استمع إلى المقال

النوبات القلبية تعتبر أحد أكثر الحالات الطبية خطورة وانتشارا في العالم، حيث يتعرض العديد من الأشخاص لمخاطر الإصابة بها، ولكن بفضل التطور السريع للذكاء الصنعي واستخدامه في الرعاية الصحية، فإن فرصة تحسين التشخيص الطبي وسرعة اتخاذ القرارات العلاجية ازدادت بشكل كبير.

من خلال قدرته على التعلم والتكيف وتحويل البيانات الضخمة والمعقدة إلى معلومات مفيدة وقابلة للتفسير، أصبح بإمكان هذه التقنية التعرف على السمات الشائعة للنوبات القلبية والعوامل المرتبطة به، الأمر الذي يزيد من دقة تشخيصها.

خوارزمية ذكاء صنعي جديدة

دراسة جديدة أعدتها “جامعة إدنبرة”، توصلت إلى أن الذكاء الصنعي يمثل نقطة تحول جوهرية في تحسين تشخيص النوبات القلبية، حيث يمكن للأطباء قريبا استخدامه لتشخيص النوبات القلبية بسرعة ودقة أفضل من السابق، كما أنه قادر على المساعدة في معالجة التفاوتات الخطيرة في تشخيص الحالة.

بالمقارنة مع طرق الاختبار الحالية، فإن الخوارزمية الجديدة المطورة باستخدام الذكاء الصنعي المسماة “CoDE-ACS” كانت قادرة على استبعاد النوبة القلبية في أكثر من ضعف عدد المرضى بدقة تصل إلى 99.6 بالمئة، وهذا الأمر يقلل بشكل كبير من دخول المستشفى.

بالإضافة إلى استبعاد النوبات القلبية في المرضى بسرعة، فإن “CoDE-ACS” تساعد الأطباء أيضا في تحديد أولئك الذين كانت مستويات التروبونين غير الطبيعية (البروتين الذي يتم إطلاقه في مجرى الدم أثناء النوبة القلبية) ناتجة عن نوبة قلبية وليس بسبب حالة أخرى.

الدراسة وجدت، أن أداة الذكاء الصنعي تؤدي أداء جيدا بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الظروف الصحية الموجودة مسبقا، وهذا يدل على قدرتها في الحد من سوء التشخيص وعدم المساواة بين السكان.

إلى جانب ذلك، فإن النتائج تشير إلى أن الخوارزمية قادرة على جعل رعاية الطوارئ أكثر كفاءة وفعالية، وذلك من خلال التعرف السريع على المرضى الذين يمكنهم العودة إلى منازلهم بأمان، ومن خلال تسليط الضوء على كل من يحتاج إلى البقاء في المستشفى لإجراء المزيد من الفحوصات.

التجارب السريرية تجري الآن في اسكتلندا لتقييم ما إذا كانت الأداة يمكن أن تساعد الأطباء في تقليل الضغط على أقسام الطوارئ المكتظة، حيث أن اعتمادها قد يمثل نقطة تحول لأقسام الطوارئ، ويقصر الوقت اللازم لإجراء التشخيص.

قصور المعيار الذهبي للتشخيص

المعيار الذهبي الحالي في تشخيص النوبة القلبية هو قياس مستويات بروتين التروبونين بالدم، ولكن بالنظر إلى استخدام نفس المعيار لكل مريض، فإن هناك العديد من العوامل لا تؤخذ بالاعتبار، بالرغم من أنها تؤثر في مستويات التروبونين ومدى دقة تشخيص النوبات القلبية، مما قد يؤدي إلى عدم المساواة في التشخيص. 

على سبيل المثال، أظهرت الأبحاث السابقة أن النساء أكثر عرضة بنسبة 50 بالمئة للحصول على تشخيص أولي خطأ، لأنهن غالبا ما يكون لديهن مستويات أقل من التروبونين حتى عند حدوث نوبة قلبية. في حين تشير البيانات إلى أن الأشخاص الذين تم تشخيصهم بشكل خطأ في البداية لديهم مخاطر أعلى بنسبة 70 بالمئة للوفاة بعد 30 يوما، وتمثل الخوارزمية الجديدة فرصة لمنع حدوث ذلك. 

“CoDE-ACS” تتمتع بالقدرة على استبعاد النوبة القلبية بشكل أكثر دقة من الأساليب الحالية، حيث أنها مطورة باستخدام بيانات من 10038 مريضا في اسكتلندا وصلوا إلى المستشفى مشتبه بهم بنوبة قلبية، وتستخدم معلومات المريض المُجمعة بشكل روتيني، مثل العمر والجنس ونتائج تخطيط القلب والتاريخ الطبي، بالإضافة إلى مستويات التروبونين، للتنبؤ باحتمالية إصابة الفرد بنوبة قلبية.

بشكل عام، الألم الحاد في الصدر، وهو أحد السمات المميزة لأمراض القلب، يعد أحد الأسباب الأكثر شيوعا التي يقدمها الأشخاص إلى أقسام الطوارئ، والتشخيص ليس دائما واضحا.

الأطباء في جميع أنحاء العالم يواجهون كل يوم التحدي المتمثل في فصل المرضى الذين يعانون من نوبة قلبية عن أولئك الذين يكون الألم حاصل بسبب شيء أقل خطورة. 

أخيرا، بغض النظر عن التقدم الطبي الكبير، فإن الدقة في تشخيص النوبات القلبية وعلاجها لا تزال بمثابة تحد هام يواجهه الأطباء والمتخصصين في مجال القلب، ولكن مع التطور السريع للذكاء الصنعي واستخدامه في الرعاية الصحية، فإن هناك اهتماما متزايدا بدوره في زيادة دقة تشخيص مثل هذه الحالات، حيث أن تسخير إمكانياته لدعم القرارات السريرية له إمكانات هائلة لتحسين رعاية المرضى والكفاءة بأقسام الطوارئ المزدحمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات