استمع إلى المقال

حذفت إدارة منصة تيك توك الصينية مؤخّراً مادة فيديو نشرها منشئ للمحتوى يدعى هاكس، الذي يمتلك قناة على منصة تيك توك باسم “iAmHaks”، يستنكر فيه حادثة مقتل الشابّة الإيرانية مهسا أميني البالغة من العمر 22 عامًا، على يد “شرطة الأخلاق” التابعة للحكومة الإيرانية المعنية بمراقبة قواعد اللباس لدى النساء في البلاد. وذلك بعد توقيفها يوم الثلاثاء بتهمة عدم الالتزام بقواعد اللباس، لتفارق الحياة في يوم الجمعة الماضي بسبب سوء معاملة “شرطة الأخلاق” لها. لتكون حادثة حذف المقطع من تيك توك جزءاً من ممارسات المنصّة القمعيّة تجاه المحتويات التي ينشرها النشطاء عليها. إلا أنها هذه المرة لم تستهدف محتوى صيني كما كانت العادة، إنما هو محتوى من بلد آخر، يدافع فيه منشؤه عن النساء في بلاده، ويرفض قتلهّن بسبب الاعتراض على زيّهن.

في لقاء أجراه موقع إكسڤار مع منشئ المحتوى المحذوف هاكس، أوضح هاكس أنها ليست المرة الأولى التي تحذف فيها تيك توك مواداً تنشَر عبرها، فالمحتوى الذي ينشره مؤيدو القضية الكرديّة والذي عادة ما يتحدث عن انتهاكات الدولة التركية بحقهم، يُزال من قبل إدارة تيك توك بدون أي سبب واضح. وأكد هاكس أنه من الصعب أن تكون مؤيدًا للكرد على منصة تيك توك.. “هذا ما سيؤكده أي ناشط كردي يقوم باستخدام منصة تيك توك” وفق الناشط الذي قال بأن تيك توك حظرت حسابه الرسمي قبل بضع سنوات، ولم يسترده إلا بعد ستة أشهر من التواصل مع إدارة المنصّة.

بيّن هاكس أن هذه المعضلة تزداد سوءًا مع مرور الوقت، فعندما يُزال المحتوى يرسِل ناشره دعوة لاستعادته، لتتم لاحقًا إعادته إلى المنصة، لكنه يتفاجأ بأنه أزيل مجددًا. وأوضح بأن هذا الأمر يعود إلى وجود فرق رقابة مختلفة لدى تيك توك، فعند إزالة محتوى ما من قبل فريق الإبلاغ، يعيد فريق آخر هذا المحتوى، لكي يعود فريق إبلاغ آخر فيزيله. مشيراً إلى أن هذا ما حصل عندما تم حظره أيضًا، حيث تم إرجاع حسابه ثلاث مرات، ليتم حظره بعد كل مرة، وذلك على الرغم من أنه لم ينشر أي شيء على حسابه خلال فترات الاستعادة.

غالبية منصات التواصل الاجتماعي تمتلك إرشادات خاصّة بالمجتمع، تكون على شكل ضوابط تمنع من خلالها إدارات المنصّات نشر ما قد يسيء للأفراد والجماعات،  وفي هذا السياق يوضح هاكس أن إزالة مقاطع الفيديو الخاصة به من تيك توك تتم عادةً بحجّة “التنمر والمضايقة”، وهو وفق الناشط الجزء الأكثر ضبابية في إرشادات تيك توك، إذ يمكن لإدارة المنصّة إزالة أي محتوى متذرعًة بهذا الإرشاد. وأشار هاكس إلى أن فيديو استنكار حادثة مقتل مهسا أميني، أزيل من المنصة بحجة “العنف التصويري”، وأن هذا أمرٌ غير معقول وفق حديثه؛ على اعتبار أن الجزء العنيف الوحيد الموجود في الفيديو قد تم إخفاؤه. 

سوابق تيك توك

في عام 2019 كانت خوارزميات تيك توك تزيل أي محتوى يتناول الأحداث التي وقعت في ميدان تيانانمين في بكين، وهذه كانت إحدى النقاط التي تم توضيحها في تقريرنا الذي يحمل عنوان “تيك توك وانتهاك خصوصية مستخدميها في الولايات المتحدة”، الذي تحدث عن اختلال خوارزمية التطبيق وبالأخص إهمالها وانتهاكها لخصوصية مستخدميها.

حسب تقرير تم نشره في عام 2019 من قبل المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية “ASPI”، وهو مؤسسة تفكير دفاعية واستراتيجية مقرها في أستراليا، فإن شركة ByteDance، الشركة الأم لتيك توك، ساعدت سلطات منطقة شينجيانغ في الصين في توجيه وسائل إعلام المنطقة من خلال منصة تيك توك وتطبيق Douyin، الذي يُعتبر النسخة المحلية من تيك توك في شينجيانغ، وذلك لنشر وعرض صورة محسّنة لمدينة هوتان الواقعة في جنوب غرب شينجيانغ، المدينة التي تعتبرها الحكومة الصينية مدينة معارضة لأفكار الحزب الشيوعي الصيني، لذا شهد سكانها أشد أنواع قمع الدولة الصينية في المنطقة.

أمثلة كهذه تبيّن مدى فساد وازدواجية نظام الرقابة في تيك توك، ففي حين أن إدارة التطبيق تبدو نشيطة وفعالة عندما يتعلق الأمر بإقصاء أي حساب أو محتوى معارض لأفكار وسياسات الحكومات ذات التوجه القمعي، لا تعمل إدارة المنصة بدرجة الكفاءة ذاتها عند وجود مشكلات حقيقة تضر مستخدمي التطبيق، مثلما حدث مع تحدي الإغماء “blackout challenge”، الذي انتشر عبر تيك توك وأودى بحياة 80 طفلاً عبر العالم، وهي قضية تحدث إكسفار عنها في تقريرٍ تحت عنوان “الخوارزمية القاتلة.. تيك توك يخنق الأطفال”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات