استمع إلى المقال

لطالما اعتبر الذكاء الاصطناعي واحدا من أهم المجالات الذي يشهد نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا، فهو يمكّن الإنسان من التواصل والتعلم والابتكار بطرق جديدة وغير مسبوقة.

لكن هذه الميزة قد تتحول إلى عائق أو خطر على بعض الأنظمة التي تخاف من حرية التعبير والانفتاح على الآخر، هذه هي سياسة “كم الأفواه” التي تحارب كل صوت مخالف أو مستقل أو مبدع، ولا شك في أن أبرز الدول التي تتبع هذه السياسة هي الصين التي تفرض قيودا صارمة على استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة.

ذكاء اصطناعي مقيد

في آذار/مارس، تم إطلاق الذكاء الاصطناعي الصيني المعروف باسم “إرني” من قبل شركة التكنولوجيا الصينية “Baidu”، ومقرها بكين، وتم الترويج له كبديل أفضل بسبب مخاطر “ChatGPT” الذي طورته “OpenAI”؛ بحسب تصريحات الشركة.

خلال مقابلة على قناة “Squawk Box” التابعة لشبكة “سي إن بي سي” الإخبارية مع المراسلة يونيس يون، قامت بطرح عدة أسئلة باللغتين الإنجليزية والصينية لـ “إرني”، ولكنها لم تحصل على أي إجابة، وتم تعطيل الوصول إلى “إرني” بشكل مباشر.

“كوفيد-19”

المراسلة سألت “إرني” باللغتين من أين نشأ فيروس “كوفيد-19”.

أجاب “إرني” باللغة الإنجليزية، “لا يزال أصل فيروس كورونا موضوع بحث علمي”، ولم يذكر أن الفيروس الذي قتل ما يقرب من 7 ملايين في جميع أنحاء العالم جاء من الصين.

في اللغة الصينية، لم يكن لدى “إرني” أي رد، ودعا يون إلى تغيير الموضوع، حسبما ذكرت شبكة “سي إن بي سي”.

كما رفض “إرني” التعليق على سبب إنهاء الصين لسياساتها “صفر كوفيد”، والتي أوقفها النظام مؤخرا بعد الاحتجاجات في البلاد.

الدب “ويني ذا بوه” عدو بكين

عندما سألت المراسلة “ما هي العلاقة بين شي جين بينغ وويني ذا بوه”، لم تحصل على أي رد؛ وليس ذلك فحسب، بل تم تعطيل وصول يون “إرني”.

لمن لا يعلم قصة الدب ويني، بدأت هذه القصة، عندما تم تشبيه الرئيس الصيني شي جين بينغ بالدب ويني ذا بوه، في بعض الصور والميمات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدب ويني عدو بكين

الحكومة الصينية اعتبرت هذه المقارنة إهانة وتحديا لسلطتها وكرامتها، فقامت بحجب وحظر كل ما يتعلق بالدب ويني ذا بوه، من الإنترنت والإعلام، وقد تضمن هذا المنع حتى فيلم “كريستوفر روبن” الذي يحكي قصة صديق الدب ويني ذا بوه، والذي لم يسمح له بالعرض في دور السينما الصينية.

على ما يبدو، قد شمل الحظر الصيني الذكاء الاصطناعي أيضا، ومنعه من التطرق إلى أي شيء ذا صلة بالدب الكرتوني ويني.

السلطة مدى الحياة

قبل حظر يون؛ بسبب استفسارها عن الدب الكرتوني ويني ذا بوه والرئيس الصيني، حاولت تغيير الموضوع إلى مسألة أخرى مثيرة للجدل في السياسة الصينية، وهي مدة حكم شي جين بينغ، سألت روبوت الدردشة إذا كان يعتقد أن شي، سيظل في السلطة مدى الحياة أم لا، وما هي آثار ذلك على الصين والعالم.

روبوت الدردشة لم يبد رغبة في الإجابة على هذا السؤال، وقال إنه لا يحبّذ التحدث عن مسائل تمس سياسية بكين، حاولت المراسلة إقناعه بأنه لا يوجد خطر على سلامته أو خصوصيته، وأنه يمكنه التعبير عن رأيه بحرية، لكن روبوت الدردشة لم يستجب لمحاولاتها، ورفض الإجابة باللغة الإنجليزية أو الصينية؛ بدلا من ذلك، اقترح عليها أن تبدأ محادثة جديدة معه، وأن تختار موضوعا آخر أكثر إثارة ومتعة.

آفاق الذكاء الاصطناعي

شاهدنا معا بعضا من خطوات سياسة “كم الأفواه” التي تطبقها حكومة بكين على كل ما يخص الذكاء الاصطناعي والإنترنت والإعلام، وكما استعرضنا بعض الحالات التي تظهر تأثير هذه السياسة على تقنيات الذكاء الاصطناعي الصينية، مثل عدم التحدث عن الدب الكرتوني ويني ذا بوه، أو نشأة فيروس “كوفيد-19″، أو أي شيء يمس سياسة “الحزب الشيوعي” الحاكم، وقد لاحظت أن روبوت الدردشة لا يمكنه أو لا يود أن يناقش هذه المسائل، لأسباب قد تكون مرتبطة بالخطر أو التحكم أو التحيز.

هذا ما يشعرنا بالحيرة من عدم قابلية إجراء نقاش صاف وشفاف مع روبوت الدردشة، والذي يُعد حاليا في قمة الهرم في عالم التكنولوجيا، وجعلنا نتساءل عن آفاق الذكاء الاصطناعي في ظل سياسة “كم الأفواه” والرقابة المتشددة التي تتبعها بعض الحكومات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات