استمع إلى المقال

عندما نتجول في عالم الإنترنت، نجد أنفسنا في عالم من الأفكار والمعلومات، حيث تتلاقى الثقافات واللغات، وتتبادل المعلومات بسرعة الضوء، إنه عالم يبدو وكأنه لا ينتهي، حيث يمكننا التواصل مع أشخاص من جميع أنحاء العالم بسهولة، ومع ذلك، رغم هذا العالم الرقمي الواسع والمفتوح، يجب علينا أن نتذكر دائما أن لدينا بصمة رقمية تاريخية تتركها كل مرة تتصفح فيها الإنترنت.

هل سمعت يوما عبارة “الإنترنت ليس مكتوبا بالرصاص، بل بالحبر”، هذا التحذير الذي يجول في أروقة العالم الرقمي يذكرنا بأهمية التفكير والحذر أثناء تصفحنا وتفاعلنا عبر الإنترنت، إنه تذكير بأن كل تصرف يترك أثرا دائما، إذ يبقى تأثيرنا الرقمي محفورا في أرشيف الإنترنت.

بصمتنا الرقمية ليست مجرد سجلات من تصفحنا أو منشوراتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، بل هي أيضا آثار عميقة تمتد إلى توجهاتنا واهتماماتنا وحتى قيمنا، إنها مصدر للبيانات التي تجمعها الشركات والحكومات لفهمنا واستهدافنا؛ ولذا، يجب أن نتعامل مع هذه البصمة الرقمية بحذر ووعي.

ما هي البصمة الرقمية؟

البصمة الرقمية هي مجموعة من المعلومات التي تتركها على الإنترنت أو على الأجهزة الرقمية، والتي تعكس نشاطك وسلوكك على الشبكة، هذه المعلومات قد تشمل ما تبحث عنه، ما تنشره، ما تشاركه، ما تشتريه، ما تحمله، وغيرها من البيانات التي تنتجها أو تستخدمها أثناء استخدامك للإنترنت، والبصمة الرقمية ليست فقط طريقة لتحديد هويتك وتتبع نشاطك على الإنترنت، بل هي أيضا طريقة للتأثير في سمعتك وخصوصيتك وأمنك على الشبكة.

أنواع البصمة

بصمة رقمية نشطة

بصمتك الرقمية النشط يتكون في كل مرة تقرر فيها مشاركة معلوماتك عبر الإنترنت، فمثلا، عندما تقوم بإنشاء ملف شخصي يحمل اسمك، وتقوم بنشر محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، أو عندما تتسوق عبر الإنترنت، أو تشترك في قناة على منصة يوتيوب، أو حتى عندما توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (Cookies) على موقع ويب، كل هذه الأفعال هي خطوات نشطة تساهم في بناء بصمتك الإلكترونية وتكشف عنك عبر العالم الرقمي.

بصمة رقمية سلبية

بصمتك الرقمية السلبية، فهي تتكون عن طريق عمليات مخفية تجري دون علمك أو موافقتك، وهذا يحدث عندما تقوم شبكات التواصل الاجتماعي بجمع معلومات حول المحتوى الذي تتفاعل معه وتستهلكه، ثم تستخدم هذه المعلومات لتوليد اقتراحات وتوصيات تستند إلى تلك الاتجاهات، ويحدث الأمر نفسه عندما تقوم المواقع بجمع معلومات إحصائية عن سلوك المستخدمين، مثل الصفحات التي يزورونها والإعلانات التي ينقرون عليها، بصمتك الرقمي السلبي يمكن أن تكون أكثر تعقيدا وتطورا من بصمتك النشطة، وقد تكشف عن تفاصيل عديدة عنك، دون أن تعلم بها.

ما فائدة البصمة الرقمية؟

في الوقت الحاضر، أصبح وجود الشركات على الإنترنت أمرا ضروريا، ووفقا لدراسة حول الاستثمار في الإعلان على شبكات التواصل الاجتماعي، يستخدم 46 بالمئة من المستهلكين شبكات التواصل الاجتماعي يوميا للبحث عن معلومات حول العلامات التجارية التي تهمهم.

البصمة الرقمية

في هذا الصدد، يمكن الاستفادة من البصمة الرقمية الذي قمت بإنشائه لجذب جمهورك المستهدف إلى عرضك وتشكيل علاقات إيجابية تجذب جمهورك المستهدف إلى عرضك وتشكيل علاقات إيجابية، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإيرادات.

بيانات البصمة الرقمية هي هويتك وسلوكك وتفضيلاتك وآراؤك على شبكة الإنترنت، قد تظن أن هذه البصمة لا تؤثر في حياتك، لكن في الحقيقة إنها تحدد كثيرا من فرصك وخياراتك في المستقبل.

إذا كان هدفك هو إظهار مهاراتك أو خبراتك أو مشاريعك للعالم، فإن بصمتك الرقمية يمكن أن تساعد على ذلك، ويمكن أن تسخِّر قوة شبكات التواصل الاجتماعي والمدوِّنات والبرامج التعليمية وغيرها من المنصات لإبراز قدراتك وإثارة اهتمام جمهور محدد، كما يمكن أن تستخدم بصمتك الرقمية لإثبات مصداقيتك وثقتك وقيمتك كفرد أو كمنظمة.

تصرفات خاطئة

إذا لم يكن بناء وجود لك على الإنترنت هو الهدف الرئيسي، فإن للبصمة الرقمية آثارا سلبية على المستخدمين، فمن المهم الأخذ في الاعتبار أن جميع المعلومات التي تختار مشاركتها عامة وبمجرد تحميلها على الإنترنت، فإنها تحظى بوجود دائم نسبيا.

اعتمادا على طبيعة المحتوى الذي تشاركه عبر الإنترنت، فقد يُستخدم ضدك، إما من خلال التحرش أو الابتزاز، ومن ناحية أخرى، هناك مخاطر أمنية إلكترونية، حيث يمكن للمخترقين استغلال بصمتك لإشراكك في عملية احتيال أو سرقة هوية.

هل يمكن إزالة البصمة الرقمية؟

بمجرد أن يتم نشر بياناتك على الإنترنت، فإنه من المستحيل تقريبا إزالتها بشكل كامل، خاصة عندما تأخذ في الاعتبار أن كل موقع تفاعلت معه قد جمع شكل من أشكال المعلومات عن أنشطتك على الإنترنت.

ما هو ممكن هو إدارة آثارك لتخفيف بصمتك الرقمية، وبعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها تشمل:

إلغاء تفعيل أو حذف جميع ملفاتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، والاشتراكات، وخدمات الويب وحسابات التسوق.

ابحث عن اسمك الأول والأخير على جوجل لتغيير أو حذف جميع المعلومات المتاحة لديك.

حذف ملفات تعريف الارتباط من متصفحك لمنع المواقع من مواصلة جمع البيانات حول نشاطك.

بينما لا تضمن هذه الإجراءات أن بصمتك الرقمية ستكون نظيفة، فإنها تسمح لك بالحصول على المزيد من التحكم في كيفية إنشاء بصمتك ومحتوى بصمتك.

البصمة الرقمية

بعض التوصيات للعناية بوجودك عبر الإنترنت

في عالم متصل بشكل متزايد، يصبح وجودك عبر الإنترنت جزءا لا يتجزأ من هويتك الشخصية والمهنية، لذلك، من المهم أن تحافظ على سمعتك وأمانك على الإنترنت باتباع بعض التوصيات البسيطة والفعالة. إليك بعضها:

احرص على حماية معلوماتك الشخصية وتوخي الحذر فيما تشاركه وأين ومع من تشاركه قبل أن تفعل ذلك، خاصة إذا كانت بيانات تشكل خطراً على أمنك السيبراني.

تحقق من موثوقية المنصات التي تشارك فيها ولا تثق بأي رابط أو رسالة أو طلب غير مألوف أو مشبوه.

ضبط إعدادات الأمان الخاصة بك للتحكم في من يمكنه رؤية المحتوى الذي تنشره ولا تستخدم كلمات مرور سهلة التخمين أو مشتركة بين حسابات مختلفة.

راجع المنشورات القديمة ضمن ملفاتك الشخصية وأزل أو اقتصر على عرض المحتوى الذي لا يمثل الصورة العامة التي ترغب فيها.

ضع في اعتبارك التأثير الذي قد يحدثه سلوكك عبر الإنترنت على نفسك، وعلى الآخرين في المدى الطويل وتجنب نشر أي شيء قد يسبب لك أو لغيرك أذى أو إحراجا.

حاليا يُقدَّر أن مستخدم إنترنت واحد فقط ينتج حوالي 150 ألف ميغابايت من البيانات كل يوم، وبينما قد يبدو هذا المقدار مذهلا، لا تنسَ أن لديك القدرة على تحديد كيفية بناء بصمتك الرقمية وإدارة تلك البيانات من أجل أمان وجودك عبر الإنترنت.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات