهات التسويق، مما يسهل عليك عرض الإعلانات أكثر ذكاء واستهدافا للمستخدمين.

في المقابل هناك تطبيقات بحاجة إلى معرفة سجل الموقع، لتخصيص تجربة التطبيق، مثل تطبيق “Find My iPhone” الذي يساعد المستخدم في العثور على هاتفه في حال ضياعه، وتطبيقات مشاركة الموقع العائلية مثل “Life36” مفيدة جدا لتتبع موقع أفراد الأسرة.

من التطبيقات الشائعة التي تعتبر تتبع موقع المستخدم مم أساسيات عملها:

تطبيقات الخرائط

تطبيقات الملاحة تحتاج إلى معرفة موقعنا الحالي، حتى تتمكن من توجيهنا إلى المكان الذي تريد الذهاب إليه. يتيح لهم الوصول إلى موقعنا في الوقت الفعلي منح الاتجاهات خطوة بخطوة، وتستخدم التطبيقات أيضا أداة تعقب “GPS” لمساعدتنا في العثور على المطاعم أو الفنادق أو محطات الوقود القريبة.

تطبيقات المواصلات

تطبيقات المواصلات مثل “Uber” التي تساعد في طلب سيارات الأجرة، تستخدم موقع “GPS” الخاص بنا للسماح للسائقين بمعرفة مكاننا بالتحديد لاصطحابنا إلى وجهتنا.

وسائل التواصل الاجتماعي

معظم تطبيقات الوسائط الاجتماعية تجمع البيانات الشخصية وبيانات الموقع، حتى يتمكنوا من معرفة هويتنا، وكل ما يعرفونه عنا يستخدم لأغراض التسويق، لهذا السبب قد نلاحظ ظهور اقتراحات وإعلانات “العثور على أصدقائي” حول المقاهي والمتاجر، وكل شيء آخر متوفر في منطقتنا.

تطبيقات الأخبار والطقس

عندما نتحقق من الأخبار وتوقعات الطقس باستخدام أحد التطبيقات، يطلب التطبيق موقعنا لتزويدنا بالمعلومات بناء على مكاننا، يمكن أن يساعد إعطاء هذه التطبيقات موقعنا في تجربة المستخدم حيث لن نضطر إلى البحث عن الأخبار المحلية أو تحديثات الطقس.

تطبيقات البث والمشاهدة

قد تطلب تطبيقات البث مثل “نيتفليكس” و “سبوتيفاي” تحديد موقعنا، حتى لا نتمكن من الوصول إلى المحتوى المقيّد جغرافيا. على سبيل المثال، ما يتم عرضه على مستخدمي الشرق الأوسط مغايرا لما يتم عرضه للمستخدمين في الولايات المتحدة.

من الأمور التي يجب أن نكون على دراية بها، هي أن الطرق التي تطلب بها تطبيقات الوسائط الاجتماعية مثل “فيسبوك” أو “إنستجرام” الإذن للوصول إلى بيانات موقعنا ليست دائما مباشرة. على سبيل المثال، إذا قمنا بنشر صورة ما، فسيطلب منا التطبيق تشغيل خدمات الموقع لإضافة علامة جغرافية، وفي حال قمنا بذلك، فلديهم الضوء الأخضر لتتبع مكاننا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.