أبل وسياسة التحديثات المصغرة.. لماذا لا نرى قفزات بمواصفات آيفون؟

أبل وسياسة التحديثات المصغرة.. لماذا لا نرى قفزات بمواصفات آيفون؟
استمع إلى المقال

“أبل” أقامت مؤتمرها السنوي منذ أيام، وفيه كما جرت العادة، أعلنت عن الجيل الجديد من هواتف “آيفون 15″، ومعه جاء الانتقال الحتمي إلى منفذ “USB-C”، ورغم أن هذا الانتقال كان من الأشياء التي طالما طالب بها الكثير من المستخدمين، إلا أن جزء كبير من محبي الشركة لم يكونوا راضيين عن التحديث الجديد في هواتف الشركة. 

العودة إلى تاريخ “أبل” في السنوات الأخيرة يظهر شيئا هاما، وهو أن الشركة طوال تاريخها لم تقم بإطلاق تحديثات كبيرة أو قفزات كبيرة في مواصفات هواتف “آيفون” مثلما تقوم به الشركات الأخرى للهواتف المحمولة، وهو الأمر الذي طالما أحبط محبي التقنية بشكل عام ومتابعي “أبل” الذين ينظرون إليها كشركة تقنية رائدة. 

ما تقوم به “أبل” ليس عشوائيا وليس من أجل معاداة القطاع التقني بأكمله، ولكن هو جزء من سياسة أكبر تتبعها الشركة بشكل عام في جميع منتجاتها، ولكن ماهي هذه السياسة، وكيف يمكن أن تؤثر على مبيعات الهواتف والمنتجات. 

قلّة من التحديثات الكبيرة 

النظر إلى تاريخ “أبل” في الإعلان عن الهواتف والمواصفات الخاصة بها يعطينا لمحة عن سياسة الشركة السرية غير المعلنة ومستقبلها أيضا، ويساعدنا على توقع مواصفات الأجيال القادمة من الهواتف، وإذا قمنا بالعودة حتى الإعلان عن الجيل الأول من هواتف “آيفون” في عام 2007, نجد أن هاتف ضم ثلاثة مزايا رئيسية وفق بيان الشركة، وهي شاشة كبيرة تدعم اللمس ومزايا تشغيل الموسيقى إلى جانب مزايا البريد الإلكتروني فقط، وهذا في حد ذاته كان ثوريا بشكل غير العالم التقني للأبد وأصبح افتراضيا في جميع الهواتف الذكية بعد ذلك. 

وفي عام 2008، جاء الجيل الثاني من هواتف “آيفون” مع دعم الاتصال الشبكي مع “3G” فقط ومزايا الجيل الأول ذاتها، وتكرر الأمر في عام 2009، إذ كانت مزايا “آيفون 3GS” برمجية بحتة مثل دعم رسائل الوسائط المتعددة وتحسين جودة الكاميرا والتقاط مقاطع الفيديو وغيرها من المزايا التي أصبحت افتراضية الآن. 

لم يحصل “آيفون” على تطوير في الشكل حتى عام 2010، عندما قررت “أبل” الكشف عن “آيفون 4″، ثم حسّنت تصميم الهاتف في عام 2012 مع إطلاق “آيفون 5” وبعدها في 2014 مع “آيفون 6” ثم 2018 مع “آيفون X” الذي بدأ شكل الهواتف الذي نعهده اليوم، والآن تغير “أبل” التصميم مجددا في 2023 مع “آيفون 15”. 

النقلات بين الأجيال المتتابعة كانت صغيرة، وحتى التغيرات في التصميم كانت بسيطة للغاية وتكاد لا تذكر، ويمكن القول بأن “آيفون X” هو الاختلاف الأهم والأكبر في تصميمات هواتف “آيفون” مع التحول إلى تصميم الشاشة شبه الكاملة. 

في المنتصف، انتقلت “أبل” بين ثلاثة منافذ شحن مختلفة، الأول كان بحجم 16 دبوس، ثم أصبح أصغر قليلا مع “Lightning”، والآن انتقلت تماما إلى “USB-C” الذي يعد المعيار الأهم والأشهر حول العالم، ورغم أن الشركة لم تستفد من كامل قدرات المنفذ، إلا أنها انتقلت إليه أخيرا. 

عندما تنظر إلى الأجيال المتتابعة، مثل “آيفون X” إلى “آيفون 11” لن تجد اختلافا كبيرا في المواصفات أو التصميم، وكذلك بين “آيفون X” و”آيفون 12″، ولكن عندما تنظر بين “آيفون X” الذي صدر في 2018 و”آيفون 15″ الذي صدر هذا العام، وكلاهما من هواتف الفئة الأدنى لدى “أبل”، فإنك تلاحظ الاختلاف بشكل واضح ويصبح الانتقال إلى “آيفون 15” بعد امتلاك “آيفون X” أمرا منطقيا. 

هذه السياسة تعد منتشرة بين جميع منتجات وأجهزة “أبل”، سواء كانت هواتف محمولة أو ساعات ذكية أو حتى حواسيب لوحية وحواسيب محمولة، ولكنها بالطبع أكثر وضوحا وبروزا في الهواتف لأن لها الجمهور الأكبر. 

ليست شركة تقنية 

في عام 2013، نشر روبرت فرانك وهو الصحفي المهتم بالمنتجات الفارهة مقالا في صحيفة CNBC وصف فيه “أبل” بأنها ليست شركة تقنية، ولكنها علامة منتجات فارهة، مثلها مثل “لوي فوتون” أو “غوتشي”، وأكمل حديثه قائلا إنها أول شركة تقنية فارهة في العالم. 

سرعان ما جذبت هذه الفكرة نظر الكثيرين حول العالم، وأصبح الخبراء يصفون “أبل” بأنها شركة منتجات فارهة، وهو الأمر الذي اقتنعت به الشركة ذاتها وقررت أن تتبع الأسلوب ذاته الذي تتبعه الشركات الفارهة.

“أبل” لا تهتم بمواصفات الهواتف، ولا ترغب في الدخول إلى سباق المواصفات والسرعات الذي تشاركه في الشركات الأخرى، ولكنها بدلا من ذلك، تسعى لتقديم تجربة مستخدم فريدة، وتسعى للحفاظ على مستخدميها، وتستطيع توجيه منتجاتها بشكل جيد إلى الفئة التي ترغب في شراء هواتفها. 

شخصيا، أعتقد أن “أبل” لا تحاول اقناع المستخدمين بالترقية وتغيير هواتفهم كل عام، لذلك، فإن العميل المستهدف من “آيفون 15” ليس من يمتلك “آيفون 14″، ولكن من يمتلك “آيفون X” أو “آيفون 11″، وهو الذي يبدو واضحا من سياسة تحديث البرمجيات الخاصة بها، إذ يخرج كلا الهاتفين من الدعم البرمجي لنظام “iOS” الرئيسي هذا العام. 

تقديم قفزة كبيرة في مواصفات الهواتف بشكل متتالي قد يكلف الشركة كثيرا من مستخدميها، لا أحد يرغب في إنفاق 1000 دولار سنويا للحصول على أحدث هاتف وأقوى هاتف، وبالتأكيد، لا أحد يرغب في رؤية هاتف أقوى من هاتفه الذي لم يمض على إطلاقه أكثر من عام واحد. 

هذه الطريقة في الاستهداف والمبيعات، رغم أنها تبدو غريبة، إلا أنها تحقق للشركة نجاحات مذهلة، وهو ما يظهر بوضوح عند النظر على حصة “أبل” من قطاع الهواتف المحمولة في السنين الماضية، إذ تظهر نظرة واحدة عليها أن حصة الشركة السوقية لم تتجاوز 24 بالمئة في أحسن أحوالها، وظلت دائما بين 17 بالمئة و24 بالمئة، ورغم هذا، فإنها إحدى أغنى الشركات في العالم وشركة الهواتف المحمولة الوحيدة التي دخلت نادي التريليون دولار. 

“آيفون” ليس المنتج النهائي

جزء كبير من المستخدمين يعتقد أن “آيفون” هو منتج الشركة الأهم، ولكن في الحقيقة، فإن “آيفون” ليس إلا أداة لبيع منتج الشركة الأهم، وهو البرمجيات والخدمات السحابية الخاصة بها وتحديدا مساحة تخزين “آي كلاود” والمزايا التي تأتي معها. 

“أبل” كانت ومازالت تحاول تقديم مزايا برمجية وحلول سحابية مبتكرة لجذب المستخدمين إليها، وهذا يظهر بوضوح في مساحات التخزين الجديدة التي أعلنت عنها الشركة في مؤتمرها الأخير، إذ يصل سعر مساحة 2 تيرابايت من “أبل” إلى 10 دولار فقط، وهو ثمن بخس مقارنة بحجم المساحة الضخمة التي يحصل عليها المستخدم إلى جانب بقية المزايا والتوافق الكبير مع أجهزة “أبل”. 

عندما تمتلك هاتف “آيفون”، فإنك تصبح مجبرا على الدخول في خدمات “أبل” السحابية، ثم ستحتاج إلى اقتناء “ساعة أبل الذكية” فقط، وبعد ذلك “سماعات أبل اللاسلكية” إلى جانب المنظومة المتكاملة للشركة من حواسيب محمولة ولوحية، وعبر هذه الطريقة تجبرك “أبل” على شراء جميع منتجاتها لأنك فقط اخترت اقتناء “آيفون”. 

“سامسونج” وبقية شركات “أندرويد” بدأت تفكر في هذا الأسلوب وتحاول اتباعه مؤخرا، ولكن “أبل” بمفردها لها السبق في هذا المجال، وهو ما يجعلها الأقوى فيه حتى يومنا هذا، وأيضا هو ما يجعلها تحقق أرباحا أكثر من غيرها. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى إكسڤار واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات